ملخص
استقطبت جزيرة جربة أكثر من 7 آلاف سائح منذ الثالث من مايو الجاري
يتوجس الناشطون بالقطاع السياحي في تونس خيفة من تداعيات حادثة إطلاق النار التي جدت بجزيرة جربة جنوب البلاد منذ يومين، بعد أن أطلق رجل أمن الرصاص على زملائه ومدنيين آخرين قبل أن تتم تصفيته في محيط المعبد اليهودي في الجزيرة.
ونجم عن الحادثة مقتل خمسة أشخاص منهم ثلاثة أمنيين وزائران للمعبد، أحدهما فرنسي الجنسية والثاني تونسي مقيم بالمدينة، وجرح عشرة آخرين.
وإن لم تكشف التحقيقات عن طبيعة الهجوم فإنه يوشك أن يعصف بآمال المتخصصين بأن الموسم السياحي في تونس هذا العام واعد.
بحكم أهمية الوجهة السياحية التي تمثلها الجزيرة باحتضانها لاحتفالات دينية متنوعة إضافة إلى المنتوج السياحي التقليدي، أهّلها ذلك لتكون قبلة للوافدين من جميع الجنسيات الأوروبية والآسيوية والعربية على مدار العام.
واتهم الرئيس التونسي قيس سعيد من وصفهم بالمجرمين بالسعي إلى زرع الفتنة وضرب الموسم السياحي، بينما طمأن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار شركاء تونس ليؤكد جاهزية البلاد وقدرتها على استقبال وتأمين وضيافة الزوار خلال الموسم السياحي الصيفي.
في تلك الأثناء أكدت السلطات السياحية التونسية استمرار وتواصل الرحلات السياحية المخطط لها قدوماً سواء كانت القادمة إلى داخل البلاد أو المغادرة لها خصوصاً في جزيرة جربة، إذ قال وزير السياحة محمد معز بن حسين إن النسق السياحي يسير وفق الأمور الطبيعية العادية من دون أدنى تغيير أو إلغاء، مشيراً إلى تشكيل خلية يقظة ومتابعة لوضعية النزلاء بالفنادق بالمكان.
انتعاش سياحي ولكن...!
واستقطبت جزيرة جربة أكثر من 7 آلاف سائح منذ الثالث من مايو (آيار) ، في مقابل نحو 4 آلاف زائر في الفترة نفسها من العام الماضي، إذ يعد معبد "الغريبة" اليهودي الوجهة السياحية الأولى للزائرين وأحد العتبات المقدسة الأقدم والأهم في العالم، ويحج إليه آلاف سنوياً خلال يومي الثامن والتاسع من مايو(أيار) .
وبلغت نسبة الحجوزات في الموسم السياحي نحو 100 في المئة تتوزع بين عدد من الجنسيات، منهم سياح وافدون من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشار إلى أن تونس سجلت مؤشرات جيدة تشير إلى بدء تحس وعودة النشاط السياحي بعد أزمة الجائحة العالمية، إذ زادت عائدات القطاع السياحي بنحو 83 في المئة في العام الماضي مقارنة بعام 2021، بقيمة 4.2 مليار دينار (1.38 مليار دولار).
وبلغت قيمة العوائد السياحية منذ يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية أبريل (نيسان) 2023 نحو 1.29 مليار دينار (424 مليون دولار) في مقابل 816 مليون دينار (268 مليون دولار) في فترة المقارنة نفسها من العام الماضي 2022.
وتعد السياحة التونسية أحد أبرز المصادر لجلب العملات الأجنبية، إذ تحتل المرتبة الثانية بعد تحويلات المغتربين التونسيين التي سجلت نحو 9.5 مليار دينار (3.1 مليار دولار) في العام الماضي.
الشركاء
وامتدت الصعوبات التي تواجه المؤسسات والوكالات السياحية من منذ العام الماضي 2022 إلى العام الحالي كأحد التداعيات السلبية للجائحة العالمية والحرب الروسية - الأوكرانية.
من جهته قال رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أحمد بالطيب لـ"اندبندنت عربية" إن "30 في المئة من الفنادق التونسية تعجز عن استئناف نشاطها، بعد أن أغلقت أبوابها إثر انتشار جائحة كورونا"، مضيفاً أن "الآمال انصبت على الموسم السياحي الحالي لاسترجاع الأنفاس لبقية المؤسسات السياحية بعد ارتفاع نسبة الحجوزات مع مطلع 2023".
وتابع بالطيب أن "الهجوم على المعبد اليهودي بجربة يهدد بتبخر الأحلام والآمال"، مستدركاً "لكن حتى الآن الرحلات السياحية الخاصة بالجزيرة متواصلة ولم ترصد حالات لإلغاء الحجوزات حتى الآن".
القطاع السياحي يدفع الفاتورة
وقال رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار إنه "من المبكر الحديث عن التداعيات السلبية للحادثة في الوقت الحالي"، متوقعاً أن يدفع القطاع السياحي فاتورة الحادثة ، متمنياً ألا تكون الفاتورة باهظة حتى لا ينهار معها الموسم السياحي.
وأشار إلى أن أسلوب تعامل السلطات التونسية مع تداعيات الحادثة سيقلل من حدة أزمة القطاع السياحي، مطالباً بالكشف أولاً بأول عن نتائج التحقيقات بكل شفافية ووضوح وإعلان خلفيات الحادثة لطمأنه السائحين واسترجاع ثقة شركاء تونس التقليديين خصوصاً في دول الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى فرنسا التي قتل أحد مواطنيها في الحادثة أحد أبرز شركاء تونس وتأتي على رأس قائمة الأسواق التقليدية لتونس تليها ألمانيا وبريطانيا، كما تعد السوق الجزائرية أحد أهم الشركاء من دول الجوار، إذ استقبلت تونس في العام الماضي نحو 1.2 مليون سائح جزائري، بينما خسرت المقاصد السياحية التونسية 630 ألف سائح روسي و330 ألف سائح أوكراني بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية في مارس (آذار) 2022.
الوقت لا يزال مبكراً
من جانبه اعتبر المتخصص في القطاع السياحي محمد علي العنابي التكهن بالتداعيات السلبية للحادثة أمر صعب إلا بعد مرور فترة زمنية تحدد فيها المسؤوليات وتوجه الاتهامات وتكشف عن طبيعتها.
وتابع أن أسلوب التعامل مع تداعيات الحادثة سيخفف من المخاوف التي تسللت إلى وكلاء السياحة التونسية المحلية والعالمية، موضحاً أن "النجاعة الأمنية والسرعة التي رافقت التعامل مع الاعتداء المسلح خفضت نوعاً ما من المخاوف".
وأعرب العنابي عن تفاؤله بردود الأفعال الإيجابية التي تلقتها وكالات الأسفار التونسية من نظيراتها بالبلدان الأوروبية التي أبدت استعدادها لمواصلة العمل مع شركائها في تونس والترويج للوجهة التونسية، علاوة على استمرار توافد الرحلات بعد الحادثة.