Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الأرصاد... جدل المصريين يضرب في غيوم جديدة

عقوبات لنشر أخبار الطقس على مواقع التواصل من دون ترخيص واعتراض برلماني على غرامة الـ5 ملايين

على رغم إقرار التعديلات في البرلمان المصري فإن نواباً عارضوا بعض مواد القانون (أ ف ب)

ملخص

يرى كثيرون أن وقت إصدار #قانون_الأرصاد غير مناسب لإثارة جدل جديد يضاف إلى ما يواجهه #المصريون يومياً من أزمات

حال من الجدل أثارتها تعديلات قانون تنظيم عمل الهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر، التي أقرها مجلس النواب في جلسته العامة، أمس الثلاثاء، حيث تضمن القانون عقوبات على من يذيعون أخباراً غير دقيقة عن حال الطقس على مواقع التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة أخرى، تشمل الغرامة التي تصل إلى خمسة ملايين جنيه، بجانب التوقيت الذي يراه كثيرون غير مناسب لإثارة جدل جديد يضاف إلى ما يواجهونه يومياً.

التعديلات الجديدة حظرت أيضاً شراء أي معدات من تلك الخاصة بمحطات الرصد الجوي إلا عبر هيئة الأرصاد الجوية، كما وضعت رسوماً على من يرغب في الحصول على تصريح بمزاولة نشاط إعداد ونشر البيانات الجوية.

وعلى الرغم من إقرار التعديلات في البرلمان المصري فإن نواباً عارضوا بعض مواد القانون مطالبين بضرورة تجنب الملاحظات الخاصة بهذا القانون قبل نشره في الجريدة الرسمية.

"اندبندنت عربية" استطلعت آراء المتخصصين في هذا الملف، وكشفوا عن تفاصيل لم تخرج للرأي العام وكانت سبباً في حال الجدل الدائرة في مصر، وأبرزها الخسائر الاقتصادية التي تحدثها الإشاعات الخاصة بأخبار الطقس، حيث قدرها البرلمان بالمليارات.

محاذير وعقوبات

يقول المتخصص في الأرصاد والتحاليل الجوية الأشهر في مصر، وأبرز من ينشرون التنبؤات الجوية عبر موقع التواصل الاجتماعي وحيد سعودي، إن بعض أصحاب المزارع يقومون بإنشاء محطات رصد جوي لمعرفة نسبة الرطوبة ودرجات الحرارة وسرعة واتجاه الرياح، وبعضهم يستخدم أدوات ومعدات لمعرفة حال الأمطار في هذا المكان أو غيره من دون الحصول على ترخيص بذلك، لذا لا تكون توقعاتهم دقيقة في الغالب، فقراءة الخرائط الجوية ووضع تنبؤ جوي أمر مرتبط بالخبرات التراكمية والسوابق الجوية والفترة الزمنية الخاصة بالتوقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار سعودي، الذي قضى 37 عاماً محللاً جوياً بهيئة الأرصاد، إلى أن التحليلات التي يقدمها عبر صفحته على "فيسبوك" تكون من خلال "موديل" معين للخرائط الجوية، وبعضها باشتراكات مالية وليست مجانية، والأخرى يتاح له الاطلاع عليها بحكم التخصص، وتقدم من جهات بحثية أجنبية مهتمة بملف الطقس.

وفي شأن الحصول على تراخيص لإنشاء محطة رصد جوي، أكد أن الهيئة العامة للأرصاد الجوية هي صاحبة الولاية في هذا الشأن، فمن يرغب في الحصول على معدات للمحطات سيتوجه إليها ويحصل على ترخيص بذلك وسيفحص تلك المعدات كل فترة في الهيئة، وهو الإجراء المعروف بـ"المعايرة" لإعادة ضبط تلك الأجهزة، وهو نظام معمول به في العالم كله بهدف تعظيم موارد الهيئات وللإنفاق على أوجه البحث العلمي في مجال الأرصاد الجوية.

ويحظر القانون الجديد شراء أية أجهزة أو محطات رصد جوي أو محطات متخصصة في قياس الإشعاع الشمسي أو الأوزون إلا بموافقة الهيئة، وطبقاً للمواصفات الفنية المعتمدة منها، وذلك مقابل رسم لا يجاوز خمسة آلاف جنيه (161.81 دولار).

كما يتضمن مشروع القانون ضرورة دفع رسم لا يجاوز 10 آلاف جنيه (323.62 دولار) مقابل الحصول على ترخيص ممارسة أي نشاط في مجال خدمات الأرصاد الجوية أو إنشاء وتشغيل محطات الأرصاد الجوية أو البحرية بجميع أنواعها أو مراكز التنبؤات الجوية أو البحرية.

فوضى التنبؤات

من جانبه، قال أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق ونائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية الأسبق علي قطب، إن التعديلات التي تم إدخالها على قانون تنظيم عمل هيئة الأرصاد الجوية هي تعديلات ضرورية ومهمة جداً، مشيراً إلى أن حال الطقس لا تقتصر فقط على درجات الحرارة، ولكن تمتد إلى جميع الظواهر الجوية التي تؤثر على حياة المواطنين واستثماراتهم.

وأضاف أن الحالات المناخية تؤثر على حياة الكائنات الحية بشكل عام، ونشر أخبار غير دقيقة عن أحوال الطقس على مواقع التواصل الاجتماعي بعيداً من الجهة الرسمية المخول لها ذلك، من شأنه التأثير المباشر على جميع الأطراف سلباً، وبخاصة في المناطق الزراعية والساحلية.

وأكد أستاذ المناخ أن هيئة الأرصاد الجوية لديها من الإمكانات والأدوات الفنية ما يؤهلها لإصدار تنبؤات جوية دقيقة بعكس اجتهادات بعض الأفراد ممن يديرون صفحات تنشر معلومات عن الطقس، كما أنها قادرة على تحديد كميات الأمطار وأماكن سقوطها ومدتها بدقة وتأثير تلك الأمطار وهي أدوات غير متاحة لأي شخص، وكذلك في ظواهر الشبورة المائية والعواصف الرملية، وهي معلومات مهمة للسائقين وغيرهم من مستخدمي الطرق، وأي خطأ فيها هو تهديد مباشر لحياة هؤلاء.

بيزنس محطات الرصد

وحول دور القانون الجديد في القضاء على الإشاعات الخاصة بالطقس وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، أكد نائب رئيس هيئة الأرصاد الأسبق أن الأجانب بشكل عام مرتبطون بثقافة المناخ والطقس، وهناك بعض الاستثمارات تحتاج لعوامل جوية معينة من حيث الرطوبة ودرجات الحرارة فضلاً عن أماكن التخزين نفسها، وكذلك في ما يخص نشاط المزارع، لأن لها اشتراطات جوية معينة، وتقديم معلومات دقيقة في ما يخص درجات الحرارة وتوافر المياه والأمطار هو وسيلة مهمة لجذب هذه الاستثمارات، في حين تتسبب معلومات الطقس غير الدقيقة والصادرة عن غير المتخصصين في هرب تلك الاستثمارات.

ولفت إلى أن "تصميم العقارات والمباني مرتبط بالحال الجوية وحركة الرياح أيضاً، فلا يمكن تصميم دورة المياه في واجهة العقار على سبيل المثال، وذلك لمنع انتقال الروائح الكريهة عبر الرياح إلى باقي المبنى"، موضحاً أن المناخ تغير في العالم كله وأصبحت هناك فيضانات في أماكن قاحلة، وسيول في أماكن لم يكن يسقط بها مطر من قبل، وغير ذلك من الظواهر التي تحتاج إلى المتخصصين دون غيرهم في رصدها.

وحول فرض قوانين وغرامات شبيهة بذلك في أي من الدول الأخرى، أكد قطب أن المواطن في الدول الأجنبية أكثر ارتباطاً بحال الطقس ويتابعها بشكل يومي ويبني قراراته بناء على تلك التنبؤات، بعكس المنطقة العربية حيث لم تصل ثقافة المواطن إلى هذا المستوى، مما يستتبع وضع ضوابط وعقوبات لمن ينشر معلومات غير دقيقة.

ورد قطب على ما يثار حول نشر هيئة الأرصاد الجوية بعض التنبؤات التي لم تحدث على أرض الواقع، مشيراً إلى أن هناك تنبؤات مبدئية يتم تعديلها باستمرار من خلال تغيرات الخرائط الجوية، وهو أمر متبع من خلال المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فالتوقعات قابلة للتعديل حتى قبل وقت الظاهرة بـ48 ساعة.

يقول قطب، إن هناك بعض الأشخاص يقيمون محطات رصد جوي من دون ترخيص ويبيعون تلك البيانات بملايين الجنيهات للشركات والمستثمرين ممن لديهم استثمارات في منطقة معينة ويرغبون في الحصول على بيان بحال الطقس أولاً بأول، وهي بيانات عادة ما تكون غير دقيقة لضعف الإمكانات.

ويعاقب قانون هيئة الأرصاد الجوية الجديد بغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (1618 دولاراً) ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه (نحو 162 ألف دولار) لكل من قام بتقديم خدمات الأرصاد الجوية بمختلف أنواعها من غير طريق الهيئة أو من دون الحصول على ترخيص منها. أو قام بإنشاء أو تشغيل محطات أرصاد جوية أياً كان نوعها أو مراكز تنبؤات جوية أو بحرية.

كذلك يعاقب بذات العقوبات كل من نشر أي معلومات غير صحيحة خاصة بالأرصاد الجوية أو حال الطقس على وسائل التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة من وسائل النشر أو إصدار أي بيانات أو معلومات أو نشرات أو دراسات خاصة بالأرصاد الجوية وقام بنسبتها إلى الهيئة على خلاف الحقيقة.

اعتراضات برلمانية

من جانبه، أبدى أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب النائب عبدالمنعم إمام، اعتراضه على بعض مواد القانون الجديد، وفي مقدمتها مبالغ الغرامات الكبيرة التي تم إقرارها، مشيراً إلى أن هيئة الأرصاد الجوية بررت ذلك بوجود صفحات يتابعها ملايين المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي وتنشر بيانات وأخباراً غير دقيقة عن الطقس، وأن طمأنة المواطنين تتطلب توقيع غرامة كبرى على من ينشرون أخباراً غير دقيقة.

وأشار إمام لـ"اندبندنت عربية" إلى أن الاعتراض الثاني يخص إدراج تعديل في القانون يحظر على هيئة الأرصاد منافسة الشركات الخاصة التي تقيم محطات رصد وتقدم تحاليل جوية في المناقصات، فمن غير المقبول أن تمنح الهيئة تراخيص مزاولة النشاط للشركات الخاصة ثم تقوم بمنافستها والتقدم جنباً إلى جنب معها في المناقصات التي تخوضها تلك الشركات.

وأوضح أن هناك ضوابط سيتم وضعها في القانون لمن سيسمح لهم بالحصول على ترخيص بإقامة محطات رصد جوي أو تقديم تحليلات جوية، وكذلك سيكون الحصول على الأدوات والمعدات الخاصة بهذا النشاط من خلال هيئة الأرصاد الجوية، وسيجري حصر الصفحات التي تنشر أخبار الطقس من خلال جهات التحقيق لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.

تنظيم ورقابة

تقول منار غانم عضو المركز الإعلامي للهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن هدف القانون هو تنظيم دور الهيئة بشكل عام وفقاً للنظام المعمول به في جميع دول العالم، وتأمين المواطن والحفاظ على استثماراته بخاصة في مجال الأنشطة البحرية والصيد والزراعة والتخزين بجانب الأنشطة السياحية وغيرها من المجالات الاقتصادية.

وأشارت غانم لـ"اندبندنت عربية" إلى أن الهيئة لاحظت وبخاصة في فصل الصيف انتشار التنبؤات غير الدقيقة لحال الطقس على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يتسبب في حال من الذعر لدى المواطنين، لافتة إلى أن دور الهيئة هو تقديم المعلومة الصحيحة والحد من فوضى الإشاعات الخاصة بالطقس، وأن تكون هناك جهة تحاسب على التنبؤات التي تصدرها في ما يخص الطقس سواء أكانت تنبؤات صحيحة أو غير صحيحة، لكن على مواقع التواصل الاجتماعي لا أحد يحاسب إطلاقاً.

وتابعت عضو المركز الإعلامي لهيئة الأرصاد أن نسبة صحة تنبؤات الهيئة العامة للأرصاد في السنوات الخمس الأخيرة أصبحت دقيقة بنسبة 95 في المئة نظراً إلى استخدام تقنيات وأدوات حديثة وأقمار صناعية في رصد الحال الجوية، بالتالي أصبحت الحكومة مهتمة بشكل كبير بتقارير الهيئة وتضعها في الحسبان بعكس ما كان يحدث في الماضي، بل وأصبحت هناك تقارير تخص الطقس ترسل لكل محافظة من محافظات الجمهورية. لافتة إلى أن بعض الأشخاص أسسوا صفحات تحمل اسم هيئة الأرصاد مما يسهم في انتشار الإشاعات، وأن الغرامات المقررة في القانون ليسj مرتفعة بل على العكس مقبولة بخاصة إذا ما قورنت بحجم الإنفاق على الاستعداد لمواجهة تقلبات الطقس التي قد يكون السبب فيها المبالغة في الخوف على مواقع التواصل الاجتماعي.

خسائر اقتصادية وبشرية

يذكر متخصص الأرصاد الجوية وحيد سعودي، واقعة حدثت قبل سبع سنوات تقريباً بسبب غياب بعض معلومات الطقس عن قائد طائرة قادمة من الولايات المتحدة الأميركية، فعقب دخولها الأجواء المصرية ارتفعت الطائرة قرابة 1100 متر في ست ثوان فقط، واختفت من شاشات الرادرات، وبعد بحث عن الأسباب جرى استدعاcه لتفسير ما حدث، حيث طلب الخرائط الجوية التي تسلمها كابتن الطائرة من مطار الإقلاع في أميركا، والمعروفة بـ"road for cast" وهو المسار الخاص بالطائرة، وتبين غياب بعض المعلومات الجوية المهمة عن تلك الخرائط، الأمر الذي فسر ما حدث.

كذلك أشار سعودي إلى أن إغفال معلومات خاصة بظاهرة السيول يمكن أن يؤدي إلى كارثة بشرية واقتصادية للموجودين في مناطق مثل شمال وجنوب سيناء أو للسائحين في هذه المناطق، مشيراً إلى حادثة تجمد ثمانية شباب أعلى جبل سانت كاترين في فبراير (شباط) 2014، عندما قرروا أن يذهبوا في رحلة إلى الجبل، وكان الطقس عادياً ومناسباً، حيث اصطحبوا دليلاً سياحياً بدوياً وصعدوا إلى القمة، وبعدها ضربت عاصفة ثلجية منطقة سانت كاترين وظلوا عالقين لمدة ثلاثة أيام وتم العثور على جثثهم متجمدة أعلى الجبل.

منار غانم عضو المركز الإعلامي لهيئة الأرصاد الجوية، تؤكد أن من أكثر الآثار السلبية للإشاعات الخاصة بالطقس هي حال الاستعداد القصوى التي تتخذها الجهات الرسمية على مستوى الجمهورية بالكامل لمواجهة أي أحداث أو تقلبات جوية طارئة، وهي إجراءات تكلف ميزانية الدولة ملايين الجنيهات لتحريك المعدات الخاصة بمجابهة الأمطار والكوارث الطبيعية.

وأشارت إلى أن هناك ملايين الجنيهات تضيع على الدولة بسبب قيام بعض الشركات الخاصة ببيع معلومات عن الطقس والمناخ للمستثمرين وشركات الطيران من دون ترخيص، وهي النقطة التي يعالجها القانون الجديد بحيث يكون شراء المعدات الخاصة بمحطات الرصد الجوي أو ممارسة هذا النشاط مرهون بموافقة هيئة الأرصاد ويتم من خلالها بعد سداد الرسوم المقرر لخزانة الدولة، وهو ما يدعم تطوير البحث العلمي في مجال المناخ والطقس بتوجيه جزء من هذه العوائد للتدريب، مؤكدة أن هناك ضوابط جار إعدادها لمن سيحصل على تصريح بنشر أي بيانات خاصة بالطقس.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي