Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تعمل مؤسسات التصنيف الائتماني وسط اضطراب الأسواق؟

الحكومات والمؤسسات تحتاج إليها والمراقبون لهم مآخذ على قرارتها في التقييم وطاولتها الانتقادات تزامناً مع الأزمة المالية 2008

يعتبر التصنيف الائتماني نتيجة تقييم المؤسسة المصنفة القدرة المالية للحكومات والهيئات والشركات (أ ف ب)

ملخص

يعني #مستوى_التصنيف مدى ثقة المؤسسة المصنفة في قدرة المقترض على الوفاء بالتزامات #الدين_كاملة

لا يهتم كثيرون بأخبار "خفض" أو "رفع" التصنيف الائتماني باعتبارها أخباراً متخصصة جداً، لا تهم إلا المعنيين بالاقتصاد والسوق، على رغم أن تلك الأخبار في النهاية تؤثر في الحياة اليومية للأفراد بشكل غير مباشر، إذ إن التصنيف الائتماني للدين، سواء السيادي لحكومة دولة أو للمؤسسات والشركات، يعني الكثير لقدرة ذلك الكيان على الاقتراض لتمويل ميزانيته في حالة الحكومات، ونشاطه وأعماله في حالة المؤسسات والشركات، وينعكس ذلك بالتالي على توافر السلع والخدمات التي تمثل الحاجات الضرورية للمواطنين.

فمن يقوم بمهمة التصنيف الائتماني؟ وكيف؟ وما تأثير ذلك في الحكومة أو الشركة التي يتم تصنيفها؟ وفي نهاية الأمر لماذا يعنينا هذا التقييم؟

أهمية التصنيف

يعتبر التصنيف الائتماني نتيجة تقييم المؤسسة المصنفة القدرة المالية للحكومات والهيئات والشركات، خصوصاً مدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بأصل الدين، وكلفة خدمته من فوائد وغيرها.

ويعني مستوى التصنيف مدى ثقة المؤسسة المصنفة في قدرة المقترض على الوفاء بالتزامات الدين كاملة. وعلى أساس هذا التصنيف يستطيع المقترض التعامل في أسواق المال الأولية والثانوية، للحصول على التمويل عبر إصدار السندات وأوراق الدين المختلفة، أو حتى الاقتراض من مقرضين مؤسساتيين أو من دول وأفراد بشكل ثنائي.

 كما أن المستثمرين يعتمدون أيضاً على التصنيف الائتماني في تعاملاتهم بيعاً وشراءً للسندات وأوراق الدين المختلفة في الأسواق، بل إنه حتى في الاستثمار المباشر تعتمد الشركات والصناديق المختلفة على التصنيف الائتماني للدولة أو الشركة التي سيضعون أموالهم فيها.

كما أن البنوك والمؤسسات المالية التي تقرض تعتمد على التصنيف الائتماني للمقترض في تقدير ما ستفرضه من فوائد على الديون والسندات، وكذلك تفعل مؤسسات مالية أخرى مثل شركات التأمين في حساب الكلفة على تلك الأوراق المالية المتعلقة بالدين المصنف.

صحيح أن هناك جهات أخرى تقوم بالتصنيف في ما يتعلق بتحديد الفوائد والضمانات لقروض البنوك وأقساط التأمين لشركات التأمين، لكن التصنيف الائتماني الصادر عن مؤسسات التصنيف العالمية يعد أكثر دقة، آخذاً في الاعتبار قدرتها على الوصول إلى بيانات وأرقام ومعلومات لا تكون في الأغلب متاحة بشكل عام لغيرها.

وكالات التصنيف

يصدر التصنيف الائتماني عن وكالات الائتمان التي تشترك فيها الحكومات والمؤسسات والشركات، ومع أن هناك عدداً كبيراً من الوكالات، إلا أن سوق التصنيف الائتماني العالمية تهيمن عليها ثلاث مؤسسات رئيسة وهي "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" و"موديز".

 وتهيمن مؤسستا "موديز" و"ستاندرد أند بورز" ومقرهما في الولايات المتحدة على نسبة 80 في المئة من سوق التصنيف الائتماني العالمية، بينما مؤسسة "فيتش" ومقرها في أميركا ولندن تحظى بنسبة 15 في المئة من السوق، بينما هناك مؤسسات صغيرة أخرى، أغلبها محلية، تغطي نسبة الخمسة في المئة المتبقية من سوق التصنيف الائتماني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعني حصة كل مؤسسة من السوق عدد الحكومات والهيئات والمؤسسات والشركات المشتركة في كل مؤسسة، ويدفع هؤلاء العملاء اشتراكات لتلك المؤسسات كي تقوم بتصنيف ديونهم، أي وضعها الائتماني.

 ففي النهاية وكالات التصنيف هي شركات تحليل بيانات، وتستخدم اقتصاديين ومحللين ماليين متخصصين في التقييم، وتعد الاشتراكات والأعمال والمستثمرون الذين يستفيدون من نشاطاتها الأخرى المصدر الأساسي لدخل الوكالات.

وتتمثل النشاطات الأخرى لمؤسسات التصنيف الائتماني، غير تصنيف الديون السيادية وديون الشركات، في إصدار تقارير التحليل المالي وتقدير الأخطار للقطاعات الاقتصادية المختلفة وتقارير كفاءات التشغيل للشركات وموقع أي شركة في قطاعها الاقتصادي المعين، إضافة إلى تقرير الوضع المالي للكيانات ومرونتها المالية وتقييم إدارتها، إلى جانب خدمات أخرى بحسب الطلب.

وتستفيد تلك المؤسسات الكبرى من وصولها إلى معلومات وبيانات لا تتوفر لغيرها، تقدمها لها الدول والكيانات المشتركة في خدمة التصنيف التي تصدرها، بالتالي يعتمد عليها المقرضون والمستثمرون بشكل عام في وضع خططهم المستقبلية.

تأثير التصنيف

تستخدم وكالات التصنيف رموزاً بالحروف اللاتينية لتحديد التصنيف الائتماني لسندات الدين وغيرها من أدوات الاقتراض للحكومات والهيئات والمؤسسات والشركات.

وهناك تباين طفيف بين تلك الرموز التي تستخدمها الوكالات الثلاث الرئيسة في العالم، إذ تشير الرموز الأعلى إلى أن الوضع الائتماني للكيان المصنف ممتاز بالتالي يسهل عليه الاقتراض ويتشجع المستثمرون على وضع أموالهم لديه، ثم تأخذ تلك الدرجات في الانخفاض حتى مستوى معقول، أما الرموز الأدنى من المتوسط فتشير إلى أن قدرة الكيان على الوفاء بالتزامات ديونه متدهورة بالتالي يصعب عليه الاقتراض حتى إن إعادة جدولة ديونه تصبح أعلى كلفة.

 ثم في آخر القائمة رموز متدنية جداً تعني أن المقترض لا يستحق الإقراض، وغالباً ما يصدر ذلك التصنيف للكيانات التي تتخلف عن سداد التزاماتها.

وحين يتعلق الأمر بتصنيف الدين السيادي فإن درجة التصنيف تعني قدرة الحكومات على الاقتراض من الأسواق الدولية أو المحلية حتى، لتمويل ميزانياتها، وهناك أيضاً كيانات حكومية تخضع للتصنيف مثل البلديات وحكومات الأقاليم وبعض المؤسسات والهيئات الرسمية.

على صعيد الشركات تعني درجة التصنيف قدرة الشركة على إصدار سندات دين في السوق لتمويل نشاطها وعملياتها أو توسعاتها، بالتالي فدرجة التصنيف هي العامل الأهم في قدرة كل الكيانات المصنفة للحصول على التمويل.

صحيح أن ذلك التمويل الرأسمالي هو مهمة مسؤولي المالية في الحكومات والشركات لكنه في النهاية ينعكس على الاقتصاد بشكل عام بالتالي على متطلبات حياة البشر العاديين اليومية. ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في الدول النامية التي تعتمد على الاقتراض لتمويل نشاطها الاقتصادي.

مخاوف وانتقادات

في الأزمة المالية العالمية عام 2008 برزت انتقادات قوية لمؤسسات التصنيف الائتماني العالمية التي منحت مشتقات استثمارية بلا قيمة تصنيفاً ائتمانياً مرتفعاً، وكان ذلك واضحاً في انهيار بنك "ليمان براذرز" الذي أطلق شرارة الأزمة المالية حول العالم، إذ كان تصنيف المؤسسات الدولية لشهادات ضمان القروض العقارية من فئة جيدة جداً، بينما كانت السوق العقارية على وشك الانهيار بالتالي أصبحت تلك الأوراق المالية لا تساوي الحبر الذي كتبت به.

ومنذ ذلك الحين تكررت الانتقادات لمؤسسات التصنيف الائتماني بأن قدرتها على التقدير والتوقع غالباً ما تخضع لعوامل غير دقيقة أو بعيدة من الواقع، كما أن هناك مخاوف دائمة من قبل المقرضين والمستثمرين بوجود "تضارب مصالح"، إذ إن مؤسسات التصنيف يدفع لها من يشتركون فيها بغرض تصنيفهم ائتمانياً، بالتالي يمكن لبعض المشتركين "شراء" تصنيفات جيدة لا تستند إلى وضع مالي واقتصادي جيد.

وغالباً ما تظهر تلك المخاوف في حالات الطرح الأولي لأسهم الشركات التي ترغب في تقدير قيمتها السوقية بشكل أعلى وتريد تصنيفاً ائتمانياً جيداً، وكذلك في حالات طرح سندات التمويل من قبل الكيانات المقترضة في سوق السندات، وعادة ما تلجأ البنوك المقرضة أو المستثمرون في الأسهم والسندات إلى تقييم آخر، لكن في النهاية لا عوض عن التصنيف الائتماني من المؤسسات الدولية الكبرى التي توفر الجهد والوقت والكلفة المطلوبة للفحص المتأني لتاريخ وسجلات المقترض.