ملخص
الفنان المصري عادل العمدة استغل مخلفات #النخيل وأعاد تدويرها لإبراز وتوثيق تراث محافظة #الوادي_الجديد
علاقة فريدة تجمع بين أبناء المناطق الصحراوية وأشجار النخيل باعتبارها مفردة رئيسة وجزءاً لا يتجزأ من حياة الناس بصور مختلفة،.
من قرية تنيدة بمحافظة الوادي الجديد جنوب مصر (800 كيلومتر جنوب القاهرة) التي تعد أكبر محافظات البلد من حيث المساحة، استغل الفنان عادل العمدة مخلفات النخيل وما ينتج من تهذيبه بشكل دوري، إضافة إلى الجذوع المنتشرة بالمنطقة في أعمال فنية تعكس الطابع الثقافي للمحافظة من خلال النحت على جذوع النخل في فن يجمع بين القيم الجمالية والطابع البيئي ومفهوم الاستدامة من خلال إعادة تدوير هذه المخلفات التي كان يتم التخلص منها أحياناً بشكل يضر البيئة.
وقدم الفنان أعمالاً فنية متنوعة مستوحاة من التراث الثقافي للمنطقة لتوثق مشاهد مختلفة تعكس شكل وطبيعة الحياة المميزة للمكان لتشكل كل منحوتة تجربة فنية تراثية متكاملة بأنامل فنان فطري من أبناء الوادي الجديد.
تراث أصيل للواحات
عن فن النحت على جذوع النخيل، قال الفنان عادل العمدة لـ"اندبندنت عربية" إن "النخيل يتوافر بكثرة في الوادي الجديد ولا يتم استغلال بعض أجزائه التي قد يتم التخلص منها بشكل قد يضر البيئة، في حين أنه من الممكن استخدامها في أشياء تضيف لها قيمة وتحولها إلى قطع فنية مميزة تحقق قيمة تجمع بين الجانب الفني والبيئي وفي الوقت ذاته تعرف بتراث محافظة الوادي الجديد".
وأضاف "هناك حالة من الارتباط الروحاني بين كثير من المصريين والنخلة، خصوصاً في المناطق التي تتميز بالنخيل وتشتهر به مثل الواحات، فالنخلة هنا هي جزء من البيئة ومن حياة الناس، بالتالي علاقتهم بها تكون متفردة ومميزة وأي فن تراثي ذي علاقة بالنخلة سيكون موضع تقدير باعتباره يمثل جزءاً رئيساً من الثقافة العامة للمجتمع المحيط والبيئة المحلية".
منحوتات من وحي البيئة
المنحوتات الفنية على جذوع النخل تمر بمراحل متعددة حتى تخرج في شكلها النهائي تتم جميعها بشكل يدوي بالكامل وباستخدام أدوات بسيطة وتستلهم من تراث المنطقة لتحمل كل قطعة جزءاً من تاريخ وتراث الوادي الجديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار العمدة إلى أنه "يتم تهذيب النخل مرة كل عام وتقطع أجزاء منه، إضافة إلى الجذوع المتوفرة بكثرة في المنطقة، وبعدها تتم تهيئة الخامات بحيث تصبح صالحة للعمل عليها وتنفيذ الأشكال الفنية المختلفة التي أحرص دائماً على أن تكون من وحي البيئة والتراث، فنفذت منحوتات تعكس شكل البيوت والمعمار التراثي المميز للواحات، ونفذت موتيفات من وحي البيئة على جذوع النخل، وقمت بنحت تماثيل لأشخاص بالزي التراثي لأهل قريتي والقرى المجاورة، فالهدف ليس فقط تقديم عمل فني، لكن تقديم تراث الوادي الجديد، سواء من خلال الخامة المستخدمة أو المصادر التي يتم تنفيذ العمل من وحيها".
وأوضح أن "كل مراحل العمل من البداية للنهاية تتم بالكامل بشكل يدوي وباستخدام أدوات بسيطة مثل المنشار والقادوم والأزميل والمبرد، وكل قطعة تحمل رسالة معبرة عن تراث المنطقة وقيمها، فالمنازل التراثية بأهلها تعكس الترابط وقيم الأسرة وعاداتها، والمناظر الطبيعية تعكس طابع المكان وسماته الفريدة، فأحد أهداف كل قطعة هو توثيق جزء من تراث الوادي الجديد إلى جانب القيمة البيئية بتحويل هذه القطع إلى أعمال فنية عبر إعادة تدويرها، ويختلف الوقت الذي تستغرقه كل قطعة حتى الوصول إلى شكلها النهائي بحسب الحجم والتفاصيل".
دعم الحرف التراثية
كثير من الحرف التراثية على رغم قيمتها ودقة صنعتها، إضافة إلى تمثيلها لجزء مهم من التراث والتاريخ في كل منطقة، يعاني القائمون عليها في بعض الأوقات من مشكلات مثل صعوبة التسويق أو قلة عدد العاملين في المجال ذاته، مما يهدد بقاءه واستمراره ويبذل بعضهم جهوداً فردية للعمل على الحفاظ على هذه الفنون واستمرارها.
وقال العمدة "أشارك أحياناً في معارض تهتم بالحرف التراثية في القاهرة وأجد تفاعلاً كبيراً جداً من الناس بهذا الفن وتقدير لفكرة أنه يجمع بين الجانب البيئي والفني، إضافة إلى أنه من وحي التراث، وهذا التشجيع الذي نلاقيه من الجمهور دائماً يمنحنا دفعة كبيرة للاستمرار والسعي إلى التطوير وتقديم الأفضل من أجل تقديم منتج مصري تراثي يلاقي إعجاب المصريين ويمكن الخروج به للعالم الخارجي عن طريق السياح الوافدين لمصر يقبلون على شراء المنتجات التراثية على اختلاف أنواعها".
وأضاف "بشكل عام الحرف التراثية تحتاج إلى دعم وإلى مساعدة من جهات تهتم بالتسويق وبالعمل على تنظيم ورش عمل أو دورات تدريبية لتعليم مثل هذه الفنون لأجيال جديدة حتى تتمكن من الاستمرار باعتبارها جزءاً أساسياً من تراثنا، وكثير من القائمين على هذه الحرف التراثية أفراد أو مشاريع صغيرة لا تستطيع القيام بهذه الأمور بشكل منظم".