سمير جعجع: بشار الأسد جثة سياسية

تبين في الاجتماع العربي الذي عقد في جدة لبحث عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية المعلقة عضويتها منذ عام 2011، أن من دون هذه العودة عقبات. ورسمت زيارة وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان إلى دمشق، بعد قطيعة استمرت 12 عاماً، حدود العلاقة الثنائية وشروطها. وبدا واضحاً أن المطلوب من رئيس النظام السوري بشار الأسد قبل الذهاب بعيداً في استئناف العلاقات العربية معه، القيام بخطوات جدية لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي تداعياتها وتحقق المصالحة الوطنية، وتوفر البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى كل المناطق. ومن الخطوات أيضاً تهيئة الظروف المواتية لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، وصولاً إلى اتخاذ الإجراءات التي تدفع نحو استقرار الأوضاع على كل الأراضي السورية. في لبنان استعجل أصدقاء سوريا إعلان انتصار "محور الممانعة"، وقرأوا في زيارة بن فرحان إلى دمشق والاتفاق السعودي - الإيراني ما يصب في مصلحتهم في اللعبة الداخلية. وكثر الحديث عن ارتفاع حظوظ سليمان فرنجية مرشح "حزب الله" وصديق رئيس النظام السوري بشار الأسد. في المقابل شككت معظم "القوى السيادية"، المناهضة لنظام الأسد بكل السيناريوهات التي حاول حلفاء الأسد تسويقها. وبدا لافتاً فصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، اتفاق "بكين" عن مسار استعادة العلاقة الثنائية بين الرياض ودمشق، فيما تحدث النائب المعارض أشرف ريفي في حديث لـ"اندبندنت عربية" عن أوهام "الانتصار الإلهي" لدى الأنظمة التوتاليتارية.   

سوريا تحاول التقارب مع السعودية منذ 2015  

وفي حوار على تلفزيون "الجديد" انتقد جعجع التفسيرات التي قال إن محور الممانعة أعطاها لزيارة وزير خارجية السعودية إلى سوريا، والإيحاء بأن التقارب السعودي - السوري امتداد لـ"اتفاق بكين". بحسب جعجع لا علاقة بين الأمرين، كاشفاً عن أن الجانب السوري يحاول منذ زمن إعادة العلاقات الثنائية مع الرياض، وكشف عن أنه بين عامي 2014 و2015، توجهت طائرة خاصة من سوريا إلى السعودية كان على متنها نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية علي المملوك، إذ التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في محاولة لاستئناف العلاقات بين البلدين، بالتالي فإن المحاولات بدأت منذ ذلك الوقت. ورأى جعجع أن زيارة بن فرحان إلى دمشق تأتي في سياق جهود عربية لمحاولة فتح الباب نحو سوريا، وأن دولاً عربية عدة تسعى إلى الانفتاح على بشار الأسد، لأنهم يعتبرون أنه الباب الوحيد حالياً للدخول إلى سوريا، على رغم أنهم يدركون أن الأمل ضعيف معه. ووصف جعجع الموقف الأوروبي والأميركي بأنه في مكان آخر، "فهم يقولون إن الأسد هو شخص غير مرغوب فيه (Persona Non Grata)". وأعاد رئيس حزب القوات اللبنانية التذكير بعودة العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة ونظام الأسد التي تمت منذ عامين ليسأل سريعاً، ماذا كانت نتيجة هذا الانفتاح؟ لا شيء. وأضاف "أنا لا زلت عند رأيي بأن بشار الأسد هو جثة سياسية".

"لم يعد نافعاً"

ولتأكيد نظريته بأن الأسد بات جثة سياسية، ذكر جعجع بالعلاقة القائمة التي لم تنقطع بين الأردن والنظام السوري، لكن ذلك لم يمنع حصول اشتباكات على الحدود بين البلدين. وعن التقارب السعودي - السوري تابع "برأيي إن بشار الأسد لم يعد نافعاً، ولست مع التعاطي معه في الأصل، لكن في السياسة لا أحد يقفل باباً، وهذا ما تحاول المملكة أن تفعله". واعتبر أن السعودية تراهن على حسه العربي لكنه يعتبر أن ما يحصل مضيعة للوقت لأنه جثة سياسية "ما بيطلع منها شيء". رئيس حزب القوات اللبنانية استهجن التفسيرات التي أعطاها "حزب الله" وحلفاؤه في لبنان للتقارب السعودي - السوري، والقول إن الأسد سيطلب من الجانب السعودي الموافقة على فرنجية رئيساً لجمهورية لبنان، واصفاً هذا الكلام بأنه "نتيجة المخيلة الواسعة التي يتمتع بها (محور الممانعة)". وذكر جعجع بسلسلة شروط وضعتها السعودية والدول العربية على الرئيس السوري تنفيذها قبل أي تقارب نهائي معه، واعتبر أن المقياس عدم حضوره القمة العربية في الرياض، والمقياس الثاني الاجتماع العربي الذي حصل في جدة ولائحة الشروط التي حددها، التي اعتبر جعجع أن الأسد لن يستطيع تنفيذها. وكان بيان جدة أشار إلى أهمية تحرير الأسرى وإعادة النازحين ومكافحة ظاهرتي الإرهاب وتهريب المخدرات، وأهمية قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة سوريا على أراضيها لإنهاء وجود الميليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري.

ريفي: نشك بقدرة الأسد على التغيير

لا يختلف النائب الطرابلسي أشرف ريفي في نظرته إلى نظام الأسد عن رئيس حزب القوات اللبنانية. وفي حديث لـ"اندبندنت عربية" يسأل ريفي، "على ماذا يمون الأسد في سوريا، حيث جزء لتركيا وجزء للثورة السورية، وجزء لروسيا، وجزء رابع لإيران". يشك ريفي بمرونة النظام السوري في قبول الآخر ضمن حكم الأقليات، "النظام لا يعرف شيئاً عن الديمقراطية، طالما يتبنى نظرية (سوريا المفيدة) ليحافظ على حكمه". وإذ وصف ريفي نظام الأسد بالأمني وليس بالسياسي، اعتبر أن "الأنظمة الأمنية باتت خارج الزمن وخارج القبول الشعبي والقيم الإنسانية والعربية والدولية، أضف إلى ذلك أن هناك ملفات بحقه عن جرائم ارتكبها ضد الإنسانية سواء في لبنان أو في سوريا". ورأى النائب المناهض لنظام الأسد أنه ليس هناك إجماع عربي على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأكد أنه لا يشك بنيات السعودية، متمنياً أن يتمكن نظام الأسد من تلبية التحولات المطلوبة لعودته إلى الحضن العربي، لكنه يستبعد ذلك مشككاً بقدرته على تطوير الوضع السوري الراهن ليصبح مقبولاً عربياً ودولياً. يبارك ريفي الخطوة السعودية التي تهدف بحسب رأيه إلى تعميم الاستقرار والهدوء والنمو في المنطقة، لكنه يشكك بنيات إيران، ومحاولة فريق فيها كسب الوقت لتحسين ظروفها، ومعالجة أوضاعها الداخلية وتهدئة الثورة لوضع الأمور مجدداً على السكة. ويستبعد ريفي أيضاً أي تأثير للتقارب السعودي - السوري في الملف اللبناني، معتبراً أن لا حظوظ لفرنجية صديق الأسد في لبنان، جازماً أن السعودية مبدئية أكثر مما هي مصلحية، وهي لا تتدخل في الأسماء لكنها ثابتة على المواصفات التي حددتها التي لا تنطبق على أي مرشح قريب من "حزب الله". وختم ريفي معتبراً أن الأسد أضعف من أن يتدخل مجدداً في الملف اللبناني.     

فرنجية وثقة "حزب الله"

وبعد يومين على إطلالة جعجع، أطل أمس الأربعاء، على قناة "الجديد" أيضاً رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية والذي يحظى بدعم فرنسي حتى الآن في معركة الرئاسة اللبنانية، واعتبر أن "التفاهم السعودي - الإيراني يريح كل شخص يحب لبنان". وأكد فرنجية أنّه يملك شيئاً "لا يملكه الكثيرون وهو ثقة "حزب الله" وثقة الرئيس السوري بشار الأسد، وأنا أستطيع أن أنجز معهما ما لا يستطيع أن ينجزه آخرون". وكشف فرنجية أنه لن يذهب إلى جلسة يتحدّى فيها السعودية، لأنه وقتها قد يصبح رئيساً، ولكن لا يستطيع أن يحكم.