ملخص
هذا الخرق الواضح للهدنة من قبل #طرفي_الصراع في #السودان أثار تساؤلات كثيرة، فما الأسباب الحقيقية لعدم الالتزام بوقف إطلاق النار على رغم التأكيدات الصادرة من الجانبين؟
على رغم إعلان طرفي القتال في السودان (الجيش والدعم السريع) ثلاث مرات متتالية هدنة لوقف إطلاق النار موقتاً، آخرها لمدة ثلاثة أيام حتى يستطيع الشعب السوداني الاحتفال بعيد الفطر، فإن دوي الرصاص لا يزال يتردد بكثافة في كل مناطق العاصمة المثلثة (الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان)، وهو ما عقد مشهد الحياة فيها وجعل مواطنيها في حيرة من أمرهم، حيث اشتدت عليهم المصاعب في ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء والمياه وإغلاق المحال التجارية والمخابز، فضلاً عن توقف معظم المستشفيات نتيجة تعرض بعضها للقصف العشوائي.
هذا الخرق الواضح للهدنة من قبل الطرفين أثار تساؤلات كثيرة، فما هي الأسباب الحقيقية لعدم الالتزام بوقف إطلاق النار على رغم التأكيدات الصادرة من الجانبين؟
خروق متوقعة
يقول عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين معتصم العجب إن "مسألة الالتزام بالهدنة في المعارك التي يكون مسرحها المدن والمناطق السكنية صعب جداً، والمشكلة أنه لا توجد خطوط واضحة، فخروق الهدنة في الغالب تكون لتجميع القوات في مكان واحد وإعادة تنظيمها وتشكيلها من جديد، فضلاً عن توفير المؤن والعتاد، وتكون تحركات هذه القوات بطريقة غير عدائية، لكنها تغطي نفسها من خلال إطلاق النيران حتى لا يهجم عليها العدو، لذلك فمثل هذه الهدنة تختلف عن هدنة المعارك التقليدية التي تكون فيها خطوط فاصلة بين الطرفين بموجب خرائط معروفة، وحينما يتفقان على وقف لإطلاق النار موقتاً يكون هناك خط ومسار يلتزم به كل طرف، بالتالي فإن ما حدث من خروق في الهدنة مسألة متوقعة وعادية في حروب المدن، لكن من خلال متابعتي للساعات الماضية أعتقد أن هناك هدوءاً نوعاً ما، وهو أمر يحتاج إليه الطرفان بسبب الإنهاك الشديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتابع العجب "بالنسبة إلى الموقف الميداني، فإن الجيش السوداني حين شعر بأن قواته التي كانت تشارك في هذه المعركة غير كافية دفع بقوات كبيرة من مناطق مختلفة بالبلاد لفك الحصار عن الخرطوم وتمشيطها لدحر قوات الدعم السريع وطردها خارج العاصمة، وهو الأمر الذي رجح كفة القوات المسلحة السودانية التي بدأت تظهر كفاءتها، مما يدل على أن التخطيط لهذه الحرب كان متعجلاً وخاطفاً، في حين لم تتمكن قوات الدعم السريع من الحصول على الدعم اللوجيستي والإمداد بسبب تهديدات الطيران الحربي، فضلاً عن تباعد الخطوط والمسافات بين تلك القوات".
وزاد عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين بأن "حسم المعركة عسكرياً أمر صعب جداً، كونها أشبه بحرب عصابات تعتمد على الكر والفر مثلما حدث في مطار مروي، فمهما يكن لديك من أعداد كبيرة من القوات لا بد من تمتعها بمستوى عالٍ من التدريب الخاص على مثل هذه الحروب".
ميزان القوى
في السياق، يوضح النائب العام الأسبق في السودان عمر عبدالعاطي "معلوم أن الهدنة هي اتفاق بين طرفين بينهما اقتتال، لكن واضح أن الجيش السوداني يرفض هذه الفكرة لأنه يعتقد أن الطرف الآخر حينما اقترح الهدنة بداية لمدة 24 ساعة كان في وضع مهزوز على أرض المعركة، ويريد أن يستفيد منها في الحصول على الإمداد لقواته التي تعاني، سواء في التموين أو السلاح".
ويضيف "في اعتقادي أن الطرفين يعرفان بعضهما جيداً، بخاصة في الجانب التكتيكي والنوايا، لذلك فإن كل طرف يحاول أن يلقي باللوم في خرق الهدنة على الآخر، لكن إجمالاً فإن الإثنين خرقا الهدنة ولم يلتزما بما وافقا عليه خلال بياناتهما، وهو ما أكدته الأمم المتحدة عبر بعثتها الموجودة في الخرطوم، بالتالي أصبح الضحية هو الشعب السوداني الذي يعيش رعباً لم يشهده من قبل ولم يكن يتوقعه، فضلاً عما يعانيه من وضع مأسوي بسبب انعدام الكهرباء والمياه والتموين".
ويمضي قائلاً "الشيء المهم الذي نلاحظه من خلال سير هذه المعارك أن الجيش أكثر تنظيماً وتواصلاً في جانب السيطرة والقيادة، بينما ظلت قوات الدعم السريع بعيدة من أي جانب تنظيمي، حيث فقدت التواصل مع قيادتها وتعمل بصورة عشوائية أفقدتها السيطرة والتحكم، وهو أمر مهم للغاية من ناحية معرفة سير الحرب وعمليات التنسيق وكافة الجوانب الفنية والتكتيكية".
وأردف النائب العام الأسبق "أكاد أجزم بأن القتال الدائر الآن بين القوتين لن يتوقف بهذه السهولة لأسباب عدة، من أهمها أن قوات الدعم السريع أصبحت تقاتل من دون نظام وتحكم من قبل القيادة، مما جعلها في حال تشتت، كما أن من المتوقع أن تستعيد هذه القوات قواها من جديد حال تراجعها من أجل مواصلة القتال مهما كلفها ذلك من ثمن".