Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجفاف يخطف فرحة التونسيين بعيد الأضحى

دعوات لاستصدار فتوى تجيز التخلي عن الذبح هذا الموسم لاسترجاع الاكتفاء الذاتي

أغنام في حقول ضربها الجفاف في مجز الباب شمالي تونس (أ ف ب)

ملخص

تونس تواجه أزمة في الأضاحي قبل أسابيع من العيد بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا ومطالب باستصدار فتوى لوقف الذبح هذه العام.

ينصب اهتمام التونسيين، خلال الأسابيع المقبلة، على أسواق الماشية، وتحديداً أسعار الخرفان، مع اقتراب عيد الأضحى، بخلفية ترتبط بتراجع الإقبال على الشراء، خلال السنوات الماضية، بسبب الغلاء.

ويدأب التونسيون قبل عيد الأضحى من كل عام على اقتناء الخرفان وذبحها في منازلهم، لكن العادة الإسلامية المقدسة باتت مهددة، إذ يتوقع متخصصون اقتصاديون عزوفاً أعمق هذا العام على خلفية انفلات الأسعار، مثلما حدث من تراجع في استهلاك اللحوم الحمراء، خلال شهر رمضان الماضي.

ويعود ذلك إلى تراجع أعداد الخرفان، متأثرة بموجة الجفاف التي عرفتها تونس، أخيراً، والنقص المسجل في الأعلاف واضطراب توريدها بسبب الحرب في أوكرانيا، ما دفع البعض لمطالبة مسؤولي الإفتاء في البلاد بإجازة التخلي عن ذبح الأضاحي، هذا العام، في مسعى لاسترجاع الاكتفاء الذاتي من رؤوس الأغنام.

فقدان نصف الأضاحي

عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (منظمة مستقلة)، المكلف بالإنتاج الحيواني، يحيى مسعود، كشف أن بلاده فقدت هذا الموسم نصف الكمية المخصصة للأضاحي، حيث لا يتجاوز عدد الخرفان المتوافرة للعيد 650 ألف رأس مقابل مليون و450 ألفاً العام الماضي.

ويقدر مسعود، الفائض الإنتاجي للعام الماضي بـ450 ألف رأس، موضحاً أن استهلاك التونسيين يتراوح بين 950 ألفاً ومليون خروف سنوياً، ما يدعم توقعاته بارتفاع سعر الخروف ليتراوح بين 700 دينار (230.2 دولار) و1100 دينار (361.8 دولار)، هذا الموسم، مقابل 500 دينار (164.4 دولار) إلى 800 دينار (263.15 دولار)، العيد الماضي.

لكنه يأمل في أن يغطي المعروض في السوق احتياجات هذه المناسبة الدينية، مرجحاً تراجع الطلب هذا الموسم.

شح الأعلاف

يفسر عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة، النقص في المعروض من القطيع، بالزيادة المسجلة في كلفة الإنتاج، نتيجة تراجع كميات الأعلاف في السوق التونسية، على خلفية موجة الجفاف التي عانت منها البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدت ندرة الأعلاف إلى ارتفاع أسعارها بالسوق المحلية، إذ سجل سعر وحدة الشعير (كيس) 67 ديناراً (22 دولاراً) مقابل 20 ديناراً (6.57 دولار) في السابق. وارتفع سعر العلف المركب بزيادة تجاوزت 200 في المئة مقارنة بالسنوات الماضية.

وعمقت ندرة الأعلاف بالسوق العالمية واضطراب سلاسل التوريد بسبب الحرب في أوكرانيا، معاناة مربي الأغنام، إذ عجزت تونس عن توفير العلف المورد، وتحصلت على 60 في المئة من الكميات المطلوبة عند عمليات التوريد، علاوة على اشتعال أسعار الشعير والصويا والذرة التي تجاوز الطن منها 1600 دينار (526.3 دولار).

قطيع مهدد

ورجح عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الفلاحية، لجوء تونس إلى زيادة توريد الأضاحي لضبط السوق وعرقلة تصاعد الأسعار ومقاومة ظاهرة ذبح إناث القطيع، بعد استفحالها أخيراً كرد فعل على النقص المسجل في ذكور الأغنام، ما يمثل خطراً حقيقياً على مستقبل إنتاج اللحوم بالبلاد.

وتوقع توريد 200 ألف رأس من الأغنام، على رغم تحفظات الاتحاد الدائمة على التوريد نتيجة الأضرار المترتبة عنه على منظومة الإنتاج، مشيراً إلى انعقاد اجتماعات بين المنظمة ووزارة الفلاحة وشركة اللحوم الحكومية للنظر في آليات تحقيق توازنات القطيع والسوق.

لكنه في الوقت نفسه يعارض آلية مقاطعة ذبح الخرفان واللجوء إلى فتوى دينية تساعد في ذلك؛ تخوفاً من ركود نسبي في السوق نتيجة لإبطال أهم عنصر في المنظومة وهو الاستهلاك، في وقت تمكنت بلاده في فترات سابقة من تحقيق الاكتفاء الذاتي وكانت مصدراً للحوم الحمراء للجارتين الجزائر وليبيا.

فتوى دينية

قرع رئيس غرفة القصابين (هيئة نقابية)، أحمد العميري، ناقوس الخطر، مؤكداً أن الأزمة التي تعيق منظومة تربية الماشية في البلاد ماضية إلى الاستفحال وحرمان التونسيين من استهلاك اللحوم الحمراء، السنوات المقبلة، تعد نتيجة بديهية لتنامي كلفة الإنتاج وعدم وضع استراتيجية لدعم المربين وبخاصة صغار الفلاحين.

ويلفت الأنظار إلى معاناة المربين من العجز في الحصول على الأعلاف بسبب ندرتها وما يشوب عملية توزيعها من محاباة ومحسوبية وفساد، وهو ما يحتم التعجيل بإنقاذ قواعد إنتاج لحم الضأن لتفادي المعضلة التي ألمت بقطيع الأبقار وهبطت بإنتاج اللحوم الحمراء في المجمل، مع ارتفاع أسعارها وتراجع الإقبال عليها.

وسجل شهر رمضان المنصرم، نقصاً ملحوظاً في استهلاك اللحوم الحمراء بعد ارتفاع أسعارها متجاوزة 42 ديناراً (13.8 دولار) للكيلوغرام، سواء تعلق ذلك بلحم الضأن أو الأبقار.

وتوقع العميري تراوح سعر أضاحي العيد في تونس بين 800 دينار (263.1 دولار) و1200 دينار (395 دولاراً)، مع احتمالات بوصولها إلى 1300 دينار (427.6 دولار).

كان رئيس غرفة القصابين في تونس قد دعا في وقت سابق مفتي الجمهورية، باعتماد مبدأ الاجتهاد وإصدار فتوى تجيز الامتناع عن ذبح الأضاحي، هذا العيد، في محاولة لاسترجاع القطيع من الخرفان، وعملاً على إعادة تكوينه، بما يفضي إلى حماية القدرة الشرائية للتونسيين مستقبلاً، بعد تسجيل عزوف عن اقتناء الأضاحي 60 في المئة، خلال عيد الأضحى الماضي، على خلفية انهيار القدرة الشرائية، التي حالت دون فرحة التونسيين بالعيد.