ملخص
أعلنت جماعة الحوثي، اليوم الأحد، الإفراج عن القيادي البارز في الجيش اليمني اللواء فيصل رجب، بالتزامن مع عقدها مؤتمراً صحافياً زعمت فيه أن الحكومة الشرعية لم تسع إلى إطلاق سراحه، بحسب ما تحدث به رئيس لجنة الأسرى في الجماعة.
أعلنت جماعة الحوثي، اليوم الأحد، الإفراج عن القيادي البارز في الجيش اليمني اللواء فيصل رجب، بالتزامن مع عقدها مؤتمراً صحافياً زعمت فيه أن الحكومة الشرعية لم تسع إلى إطلاق سراحه، بحسب ما تحدث به رئيس لجنة الأسرى في الجماعة.
وقالت وكالة "سبأ" بنسختها الحوثية، إن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وجه بالإفراج عن اللواء فيصل رجب "تجاوباً وتكريماً لوفد قبائل أبين الزائر إلى صنعاء منذ أيام".
وفي وقت سابق من أمس السبت، التقى وفد محافظة أبين اللواء فيصل رجب للمرة الأولى منذ أسره في عام 2015.
غياب السنين
فيصل رجب هو أحد القادة العسكريين والسياسيين المشمولين بالقرار الأممي 2216 الذي يلزم ميليشيات الحوثي إطلاق سراحه، لكنها عملت على إخفائه في الأسر ولم يتمكن من الاتصال بعائلته، وبعد دخول الوساطة العمانية تمكن من إجراء أول اتصال في عام 2019، ولم تسمح له الميليشيات بأي اتصال آخر خلال ثماني سنوات، وهو سلوك عرف عن الميليشيات باتخاذه ورقة ضغط لابتزاز الحكومة الشرعية.
وخلال صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، رفض الحوثيون إطلاق سراح القائد العسكري المنحدر من ريف محافظة أبين (جنوب البلاد)، على رغم الإفراج عن وزير الدفاع السابق وشقيق الرئيس هادي، وعدد من أبناء وأقارب القيادات السياسية والعسكرية اليمنية، إلا أن الميليشيات استبعدته لأسباب تندرج، وفقاً لمراقبين، في إطار محاولات التكسب السياسي وجني فوائد مقابل عملية إطلاقه.
تأخر الإفراج عن فيصل رجب اعتبره آخرون محاولة حوثية للثأر من القائد العسكري الذي خاض ضدهم ست حروب في بداية ظهور الجماعة المتمردة بجبال صعدة (شمال اليمن)، ومحاولة إظهاره مكشوف الظهر بلا سند، وهو ما يتجلى من خلال محاولة الحوثيين استغلال قضيته بشكل دعائي وكسب تأييد شعبي في جنوب البلاد، حيث لا حاضنة اجتماعية لهم، وتؤكد ذلك المقاومة الشرسة ضد مشروعهم.
تحسين الصورة
يقول وكيل وزارة الإعلام في الحكومة المعترف بها دولياً أسامة الشرمي، إن الميليشيات تبحث عن تلميع نفسها جنوباً وتحسين صورتها وإظهارها بمظهر الجماعة التي تتعامل مع المجتمعات القبلية في الجوانب الاجتماعية.
ويضيف أن "تسعى جماعة الحوثي من خلال تلك الأساليب إلى خلط الأوراق في الجنوب، وبث جرعة من مشاعر الجفاء بين الجنوبيين، وهذا الوتر الحساس تحديداً تتقن جماعة الحوثي الضرب عليه، كلما سنحت لها الفرصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى مراقبون أن إطلاق سراح فيصل رجب بداية مرحلة جديدة من الاستقطاب بعد كل الشحن والاتهامات والتحريض ضد الجنوبيين، وهي سياسة تنتهجها الميليشيات كتكتيك آني بما يخدم خطواتها، حيث تبنت جماعة الحوثي قبل انقلابها وانقضاضها على السلطة خطاباً يتبنى مظلومية الجنوب وأبنائه، ومع انقلابها بدأت الجماعة وحلفاؤها عندئذ بغزوها لمحافظات جنوب البلاد.
الكمين الشهير
وبالعودة إلى تفاصيل اعتقاله، فإن البداية حينما كان فيصل رجب في طريقه إلى قاعدة العند الجوية عام 2015 برفقة عدد من القادة العسكريين قادمين من العاصمة المؤقتة عدن للوصول إلى القوات التي تواجه الحوثيين وحلفاءهم، وفي الطريق واجهتهم عدد من العربات العسكرية التي كانت تقترب من موقعهم وتطلق نيرانها بكثافة، احتمى العميد فيصل ومرافقوه بالتلال لعلها تقيهم وقع النيران المفاجئة، وتبادلوا إطلاق النار مع العربات المهاجمة في معركة مكشوفة وغير متكافئة.
وأطلقت المدرعات والآليات نيرانها الثقيلة حتى اقتربت من رجب ومرافقيه، وعلى أثر ذلك قتل اثنين منهم، وبينما كانت الطلقات تنفد من بنادق رفاقه الآخرين على ظهر التلة، اخترقت طلقات جسد اللواء فيصل ومرافقه وبقيا جريحين ما مكن الميليشيات من القبض عليه، وهو المصير ذاته الذي لقيه جنرالان آخران من أبرز قيادات الجيش وهما وزير الدفاع السابق، اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق هادي اللذان سبقاه بمغادرة المعتقل.
رحلة الرصاصة والموقف
ولد فيصل رجب، الذي يصفه رفاقه العسكريون بقائد النصر، عام 1954 في بلدة المخزن بمحافظة أبين جنوب البلاد، وحصل على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1980 من أكاديمية فرونزا التابعة للاتحاد السوفياتي وعلى الماجستير من الأكاديمية ذاتها بعد سنوات.
وعند عودته عين أركان حرب لواء في منطقة مكيراس، ثم عين قائداً للواء 30 بالمهرة شرق اليمن.
عقب أحداث يناير (كانون الثاني) الدامية التي شهدتها عدن في عام 1986 غادر إلى صنعاء هرباً من تبعات النزاع المسلح واستقر فيها، ومع إعلان الوحدة بين شطري اليمن، عين فيصل قائد للواء السادس مدرع.
وفي حرب صيف عام 1994 بين جنوب اليمن وشماله، شارك اللواء فيصل إلى جانب قوات الرئيس الراحل صالح، قائداً للواء السادس مشاة، وفي حروب الدولة الست ضد المتمردين في صعدة (جماعة الحوثيين) شارك بصفته قائداً للواء الخامس مشاة قبل تغيير اسمه إلى اللواء 119.
وما بين 2011 و2012 قاد الحرب في مسقط رأسه بمحافظة أبين ضد تنظيم "القاعدة" بعد إعلان الأخير سيطرته الكاملة على المحافظة.
وعندما آلت الأوضاع إلى التدهور أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قراراً بنقل اللواء فيصل رجب مع اللواء 119 الذي يخضع لقيادته إلى أبين جنوب البلاد.
ومع تمرد قوات الأمن الخاص ضد الرئيس هادي في عدن عام 2015 كلف رجب إخماد التمرد وقيادة وترتيب الوضع العسكري مع عدد من العسكريين الذين يدينون بالولاء للشرعية المعترف بها دولياً.