علاقة الأمير هاري بالصحافة كانت "طفيلية متبادلة وأصبحت عدائية

في الطابق الثالث، في الردهات الداخلية المكسوة بخشب الصنوبر والمضاءة بأشرطة الإنارة في محكمة العدل الملكية، توجد لافتة على باب المحكمة رقم 76 مكتوب عليها "ساسكس والآخرون". ولن يلام المرء إذ حسب أنه تاه في مهرجان للبيرة شديدة التعقيم أو في متجر أزياء شكسبيرية.

يوم الإثنين، حطمت قاعة المحكمة 76 جميع الأرقام القياسية من حيث حضور جلسة استماع تمهيدية، على الأقل في رأي رئيسها القاضي نيكلين. اصطف إلتون جون وديفيد فورنيش ودورين لورانس وسادي فروست وبالطبع [دوق] ساسكس نفسه للاستماع إلى المرافعة القانونية التي لا نهاية لها التي ستكلف المرء نحو 800 جنيه استرليني في الساعة تدفع لشخص ما كي يفهمه فقط.

أما اليوم الثاني، وعلى النقيض من ذلك، فكان لأشد المتحمسين، و[دوق] ساسكس – المعروف أيضاً باسم الأمير هاري – الذي لن يتقهقر بسهولة في الواقع. وهذه ليست سوى جلسة استماع تمهيدية في قضيته ضد ناشري صحيفة "ديلي ميل"، بسبب انتهاكات الخصوصية وجمع المعلومات غير القانوني (في المقام الأول من قبل محققين خاصين)، وهو ما تنفيه مؤسسة أسوشييتد نيوزبيبرز Associated Newspapers. وهذا شأن لا يكترث له الأغنياء والمشاهير، ولكن يمكن القول إنه يزعج بلا شك الشخص الـأشهر في العالم الآن.

وهذا، أي كفاحه لمحاسبة الصحافة، هو الآن، على حد قوله، "شغله الشاغل"، ومن الواضح أنه لا يتهاون فيه. من الواضح أنه قائد سرية "ساسكس والآخرون"، وهي كتيبة لم تكن متوقعة، أعضاؤها الآخرون هم ليز هيرلي والسياسي الديمقراطي الليبرالي سيمون هيوز. القاتل المأجور (ومن غيره) المحامي ديفيد شيربورن. (لم يحصل بعد على لقب مستشار الملكة، وهو ما يبدو مستغرباً). يقال إن أسلوبه "المبهرج" لا يثير إعجاب الأشخاص الذين يتخذون مثل هذه القرارات، لكنه يتمتع بثروة معقولة بالمقارنة مع ثروتي فاردي وروني لمواساته بعد الخديعة).

هاري يأخذ دوره على محمل الجد. وليس الأمر بالنسبة إليه تحديقاً في الفضاء بلا هدف مثلما يفعل نجوم الدرجة الأولى في كثير من الأحيان أثناء وجودهم في المحكمة. يدون كاتب السيرة الذاتية الأكثر مبيعاً في العالم الملاحظات ويمررها إلى الأمام، ويستقبل الآخرين المخالفين الاتجاه الآخر باهتمام شديد، كما تدفعه المسائل التقنية الغامضة إلى مناقشة محمومة مع فريقه القانوني. وقد اتهم العائلة المالكة بحجب معلومات عنه "من دون شك" و "لفترة طويلة" عن قرصنة الهواتف لأنهم لا يريدون "فتح الباب لمشكلات لا تنتهي".

بالنسبة إلى المخضرمين في محاكمة واجاثا كريستي (أنا واحد منهم)، فإن وجود شيربورن وواحد من ألمع النجوم في سماء التابلويد يضفي على المناسبة طابع الرخص، ولكن هذه المسألة ليست مجرد لغو.

في منتصف الفترة الصباحية تصل دورين لورانس وتجلس بهدوء في قاعة الجمهور. أمضت عقوداً في النضال من أجل العدالة لابنها المقتول، وبمساعدة لا بأس بها من الصحيفة التي تقاضيها الآن. كان زوجها مصمم الديكور لرئيس تحرير الصحيفة وكان ينظر إليها على أنها صفحة أولى استثنائية كتبت عليها كلمة "القتلة" متهمة خمسة شبان بإنهاء حياة ابنها.

وما إن ينظر المرء إلى وجه الأمير هاري الشرس حتى يتضح له على الفور أن الأمر بالنسبة إليه معركة للقصاص من أجل والدته.

لقد أخذ الأمر على عاتقه بصرف النظر عن جسامة التحدي – في المحكمة مع إلتون جون، يقارع وسائل الإعلام، بدلاً من الإذعان الضعيف لعائلته التي بات غريباً عنها الآن. في العام الماضي، أخبر أوبرا وينفري أن علاقة عائلته بالصحافة كانت علاقة "طفيلية متبادلة". أما علاقته هو بها فقد قرر أن تكون علاقة عداء معلن.

ستكون حرباً طويلة ضروساً، وقد فتح هاري بالفعل أكبر عدد ممكن من الجبهات. بعد هذه المعركة، هناك إمبراطورية مردوخ وصحيفة "ذي ميرور" The Mirror، إذ من المقرر أن تبدأ المرافعة في إحدى تلك القضايا في غضون بضعة أيام بعد تتويج الملك.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كنا سنرى هاري في تلك المناسبة الملكية. قاعة المحكمة تضج بالشجارات من ناحية أخرى؟ إنه ممتلئ بالعزيمة ولا شيء يثنيه.