خرج الصراع الخفي بين وزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار وقائد الأركان أحمد قايد صالح إلى العلن، بعد تغريدات للجنرال المتقاعد عبّر من خلالها عن رفضه العودة إلى الجزائر، إثر حصوله على معلومات مؤكدة حول مخطط لاعتقاله.
وفي وقت تصنف المعركة بين الرجلين ضمن "الحرب التحريرية الثانية"، التي يقودها قايد صالح، ضد "ضباط فرنسا"، ترى أطراف أن التحقيقات مع الشخصيات المسؤولة الموقوفة بشأن قضايا الفساد قادت إلى تورط وزير الدفاع الأسبق في عدد من القضايا.
وزير الدفاع الأسبق
يبدو أن معركة قايد صالح ضد ما يسميه "العصابة" و"ضباط فرنسا" تتجه نحو الحسم، بعد التوتر الذي طفا إلى السطح بينه وبين وزير الدفاع خالد نزار خلال سنوات التسعينيات، الذي يعتبر من الشخصيات "المثيرة للجدل" في ما يتعلق بعلاقته مع الدوائر الفرنسية وبالأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد. إذ التصقت به صورة سوداوية إزاء فئة واسعة من الشعب الجزائري، بدليل ما حدث بينه وبين أحد الجزائريين في مطار أورلي الفرنسي، حين وصفه بـ "الخائن والسفاح"، ليرد عليه نزار بضربه بقضيب خشبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن نزار رفضه العودة إلى بلاده، هو الموجود حالياً في إسبانيا للعلاج، بسبب مخاوف من الاعتقال. وقال في تغريدة "كنت على وشك العودة إلى الجزائر عندما وصلتني معلومات موثوق بها حول مشروع اعتقال تعسفي وغير عادل يستهدفني". وأضاف "سأعود إلى البلد حالما يتم تطبيع الوضع وعندما يتم انتخاب رئيس بطريقة ديمقراطية".
ويُرجح المحلّل السياسي عبد الله شيباني، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن يكون هناك مخطط لاعتقال نزار، في إطار الحرب على الفساد، مشيراً إلى أن وزير الدفاع الأسبق معروف عنه امتلاك عائلته شركات وعقارات، وأهمها شركة اتصالات عملاقة. وأضاف أن علاقة نزار برموز النظام السابق "البوتفليقي" كانت واسعة ومترابطة.
وأشار شيباني إلى أن شبهة التعاون مع سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، يمكن أن تكون القضية التي سيلاحق بشأنها نزار، خصوصاً أن المحكمة العسكرية استمعت إليه في قضية "الاجتماعات المشبوهة"، بقيادة سعيد بوتفليقة ورئيس الاستخبارات السابق الجنرال توفيق.
حقائق وإشاعات
وكشف الجنرال نزار، في وقت سابق، عن لقاءات جمعته مع سعيد بوتفليقة لاستشارته حول طريقة التعامل مع الأزمة، وكان ذلك مع بداية الحراك الشعبي. وقال إنه فهم من حديثه مع شقيق الرئيس المستقيل أنه كان الحاكم الفعلي للبلاد، وحتى الدقيقة الأخيرة كان سعيد بوتفليقة يمسك بالسلطة. وأوضح أنه اقترح على سعيد خطة للخروج من الأزمة عبر استقالة الرئيس وإجراء تغييرات في مختلف المؤسسات استجابة للشارع، لكنه رفض ذلك جملة وتفصيلاً.
كما نشر نزار تغريدة قال فيها إن إشاعات كثيرة باتت تستهدفه، ومنها "أنني كنت طريح الفراش وعلى وشك الموت"، مضيفاً أنها "ادعاءات كاذبة وجزء من حملة تستهدفني، وأنا على دراية كاملة، بمصدرها وأهدافها وسأعود إليها". كما نفى امتلاكه ثروة أو أرصدة مالية في الخارج، مهدداً بأنه سيلاحق قضائياً كل من ينشر هذه الإشاعات.
استهداف قائد الأركان
دعا وزير الدفاع الأسبق، في وقت سابق، قايد صالح إلى التنحي من منصبه، من أجل السماح بإحداث التغيير المنشود من طرف الحراك الشعبي، ووصفه بالشخص "الفظيع". وكتب أن "الحراك السلمي أجبر بوتفليقة على الاستقالة... والسلطة اغتُصبت من طرف العسكر... والدستور انتهكته الأوامر غير الشرعية... إن الجزائر محتجزة كرهينة من قبل شخص فظيع فرض العهدة الرابعة وألهم الخامسة... يجب أن يوضع له حد... البلد في خطر".
ويصنّف نزار ضمن اللفيف العسكري الذي زرعه الجنرال الفرنسي شارل ديغول، في صفوف جيش التحرير الجزائري، خلال الأشهر الأخيرة من الثورة التحريرية، بغرض الحفاظ على النفوذ الفرنسي في الجزائر، وتغلغل الموالين له في مختلف المؤسسات، وهو ما بات يوصف بـ"حزب فرنسا".