Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستورمي دانيالز ذكية وشرسة ومقنعة وستهدم عرش ترمب

الرجل الذي عرف طريقة جذب الناخبين، والتملق للصحافة، وإرضاء الجماهير، وإضفاء البريق على مجرد نزوله على الدرج المتحرك لم يعد مسيطراً على مجرى الأحداث

دفع لها المال لكي تصمت لكنها انقلبت عليه (اندبندنت عربية)

ملخص

الرئيس السابق #ترمب سيواجه اتهامات جنائية وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يواجه فيها #رئيس_أميركي موقفاً مماثلاً

كانت بداية مشؤومة في عملية الدفاع عن دونالد ترمب. لقد ارتكب الرئيس السابق خطأً كبيراً في تهجئته للكلمة الأساسية في تغريدة له على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، صارخاً من خلال استخدامه للأحرف الكبيرة [عندما يعبر عن غضبه]، وهي ماركة ترمب المسجلة، قائلاً إنه قد تم "الإشارة إليه" من قبل "تيار اليسار الراديكالي المتوحش". [بدل أن يكتب  Indicted قام بكتابة Indicated]

لم يحدث ذلك، (إلا إذا كان ذلك نوع من الكتابة الخاصة بجماعة "كيوأنون" المختصرة)، لكن ما حدث هو أنه تم "إصدار لائحة اتهامية" Indicted بحقه. على القراء البريطانيين أن يبدأوا من هنا: إن ذلك يعني أن الرئيس السابق ترمب سيواجه اتهامات جنائية. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يواجه فيها رئيس أميركي موقفاً مماثلاً.

إذاً، ما الذي سيحدث الآن؟ هل تلك الادعاءات منطقية، وهل ستتراكم الأدلة التي تؤيدها؟

إن الاتهامات، وفيما نحن نقوم بكتابة هذه السطور ما زالت محجوبة قضائياً عن التداول الإعلامي. وبتعبير آخر، ما من أحد اطّلع بعد على ما لدى المدعي العام في نيويورك ضد ترمب، لكن الإشاعات تشير إلى أن القرار الاتهامي يتعلق بإمكانية تزوير الرئيس السابق لسجلاته التجارية، والتي من شأنها طرح الأسئلة حول عملية تمويله لحملته الانتخابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن التحقيق يتركز على قضية المال الذي كان ترمب قد دفعه إلى [ممثلة الأفلام الإباحية] ستورمي دانيالز لقاء شراء صمتها في الأيام التي سبقت انتخابات عام 2016، لمنعها من الحديث علانية عن العلاقة الجنسية التي ربطتها بترمب قبل عقد من الزمن.

دانيالز كانت ملتزمة الصمت في ذلك الوقت. ولكن ذلك لم يدم طويلاً. فأنا كنت قد أجريت مقابلة معها في عام 2018، عندما قامت بالكشف عن تفاصيل فاضحة وغير ضرورية تتعلق بشكل العضو الذكري للرئيس السابق. ولقد كانت دانيالز ذكية، شرسة، طليقة اللسان ومضحكة. وكانت قد قررت أساساً أنه كان قد حان وقت لـ "محاصرة الملك وقتله" checkmate، عندما قام بتسريب اسمها إلى حيز التداول العلني العام.

يا لسخرية الأقدار اللطيفة أن تتحول المرأة التي قام ترمب بدفع المال لها لقاء شراء صمتها، إلى الشخص التي سيكون مسؤولاً عن هدم عرش ترمب الواهن على رأسه. فتلك الجزئية البسيطة المتعلقة بجسده من شأنها على ما يبدو أن تؤدي إلى إلحاق ضرر أكبر بترمب من إصبعه الغليظ الذي تسبب بالخطأ المطبعي.

وبالتزامن مع انتشار خبر إصدار اللائحة الاتهامية بحق ترمب - والتفاصيل المبهمة حول ذلك - سارع مؤيدو ترمب إلى انتقاد اللائحة والقول بأنها محاولة لمعاقبته بسبب ما يحمله من آراء وليس لأنه فعل أي شيء خاطئ (political witch hunt).

حتى بعض كبار المسؤولين الجمهوريين والساعيين لمنافسة ترمب على ترشيح الحزب في الانتخابات التمهيدية الأميركية قاموا باختيار كلماتهم المنددة بالقرار بعناية.

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس Ron DeSantis، اعتبر اللائحة الاتهامية بأنها "عملية تسليح للنظام القضائي". أما نيكي هايلي [المندوبة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة والتي أعلنت عزمها الترشح للانتخابات المقبلة]، فحاولت إجراء توازن بين حبها وكرهها للرئيس ترمب، من خلال قولها إن القرار الاتهامي "هو انتقام أكثر من كونه تحقيقاً للعدالة". مايك بنس، نائب ترمب السابق، والذي وجد نفسه يصارع من أجل بقائه في مواجهة المحتجين الغزاة داخل مبنى الكابيتول [الكونغرس الأميركي]، قد قام بوصف القرار الاتهامي بأنه "شائن". 

كل تلك المواقف، كما قد يلاحظ القارئ، لا تفترض أن ترمب بريء.

وهذا هو الجانب السياسي للقضية، فالمنافسون على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في عام 2024، يعتقدون أن عليهم إرضاء ومراعاة تيار "اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً" Maga، في الحزب الجمهوري. وهو التيار الذي يعتقد أن النظام الأميركي يعاديهم، وأن كل المحاولات لمحاسبة ترمب هي بمثابة عملية محاكمة سياسية. وهو في النهاية تحديداً ما يقوله ترمب لأنصاره دائماً.

لكن دعم الرئيس السابق بشكل واضح وكبير من شأنه أن يدفعهم للعودة إلى أحضانه. وهذا أمر لا يرغب المرشحون المفترضون في تحقيقه أيضاً. اختار بعضهم – بدهاء - التزام الصمت في الوقت الحالي.

وحتى الديمقراطيين الذين لطالما سخروا من كون الاتهامات الموجهة إلى ترمب بمثابة "ملاحقة سياسية – Witch Hunt"، يعترفون بعدم شعورهم بالارتياح حيال القضية التي أصدر المدعي العام في نيويورك قراراً اتهامياً بها. فمن بين كل الأشياء التي كان يمكن توجيه الاتهام من خلالها إلى ترمب - كما يعتقدون ضمنياً - هناك عملية التمرد [التي قادها ترمب] للقضاء على الديمقراطية، وتوسل الأصوات المزورة في ولاية جورجيا، ولكن ها أنتم تصدرون ضده لائحة اتهام في هذه القضية [غير الرئيسية]؟

هل هذه هي التلة التي ستقاتلون وتموتون من أجلها ــ ممثلة، بعض من آلاف الدولارات، وعقد تجاري مزور؟ إن القضية تنبعث منها رائحة آل كابون [زعيم مافيا في شيكاغو حتى عام 1947]، وهي طريقة للنيل من زعيم عصابة، وليس من مدّع مستبد.

على رغم ذلك، على الديمقراطيين أن يؤمنوا بجدوى القرار الاتهامي. فعادة عليك أن تبدأ بالأدلة المتاحة لديك، وليس الأدلة التي كنت تتمنى أن تكون بحوزتك. وهذه الأدلة، ويجب ألا ننسى، كانت قد أدت إلى إدانة وسجن أحد رجال ترمب، محاميه السابق مايكل كوهين.

فالقضاء لم يلاحق ترمب شخصياً في المرة السابقة، لأنه كان لا يزال في السلطة كرئيس للبلاد. لكن هذه المرة فهو خارج السلطة.

لقد قيل الكثير عن رأس المال السياسي الذي يمكن لترمب أن يجنيه من هذا التحرك. فهو بإمكانه أن يلعب دور الضحية! استغلال عناوين الأخبار! شل حركة خصومه فلا يتمكنوا من شن أي تحرك ضده!

لكن ذلك من شأنه أن يتجاهل أمراً أساسياً واحداً وهو أن ترمب لا يرغب في أن يتم إيداعه في السجن. فهو شخص كان قد نجح في تفادي إدانته على مدى الأربعين عاماً الماضية، بشكل أو بآخر. وهذا لم يكن يوماً جزءاً من مخططاته.

الرجل الذي عرف طريقة جذب الناخبين، والتملق للصحافة، وإرضاء الجماهير، وإضفاء البريق على مجرد نزوله على الدرج المتحرك لم يعد مسيطراً على مجرى الأحداث. إنه اليوم بين أيدي هيئة كبار المحلفين وقاض. وهذا أمر لا يستسيغه بسهولة شخص مهووس بمسألة السيطرة على الأحداث.

وأعداء الرئيس ترمب السياسيين يعلمون أن عليهم أن يواصلوا التحرك بحذر. فأي محاولة لتوسيع الاتهام من مجرد جنحة إلى اتهام جنائي خطير بارتكابه جريمة، لا بد أن يكون لديهم ما يدعمه من الأدلة القوية.

أي شخص من الحزب الديمقراطي ممن يؤمنون بحكم القانون يعلم أنه لا يمكنه أن يبني مواقفه على الاعتقاد بذنب ترمب. ومن شأن أي تحرك يهدف إلى إحراج الرئيس السابق ـ من خلال عرضه للتصوير في قسم للشرطة، او سيره مكبلاً بالأصفاد، من شأنه أن ينعكس سلباً ويؤجج حركة تمرد ما.

علينا ربما أن نعود بالتاريخ عشرين عاماً إلى الوراء واستقاء نصيحة قد تنفع أن تكون كتاباً مقدساً للمدعي العام هذه الأيام. ففي زمن كان فيه تلفزيون الواقع يعني أن الدراما الحقيقية في برنامج "ذي واير" The Wire، وليس البرنامج المبهرج "ذي أبرانتيس" The Apprentice [الذي كان ترمب النجم فيه]. لقد كان عمر من حذر حينها: "إن كان مسعاكم النيل من الملك، فمن الأفضل ألا تفشلوا".  [عمر ديفون ليتل شخصية خيالية في مسلسل الدراما The Wire الذي عرضته محطة HBO منذ عام 2002]

© The Independent

المزيد من تحلیل