ملخص
فتاة فلسطينية تتبنى إيواء القطط الضالة في شوارع غزة
في غرفتها أخذت مريم بر تلقي كرة بلاستيكية صغيرة على الحائط، وما إن قضت دقيقة في لعبها حتى تجمع حولها نحو 30 قطة، "هذا إشعار بأننا سنلعب مع بعض لعبة إخفاء الطابة والبحث عنها"، هكذا قالت الشابة التي تهوي إيواء الحيوانات الضالة من شوارع غزة.
بعد أن تجمعت القطط في الغرفة غادرت مريم المكان وأغلقت الباب خلفها، وفي صالة منزلها أخفت الكرة البلاستيكية، ثم عادت إلى حيواناتها، وبيدها لوحت بإشارة توحي بانطلاق القطط للبحث عن "الطابة".
دفتر أحوال صحية
بسرعة، ركضت القطط نحو أرجاء المنزل تبحث عن الكرة الصغيرة، بينما كانت مريم تتابع تحركاتها وتنظر نحو أقدامها وطريقة تنقلها، وتسجل ملاحظاتها في دفتر خصصته لمتابعة الحالة الصحية لقططها التي جمعتها من شوارع غزة.
ومريم من أوائل الأشخاص الذين اتجهوا إلى إنقاذ الحيوانات الضالة في شوارع غزة، وبخاصة القطط التي تعرضت لإصابات حوادث السير أو شظايا الأسلحة الإسرائيلية، وتقوم بذلك حباً بهذه الحيوانات.
تقول الشابة الفلسطينية "إيواء القطط حب بالوراثة موجود لدى أبي وأجدادي، ولدينا حالياً نحو 80 هرة، تعيش منها 30 في أرجاء المنزل، والبقية في فناء البيت، وجميعها حالات إنقاذ من الشارع".
وتضيف "معظم هذه القطط تعرضت لتعذيب وملاحقة أثناء عيشها في الطرقات، وبعضها كان مريضاً ولديه كسور في أطرافه، لكن عملت على إيوائها في منزلي لحمايتها من بطش الأطفال وكارهي الحيوانات، وقمت بمعالجتها لفترات طويلة".
لم تمض دقيقة حتى تمكن القط "أصلان" من إيجاد الكرة، وحملها إلى مريم رافعاً ذيله، لكن المربية لم تتمكن من تسجيل ملاحظات 50 قطة خلال هذه الفترة، فكررت إخفاء "الطابة" من جديد في مكان آخر، وطلبت منها إعادة البحث عنها.
دفتر رعاية صحية
تستكمل مريم بر الحديث عن قططها، فتحكي أنها أطلقت اسماً لكل قطة، وعملت على فتح دفتر لها جميعاً لمتابعة تطورات أوضاعها الصحية، وتسجل فيه ملاحظاتها بشكل يومي، وتركز فيه على تلك الحيوانات التي كانت تعاني كسوراً وسوءاً في التغذية وجروحاً وتشوهات.
في الدفتر المسطر بالطول لخمسة أقسام، ويحتوي الجزء الأول على اسم القط، والثاني على تاريخ الإيواء، والثالث وضع التغذية، والرابع على تشافي الكسور والجروح، بينما الخامس النشاط العام، كانت مريم تسجل ملاحظاتها، وتؤكد أنها بشكل يومي تجري متابعة صحية لجميع الحيوانات في بيتها.
خلال دقيقتين وجدت القطة "نوني" الكرة، وهذه الفترة كانت كافية حتى تسجل مريم جميع ملاحظتها، فهي تركز على القطط التي تعاني أمراضاً وجروحاً، لتتابع معها حصص العلاج، فيما تترك البقية للعب.
سور للترفيه
تقضي مريم معظم يومها مع القطط، فما إن تفرغ من اللعب معها ومتابعة وضعها الصحي، حتى تجلب لها الطعام، وتشغل لها موسيقى هادئة أثناء تناوله، إذ تؤكد الفتاة أنها تحاول جعلها هادئة طيلة الوقت، فالنغمات الصوتية تؤثر في سلوكها بشكل إيجابي. وعادة ما تطعم مريم قططها معلبات وأطعمة خاصة تشتريها من مصروفها الخاص الذي تحصل عليه من أهلها، فهي لا تعمل حتى اللحظة، وعلى رغم حصولها على شهادة البكالوريوس في التربية النفسية والسلوك الاجتماعي فإنها لا تزال في عداد البطالة، ولكن لسوء الأحوال المادية تضطر أحياناً إلى أن تطعم القطط من بواقي الطعام المنزلي.
أمام بيت مريم فناء واسع محاط بسور طويل عملت على تشجير بعض المزروعات فيه، وحولته إلى مساحة ترفيه تقضي فيه القطط وقتها، وبحسب المربية الشابة، فإن هذه الخطوة لعدم حبسها في المنزل لفترات طويلة. تقول بلهجتها العامية "البسبس بتلعب في الحديقة، وبتنط على الشجر، لكن ولا مرة بتهرب من الدار، لأنها بتحس بالأمان معنا بدل العذاب في الشارع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شروط لتبني القطط
على رغم حب مريم للقطط فإنها تضطر في بعض الأوقات إلى الاستغناء عنها، وتوضح أن في غزة "عدداً كبيراً من القطط في الشوارع، وأنا أقوم بعملية الإيواء في منزلي، لذلك أفتح باب التبني بشروط معينة، حتى أتمكن من جلب عدد آخر، فلا توجد لديَّ أرض كبيرة أحولها إلى مأوى، وتكون متسعة لعدد ضخم من القطط".
ومن شروط التبني عند مريم أن تكون القطة مكتملة النضج والرعاية الصحية، وأن يكون المتبني لديه مكان مخصص وملائم لها، ويستطيع أن يوفر لها الغذاء السليم لها، وأن يكون أهل المنزل متقبلين لفكرة وجود قطط في منازلهم، وأن يرسل المتبني صوراً للقطط وطلباً للمراجعة بشكل دوري.
جهود أخرى
مثل مريم هناك كثير من الفتيات اللاتي فتحن بيوتهن لإيواء الحيوانات الضالة، ومن أبرزهن تاليا ثابت التي تفضل رعاية كلاب الشوارع. وعن تجربتها تقول "إنها من أفضل أنواع الكلاب التي يمكن أن يحتويها الإنسان، كما أن نسبة الذكاء والأصالة لدسها تتفوق عن الكلاب الأخرى، إذا تم الاعتناء بها".
أما عن دور المؤسسات الحكومية في حماية الحيوانات الضالة في قطاع غزة، فيقول منسق الرعاية الصحية والبيئة في بلدية غزة أحمد أبو عبدو إنهم أعادوا برمجة خططهم بدلاً من الحد من هذه الحيوانات، إلى توفير أراض مخصصة لاحتوائها، ودشنوا أول محمية طبيعية لها يتوفر فيها أدوية وغذاء ولوازم فصل الشتاء. ويضيف "تعد الجهود الفردية مكملة لجهود البلدية، ونشرف على عملهم ونتأكد من سلامة الرعاية، وإلى جانب ذلك نعمل على إنشاء محميات لجميع الحيوانات الضالة من كلاب وقطط وحمير وخيول ومواشٍ، وأي طير عابر موسمي على غزة".