ملخص
استمرار #القصف و #حرب_المدن في #الخرطوم و #الجيش "يغلق" باب التفاوض فكيف ستنتهي الحرب في #السودان؟
منذ أن خرج حوار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي من قاعات التفاوض إلى ميدان القتال، ومن الكلام إلى الرصاص عبر فوهات المدافع الرشاشة، السبت 15 أبريل (نيسان) الجاري، بدأت الحرب التي كانت نذرها تلوح منذ خلافات ورشة الإصلاح الأمني في إطار المرحلة النهائية للعملية السياسية، فكيف ستنتهي وما مآلاتها؟ وكيف ستنعكس على العملية السياسية والتحول الديمقراطي؟
حسم لا تفاوض
بينما لا تزال الاشتباكات والحرائق تتصاعد في الخرطوم ومناطق أخرى عدة، يشير عديد من المصادر إلى أن الجيش يرفض أي نوع من التفاوض مع قيادات قوات الدعم السريع، وفق ما نسب إلى الفريق الركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الانتقالي، وما تناقلته الأنباء على لسان السفير الروسي لدى الخرطوم، فلاديمير جيلتوف، وعلى رغم المبادرات الأفريقية والأممية والدولية والمحلية لوقف القتال الفوري، يبدو أن قيادة الجيش تراهن على قرب نهاية حسم الحرب بتفكيك وتلاشي "الدعم السريع".
في السياق يعتبر الأستاذ في معهد الدراسات الاستراتيجية والأمنية معتصم عبدالقادر أن "الحرب قد حسمت بالفعل في يومها الأول منذ منتصف نهار السبت، بخاصة بعد أن تدخل الطيران الحربي في دك معاقل قوات الدعم السريع". وأضاف "ما يجري الآن هو تمشيط لما تبقى من شتات قوات الدعم السريع".
وأشار عبدالقادر إلى أن "المعركة قد باتت محسومة، سواء في الخرطوم أو في الأطراف، لأن قوات الدعم السريع ليس لها أي حواضن شعبية في الولايات، ولم يتبق لها قدرات عسكرية أو تمويلية، فضلاً عن أن الجيش سيظل يطارد عناصرها في الأطراف". وتوقع أن "الحرب قد لا تنتهى إلا بنهاية قوات الدعم السريع وتفكيكها وتجريدها من السلاح، ومن ثم إفساح المجال أمام ترتيبات سياسية لتستمر على أساسها العملية السياسية للانتقال للحكم المدني، لكن وفقاً لوثائق وترتيبات ومبادرات جديدة وشركاء جدد، على نمط عسكري مدني مشترك تأسيساً على تجربة 1985 الانتقالية على أن تستمر لمدة عام أو عامين تجري بعدها انتخابات عامة في إطار الوصول للحكم المدني الديمقراطي".
وحول دور الإسلاميين في الحرب قال "قد يكون من صالح الإسلاميين إبعاد قوات الدعم السريع لأنها أسهمت في إبعادهم عن السلطة، ولكن الجيش كان حريصاً وواعياً بعدم ربط إجراءاته بأي اتجاه أيديولوجي أو سياسي".
طرف ثالث
من جانبه يشير المحلل السياسي عبدالمنعم مأمون إلى أنه ليس هناك في هذه الحرب الدائرة الآن أي خاسر سوى الشعب السوداني، مشيراً إلى أنه "في ظل نفي كل طرف واتهام الآخر ببدء القتال، يتواصل الحديث عن وجود طرف الثالث هو الذي أسهم في إشعال شرارة الاشتباكات، وتشير الأصابع إلى أنصار النظام السابق في حلمهم بالعودة إلى الحكم من جديد".
ويرى مأمون أن "مسألة تفكيك قوات الدعم السريع والقضاء عليها بصفة نهائية قد تبدو منطقية من الناحية النظرية، لكن ظلالها ستبقى طويلاً في الذاكرة السياسية والأمنية السودانية، بخاصة إذا أثبت الزمن والوقائع اللاحقة أن من كان خلفها جهة سياسية بعينها ظلت تؤجج نيران الحرب منذ فترة ليست بالقصيرة".
أما في حال فرضية صمود "الدعم السريع" وتحقيقها مكتسبات عسكرية، فيرى أن ذلك "ربما يفتح سيناريو آخر قد يقود إلى العودة للاتفاق الإطاري مرة أخرى واستكماله بتفاصيل مختلفة ومشاركة أوسع والالتزام بفترة انتقالية مدتها وتشكيل مؤسساتها"، مشدداً على أن "المطلوب في المرحلة الدامية الحالية العودة إلى صوت العقل، ومن ثم البحث عن إيجاد مخرج آمن للبلاد".
قصف وملاحقات
ميدانياً، تجولت "اندبندنت عربية" بمنطقة حي المهندسين في أم درمان، المواجه لسلاح المهندسين، الذي ظل يشهد طوال ليل السبت تبادلاً لإطلاق النار وملاحقات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط وجود متاريس وحواجز وترابية وتأهب وسط صفوف الجيش السوداني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال الجولة، استوقفتنا إحدى النقاط العسكرية، وقامت بتفتيش العربة، ومن ثم طالبتنا بالعودة مع تحذيرنا من بعض الشوارع التي يرجح وجود قناصين على أسطح بعض المباني فيها، وكانت أصوات الاشتباكات لا تزال تسمع بقرب سلاح المهندسين حتى مساء يوم الأحد 16 أبريل.
وفيما أكد الجيش السوداني استمرار الاشتباكات في بعض المناطق، يؤكد أيضاً اتجاه الأوضاع نحو الاستقرار، بخاصة بعد سيطرته على أكبر قواعد الدعم السريع في منطقة كرري بأم درمان، وكذلك سيطرته على مقار ومعسكرات "الدعم السريع" في كل من بورتسودان وكسلا والقضارف، شرق البلاد، والدمازين بإقليم النيل الأزرق وكوستي بالنيل الأبيض وكادوقلي بجنوب كردفان، وفق ما أعلن. وحذر، مساء الأحد، من لجوء قوات الدعم السريع إلى القصف العشوائي على الأحياء والمنشآت الحيوية بغرض إثارة الفوضى والرعب وسط المواطنين.
من جانبها، تقول قوات الدعم السريع إنها تحكم سيطرتها على برج "القوات البحرية بالقيادة العامة للقوات المسلحة" والقصر الجمهوري، وسط الخرطوم، في ظل نفي متكرر لتلك الأنباء من جانب الجيش.
وتزامناً مع إعلان عبدالفتاح البرهان حل قوات الدعم السريع قصف سلاح الطيران للمرة الثانية، فجر الأحد، أحد أكبر معسكرات هذه القوات في منطقة صالحة، جنوب غربي أم درمان، فيما تواصلت أصوات الاشتباكات والمطاردات بحي المهندسين، وفق شهود عيان. وأمضى السكان ليلتهم على الأرض أو مختبئين تحت الأسرة.
تفاقم الوضع الإنساني
بينما تمضي الأوضاع الإنسانية في التفاقم التدريجي، سواء بالنسبة للأشخاص العالقين في الخرطوم ومدن العاصمة الأخرى، ومع تناقص قدرة المواطنين في الحصول على احتياجاتهم اليومية من الغذاء والدواء نتيجة إغلاق المتاجر والصيدليات وصعوبة الوصول إلى المستشفيات، أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاق بين الجيش و"الدعم السريع" على فتح ممرات إنسانية لمدة تتراوح بين ثلاث وأربع ساعات، أمس الأحد.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الأحد، مقتل 83 شخصاً على الأقل وجرح أكثر من 1126 في السودان منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقالت المنظمة في بيان إن الإمدادات الطبية التي وزعتها على المرافق الصحية قبل التصعيد الأخير بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع استنفدت.
تحذير من حرب أهلية
إلى ذلك، حذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك في كلمة له من مغبة انزلاق البلاد إلى حرب أهلية إذا طال أمد القتال الدائر، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار، حيث لا تزال الفرصة سانحة مع ضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة تسمح للمواطنين بتدبير أمر احتياجاتهم المعيشية. وشدد حمدوك على أنه لا بديل سوى الجلوس في حوار من أجل حل يرضي المواطنين، وطالب المجتمع الدولي بممارسة وتأمين كل المساعدات الإنسانية للسودانيين.
بدوره، دعا المتحدث باسم قوى الاتفاق الإطاري خالد يوسف إلى الوقف الفوري للحرب من دون تأخير لأن الدولة في أضعف حالاتها وأكثرها هشاشة، ولن تصمد أمام هذا العنف المتصاعد.
وأمل يوسف أن تستجيب قيادة الجيش السوداني و"الدعم السريع" لنداءات وقف الحرب والجنوح للحل السلمي، مؤكداً أن القوى المدنية الديمقراطية تعمل على تجاوز انقساماتها والإمساك بزمام المبادرة والتوحد لإنقاذ البلاد من مصير مظلم ينتظرها.