Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تضييق على صناع المحتوى في ليبيا وسط اعتراضات حقوقية

طالبت منظمات محلية ودولية البرلمان بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية لما يسببه من تضييق على حرية التعبير

مجلس النواب الليبي يصدر قانون الجرائم الإلكترونية (موقع البرلمان الليبي)

ملخص

لم تقم السلطات الليبية بعمليات اعتقال ممنهجة لصناع المحتوى على مواقع التواصل قبل صدور قانون الجرائم الإلكترونية عن مجلس النواب العام الماضي

ألقت قوات الأمن الليبية في غرب البلاد القبض على خمسة صناع محتوى بارزين على موقع التواصل الاجتماعي "تيك توك" في ظرف أقل من شهرين، كان آخرهم مغني الراب المعروف باسم "تاكيشي"، أغلبهم بتهمة "انتهاك أخلاق المجتمع، والإخلال بالآداب العامة عبر المحتوى الذي ينشرونه في فيديوهات على الموقع".

واتخذت السلطات الليبية هذه الخطوة تحت غطاء قانون الجرائم الإلكترونية الذي أصدره مجلس النواب الليبي العام الماضي، واعترضت عليه منظمات حقوقية كثيرة داخل ليبيا وخارجها، معتبرة إياه "تضييقاً صارخاً على حرية التعبير".

وكانت مفوضية المجتمع المدني أثارت جدلاً واسعاً أيضاً العام الماضي، عندما طالبت بحجب موقع "تيك توك" في البلاد، وسط انقسام شعبي كبير بخصوص هذه الدعوة، وتأثر القيم المجتمعية بثورة "السوشيال ميديا" وما يعرض فيها، بخاصة في بلد تعرض لهزات كبيرة على المستويات كافة في السنوات الأخيرة.

تكتم السلطات

وعلى رغم تكرر حالات القبض على شخصيات مشهورة على مواقع التواصل الليبية في الشهرين الماضيين، والجدل الكبير الذي تثيره، واصلت السلطات الليبية في طرابلس صمتها ورفضها التعليق على حملة الاعتقالات هذه، وهي التي تتبعها الجهات الأمنية التي اعتقلت هؤلاء الأشخاص، ومن أبرزهم الناشط السياسي عبد الرازق البكوش، وصناع المحتوى على الـ"تيك توك" الثنائي المعروف باسم الكندر وحميد، والشاب طه جوان وآخرهم قبل يومين مغني الراب "تاكيشي".

قبل ذلك بأشهر، وتحديداً في 17 فبراير (شباط) 2023، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة فتحي باشاغا في بنغازي، توقيف واحتجاز المغنية الشعبية أحلام اليمني، والمدونة صانعة المحتوى حنين العبدلي، في بنغازي بسبب "قضايا مخلة بالشرف والآداب العامة، ولمخالفتهما قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022"، فيما لم يقدم بيان الداخلية أي تفاصيل عن الاعتقال أو المحتوى المرفوض.

من جانبها، اكتفت الأجهزة الأمنية التي نفذت عمليات القبض على شخصيات شهيرة على مواقع التواصل في غرب البلاد بالقول، إنها اعتقلتهم لنشرهم محتوى ينافي الأخلاقيات والآداب العامة.

قانون الجرائم الإلكترونية

لم تكن حالات الاعتقال لنشطاء ومدونين وصناع محتوى ليبيين على مواقع التواصل نشطة في ليبيا قبل صدور قانون الجرائم الإلكترونية عن البرلمان الليبي في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، الذي أثار موجة احتجاج كبيرة من منظمات حقوقية محلية ودولية، وعلى رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش".

وطالبت المنظمة الحقوقية الدولية في بيان لها صدر قبل شهر تقريباً، بـ"ضرورة عمل مجلس النواب الليبي على إلغاء قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لسنة 2022، الذي يقيد حرية التعبير".

وطالبت المنظمة أيضاً "السلطات الليبية بالإفراج فوراً عن أي شخص تحتجزه بموجب هذا القانون بسبب تعبيره السلمي".

حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، أكدت أنه "ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها، وليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأت المنظمة في بيانها، أن "قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يضاف إلى عدد كبير من القوانين في ليبيا التي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية والتي ينبغي إصلاحها، بما في ذلك القوانين المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وما يسمى بالجرائم ضد الدولة".

واعتبرت أن "أوجه القصور الرئيسة في هذا القانون تشمل تعريفات غامضة وفضفاضة، يمكن أن تدعو إلى الملاحقة القضائية للتعبير السلمي، والعقوبات التي ينص عليها والتي تشمل غرامات مالية ضخمة والسجن لفترات يمكن أن تصل إلى 15 عاماً".

قانون فضفاض

منظمات حقوقية ليبية اتحدت أيضاً في رفض هذا القانون البرلماني المثير للجدل منذ صدوره، وبينت سبب اعتراضها على القانون، قائلةً إن "المادة الثانية من القانون هي الأكثر غموضاً فيه، كونها تنص على أن أهدافه تتمثل في حماية النظام العام والآداب العامة، من دون توضيح شكل هذا النظام العام وآدابه العامة وماهيتها".

كما رأت أن "القانون يمنح السلطات صلاحيات واسعة لإجراء مراقبة مستهدفة أو جماعية، بطريقة يمكن أن تنتهك الحق في الخصوصية، لأنها تشمل مراقبة الرسائل الإلكترونية بين الأفراد أو المحادثات، من دون أن يحدد بوضوح متى يسمح بذلك".

وتابعت "القانون يمنح أيضاً السلطات الليبية سلطات واسعة للملاحقة القضائية على الأفعال المرتكبة في الخارج، طالما امتدت تداعياتها إلى داخل ليبيا، ويشمل ذلك الأشخاص في البلدان التي لا تعتبر هذه الأفعال غير قانونية".

غياب الحماية القانونية

وتساءل الصحافي الليبي هشام يوسف عن سبب غياب دستور يحمي الحق الطبيعي للتعبير، ويحدد صلاحيات السلطة".

وخلص إلى أن "مازاد في تعقيد هذه المسألة بقاء البلاد من دون دستور يضمن حقوق المواطن في التعبير عن آرائه في القضايا كافة بالطرق السلمية، ومنع السلطة من تكميم أفواه المنتقدين لها ولممارساتها".

زيادة المستخدمين للإنترنت

وعلى رغم كل محاولات الحجب والمراقبة، أكدت آخر بيانات إحصائية رصدت عدد مستخدمي الإنترنت في ليبيا، ارتفاعاً بنسبة 76.2 في المئة خلال السنوات العشر الماضية، من 877 ألف مستخدم عام 2012 إلى 3.7 مليون مستخدم حتى فبراير الماضي، بما يمثل 49.6 في المئة من عدد السكان.

وأفاد تقرير عن البيانات والإحصاءات والاتجاهات الرقمية في ليبيا، نشرته منصة "سلايد شير" الأميركية، أن عدد مستخدمي الإنترنت ازداد بنسبة 10.1 في المئة خلال العام الأخير، بواقع 320 ألف شخص.

وفي حين يعتمد 99.5 في المئة من المستخدمين على الهاتف المحمول، تشير البيانات إلى أن 11.87 مليون شخص متصل بالإنترنت حتى نهاية العام الماضي، ما يمثل قرابة ضعف عدد السكان، فق المنصة المتخصصة في عرض البيانات والإحصاءات.

كما تشير البيانات إلى أن عدد مستخدمي مواقع التواصل في ليبيا وصل إلى 6.4 مليون مستخدم، بما يمثل 91.4 في المئة من عدد السكان، وأن عدد مستخدمي تطبيق "تيك توك" سجل 62 في المئة لدى الشريحة العمرية من 18 و24 سنة، بينما يمثل 95 في المئة من مستخدمي التطبيق من الفئة العمرية الأقل من 35 سنة، ثلاثة أرباعهم من الذكور، في حين لم تتجاوز نسبة الإناث 25 في المئة من مستخدمي الموقع.

وتطور استخدام "السوشيال ميديا" خلال السنوات الثماني الأخيرة، إذ جاءت الزيادة الأكبر عام 2015 عندما ارتفع عدد المستخدمين بنسبة 54.9 في المئة، مسجلاً 2.2 مليون مستخدم مقارنة بـ 1.42 مليون مستخدم عام 2014.

كما تفيد البيانات بأن 76.62 في المئة من السكان يمتلكون هاتفاً محمولاً، و21.82 في المئة يمتلكون أجهزة كومبيوتر ثابتة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير