ملخص
يتحدث المؤرخون عن ثلاث أزمات سابقة في #مضيق_تايوان مع إصرار بكين على فرض سيادتها على الجزيرة
منذ انفصال الصين الشيوعية وتايوان في نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949 أصبح المضيق الذي يفصل بينهما نقطة توتر جيوسياسية.
والمضيق الذي لا يتعدى عرضه 130 كيلومتراً في أضيق نقاطه، هو كل ما يفصل بين تايوان الديمقراطية ذات الحكم الذاتي وجارتها الاستبدادية العملاقة، ويشكل قناة دولية رئيسة لشحن البضائع.
وبدأت بكين اليوم السبت تدريبات عسكرية استمرت ثلاثة أيام رداً على زيارة رئيسة تايوان تساي إينغ وين للولايات المتحدة، حيث التقت رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي في لوس أنجليس.
ووصفت الصين التدريبات بأنها "تحذير شديد" إلى "القوى الانفصالية" التي تريد استقلال تايوان بالتواطؤ مع قوى أجنبية.
وكانت بكين ردت بغضب على زيارة للرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في أغسطس (آب) الماضي، ووجهت تهديدات متصاعدة وأعلنت عن سلسلة من المناورات العسكرية في المياه المحيطة بالجزيرة.
ولقاء تساي مع مكارثي في الولايات المتحدة كان متوقعاً أن يغضب بكين ويؤدي إلى عرض للقوة.
المواجهة الأولى
يتحدث المؤرخون عن ثلاث أزمات سابقة في مضيق تايوان.
في نهاية الحرب الأهلية الصينية تمكنت قوات ماو تسي تونغ الشيوعية من طرد قوميي تشانغ كاي تشك الذين انتقلوا إلى تايوان.
واستقر الطرفان المتنافسان على جانبي المضيق، جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيس وجمهورية الصين في تايوان.
اندلعت أزمة المضيق الأولى في أغسطس 1954 عندما أرسل القوميون آلاف الجنود إلى جزيرتي كينمين وماتسو الصغيرتين الخاضعتين لحكم تايوان، على بعد كيلومترات قليلة عن البر الرئيس.
وردت الصين الشيوعية بقصف مدفعي للجزيرتين ونجحت في الاستيلاء على جزر ييجيانغشان، على بعد 400 كيلومتر شمال تايبيه.
وأخمدت شرارة الأزمة في نهاية المطاف لكنها كادت تضع الصين والولايات المتحدة على شفير نزاع مباشر.
المواجهة الثانية
اندلع القتال مجدداً في عام 1958 عندما قصفت قوات ماو بكثافة جزيرتي كينمين وماتسو في مسعى جديد لطرد القوات القومية المتمركزة هناك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخشية أن تؤدي خسارة الجزيرتين إلى انهيار القوميين بالتالي سيطرة بكين على تايوان، أمر الرئيس الأميركي دوايت دي آيزنهاور قواته بمواكبة حلفائهم التايوانيين وتزويدهم بالإمدادات.
وفي مرحلة ما فكرت الولايات المتحدة لفترة وجيزة في نشر أسلحة نووية ضد الصين.
وبعد عجزها عن الاستيلاء على الجزر وفشل عمليات القصف في إخضاع القوميين أعلنت بكين وقفاً لإطلاق النار.
ومع ذلك استمرت قوات ماو في قصف كينمين بشكل متقطع حتى عام 1979 بموازاة حالة من الجمود.
المواجهة الثالثة
وبعد 37 سنة على الأزمة الثانية جاءت الثالثة. ففي العقود الفاصلة تغيرت كل من الصين وتايوان بشكل كبير.
عقب وفاة ماو بقيت الصين تحت سيطرة الحزب الشيوعي لكنها باشرت فترة إصلاح وانفتاح على العالم. من ناحيتها بدأت تايوان في التخلص من سنوات حكم تشانغ كاي تشيك الاستبدادية والتحول إلى ديمقراطية تقدمية، بينما اعتنق كثيرون هوية تايوانية مميزة وليست صينية.
اشتعل التوتر مجدداً في عام 1995 عندما بدأت الصين تجارب إطلاق صواريخ في المياه المحيطة بتايوان احتجاجاً على زيارة الرئيس التايواني لي تين هوي إلى الجامعة التي تخرج فيها في الولايات المتحدة. وكانت بكين تكره لي خصوصاً لأنه كان يحبذ إعلان تايوان دولة مستقلة.
وأجريت مزيد من التجارب الصاروخية بعد عام بينما نظمت تايوان أول انتخابات رئاسية مباشرة.
لكن هذه الخطوات جاءت بنتائج عكسية، فقد أرسلت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات لدفع الصين إلى التراجع، بينما فاز لي في الانتخابات بهامش كبير.
وبعد عام، أصبح نيوت غينغريتش أول رئيس لمجلس النواب الأميركي يزور تايوان في خطوة غير مسبوقة.
التوترات الأخيرة
واستغرق الأمر أكثر من 25 عاماً قبل أن تتوجه رئيسة مجلس النواب التالية نانسي بيلوسي إلى تايوان عام 2022.
وردت الصين بإطلاق أكبر مناورات جوية وبحرية على الإطلاق عبر إرسال سفن حربية وصواريخ وطائرات مقاتلة إلى المياه والسماء حول الجزيرة.
ودانت تايبيه التدريبات واختبارات الصواريخ معتبرة أنها استعداد لغزو.
وبعد أقل من عام، وصلت رئيسة تايوان تساي إينغ وين إلى لوس أنجليس للقاء مكارثي، لتبدأ الصين جولة أخرى من التدريبات العسكرية في محيط الجزيرة.