ملخص
تقل فرص ظهور الممثلين المغاربة من ذوي البشرة السوداء في الأعمال الفنية لكن المخرجين يردون بأن المسألة تحكمها المؤهلات والقدرات
تقل فرص ظهور الممثلين المغاربة من ذوي البشرة السوداء في الأعمال الفنية، سواء في أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذه الندرة التي يرجعها البعض للمؤهلات الفنية والقدرات التمثيلية.
واشتكى ممثلون من "ذوي البشرة السوداء" من عدم منحهم فرصة الظهور بشكل واف في الأعمال السينمائية والدرامية، من بينهم الفنان الكوميدي محمد باسو الذي اشتكى من "عنصرية طاولته خصوصاً في بداياته الفنية".
وبدورها اشتكت الممثلة المخضرمة السعدية اللوك أكثر من مرة من ندرة فرص العمل التي تأتيها من المنتجين والمخرجين للتمثيل في أفلام أو مسلسلات، الشيء الذي أفضى إلى تأزم وضعيتها المعيشية.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه أرقام رسمية بشأن عدد السكان "من ذوي البشرة السوداء" في المغرب، إلا أن دراسات ومعطيات غير حكومية تتحدث عن حوالى 31 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 35 مليون نسمة، هم من ذوي البشرة الملونة (سود وسمر).
أدوار هامشية
يمكن عد الممثلين المغاربة من ذوي البشرة السوداء الذين يظهرون في أعمال سينمائية وتلفزيونية على أصابع الكف الواحدة، إذ نادراً ما يظهر أحدهم في مسلسل أو فيلم سينمائي، بحسب متابعين للأعمال التلفزيونية، وإذا ظهر يقول بعض الممثلين من ذوي البشرة السمراء، "فيكون دوراً ثانوياً مثل دور خادم أو بائع أو متخصص في إعداد الشاي".
واشتهر الممثل بوجمعة أوجود الشهير بلقب "باعزيزي"، ذو البشرة السوداء، بدور الرجل الذي يتخصص في إعداد وصب الشاي في كؤوس الضيوف، وعلى رغم عمره المتقدم (83 سنة) فما زال "باعزيزي" يظهر في بعض الأدوار التمثيلية الثانوية، كما أنه عرف بلقب أشهر معد للشاي في المغرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبدورها تظهر الممثلة ذات البشرة السوداء، السعدية اللوك، في أدوار ثانوية، من قبيل "طيابة الحمام"، أي المرأة التي تخدم النساء المستحمات في الحمام الشعبي، أو في دو الطباخة في حفلات الأعراس وغير ذلك من الأدوار الهامشية.
ويعيش هذا الممثلان في سنهما المتقدمة أوضاعاً اجتماعية صعبة، بسبب عدم الحصول على أدوار في السينما أو في التلفزيون، الشيء الذي أثر كثيراً في حياتهما المعيشية، خصوصاً الفنانة اللوك التي صرحت قبل أسابيع أنها اضطرت لبيع "الحريرة والكزبرة" في ساحة جامع الفنا بمراكش، بسبب ندرة أدوارها.
"فتى أحلام أسود"
يقول في هذا السياق الناقد الفني فؤاد زويريق، إن "قلة قليلة في المجتمع تتعاطى بأسلوب فيه تمييز على أساس لون البشرة، ويأتي المشهد الفني لينقل صورة هؤلاء".
وتابع زويريق أن هناك منهم من فرض نفسه وأصبح يحصل على أدوار رئيسة، وهم قلة قليلة، لكن البقية حصرت أدوارهم في الأدوار الثانوية وبشخصيات هامشية، مثل الخادم أو الخادمة أو العاملة في الحمام الشعبي وغيرها من الأدوار الهامشية جداً، التي أيضاً يؤديها ممثلون من أصحاب البشرة البيضاء وإنما بنسب متدنية.
ووفق الناقد نفسه، فإن هذا العدد الضئيل جداً للممثلين السمر في السينما والدراما، يؤدي إلى تساؤل أعمق وأهم، "لماذا هذا الشح في الفنانين الملونين؟"، قبل أن يستدرك بالقول، "حتماً توجد مواهب كبيرة بينهم، من المؤكد أن الهدف ليس استبعادهم أو إقصاؤهم وإنما يتم التركيز في بعض الأحيان على أشخاص بعينهم ليؤدوا هم ذاتهم أدواراً مختلفة في أفلام عدة، بغض النظر عن لونهم".
واستطرد زويريق شارحاً "لكن من المستبعد أن تجد فتى أحلام أسود في السينما أو على شاشة التلفزيون، ولن تجده أيضاً كشخصية مهمة ومؤثرة في الأحداث، ناهيك عن أدوار البطولة".
وشدد على أهمية أن يمارس القائمون على الإنتاجات الدرامية والسينمائية دورهم بمحو فكرة التمييز والعنصرية من ذهن المتلقي، والابتعاد عن تكريس مفاهيم سلبية سواء بشكل أو غير مباشر، من خلال عدم الاعتماد على الفنانين أصحاب البشرة الداكنة في الأعمال الفنية، أو بشكل مباشر عبر منحهم أدواراً صغيرة وهامشية.
لا توجد عنصرية
تلك الفكرة ضد "الممثلين المغاربة السمر" التي أوردها الناقد زويريق، يفندها الناقد السينمائي مصطفى الطالب بالتأكيد على أن الأمر يتعلق أساساً بالمواهب الإبداعية والمؤهلات الفنية أكثر من هاجس التمييز العنصري على أساس لون البشرة.
ويرى الطالب أن الممثلين من ذوي البشرة السوداء على رغم قلة عددهم، هم غير مهمشين، مثل الممثل المسرحي والسينمائي عبد اللطيف الخمولي، وأيضاً الفنان حسن فلان، وابنه المهدي فلان، يحظون بأدوار البطولة في السينما والتلفزيون، والممثلة بشرى أهريش هي الأخرى فرضت نفسها في الدراما والسينما المغربية.
ورفض المتحدث ذاته أن يكون "الأمر متعلقاً بتمييز عنصري مبطن"، مردفاً بالقول "أستبعد كلياً هذه النية السيئة لدى المخرجين أو المنتجين أو حتى القائمين على الشأن الفني في البلاد، فالمغاربة ليسوا عنصريين".
واستدل الناقد عينه بما أسماه انفتاح السينما المغربية وعدد من الأعمال الدرامية التلفزيونية على الأفارقة من بلدان الساحل الأفريقي الذين يعيشون في المملكة، مشدداً على أن "الأمر يتعلق بالمؤهلات الفنية والقدرات الإبداعية لدى الممثلين (أو الممثلات) المغاربة الذين يمكنهم فرض أنفسهم على الساحة الفنية أو على الكاستينغ".
واستدرك الطالب بأن "المجال الفني في العالم كله قد يخضع أحياناً للعلاقات، غير أنه يمكن الجزم بأنه في المغرب لا توجد خلفية عرقية أو عنصرية أو إثنية لاختيار الممثلين والممثلات، بالتالي فإن ادعاء وجود عنصرية بسبب اللون مجرد اصطياد في الماء العكر".