Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصراع المسلح يزيد معاناة الاقتصاد السوداني المتهالك

متخصصون: ارتفاع الأسعار وشح السلع ونقص الرواتب ولا يوجد سائقون لنقل البضائع

ملخص

يعد السودان بالفعل مصدراً مهماً للصمغ العربي والسمسم والفول السوداني والماشية ولديه الإمكانات لأن يكون مصدراً رئيساً للمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية


عصف الصراع المحتدم بالسودان منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي بالاقتصاد السوداني، بعد أن وجهت الأزمة ضربة قاصمة للمركز الرئيس لاقتصاد البلاد المتهالك من قبل اندلاع الاشتباكات في العاصمة الخرطوم كما عطل طرق التجارة الداخلية مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة.

في غضون ذلك، تعرضت مصانع كبرى وبنوك ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية، ويعاني الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت إطاحته في عام 2019.

تباطؤ حركة نقل البضائع

مع فرار عشرات الآلاف حتى الآن من العنف الدائر في الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين، تباطأت حركة نقل البضائع والأشخاص إذ تجوب قوات، وأحياناً عصابات الشوارع، كما لم يعد بالإمكان الاعتماد على شبكات الاتصالات ويقول البعض، إنهم بدأوا في تحديد حصص الطعام والمياه.

من جانبه قال إسماعيل الحسن الموظف بإحدى الشركات في الخرطوم، "نحن خائفون ونعاني من ارتفاع الأسعار ونقص السلع ونقص الرواتب"، مضيفاً أنها "حرب على المواطنين".

ويعد السودان بالفعل مصدراً مهماً للصمغ العربي والسمسم والفول السوداني والماشية ولديه الإمكانات لأن يكون مصدراً رئيساً للمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية ومركزاً للخدمات اللوجيستية، لكن الاقتصاد تعثر بسبب عقوبات وعزلة دولية فرضت على مدى عقود، ويعاني معظم السودانيين من التضخم المرتفع والانخفاض الحاد في قيمة العملة وتدهور مستويات المعيشة منذ سنوات طويلة، إذ يعتمد نحو ثلث سكان السودان البالغ عددهم 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.

لا يوجد سائقون

إلى ذلك أعاق الصراع العسكري التدفقات التجارية من وإلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا بسبب مركزية الإجراءات المصرفية والجمركية في الخرطوم، وعلى رغم استمرار الميناء الرئيس للبلاد على البحر الأحمر في العمل، فإن شركة "ميرسك" أعلنت وقف تلقي حجوزات إلى هناك حتى إشعار آخر.

وتعليقاً على ذلك قال تاجر بالعاصمة الخرطوم، إن وصول واردات القمح، الضرورية للأمن الغذائي في السودان، أصبح أكثر صعوبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه قال الأمين العام للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية علاء عز، إن "واردات السودان من السلع المعمرة مثل الثلاجات عبر الحدود البرية مع مصر تباطأت أيضاً"، بينما ذكر ميشيل سيدهم مدير سلسلة التوريد في شركة للتجارة تعمل في مصر والسودان، إن أعمال الشركة في السودان "توقفت تماماً" مع توقف تصدير الأسمدة والدقيق (الطحين) من مصر بكميات كانت تبلغ عادة نحو 10 آلاف طن شهرياً لكل منهما.

وتابع سيدهم أن "التجار المتعاملين مع شركته في السودان غادروا الخرطوم، ولا يوجد سائقون على استعداد للمخاطرة بنقل بضائعهم إلى العاصمة"، موضحاً "قالوا إحنا قفلنا وسيبنا الخرطوم لحين إشعار آخر، لأن إللي قاعد في الخرطوم قاعد في ساحة قتال".
 

شح وارتفاع في الأسعار

في تلك الأثناء روى سكان في الخرطوم عن نقص في بعض المواد الغذائية الاستهلاكية مثل الطحين والخضراوات إضافة إلى ارتفاع الأسعار، واصطفت طوابير طويلة أمام المخابز والمتاجر في العاصمة.
ووفقاً لمراسل لـ"رويترز" قفز سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الضأن نحو 30 في المئة إلى 4500 جنيه سوداني (7.52 دولار) كما تضاعف سعر كيلوغرام الطماطم (البندورة) إلى ألف جنيه سوداني (1.67 دولار).

من جانبه يرى صاحب سوبر ماركت في أم درمان أن سبب التضخم هو ارتفاع أسعار الوقود بالسوق السوداء، وقد يصل سعر الغالون من الوقود الذي شح إلى 40 ألف جنيه سوداني (67 دولاراً) حالياً ارتفاعاً من ألفي جنيه سوداني (3.34 دولار)، بينما قال جزار في أم درمان، إن الطلب منخفض حتى في الأماكن التي خف فيها القتال لأن السكان غادروها.

وانخفضت قيمة الجنيه السوداني بنحو 600 في المئة مقابل الدولار منذ 2018، مما دفع كثيرين إلى ادخار أموالهم بالدولار، ويواجه التجار في الخرطوم أزمة سيولة نقدية، ويعتمد الناس بشكل متزايد على تطبيق "بنكك"، الذي يعتمد على فتح محفظة إلكترونية لدفع الفواتير، لكن هذه الخدمة غالباً ما تشهد انقطاعات.


تقلبات السوق السوداء

وشهدت السوق السوداء تقلبات غير معتادة مع سعي أقارب مغتربين لبيع الدولار عبر تحويلات من خلال تطبيق "بنكك" لذويهم في السودان، بينما يسعى المقيمون داخل البلاد للحصول على دولارات كادخار آمن.

ويعرض تجار العملة بيع الدولار بأسعار تصل إلى 700 جنيه سوداني (1.17 دولار) بينما يشترونه بسعر يقل عن 300 جنيه سوداني (0.5014 دولار) مع تفاوت الأسعار بشكل كبير في ظل زيادة صعوبة النقل والاتصالات.

في غضون ذلك قال بنك السودان المركزي، الأحد الماضي، إن "بنوكاً خارج العاصمة تجري معاملات سحب وإيداع، إذ قال رئيس أحد البنوك في العاصمة، إنه يحاول نقل مقر البنك موقتاً إلى خارج الخرطوم"، بينما قال مسؤول تنفيذي آخر، إن "الإصلاحات الاقتصادية والانقلابات والاحتجاجات على مدى سنوات "هي التحدي الأكبر الذي يواجه النظام المصرفي ويهدد بإغلاق شبه كامل".
وشوهدت حشود في مدينة عطبرة بشمال شرقي الخرطوم تقف أمام البنوك التي فرض بعضها حداً أقصى للسحب.
وتحدث الحسن من الخرطوم قائلاً "السيولة النقدية التي معي نفدت ولم أتقاض راتبي والتطبيقات المصرفية لا تعمل".

اقرأ المزيد