ملخص
أصدر مغني الراب البريطاني أفيلينو ألبومه "حفظ الله الشوارع" الذي يضم أغاني تلخص مسيرته والمواقف التي جعلته على ما هو عليه اليوم
قبل ثلاثة أعوام أعلن أفيلينو - بكلماته - "أعظم ظهور لموسيقى الراب في تاريخ بريطانيا". هذه الجمعة، أطلق أخيراً ألبوم الفنان المقيم في شمال لندن. إذاً، ما الذي أخذه كل هذا الوقت؟ "لا يمكنك التسرع في العظمة"، كما يقول بهدوء. في هذه الحال، لم يكن من الممكن أن يكون توقيت ألبوم "حفظ الله الشوارع" God Save the Streets أفضل. قبل أقل من شهر من تتويج الملك تشارلز والملكة كاميلا، كان مليئاً بتأملات دقيقة حول الفقر والصحة العقلية والسلطة، مع تقديم النظام الملكي الجديد كخلفية مريبة. إن إشارة العنوان الواضحة إلى أغنية "حفظ الله الملكة" God Save the Queen لفرقة Sex Pistol التي أطلقت عام 1977 هي إشارة مقصودة. يعلن أفيلينو أن "الراب هو البانك الجديد".
"تنظر إلى [السبعينيات] وتلك كانت موسيقى جيلهم، موسيقى الشوارع". إنه يجسد روح التحدي في أغنية "مستاء" Vex المنفردة، وهي مزيج مذهل من الدقات الإيقاعية والآلات ذات الصوت المستقبلي: يحضر المتعاون الدائم "غيتس" بجملته وذكائه الحاد ("ذهبت إلى مدارس مختلفة ولكن ليس هي السبب لامتلاكي مبادئ")، بينما يزمجر "باكروود غي". يقول أفيلينو: "شعرت بأن كلمة ’مستاء‘ تجسد الطاقة والقوة اللتين نربطهما بموسيقى البانك". لتضخيم هذه الرسالة إلى أبعد من ذلك، وظف عضو حقيقي من فرقة Sex Pistol، عازف القيثارة غلين ماتلوك الذي يظهر عزفه على الغيتار بطريقة تنذر بالشؤم عبر الأغنية.
ربما كان ظهوره الأول منتظراً، لكن مغني الراب البالغ من العمر 29 سنة حظي باحترام أقرانه خلال الجزء الأكبر من عقد من الزمان، إذ بدأ بإصدارات الـ"يوتيوب" تحت اللقب "آي آي" AA قبل أن يرتفع إلى نطاق أوسع مع شريطه الموسيقي الثاني، "الطموح الأيقوني" Iconic Ambition لعام 2014. في وقت بلغ 25 سنة من عمره، أوصلته قدرته الماهرة في التلاعب بالألفاظ وغنائه السريع إلى جولة مغني الراب "ستورمزي" Stormzy الرئيسة عام 2015. بعد ذلك بعامين، ظهر في موسيقى "فيفا" المرغوبة جنباً إلى جنب مع المغني "سكيبتا" Skepta وستورمزي في أغنية "الطاقة"، وهي أغنية تحمل التهديد والموالفة والدمدمة. "لا تحضر إلى جولتي إذا لم تكن لديك طاقة"، يحذر ستورمزي المستمعين. من الواضح أن أفيلينو يضع معايير عالية. هل شعر في أي وقت مضى بالضغط، مع وجود كثير من العيون عليه؟ يقول "لا. أنا لست بحاجة إلى الثناء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولد أتشي أفيلينو في أنغولا، وهو الطفل الأوسط بين ستة إخوة وأخوات، وانتقل مع عائلته إلى المملكة المتحدة عندما كان في الثالثة من عمره. يقول: "اللاجئون اليافعون، كما تعلمون، ينشأون هنا كمواطنين بريطانيين فخورين". نحن نجلس في بار فندق في وسط لندن. أفيلينو، وهو يشرب كوباً من الماء، ويتحدث بصوت منخفض. ومع ذلك، حتى لو تغافلت عن شعره، المصبوغ بلون قرمزي لامع، وهيئة جسده البالغ طوله 6 أقدام و3 بوصات (190 سم) جالساً خلف الطاولة، فإنك ستلاحظ جاذبيته المغناطيسية وثقته الهادئة.
في المدرسة، تورط بالأذى - ليس أمراً خطراً، لكن بشكل كافٍ ليجعله يقضي وقتاً أطول في التجوال في الممرات مع زملائه أكثر من داخل الفصل الدراسي. قيل له مرات عدة إنه يمكن أن يكون مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD، لكنه غير متأكد. "لم يكن الأمر منطقياً، لأنني لا أفقد تركيزي عندما أصنع موسيقى أو ألعب بلاي ستايشن أو كرة القدم"، يقول وهو يهز كتفيه. ويضيف "ربما لم أكن مهتماً بما كنت أتعلمه في ذلك الوقت. أنت تشعر بالملل، ولذا تريد أن تكون مزعجاً".
كان عمالقة الـ"هيب هوب" الأميركيون مثل بيغي Biggie وتوباك Tupac وبوستا رايمز Busta Rhymes قدواته الأوائل، لكن حين اكتشف فنانون محليون - كانو Kano وريتش 32 Wretch 32 وغيتس Ghetts - بدأ يرى موسيقى الراب كاحتمال مستقبلي له. يقول: "سترى ريتش يذهب إلى المتجر أو شيء ما، وتعتقد بأن هذا شيء ملموس، شيء واقعي يجب متابعته". بدلاً من إخبار أي شخص بما يشعر به، قام بتدوين مشاعره على هيئة كلمات. بينما كان والداه يعملان في سبع وظائف، امتلأت غرفة نوم طفولته برزم من الورق، محشوة في الأدراج والخزائن. يقول: "كان إدماناً تقريباً. وجدت طريقة للتنفيس".
هذا الدافع المبكر لكتابة أفكاره ومشاعره تطور منذ ذلك الحين إلى كلمات نارية واعية سياسياً تسمعها في "حفظ الله الشوارع". يوضح أفيلينو: "أنا أناهض الفقر أكثر من كوني مناهضاً للمؤسسات [الحاكمة]"، على رغم أنه من الواضح أنه ليس ملكياً [مؤيداً للملكية] أيضاً. على "تويتر"، إنه مشغول بالترويج لألبومه بعبارات مثل: "حفظ الله الشوارع، وليس تشارلز". ولكن هذا، جنباً إلى جنب مع الإيماءة المرحة من غلاف الألبوم إلى العمل الفني لفرقة Sex Pistol - ناهيك عن النشيد الوطني الذي يرن على الأغنية الرئيسة - يوحي بالسخرية أكثر من أي شيء آخر. قلق أفيلينو الأعمق هو كيف يمكنه المساعدة في تشجيع الناس على تغيير حياتهم. يقول: "لدينا فرص أفضل لتغيير ثرواتنا إذا غيرنا الطريقة التي نتعامل بها مع العالم. رأيت أشخاصاً يخشون الفقر طوال حياتهم، ويبقون هناك. ولكن في الواقع ما يحدث هو، عندما تستبدل هذا الخوف وتستخدمه في الواقع لمعرفة كيف ستحقق الأشياء، عندما تلاحظ الثروات [في الحياة] - الأصدقاء والعائلة والصحة - التي لا علاقة لها بالمال... تصبح الحياة فجأة أكثر إنتاجية".
ومع ذلك، فهو أيضاً يدرك جيداً أن الأمر ليس دائماً بهذه البساطة، غالباً ما يوجه المجتمع الأفراد من خلفيات معينة إلى مسارات محددة. تتناول أغنية "الحلقة المفرغة"، "نفس القصة القديمة" المتمثلة في "محاولة الانتقال من الحضيض إلى المجد"، حيث تنتقد وتتعاطف مع فكرة أصبح ثرياً أو مت وأنت تحاول. يقول الآن: "المتوقع من شخص مثلي، آتياً من حيث أتيت، هو ألا تصنع شيئاً من نفسك. إذهب إلى السجن. مت. واحد من اثنين". يأمل في أن يكون قدوة يحتذى بها. أثناء الوباء، استوحى إلهامه من كتب المساعدة الذاتية، بما في ذلك علم التحكم الآلي النفسي لماكسويل مالتز الذي يبدو أنه توقع الاتجاه الحالي نحو "التجلي". في ألبوم أفيلينو، يمكن سماع عضو العصابة الذي تحول إلى متحدث تحفيزي وعامل شباب مارفن هيربيرت وهو يروي وقته في الشوارع، ويفكر في كيفية قلب حياته.
يؤمن أفيلينو بالتأكيد بفكرة أنه يمكنك، من بعض النواحي، "إرادة نفسك" نحو الإنتاجية أو النجاح. "أنظر، الحقيقة المطلقة هي أن ظروف كل شخص مختلفة" يعترف قائلاً. "كل شخص لديه فرصة مختلفة أمامه، ولكن يمكننا جميعاً أن نختار ما هو أفضل وننشئ فرصتنا الخاصة". لقد طبق هذه العقلية أثناء العمل على التسجيل الموسيقي الجديد. في الماضي، كافح لجعل الأشياء تتدفق من دون اللجوء إلى كأس مشروب، أو اثنين، تمت كتابة "حفظ الله الشوارع" بينما كان صاحياً (غير ثمل) إلى حد كبير. "بصراحة، لا أشعر بأنني عملت بجد في هذا [المشروع]" يعترف. ويضيف "وهذا أفضل ما لدي. بدأت بالفعل النوم مبكراً. توقفت عن شرب الكحول كثيراً، إذ كنت أعتمد عليه في تأليف الموسيقى".
مثل غيتس الذي يكيل في أغنية "مستاء" انتقاداً خفيفاً بحق "الرجل [الذي] لا يعرف شيئاً عن إيندي [مجموعة أو شركة موسيقية صغيرة مستقلة] لأنه دائماً في الشركة [الموسيقية الكبيرة]"، يظل أفيلينو مستقلاً تماماً كفنان. "لن يكون ذلك منطقياً"، كما يقول عن احتمال التوقيع مع شركة موسيقية. "لم أستطع أخذ من فرقة Sex Pistol وإعطاء [هذا الألبوم] إلى شركة كبرى، هل تعرف ما أعنيه؟". في آخر الألبوم الأغنية العميقة "القبول"، يتطلع إلى المستقبل بعيداً من ماضيه. "هل احتجت حقاً إلى الضغط أم كنت بحاجة إلى منظور جديد؟" يسأل. يطلب المغفرة لمن جرحه ويتعهد بمسامحة من ظلموه. "لا تنس أبداً من أين أتيت، لكنني لن أعود"، كما يقول، بينما يبدأ النشيد الوطني بالعزف بعيداً مرة أخرى.
يقول "بالنسبة لي، كانت أغنية ’القبول‘ هي الطريقة المثلى بالنسبة لي لإنهاء الألبوم لأن كثيراً منا يعمل فقط في وضع الطيار الآلي [في الحياة]. لديك عيوبك، يمكنك الانجراف في الحياة، لكن ذلك في الواقع مدمر للذات". يريد أفيلينو أن يكون حاضراً، حتى لو كان ذلك يعني أنه يرتكب أخطاء بين الحين والآخر. حسناً، لا أحد معصوماً من الخطأ، أليس كذلك؟ يضحك: "بقدر ما أعتقد بأنني كذلك، أعرف أنني لست كذلك". يتوقف قليلاً ويضيف "لكنني أقوى مما كنت عليه في أي وقت مضى".
صدر ألبوم "حفظ الله الشوارع" في أبريل الماضي
© The Independent