Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا غضبت "بي بي سي" والإذاعات الأميركية من وصف "ممولة حكوميا"؟

أثار تصنيف "تويتر" لهيئة الإذاعة البريطانية وغيرها في الولايات المتحدة جدلاً واسعاً ومطالبات بحذف العبارة من حساباتهم

علامة الطائر الأزرق على مقر شركة تويتر في سان فرانسيسكو (أ ب)

ملخص

فرضت إدارة #تويتر السابقة منذ عام 2020 تدابير للحد من انتشار المحتوى الذي تصدره "وسائل إعلام تابعة لحكومات" مثل روسيا والصين

بعد أيام من تغيير شعاره من الطائر الأزرق إلى كلب بني، عاد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى دائرة الجدل المفضلة منذ امتلاك رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك له قبل نحو عام، إذ أثار المدير التنفيذي لـ"تسلا" غضب بعض أكبر المؤسسات الإعلامية الغربية، من بينها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بعد أن تم تصنيفها "وسيلة إعلامية ممولة من الحكومة"، حيث تم إضافة الوصف إلى حساب "بي بي سي" الذي يتابعه 2.2 مليون شخص.

كما تم إضافة الوصف ذاته إلى حسابات محطات البث العامة الأميركية "بي بي أس" و"صوت أميركا" و"أن بي آر"، التي تسهم الحكومة في تمويلها. وعلى الرغم من إعلان الإذاعة الوطنية الأميركية "أن بي آر" التوقف عن استخدام حسابها على "تويتر" احتجاجاً على التصنيف، لم يتراجع "تويتر" عن القرار. وعقب التحديث، أصدرت "بي بي سي" بياناً موجهاً لإدارة "تويتر" رافضة الوصف وقالت، إن "بي بي سي كانت وستظل دائماً مستقلة. يتم تمويلنا من قبل الجمهور البريطاني من خلال رسوم الترخيص".

فيما رد ماسك على حسابه بـ"تويتر" قائلاً "نحن نهدف إلى أقصى قدر من الشفافية والدقة. وربما يكون الارتباط بالملكية ومصدر التمويل منطقياً. أعتقد أن المؤسسات الإعلامية يجب أن تكون مدركة لذاتها وألا تدعي زوراً الغياب التام للتحيز". وأضاف "في الواقع لا أعتقد أن هيئة الإذاعة البريطانية متحيزة مثل بعض وسائل الإعلام الأخرى الممولة حكومياً، لكنه من السخف أن تدعي بي بي سي وجود تأثير صفري... التأثير الحكومي البسيط في حالتهم ربما يكون دقيقاً".

تدابير تستهدف الأجندات السياسية

منذ عام 2020، فرضت إدارة موقع "تويتر" السابقة تدابير للحد من انتشار المحتوى الذي تصدره "وسائل إعلام تابعة لحكومات"، في خطوة استهدفت بشكل أساسي مؤسسات إعلامية روسية وصينية حيث قال المتحدث باسم "تويتر"، وقتها، إن وسائل الإعلام المعنية بالسياسة الجديدة للموقع تشمل وكالتي "سبوتنيك" الروسية و"شينخوا" الصينية. وجاءت التدابير في ظل مخاوف متزايدة في شأن حملات حكومية تهدف للتأثير على الانتخابات والرأي العام في دول أخرى عبر وسائل إعلام تخفي طبيعتها، ومن بينها الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016، التي كانت موضع تحقيقات واسعة في شأن تدخل روسي مزعوم.

وذكرت المنصة الأميركية آنذاك، أنها ستضع علامات مميزة جديدة على تلك الحسابات ولن "تواصل توسيع نطاق الانتشار" لتغريداتها عبر نظام الاقتراحات، ذلك بهدف تمييز حملات التأثير الحكومية والحد منها. وأضافت أنه "خلافاً للإعلام المستقل، كثيراً ما يستعمل الإعلام المرتبط بدول تغطيته الإعلامية كأداة لخدمة أجندة سياسية. نعتقد أن من حق الناس أن يعلموا حين يكون حساب مرتبطاً بدولة على نحو مباشر أو غير مباشر".

التصنيف يقوض الثقة

ربما ما أثار غضب "بي بي سي" وغيرها من وسائل الإعلام الأميركية، هو وضعهم في سلة واحدة مع وسائل إعلام روسية وصينية تتدخل الحكومات بشكل كبير في سياساتها وينظر إليها باعتبارها أدوات دعائية حكومية، وفي الوقت ذاته فإن سياسات "تويتر" تقوض انتشار تغريدات تلك الحسابات التي تحمل وصف "وسائل إعلام تابعة للدولة"، بخاصة أنه تم تصنيف "إذاعة صوت أميركا" و"أن بي آر" بأنها "وسيلة إعلامية تابعة للدولة" في البداية قبل أن يتم تغيير التصنيف إلى "وسيلة إعلام ممولة حكومياً".

وقال مراقبون غربيون، إن التصنيف يقوض الثقة في وسائل الإعلام المستقلة، كما أشار المدافعون عن حرية الصحافة إلى مخاوف في شأن الأمر. وقال فينسينت برتيير، رئيس مكتب التكنولوجيا لدى منظمة "مراسلون بلا حدود"، في بيان إن "الخلط بين وسائل الإعلام التي تخدم المصلحة العامة ووسائل الإعلام الدعائية أمر خطير، وهو دليل آخر على أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي ليست مؤهلة لتحديد ما هو صحافة وما هو ليس كذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق السياسة المعلنة المنشورة على مركز مساعدة "تويتر"، فإن هناك تصنفين "وسائل إعلام ممولة حكومياً" و"وسائل إعلام تابعة للدولة"، وتعرف الأخيرة بأنها منافذ تمارس فيها الدولة السيطرة على المحتوى التحريري من خلال الموارد المالية، والضغوط السياسية المباشرة أو غير المباشرة، أو السيطرة على الإنتاج والتوزيع. وقد يتم وضع ملصقات على الحسابات التي تنتمي إلى كيانات إعلامية تابعة للدولة، و/أو رؤساء تحريرها، و/أو كبار موظفيها البارزين".
وفي حالة الكيانات الإعلامية التابعة للدولة، لن يوصي "تويتر" بالحسابات التي تحمل هذه الملصقات إلى الأشخاص أو بتغريداتها أو يوسع من نطاق أي منها. في ظروف محدودة حيث يكون هناك خطر متزايد لوقوع الضرر، بما في ذلك المواقف التي تمنع فيها الحكومات الوصول إلى المعلومات على الإنترنت في سياق اندلاع نزاع مسلح، لن توصي "تويتر" أيضاً أو تضخم حسابات حكومية معينة أو تغريداتها مع هذه الملصقات.

مؤسسات تتمتع باستقلالية

ووفق مركز "تويتر" فإنه لا يتم تعريف المؤسسات الإعلامية التي تمولها الدولة والتي تتمتع باستقلالية تحريرية، مثل "بي بي سي" في المملكة المتحدة أو "أن بي آر" في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- على أنها وسائل إعلام تابعة للدولة لأغراض هذه السياسة.

وتعمل "بي بي سي" بموجب ميثاق ملكي متفق عليه مع حكومة المملكة المتحدة، يكرس استقلالها عن الدولة. وفي ما يتعلق بالتمويل، فبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن ما يقرب من ثلاثة أرباع الميزانية السنوية للشركة، البالغة 5.3 مليار جنيه استرليني، تأتي من رسوم ترخيص تلفزيونية سنوية قدرها 159 جنيهاً استرلينياً (197 دولاراً) للاشتراك الواحد، تدفعها الأسر البريطانية لمشاهدة البث التلفزيوني المباشر أو البث المباشر في بريطانيا.
ووفق موقع هيئة الإذاعة البريطانية، ينص ميثاق "بي بي سي" على أن الشركة "يجب أن تكون مستقلة"، لا سيما في ما يتعلق بـ"القرارات التحريرية والإبداعية، والأوقات والطريقة التي يتم بها تقديم إنتاجها وخدماتها، وفي إدارة شؤونها". ووفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، يبدو أن ماسك سيتراجع عن تصنيف هيئة الإذاعة البريطانية، إذ إنه قال إن "تويتر" ستغير الوصف.

ورد جون لانسينغ، الرئيس التنفيذي لـ"أن بي آر" على خطوة "تويتر" قائلاً، إن "هيئة الإذاعة الوطنية تعنى بحرية التعبير ومحاسبة الأقوياء. من غير المقبول أن يصفنا تويتر بهذه الطريقة. إن الصحافة الحرة القوية والحيوية ضرورية لصحة ديمقراطيتنا". وأشار إلى أن الهيئة تتلقى نحو واحد في المئة فقط من مواردها السنوية من الحكومة الفيدرالية، وهو ما أقر ماسك بأنه لم يكن واضحاً بالنسبة له واعداً بإعادة النظر في التصنيف.
وبالمثل أعربت إذاعة "صوت أميركا" عن احتجاجها على التصنيف الذي "يعطي انطباعاً بأن صوت أميركا ليست منفذاً مستقلاً"، بحسب بريدجيت سيرشاك مديرة العلاقات العامة لدى الإذاعة، التي أوضحت أن تمويل "صوت أميركا" يأتي من الحكومة الأميركية عبر الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، لكن استقلاليتها التحريرية محمية بواسطة اللوائح وجدار حماية.

وخلال الأشهر الأخيرة الماضية، تم تطبيق تصنيف "حساب إعلامي تابع للدولة" على حسابات عدد من الصحف المصرية القومية والخاصة مثل صحيفة "الأهرام" وصحيفة "اليوم السابع" و"الوطن"، ولم تبد إدارات الصحف المصرية اعتراضاً على ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات