Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"خط ساخن" و"درون" إسرائيلية لمراقبة البناء الفلسطيني

نظام التخطيط التقييدي الذي تطبقه تل أبيب في المنطقة "ج" يسهم في فرض بيئة قسرية على كاهل السكان ما يفضي إلى خطر ترحيلهم قسراً

جدد نتنياهو أن محاربة البناء الفلسطيني غير القانوني بموجب اتفاق أوسلو الذي تم التوصل إليه في عام 1994 على رأس سلم أولويات وزاراته (اندبندنت عربية)

ملخص

تشغل #الإدارة_المدنية أيضاً خطاً ساخناً يدعو #المستوطنين للإبلاغ عن أعمال #البناء_الفلسطينية

تحت جنح الظلام، يسارع جاسر المسعود (45 سنة) لنقل بعض أكياس الأسمنت وقليل من الطوب وألواح الصفيح، عله ينجح قبل شروق الشمس، في بناء غرفة إضافية صغيرة لمنزله المتهالك الذي ما عاد يتسع لأفراد أسرته المكونة من 10 أشخاص، وعلى رغم حرصه الشديد على عدم إحداث أي ضجيج إلى حين انتهاء عملية البناء، بخاصة أن منزله متاخم لعدد من المستوطنات، فإنه تفاجأ صبيحة اليوم التالي بإخطار إسرائيلي بالهدم ووقف البناء الفوري.

 

رصد وتوثيق

لم يعلم المسعود وغيره من الفلسطينيين الذين يعيشون في القرى المصنفة "ج"، التي تبلغ مساحتها 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وتقع تحت سيطرة إسرائيلية كاملة، أن وزارة الاستيطان الإسرائيلية وضمن الميزانية العامة لعامي 2023 و2024، ضاعفت الميزانيات لمجالس المستوطنات في الضفة الغربية، من أجل مراقبة وتوثيق البناء للفلسطينيين في المناطق "ج" عن كثب، إذ رصدت الوزارة 40 مليون شيكل (11 مليون دولار) لمجالس المستوطنات المحلية والإقليمية، لتزود بطائرات من دون طيار، ودوريات المراقبة، وأجهزة حواسيب لوحية ذكية، ومركبات وغيرها، إذ سيكون بإمكان المستوطنات الكبيرة تمويل معاشات أربعة حراس بدوام كامل وأربعة آخرين بدوام جزئي.

ووسط تحذيرات ضباط كبار في الجيش من أن هذه التحركات ستخلق مزيداً من التوترات الأمنية الخطرة التي ستؤدي إلى تدهور المنطقة، وصراعات دامية، جدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن محاربة البناء الفلسطيني غير القانوني بموجب اتفاق أوسلو الذي تم التوصل إليه في عام 1994 على رأس سلم أولويات وزاراته، في حين دعت وزيرة الاستيطان والمهام القومية في الحكومة الإسرائيلية أوريت ستروك، في حديث لهيئة البث الإسرائيلية "مكان" إلى التحرك والقيام بما وصفته بـ"تطبيق القانون بشكل متساو" لهدم مئات البيوت الفلسطينية التي تم تشييدها في الأعوام الأخيرة، مدعية أن هذه البيوت و"عشرات الأحياء" التي تقوم ببنائها والسماح بها السلطة الفلسطينية، "تقع على أراضي الشعب اليهودي باعتبار أراضي دولة". وقالت ستروك، إن الفلسطينيين الذين يبنون في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية "يقومون بعملية بناء غير قانونية من دون تراخيص، وسط محاولة للاستيلاء على أراضي الدولة"، وهي أراض تقدر بنحو ملياري متر مربع من الضفة الغربية.

 

"دوريات الأراضي"

ووفقاً لما جاء في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أضيفت الميزانية الجديدة إلى نحو 20 مليون شيكل (قرابة ستة ملايين دولار)، كانت خصصتها الحكومة الإسرائيلية في وقت سابق إلى ما يسمى "دوريات الأراضي" في المستوطنات التي تراقب البناء والزراعة الفلسطينية، وتقدم تقارير منتظمة إلى "الإدارة المدنية" وسلطات الجيش الإسرائيلي، من أجل إصدار إخطارات بالهدم الفوري ووقف العمل والبناء للفلسطينيين، على رغم أن "دوريات الأراضي" التابعة للمستوطنات ليست لديها صلاحيات وسلطة تنفيذية من الناحية العملية لمنع البناء والتوسع الفلسطيني.

وتشغل الإدارة المدنية أيضاً خطاً ساخناً يدعو المستوطنين للإبلاغ عن أعمال البناء الفلسطينية، وهو ما يعرف في إسرائيل باسم "الحملة على ج". ووفقاً لإحصائيات سابقة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن المستوطنين الإسرائيليين الذين يبلغ عددهم نحو 250 ألف نسمة، يسيطرون على تسعة في المئة فقط من المنطقة "ج"، فيما الفلسطينيون في المنطقة، الذين يبلغ عددهم أكثر من 240 ألفاً، نجحوا في السيطرة على 30 في المئة من الأراضي حيث يتم استخدام كثير منها لأغراض الزراعة والرعي.

وعلى عكس المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية مثل "سلام الآن"، "عير عاميم"، و"بيمكوم" التي تعمل منذ سنوات على توثيق البناء اليهودي غير القانوني في الضفة الغربية، وتقدم نتائجها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للنظر فيها، تترصد منظمة "ريغافيم" بانتظام البناء الفلسطيني غير القانوني من خلال استخدام خرائط مفصلة توفرها لها الحكومة على أقراص مدمجة، وتملك طائرة صغيرة من دون طيار مجهزة بكاميرا تحلق فوق البلدات والتجمعات الفلسطينية بشكل يومي، وتقوم بتوثيق التغييرات على الأرض، علاوة على ذلك، تقوم المنظمة بصورة دورية بشراء صور جوية عالية الدقة من شركة تجارية إسرائيلية، وبحسب معطيات "ريغافيم"، فإن عدد المباني غير القانونية التي بناها الفلسطينيون في المنطقة "ج" تضاعف في العقد الأخير لأكثر من 60 ألف مبنى.

تخريب ممنهج

في المقابل، يقول فلسطينيون إنهم لا يملكون خياراً آخر سوى البناء من دون تصاريح لأن إسرائيل نادراً ما تمنح مثل هذه التصاريح، وترفض السلطات الإسرائيلية الغالبية العظمى من الطلبات التي يقدمها الفلسطينيون للحصول على رخص البناء في المنطقة "ج" بحجة أن المنطقة المعنية لا يشملها التنظيم لأغراض البناء. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة "أوتشا"، فإن "نظام التخطيط التقييدي الذي تطبقه إسرائيل في المنطقة "ج"، وما يقترن به من قيود أخرى، يسهم في فرض بيئة قسرية على كاهل السكان، ما يفضي إلى خطر ترحيلهم قسراً، فضلاً عن أن هدم المنازل والمدارس والمباني التي يستخدمها أصحابها في تأمين سبل عيشهم والتهديد بهدمها، تشمل ضغوطاً أخرى كالحرمان من البنية التحتية للخدمات، والقيود المفروضة على الوصول إلى الأراضي الزراعية الخاصة والمراعي التي تصنف معظمها باعتبارها أراضي زراعية أو مناطق خضراء، أو لا يشملها التنظيم، ما يعوق إصدار الرخص في هذه المناطق، ولا يترك أمام كثيرين من الفلسطينيين خيار سوى البناء من دون الحصول على هذه الرخص لكي يفوا بحاجاتهم من السكن وسبل العيش".

بدورها، جددت وزارة الخارجية الفلسطينية التحذير من تصاعد العمليات الاستيطانية، باعتبارها "تخريباً ممنهجاً ومتعمداً لفرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين ومخاطرها على تصعيد الأوضاع في ساحة الصراع"، وأشارت، في بيان، إلى أنها تتابع مع الجهات الدولية، بما فيها المنظمات والمجالس الأممية المتخصصة والمحاكم الدولية "جميع جرائم الهدم المتواصلة للمنازل والمنشآت الفلسطينية التي تندرج في إطار مخططات إسرائيلية استعمارية توسعية لفرض سيطرة الاحتلال الإسرائيلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر جمال جمعة منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان أن مضاعفة الميزانيات للمستوطنين "جزء من مخطط الضم الذي تقوم الحكومة الإسرائيلية بتطبيقه في الضفة الغربية، والرامي لحملة احتلالية مسعورة تكثف الاعتداءات على الفلسطينيين لهدم بيوتهم". أضاف "ما يجري خطة ممنهجة للتهجير والتطهير العرقي، ما يضع مسؤولية كبيرة على السلطة الفلسطينية التي يجب أن تتخذ موقفاً رسمياً سياسياً فلسطينياً واضحاً"، مطالباً "بقلب الطاولة على كل الاتفاقيات مع الاحتلال".

قرارات أممية

وفي الوقت الذي تخصص فيه الميزانيات الضخمة لتشغيل عديد من المتطوعين اليهود ضمن مشروع الخدمة الوطنية، وعقد مؤتمرات حول منع البناء والتوسع الفلسطيني في المناطق "ج"، وإقامة بنى تحتية أمنية ضد تنفيذ ما يسمى "الأنشطة غير القانونية على الأرض"، مثل السياج، وبناء الممرات والطرق، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلال اجتماع المجلس الأممي، في دورته العادية الـ52، قرارين حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعدم شرعية المستوطنات.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، إن "هذا التصويت يشكل رسالة للحكومة الإسرائيلية وقياداتها من المستعمرين أن جرائمهم لن تمر من دون عقاب، وأن أرض فلسطين الخالية من المستوطنات هي المكان الذي يمارس عليه الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير"، وذكرت أن "اعتماد قرارات فلسطين يأتي في وقت يتوجب فيه مواجهة وردع خطط الحكومة الإسرائيلية".

وجاء القرار الأممي بعد نحو أسبوعين على مصادقة الكنيست الإسرائيلي على إلغاء ما يعرف بـ"قانون فك الارتباط" أو قانون "الانفصال" عن مستوطنات ومعسكرات الجيش في قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة، ما يسمح للمستوطنين بالعودة إلى أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية أخليت عام 2005.

المزيد من الشرق الأوسط