ملخص
تحدث رئيس حكومة #المملكة_المتحدة ريشي سوناك مع رئيس وزراء #الهند حول اتفاقية #التجارة_الحرة بين البلدين، والتي يمكن أن توفر دفعة اقتصادية بعد #بريكست.
أجرى رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك محادثات هاتفية مع نظيره الهندي ناريندرا مودي، ركزت على اتفاق التبادل التجاري الحر البطيء الخطى بين البلدين الذي ثمة مساع حميدة كثيرة في شأنه. ومع ذلك، تعقدت العلاقة بسبب مجموعة من المسائل، من بينها الخلاف حول هيئة الإذاعة البريطانية، وبعض مشاعر السخط المتصلة بالتاريخ التي برزت إلى الواجهة مع التتويج المقبل للملك تشارلز. وسيلتقي الزعيمان وجهاً لوجه في "قمة مجموعة السبع" G7 التي تستضيفها اليابان الشهر المقبل، كذلك في "قمة مجموعة العشرين" G20 التي تعقد في الهند في وقت لاحق من العام الحالي.
ما كان الغرض من المحادثة الهاتفية؟
باختصار، صفقة تجارية بين البلدين. بلغت قيمة التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة والهند 34 مليار جنيه استرليني عام 2022- في نمو بمقدار 10 مليارات جنيه استرليني على أساس سنوي- وتعتبر القوة الاقتصادية العظمى الناشئة أفضل رهان بالنسبة إلى بريطانيا في مرحلة ما بعد "بريكست" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) لربط نفسها بأحد الاقتصادات الكبرى. الفوائد طويلة الأجل التي ينطوي عليها اتفاق التجارة الحرة مع الهند ربما تفوق بأشواط منافع "اتفاق الشراكة الشاملة التقدمية عبر المحيط الهادئ" (CPTPP)، والمعروف أيضاً باسم "الكتلة التجارية بين الهند والمحيط الهادئ". ومع كون فرص إبرام صفقات التجارة الحرة مع أميركا والصين احتمالاً بعيداً في أحسن الأحوال، فإن الصفقة الهندية ستشكل فائدة ملموسة لـ"بريكست" بالنسبة إلى سوناك، وهو مخلص ومؤيد قديم العهد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفق القراءة الرسمية للمحادثات، "تباحث الزعيمان في الفرص المهولة التي ستوفرها الصفقة التجارية للشركات والمستهلكين الهنود والبريطانيين"- ونعم، ربما يحظون بذلك. ينبغي على البلدين كليهما تسريع وتيرة النمو المستدام، وفتح فصل جديد في تاريخ متقلب يعود إلى الوراء مئات السنين.
يأمل دبلوماسيون بريطانيون أيضاً في حشد الدعم الهندي ضد أجندة الصين التوسعية وتقديم مساعدة مجدية أكثر لأوكرانيا ووضع حد لملاحقة مودي الأخيرة لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" في الهند لمجرد قيامها بعملها. الأفضل بالنسبة إلى المملكة المتحدة أن تنضم الهند إلى اليابان وكوريا الجنوبية في المقاومة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الطموحات الإقليمية الصينية في المنطقة، ولكن الهند تبقي خياراتها مفتوحة وتضع مصلحتها أولاً.
ما هي المشكلة في التجارة الحرة؟
دأبت الهند على صد الوافدين الأجانب في قطاعات مثل الخدمات وتجارة التجزئة، وبشكل عام فإن توجيهات "ترخيص راج" تعقد العمل في المشاريع والأعمال التجارية، خصوصاً بالنسبة إلى الغرباء.
لكن هذه ليست أكثر العقبات وعورة. لولا المشكلة الصعبة المتمثلة في تأشيرات المملكة المتحدة للطلاب والخريجين الهنود الذين يدخلون سوق العمل البريطانية، لكان ممكناً إبرام اتفاق تجارة حرة منذ أعوام. ولكن، في منصب رئيسة للداخلية ولاحقاً رئيسة للوزراء، رفضت تيريزا ماي تأييد تسهيل منح الشباب تصاريح للمجيء إلى بريطانيا بقصد الدراسة أو العمل، وما زال قائماً عداء حزب المحافظين لأي هجرة، وليس آخراً موقف وزيرة الداخلية الحالية سويلا برافرمان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ألا ترى بريطانيا والهند العالم بالطريقة نفسها؟
يحكم البلدين كليهما نظام ديمقراطي، وكلاهما عضو في دول "الكومنولث"، وإلى حد ما يتحدثان بلغة مشتركة، ويستمتعان بلعبة الكريكيت ومذاق الكاري والشاي، ولكن لطالما كانت للهند نظرة إلى العالم مختلفة عن بريطانيا. طوال أعوام بعد الاستقلال في 1947، كانت الهند عضواً قيادياً في "حركة عدم الانحياز"، وإن كانت أكثر صداقة لروسيا من أميركا (التي كانت تميل إلى التحالف مع باكستان المنافسة) أو الصين (حيث أدت النزاعات الحدودية حول جبال الهيمالايا والتنافس على النفوذ الإقليمي إلى توتر العلاقات لفترة طويلة).
الآن، تنجذب الهند إلى تكتل فضفاض يضم أيضاً الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، واستفادت من رئاستها الحالية لـ"مجموعة الـ20" لبناء تلك الرابطة. يعني ذلك أن موقف الهند من الحرب في أوكرانيا خرج عن الحياد على نحو غير حميد (بالنسبة إلى بريطانيا) لتقدم المساعدة الفاعلة لروسيا في التغلب على العقوبات الغربية عن طريق شراء النفط الروسي.
هل هذه علاقة متساوية؟
مع ازدهار الاقتصاد الهندي في وقت تكابد بريطانيا الركود، يزداد اختلال التوازن في العلاقة بين البلدين. يعتمد كثير من الصناعات الأكثر أهمية في بريطانيا على الاستثمار الهندي، من بينها صناعة الصلب والعلامات التجارية الشهيرة مثل "جاغوار لاند روفر" و"شاي تيتلي". تبدو مهولة الإمكانات المتاحة لتعزيز التجارة في رأس المال والمنتجات والخدمات والمهارات.
ومع ذلك، يستند واقع التجارة إلى توازن القوة الاقتصادية، ومالت الكفة بقوة نحو الهند منذ أن تخلت حكوماتها عن عقود من الاشتراكية الحمائية ذات النكهة الهندية واعتنقت العولمة بشكل أو بآخر. مع الأخذ في الاعتبار تقلبات أسعار الصرف وجمع البيانات، يحتل الاقتصاد الهندي المرتبة الرابعة في العالم، وهو أكبر بمرتين إلى ثلاث مرات من اقتصاد المملكة المتحدة الذي يحتل المرتبة الـ10، ويقترب من فرنسا. دخل الفرد في المملكة المتحدة أعلى، بالنظر إلى الاختلاف الهائل في عدد السكان، ولكن يكتسي الثقل المهول للإنتاج الهندي وحجم السوق أهمية كبيرة في المحادثات التجارية والمشهد الجيوسياسي.
ماذا ينتظرنا في المستقبل؟
مودي ذو التوجه القومي المتشدد لن يحضر حفل تتويج الملك تشارلز (على عكس حفل تتويج الملكة إليزابيث الثانية عام 1953 الذي حضره جواهر لال نهرو) وسيحضر رئيس الهند بدلاً منه. قرر قصر باكنغهام ترك التاج الذي يحمل ألماسة "كوهينور" الهندية في برج لندن من دون أن ترتديها الملكة كاميلا، تجنباً لإثارة التوترات في شأن نهب ثروات الهند من جانب الإمبراطورية البريطانية. تريد الهند أن تستعيد ألماستها، ولا يبدو أنها مفيدة بالنسبة إلى بريطانيا بما يتجاوز جاذبيتها كتذكير قلما يلمح إلى ماض إمبراطوري تلاشى منذ فترة طويلة. مر أكثر من قرن منذ أن أعقب ملك بريطاني التتويج في كنيسة وستمنستر أبي باحتفال "دلهي دوربار" كبير مماثل، حيث يمكن للأمراء الهنود أن يكرموا إمبراطور الملك- وهي مشهدية من العلاقات لا يسعنا تصورها من هذه المسافة. ربما يسع البريطانيون أن يعقدوا صفقة على الماسة الشهيرة الآن؟
© The Independent