Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المأساة ذاتها... سودان اليوم يستنسخ لبنان الأمس

رجل أعمال لبناني يهرب من معارك الخرطوم مستعيداً ذكريات الحرب الأهلية في بلاده: "غداً ستحكم العصابات"

قال شمص إن "قرار الفرار كان انتحارياً وبقاؤنا في قلب الخرطوم كان أيضاً انتحارياً" (رويترز)

ملخص

عندما اقترب القصف في صباح أحد الأيام أخذ الرجل وعائلته جوازات سفرهم وانطلقوا سيراً على الأقدام، فكيف انتهت به الحال؟

يخترق الرصاص جدار الذاكرة ليعيد إلى أذهان مدير مطعم وفندق الساحة في الخرطوم أحمد شمص لهيب الحرب الأهلية التي دارت في بلاده بين عامي 1975 و1990، ويتراءى له وطنه لبنان من فندقه المحاصر في السودان.

وقال شمص لـ "رويترز" بعد عودته لبيروت إن "الصورة نفسها، فهناك ميليشيات ومصالح دولية، وشدة الحرب في السودان تماماً كما كانت في لبنان، والمواطن يموت بلا أكل ولا بنزين ولا كهرباء".

انتحار الفرار والبقاء

ويعيش شمص في السودان منذ 17 عاماً، إذ أسهم في إنشاء فرع دولي للمطعم والفندق اللبناني الذي يديره ويدعى "الساحة" على بعد أقل من 10 دقائق بالسيارة من مطار الخرطوم والوزارات الرئيسة.

وأصبحت هذه المناطق بؤرة مشتعلة عندما اندلع القتال في الـ 15 أبريل (نيسان) الجاري، وتسببت الاشتباكات والغارات الجوية والمدفعية منذ ذلك الحين في مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة ما يقارب 4200 وتدمير مستشفيات وتوزيع محدود للمواد الغذائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واضطر شمص (59 سنة) إلى الاختباء في مكانه داخل فندق "الساحة" مع زوجته وابنه البالغ من العمر 10 سنوات، إضافة إلى عدد من الموظفين اللبنانيين لمدة أسبوع تقريباً، مع تساقط المتفجرات حولهم وانتشار المقاتلين في الشوارع.

وعندما اقترب القصف في صباح أحد الأيام أخذ شمص وعائلته وموظفوه جوازات سفرهم وانطلقوا سيراً على الأقدام، وقال "ابني لديه قِطة، ورفض الخروج بدونها، فوضعناها في قفص وحملتها وخرجنا إلى الشارع المملوء بالمسلحين والرصاص والقذائف، وكان جبهة حرب".

وأضاف أن قرار الفرار كان "انتحارياً، وبقاؤنا في قلب الفندق أيضاً كان انتحارياً، فأنت معرض للأذى، والفندق من طابقين في منطقة مستهدفة بين الجهات المتصارعة، فأخذنا قرار الخروج من دون أي شيء عدا الملابس التي نرتديها". مؤكداً أنهم لم يتلقوا المساعدة اللازمة من السلطات اللبنانية، لكنهم ممتنون إلى المسؤولين السعوديين لتسهيل نقلهم في نهاية المطاف عبر بلادهم.

وطن برائحة المنفى

وأُجلي أكثر من 60 لبنانياً حتى الآن من السودان، بعضهم كانوا هناك لبضعة أسابيع فقط في رحلات عمل، وآخرون مثل شمص بنوا حياتهم كلها هناك، وها هم يعودون للبنان بعد أن غرق أكثر في الانهيار الاقتصادي الذي ترك ما يزيد على 80 في المئة من السكان في حال فقر، وحرم معظم الناس مدخراتهم المصرفية.

 

 

وقال شمص، وهو يجلس في الفرع الرئيس لـ "الساحة" على أطراف بيروت، "أعود لبلد هو في الأصل منهار، ولو استطعت الذهاب إلى بلد آخر ما عدت للبنان، لكن لا يوجد خيار". مؤكداً أن فرع الخرطوم يعني العالم بالنسبة إليه.

ويروي، "عشت 17 عاماً في السودان، والمشروع الذي أديره صار جزءاً مني، فقد زرعت فيه الورد بيدي وعملت صيانة للحنفيات، وحياتنا هناك وأولادي كذلك في المدارس هناك، وتقريباً استقرت حياتنا في السودان، والآن أنا في لبنان وكأني مسافر إلى دولة ثانية".

ومع ذلك فإنه يرى أوجه تشابه بين مصير لبنان بعد نهاية الحرب التي استمرت 15 عاماً في لبنان وبين ما يمكن أن ينتظر السودان.

ويقول، "الآن بدأت العصابات تنشط في السودان، وغداً ستصل إلى السلطة مثل العصابات التي لدينا، فقد كانت في الحرب ووصلت إلى السلطة وحكمتنا وأخذت أموالنا ولم تترك لنا شيئاً، ونحن لا نزال في حال حرب، ونصيبنا أن نعيش هنا وهناك بالمشهد والواقع نفسه".

المزيد من متابعات