Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتلة تجارية آسيوية انضمت إليها بريطانيا التي هجرت التجمع الأوروبي

المملكة المتحدة صارت أول دولة تضاف إلى اتفاق لدول في منطقة المحيطين الهندي والهادئ البعيدة من شواطئها

وزيرة التجارة البريطانية كيمي بادنوش (غوف. يوكيه)

ملخص

انضمت #المملكة_ المتحدة إلى #الاتفاق_ الشامل_ التدريجي_ للشراكة_ عبر_ المحيط_ الهادئ، فتحركت أسئلة عن سبب خروجها من كتلة #الاتحاد_ الأوروبي

ستتردد على مدار حقب من التاريخ السياسي البريطاني أصداء هذا السؤال [عن انضمام بريطانيا إلى "الاتفاق الشامل التدريجي للشراكة عبر المحيط الهادئ" Comprehensive and Progressive Agreement for Trans-Pacific Partnership]. هل أنتم مستعدون لهذا الاتفاق؟

عند الساعة الواحدة من صباح يوم الجمعة، نشرت كيمي بادنوش لقطات من المحادثة التي أجرتها مع وزراء تجارة كل من اليابان والبيرو والمكسيك وسنغافورة وماليزيا عبر "زووم"، وذلك للإعلان عن أن المملكة المتحدة باتت حالياً أول دولة تنضم إلى الكتلة التجارية بين المحيطين الهندي والهادئ على رغم موقعها الجغرافي البعيد آلاف الأميال عن المنطقة. [تضم تلك الكتلة كندا والمكسيك والبيرو وتشيلي ونيوزيلندا وأستراليا وبروناي وسنغافورة وماليزيا وفيتنام واليابان].

وبالتأكيد، يأتي هذا الإعلان بوصفه الأحدث ضمن سلسلةٍ طويلة جداً من الاعترافات الضمنية لمؤيدي بريكست بأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن فكرةً سديدة. والأكثر غرابةً وإثارةً للقلق من الإعلان نفسه يتمثل بالاستماع إلى احتفاء الحكومة الفعلية بمأثرة عظيمة عنوانها اتفاق تجاري جديد مع دولة أو دول بعيدة، وكلها أمل بأن يكون شعبها غبياً بما يكفي ليُدرك بأن تعقيد التعاملات مع منطقة التجارة الحرة الضخمة والثرية والمجاورة لنا [الاتحاد الأوروبي]، يشكل فكرة حمقاء ما دامت الصفقة الجديدة جيدة وفي محلها.

والحقيقة أن تعقيد التعاملات مع منطقة التجارة الحرة المجاورة لنا يمثل بالفعل فكرة حمقاء، بل إنها الفكرة الأكثر حماقةً في مسيرة دولةٍ طالما عُرفت بعقلانيتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتجسد هذه الحماقة بمعظمها في لقاء "زووم" الذي لا يُمكن غض الطرف عنه. فبالصوت والصورة، التقى شركاؤنا التجاريون الجدد بكيمي بادنوش أثناء ساعات عملهم. لكن وزيرة التجارة البريطانية كانت وحدها المضطرة إلى البقاء مستيقظة حتى منتصف الليل بغية إبرام الصفقة. وهذا الوضع برأيي يجسد قمة الغباء ولا يسعنا إلا أن "نُسلم به".

في المقابل، لطالما امتلكت المملكة المتحدة ميزة المنطقة الزمنية التي تتيح لها التعامل مع طوكيو في الصباح ونيويورك في فترة ما بعد الظهر. وقد رفعت هذه الميزة مكانة لندن كمركزٍ مالي عالمي رائد. لكن، في إطار الشراكة العبقرية الجديدة، تتخلى بريطانيا المنفصلة عن الاتحاد الأوروبي عن هذه الميزة، ما يحتم على مسؤوليها السهرحتى منتصف الليل للتعامل مع البيرو في المساء وسنغافورة في الصباح. وأعتقد أن التخلي عن هذه الميزة الفريدة، بل تحويلها إلى عقبةٍ كبيرة، يتطلب بذل كثير من الجهد.

ويبرز الجانب السلبي الآخر للشراكة في تسببها بإرهاق وزراء التجارة إلى درجةٍ تُعوق قدرتهم على الإجابة بذكاء على أسئلة مستضيفيهم في البرامج الصباحية التي يُضطرون إلى المشاركة فيها لشرح مدى تألقهم، فينتهي بهم المطاف إلى التفوه بتصريحات من قبيل، "إنها المرة الأولى منذ 50 عاماً التي ننضم فيها إلى كتلة بهذا الحجم. وكلنا ثقة بأن في الاتحاد قوة".

وفي هذه المرحلة، فعلت بادنوش الصواب حينما قاطعت نفسها بنفسها وأشارت بشكلٍ عفوي تماماً إلى أن "[الشراكة الجديدة] تدعم اتفاق التجارة الحرة الذي يجمعنا بالاتحاد الأوروبي"، لكن قولها هذا قويم بعض الشيء. واستطراداً، لقد كنا نحن مَن فرض قيوداً صارمةعلى علاقتنا بالاتحاد الأوروبي وتعاملاتنا التجارية معه. وبسبب هذه القيود، فقد الأشخاص الذين يزرعون النباتات في نيوكاسل قدرتهم على بيع محاصيلهم إلى عملائهم المخلصين على مدى عقد من الزمن في بلفاست، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وبالتالي، فمَن يقول إن ليس في الاتحاد قوة؟ حينما تُحلق إحدى الدول بمفردها خارج السرب، تجد نفسها مرغمة على تنفيذ ما يُمليه عليها الآخرون، على غرارخفض الرسوم الجمركية على استيراد زيت النخيل الماليزي من 2 في المئة إلى 0 في المئة. وفيما مضى، اعتاد مايكل غوف على الادعاء بأن اتفاق بريكست سيكفل لبريطانيا معايير بيئية أعلى من معايير الاتحاد الأوروبي. وهذا الادعاء، كغيره من أقوال السيد غوف، مُصاغ بعناية، وهو سليم من الناحية النظرية. ولكن ذلك لا ينفي حقيقة كونه [بريكست] السبب المباشرفي تلوث الشواطئ البريطانية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة.(وقد بات الآن يقدم الدعم، بحكم الأمر الواقع، إلى أكثر محاصيل الأرض إضراراً بالبيئة والغابات المطيرة).

وفي سياق الإعلان [عن الانضمام إلى منظمة الدول في منطقة المحيط الهادئ]، حرصت السيدة بادنوش كل الحرص على تسليط الضوء على الفارق الجلي بين الانتماء إلى الشراكة التجارية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ والانتماء إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يتلخص بحسب تعبيرها في "[قدرتنا] على وضع القواعد واللوائح وفقاً لمعاييرنا".

بالتالي، من الواضح أن هذه الأمور أساسية ومملة للغاية، لكن وفق ما أشارت إليه السيدة بادنوش قبل قليل، يتمثل القصد من التواجد ضمن كتلة معينة والتمسك بمبدأ "في الاتحاد قوة"، بأن الأعضاء الكبار في التكتلات يفرضون قواعدهم وأنظمتهم على الآخرين. ولذا، سيكون من الأفضل لقارةٍ كبيرة وقوية كأوروبا، أن تعمل بصورةٍ جماعية على وضع لوائح ومعايير يُمكن أن تتنافس عليها مع الصين وأميركا من موقع قوة وليس من موقع ضعف. وهذا أمر مفروغ منه. ولو لم يكن كذلك، لانْتَفَتْ الفائدة من وجود السوق الموحدة [الأوروبية]، ولما شاركت مارغريت تاتشر في تأسيسها، ولما اعتبرت ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبولندا وغيرها من الدول أن الانسحاب منها [الكتلة الأوروبية] فِعلٌ غبي وانتحاري من دون منازع.

واستكمالاً، يتجسد المعنى الفعلي لـ"وضع القواعد واللوائح الخاصة بنا" في السهر حتى الواحدة صباحاً بانتظار توجيهاتٍ من ماليزيا، ومن ثم الترويج لتلك التوجيهات بوصفها مكسب كبير. وبطبيعة الحال، يمثل ذلك الهدف المنشود. ولا أظن بأن كيمي بادنوش لم تسعَ إلى تحقيق التآزر الفعلي، باعتباره المجال الحقيقي "للنمو".

فمنذ وقتٍ ليس ببعيد، أمضت وزيرة التجارة الدولية [السابقة]، ليز تراس، أشهراً عدة تطوف العالم بغية حث كل دولة تقبل بشروطها على توقيع صفقات تجارية متشابهة، غير آبهةٍ بالتبعات التي يمكن أن تتمخض عن تلك الصفقات وتنعكس سلباً على مزارعي الألبان البريطانيين الذين باتوا مرتعبين منذ الاستفتاء الثاني بشأن بريكست، من إمكانية إبرام صفقة تجارية مع نيوزيلندا. وما الذي حققته هذه الصفقات لاقتصاد المملكة المتحدة؟ لا شيء البتة. لكنها زادت عدد متابعي ليز تراس على "إنستغرام" وعززت شعبيتها في صفوف حزب المحافظين. والأرجح أنكم تعرفون بالفعل ما آلت إليه تلك الأمور (وإن كان احتمال إغفالكم عنها ممكناً).

وبالطبع، ما من تحليل منطقي واحد يؤكد إمكانية التعويض عن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن بريكست بتوقيع اتفاقات تجارة حرة مع دول بعيدة، ولن يكون هناك أبداً. وبالتالي، لا يُظهر الحديث عن المكاسب الهامشية لاتفاق الخروج سوى فداحة الخسائر المترتبة عنه. وفيما إذا كانت بادنوش على علم ودراية بتلك الخسائر، فذلك محل نقاش. وفي النهاية، لا يمكن لأحدٍ أن يشيح بنظره عن حقيقةٍ مماثلة ويطالب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو يصوت لمصلحته، ما لم يكن ببساطة غير مهتم، وهذه حال كثيرين.

وصحيح أنه قد سبق لعددٍ كبير من المحافظين تمضية ليالٍ طويلة في غرف نومهم، يعملون ويفكرون حتى الساعة الثانية صباحاً بالذي أوصلهم إلى هذه الحالة. في المقابل، لقد بات المجال مفتوحاً أمامهم الآن كي يتصلوا بشركائهم في كوالالمبور ويلتمسوا منهم الدعم والمعنويات، هذا إن تمكنوا من إقناعهم أولاً بالتوقف عن الضحك والإصغاء إليهم.

© The Independent