Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن
0 seconds of 1 minute, 0Volume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:00
01:00
 

ألغام سوريا مبعثرة بسبب اتساع خريطة الاشتباكات

تبقى البيانات عن أعداد الضحايا ممن قتلوا أو المصابين تقديرية

ملخص

#الألغام إرث #الحرب_السورية #المدفونة تحت #التراب

قد يمر اليوم الدولي للتوعية من خطر الألغام الموافق الرابع من أبريل (نيسان) كل عام، كأي يوم عادي، لكنه بالنسبة إلى من ذاق مرارة ولوعة ما خلفته الحروب والصراعات المسلحة أو من تعرض لأذية من لغم أو جسم متفجر، فهو من أكثر الأشخاص حرصاً بتذكير المحيطين والمقربين بالأخطار المحدقة والمدفونة تحت الأرض.

فبعد مرور 12 عاماً من عمر الصراع المسلح في سوريا وبفعل العمليات المتشعبة من حرب عصابات في شوارع المدن أو مواقع الاقتتال في الأرياف الشاسعة، وتنوع مناطق النزاع بين جيوش محلية عدة من قوات نظامية ومعارضة أو أجنبية على مساحة ورقعة البلاد خلفت كلها حرب الألغام التي أزهقت أرواحاً ليس من العسكريين وحسب، بل أبرياء مدنيين أيضاً.

خريطة انتشار غائبة

وتتعاظم أخطار الألغام وتزيد من هواجس الناس مما يدفعهم إلى الحرص على إزالتها، لكن واقع الأمر ليس بالشأن السهل كما يعتقد الناشط في الشأن الإنساني أحمد الشيخ، أحد العاملين مع المنظمات الإغاثية في الشمال الغربي للبلاد والذي يرى في هذا اليوم مناسبة للفت أنظار العالم والمجتمع الدولي بضرورة تضافر الجهود وتكريسها لإزالة الألغام في الأراضي كافة.

وقال في حديث لـ "اندبندنت عربية" إنه "يوجد تهاون وتباطؤ من المجتمع الدولي في هذا المجال ولا تزال الألغام تشكل أكثر المعوقات لعودة الناس إلى أراضيها وبيوتها، ولعل الأمر في غاية الصعوبة إذ لا توجد خريطة تملكها الأطراف المتنازعة عن أماكن الألغام المزروعة أو إحصاءات وبيانات عن أعدادها، علاوة على القذائف أو العبوات غير المنفجرة بعد سقوطها".

وفي غضون ذلك تبقى البيانات عن أعداد الضحايا ممن قتلوا أو المصابين تقديرية أو بحسب ما يصل إلى الجهات التي توثق هذه الحالات، وذلك لتنوع وتوزع مناطق النفوذ.

لكن المرصد الدولي للألغام الأرضية سجل سوريا للمرة الأولى كبلد سجل أكبر عدد من ضحايا الألغام عام 2021 متقدمة على أفغانستان، ووثق المرصد وهو تحالف منظمات غير حكومية، مصرع وإصابة 2729 شخصاً، وكانت كل من أفغانستان وكولومبيا اللتين وقعتا على معاهدة حظر الألغام في صدارة الترتيب.

وفي المقابل وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، خسائر بشرية فادحة في الربع الأول من العام الحالي 2023، إذ لقي 102 شخص مصرعهم بينهم 27 طفلاً وثلاث سيدات، وأصيب 170 مدنياً بينهم 41 طفلاً.

أرض آمنة لـ "الملاعب"

وفي عام 2019 أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حملة أرض آمنة مدتها خمس سنوات بهدف تحويل حقول الألغام إلى ملاعب، وهذه الحملة عالمية تهدف إلى جمع الأموال وتدعمها مجموعة غير رسمية تطوعية تتألف من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وكيانات أممية ومنظمات المجتمع والاتحادات الرياضية وشركات القطاع الخاص والرياضيين والأفراد.

وتتناول الحملة إزالة مخلفات وأخطار المتفجرات وإعادة بناء مجتمعات من دون خوف من الإصابة أو الموت وزيادة الوعي والموارد لدعم أولئك الذين أصيبوا بإعاقة بسبب أخطار المتفجرات.

وبدأت مشاريع الأرض الآمنة في كل من أفغانستان وكمبوديا والكونغو والعراق وليبيريا وفلسطين والصومال وفيتنام، بحسب الموقع الرسمي لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام من دون ذكر سوريا، وهي من أكثر دول العالم المتضررة من النزاع المسلح والألغام ومخلفات الحرب، بحسب ناشطين في المجال الإنساني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في غضون ذلك تترك الأرض الملوثة بهذه الأخطار كثيراً من التوجس، لا سيما للأهالي العائدين إلى قراهم وأراضيهم الزراعية والذين يحاولون جاهدين إعادة الإعمار أو ممارسة أعمالهم الزراعية، لا سيما أنها توقع ضحايا من العاملين في جمع الكمأة بالبادية السورية التي تتشاطر مع عدد كبير من أرياف ومدن سورية.

ولكون البادية لا تزال منذ اندلاع الحرب مسرحاً للعمليات العسكرية يسقط في كل موسم العشرات وربما مئات الضحايا بين شهر فبراير (شباط) حتى شهر مايو (أيار) بفعل الألغام المدفونة بالصحراء، إذ تدفعهم الحاجة إلى كسب لقمة العيش لمواجهة وتحدي أكثر الأعمال خطورة، معرضين أنفسهم لخطر الموت والإصابة ليصدق القول إنها "لقمة مغمسة بالدم"، وهذا ما افتتح به الشاب رياض الذي يعمل في جمع الكمأة حديثه قائلاً، "ليس لدي وعائلتي فرصة للعمل بعد ما تركنا خلفنا أملاكنا من عقارات وأراض زراعية في الرقة، ونعمل خلال فترة المواسم في الأراضي الزراعية، وفي هذا الوقت من العام ننطلق لنجمع الكمأة وبعض العاملين يسلمونها لتجار لبيعها بسعر منخفض، بينما أنا أتكبد مشاق السفر إلى المدن لبيعها بسعر مناسب، ولقد نزعت من قلبي الخوف وأعرف أنني أمشي في حقل مليء بالألغام، لكن لا أبالي في سبيل إطعام عائلتي".

وفي هذا الجانب تحدث المتحدث الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا عدنان خزام عن تحرك مكاتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإطلاق حملات توعية حول أخطار الألغام ومخلفات الحرب لا سيما في الأرياف، إضافة إلى وجود مراكز تأهيل بدنية تعمل على تركيب الأطراف الاصطناعية لمن تعرض للإصابة بسبب هذه الألغام أو مخلفات الحرب من الأسلحة غير المنفجرة التي تترك بعد النزاع المسلح مثل قذائف المدفعية والهاون والقنابل العنقودية وغيرها.

مضادة للأفراد

ويلفت الخبراء المتخصصون في الشأن العسكري إلى خطر اللغم الذي يحوي غلافاً مجهزاً للانفجار ولا يتعرض للتلف مع تقادم الزمن، وأكثرها خطورة تلك الألغام المضادة للأفراد، ولعل الجيوش في كل دول العالم تحيط قواعدها ونقاطها بهذه الأجسام مع عبارات تحذيرية للمدنيين من منع الاقتراب.

لكن في سوريا يختلف الوضع، فلا تحذيرات ولا تنبيهات، والمتفجرات التي خلفها تنظيم "داعش" الذي صنع كميات كبيرة من الألغام ومن الأجسام القابلة للانفجار، ناهيك عن العمليات العسكرية من كر وفر بين أطراف النزاع والتي خلقت تشتتاً وعدم قدرة على تقدير مواقع انتشار الألغام بشكل واضح.

وتحاول منظمة "أونماس" التابعة للأمم المتحدة والمتخصصة في نزع الألغام في سوريا جاهدة لإبعاد خطر الألغام في بلد تتسع فيه خريطة الاشتباكات الميدانية، وقد تمكنت من الوصول إلى أكثر من 741 ألف مستفيد من خلال جلسات التوعية مع شركاء في الشأن الإنساني، وتدريب 500 ميسر للتوعية بأخطار الذخائر غير المنفجرة.

وطهرت الفرق المدعومة أكثر من 1.7 مليون متر مربع من السطح ومليون متر مربع تحت سطح الأرض، وتقدر المنظمة وفق بيان لها أنه "منذ عام 2013 قتل أو جرح ما متوسطه أربعة أشخاص يومياً بسبب الذخائر المنفجرة، ووفقاً للحاجات الإنسانية لعام 2022 فإن 10.2 مليون رجل وامرأة وطفل معرضين لخطر التلوث بالمتفجرات، كما تشير التقديرات إلى ما يقرب من ثلث المجتمعات المحلية قد تكون ملوثة".

وتعمل بعثات عدة مثل البعثة الإنسانية الأرمينية على إرسال خبراء نشطوا في ريف دمشق وحلب وفي بعض المدن السورية للكشف عن هذه الأجسام ونزعها، ولعل آخر أعمالها أنها سلمت البعثة الأرمينية لمحافظة حلب أراض زراعية شاسعة تقدر بمئات الهكتارات بقرب مخيم "حندرات" في ريف حلب الشمالي لمجلس المدينة المحلي بعد تنظيفه بالكامل من الألغام والعثور على كميات كبيرة يعمد خلالها المتخصصون إلى تجميعها وتفجيرها بمكان آمن بعيداً من المناطق المأهولة بالسكان.

المزيد من تقارير