عرض لفرقة كورية يثير الجدل في عمان

أثار إعلان إقامة حفلة مرتقبة لفرقة كورية شهيرة في التاسع من يونيو (حزيران) المقبل، في العاصمة مسقط جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض في سلطنة عمان.

حيث هاجم عدد من الناشطين العمانيين على منصات التواصل الاجتماعي عرض الحفلات الغنائية لمثل هذه الفرق في بلادهم، داعين إلى القيام بحملة شعبية تطالب المسؤولين بمنع إقامتها من خلال وسم #لا_لدخول_كيبوب_عمان.

وبعد مرور يومين من الحملة في ظل عدم استجابة المسؤولين لهم، هاجم المفتي العام لسلطنة عمان الشيخ أحمد الخليلي في تغريدة له على برنامج "تويتر" المسؤولين في السياحة القائمين على الحفلة، وقال "أسفنا أشد الأسف لما انتشر من أخبار عن نية إقامة حفلة في بلادنا العزيزة، لإحدى الفرق الغنائية الملحدة المنحطة".

مطالباً في بيان له بإيقاف حفلة فرقة "كيبوب" الكورية الجنوبية "B.I.G" بشكل صريح، وناشد جميع المؤسسات الرسمية والجهات المسؤولة أن يقفوا بحزم وعزم ضد هذا التوجه المائع الضال، وألا يسمحوا باستقدام أمثال هؤلاء.

ليتفاعل بعده نشطاء عمانيون ورواد منصة "تويتر" في تغريداتهم بين رافض ومؤيد لإقامة حفلة الفرقة الكورية التي تعتبر هذه المرة الأولى التي ستقيم فيها فرقة من فرق موسيقى الكيبوب من كوريا الجنوبية استعراضاً غنائياً في سلطنة عمان.

عمانيون: الحفلة تخالف توجيهات سلطان عمان

أكد أستاذ كلية الشريعة العماني الدكتور عبدالمنعم السعيدي "في بدايات شهر يناير من هذا العام وفي أحد لقاءات السلطان حفظه الله طالب بترسيخ مبادئ وقيم المجتمع الأصيلة المستمدة من ديننا الحنيف"، وتساءل عمن يريد جلب هذه الفرقة، أهذا تنفيذكم لمطالبات السلطان؟

وتابع في سلسة تغريدات له على حسابه في "تويتر" أن الجميع يعرف توجه مثل هذه الفرق، واتهمها بأنها تنشر الشذوذ، وناشد السعيدي أعضاء مجلس الشورى برفع أصواتهم لإيقاف هذه الحفلة.

وذكر الناشط الاجتماعي العماني حمد الوهيبي في تغريدته بأن "الصين الشيوعية الملحدة تمنع ظهور الفرق الكورية الغنائية الراقصة كجزء من إصلاحات الترفيه الشاملة كما يسمونه، فكيف بنا ونحن المسلمون لا نقوم بمثل هذه التصفية".

وتستغرب الكاتبة العمانية سلمى العبري في تغريدتها الاهتمام الكبير بالفرق الكورية وتأثيرها في الجيل الحالي من الشباب، معتبرة أن 70 في المئة من تربية الأسر تأتي من وسائل التواصل الاجتماعي.

اتهام الفرقة في هدفها بتغيير هوية الجيل الجديد

ويصف الكاتب العماني خالد بن سعود اليعقوبي فرق الكيبوب الكورية أنها مجموعات عابرة للحدود تقف وراءها أياد خفية تروج لها بهدف تغيير هوية الجيل الجديد، على حد تعبيره.

وأعادت الناشطة العمانية وردة اليعربي نشر تغريدة تقدم شرحاً عن إحدى الفرق الكورية لموسيقى الكيبوب وأسباب تعلق بعض المراهقات والمراهقين بها، وأرفقت تغريدتها بوسوم عدة تطالب بمنع إقامة حفلة فرقة الكيبوب في سلطنة عمان.

وتساءل الكاتب العماني خليفة العمراني عن الهدف من إحضار الفرقة الكورية إلى سلطنة عمان، واصفاً إياها بـ"المنحلة أخلاقياً".

مؤيدون: مايكل جاكسون عاش 45 يوماً في عمان ولم يؤثر في الجيل

في المقابل غرد كثيرون مؤيدون لإقامة حفلة فرقة B.I.G الكورية الجنوبية، مطالبين باحترام الرأي والرأي الآخر.

وقال الكاتب والطبيب العماني زكريا المحرمي "عاش ملك البوب العالمي مايكل جاكسون في عمان لمدة 45 يوماً وبكى حين فارقها عام 2006، وهو لم يتسبب في إلحاد الشباب العماني ولا في نشر الشذوذ بينهم بل استمرت حال التدين في توهجها وما تزال"، مضيفاً "كما جاء مايكل جاء غيره من المطربين والمطربات والراقصين والراقصات، ولم يجرؤ أي منهم على التعدي على قانون البلد ولا أعرافه"، وتساءل "لماذا الهلع من الفرقة الكورية"؟

وقال المحرمي إن المطربين مثل مايكل جاكسون وغيره لم يأتوا بدعوة من الحكومة بل بتنظيم شركات تجارية تعمل وفقاً للقانون العماني وهي مسؤولة عن أية مخالفة لو حصلت، وهو ما لم يحدث على مر السنين، وكما قامت هذه الشركات بالاستثمار في استضافة مايكل جاكسون والفرقة الكورية يمكن لغيرهم الاستثمار في استضافة المتحدثين والوعاظ سواء لأهداف تجارية أو دعوية.

وأشار المحرمي إلى أن رفض الصين وروسيا لدخول الفرقة الكورية لا علاقة له بشيمة الصينين والروس بل بسبب موقف الدولتين من السياسة الكورية الجنوبية الموالية لأميركا، وإلا لا يخفى على الجميع ما في تلك الدول من إشكالات أخلاقية!

وتمنى الطبيب والكاتب العماني من الجميع الثقة في الدولة العمانية وقدرة المجتمع العماني على التعامل مع مثل هذه الأحداث والظواهر بوعي وحكمة.

مطالبات باحترام الثقافات والضيوف

واعتبرت الناشطة زهرة العيسائية حضور الحفلة من عدمه حرية شخصية، وقالت "أتوقع أن هذه الفرقة أحضرتها شركة ربحية، يعني ما دخل أية جهة حكومية في الموضوع، بخصوص الحضور كل ولي أمر مسؤول عن تربية أبنائه وتوجيههم في الحضور من عدمه".

وطالبت الناشطة وفاء في تغريدتها باحترام الضيوف والثقافات من جميع الدول، مستغربة من "شخصنة" مثل هذه الأمور.

ويستغرب سلامة أحمد ما وصفها "حال التشنج العصبي" التي رافقت إعلان إقامة الحفلة، مطالباً بالتركيز على أن يكون التنظيم جيداً ويحفظ الآداب العامة.

وتعجب الناشط طارق من تناقض كثير من المعارضين لهذه الفرق الغنائية، مشيراً إلى أنهم كانوا معجبين بأغنية افتتاح كأس العالم قطر 2022، التي أطلقتها الفرقة الكورية الجنوبية "بي تي إس" BTS.

وقالت الناشطة رهف في تغريدتها إن "هناك فئة كثيرة من الناس تحبهم وتريد تحضر لهم نفس ما في ناس تحب مغنين عرباً، وهذا شيء طبيعي ونحن مع إحياء حفلات كهذه".

الموسيقى الكورية

هذا وقد حققت الموسيقى الشعبية الكورية المعروفة باسم "كيبوب" في السنوات القليلة الماضية نجاحاً عالمياً، وانتشرت بشكل واسع في العالم العربي من خلال إقامة عدد من فرقها العالمية حفلات في كثير من الدول، بخاصة في الخليج العربي كالسعودية والإمارات وقطر.

وتشير إحصاءات نشرها موقع "ستاتيستا" المتخصص في رصد البيانات الرقمية العالمية إلى أن الموسيقى فرق الكيبوب الكورية حطمت أرقام جماهيرية أبرزها فرقة  "بي تي أس" التي سجلت رقماً قياسياً من خلال جذب أكثر 101.1 مليار مشاهدة في غضون 24 ساعة لأغنية "داينامايت" في عام 2020. وذكر حوالى 46 في المئة من المستجيبين على استطلاع أجراه "ستاتيستا" عام 2022 على 26 دولة، أن هذا النوع من الكيبوب يعتبر "شائعاً جداً" في بلدهم.

وتقدر صناعة موسيقى الكيبوب الكورية بمليارات الدولارات سنوياً، لتصبح واحدة من أكثر صادرات كوريا الجنوبية ربحاً وتأثيراً حول العالم.