ملخص
المرشح الرئاسي للمعارضة كمال كليتشدار أوغلو استخدم هذا المصطلح مرتين خلال الأسبوع الماضي على وجه التحذير.
تثير الانتخابات التي ستجرى في تركيا غداً الأحد حالة من الأمل والقلق في البلاد، وذلك يعود إلى التوترات السياسية والاجتماعية التي تسود في الوقت الحالي.
يعبر كثيرون عن قلقهم في شأن ليلة 14 مايو (أيار) واليوم التالي، وبخاصة إذا تم الاضطرار إلى إجراء جولة ثانية من الانتخابات، حيث يزداد التوتر والقلق خلال الفترة الزمنية بين الجولتين.
يتصاعد التوتر في المجتمع بسبب الخطط المزعومة للحكومة لخلق الفوضى بصورة علنية، ورفض النتائج، إضافة إلى إشارات احتمال لجوء ميليشيات مسلحة إلى العنف.
يعود هذا القلق إلى مخاوف الجانب الحاكم من الخسارة وما قد يترتب عليها من محاكمات.
قد يبدو استخدامي لمصطلح "الفوضى" في شأن ليلة الانتخابات مبالغاً فيه، لكن المرشح الرئاسي للمعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، استخدم هذا المصطلح مرتين خلال الأسبوع الماضي على وجه التحذير.
قبل أيام تعرض المرشح لمنصب نائب الرئيس أكرم إمام أوغلو لهجوم بالحجارة أثناء مهرجان انتخابي. وتبين أن مرتكب هذا الهجوم ضابط صف من استخبارات الدرك التابعة لوزارة الداخلية. وقامت وزارة الدفاع الوطني بفصل المهاجم وبدأت الإجراءات.
خلال الأسبوع الماضي أيضاً، تم نشر مقاطع فيديو جنسية "مشينة" يزعم أنها تعود للمرشح الآخر لمنصب رئاسة الجمهورية، محرم إينجه. فحاول إينجه وأردوغان توجيه اللوم إلى كمال كليتشدار أوغلو وجماعة غولن، لكن في اليوم التالي، أعلن حساب نشره حزب الشعب الجمهوري (CHP) استناداً إلى أدلة ملموسة أن صاحب الحساب الأصلي هو مسؤول الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون.
واضطر محرم إينجه إلى الانسحاب من الترشح.
صحيح أن ترشح إينجه المنشق من حزب الشعب الجمهوري كان يصب في مصلحة أردوغان لأنه كان يقسم أصوات المعارضة. إلا أن الدعم الشعبي لإينجه تدنى بشكل سريع في الآونة الأخيرة إلى مستويات منخفضة جداً ولم يعد مفيداً لأردوغان بعد الآن.
عندما أدرك أردوغان وأنصاره أن أصوات إينجه قد تراجعت إلى ما يقل عن واحد في المئة، حاولوا خلق حالة من التعاطف حياله، عن طريق خلق مشاعر الضحية ووضع الجانب المعارض في موقف صعب، بإلقاء اللائمة على المعارضين.
لكن انقلب السحر على الساحر، وانكشف المستور، وعلم الرأي العام أن الحساب الذي نشر الصور يعود إلى أحد أنصار الحزب الحاكم.
وأصبح إينجه أكبر المتضررين من هذه اللعبة القذرة، وذهب بعيداً.
من جانب آخر، أصدرت شركة تركسل، أكبر مشغل للهواتف المحمولة في تركيا، بناءً على توجيهات وزارة الداخلية، إعلاناً بعدم دخول موظفيها الشركة لمدة ثلاثة أيام خلال فترة الانتخابات.
كما أن وزير الداخلية سليمان صويلو أصدر توجيهاً يقضي بأن تتولى قوات الشرطة التابعة له جمع صناديق الاقتراع. ومع ذلك، ألغى المجلس الأعلى للانتخابات هذا التعميم قائلاً: "لا يمكن أن يحدث ذلك".
وقبل يومين فقط من الموعد النهائي للانتخابات، تلقى كمال كليتشدار أوغلو الذي أصبح من المحتمل أن يفوز برئاسة الجمهورية في الجولة الأولى، تهديدات بالقتل عبر إرسال صور مسلحة. ورد أوغلو على هذا التهديد من خلال نشر فيديو قصير على حسابه في "تويتر" يقول فيه رداً على أردوغان: "لا أخشى الموت".
علاوة على ذلك، اعترف علي يشيلداغ، صديق عائلة الرئيس أردوغان منذ ما يقارب 50 عاماً، بالفساد والأعمال الإجرامية التي تورط فيها أردوغان وعائلته ومحيطه، وقدم الوثائق والأدلة على ذلك بصفته شاهد عيان ومشاركاً فيها، مما أثار حالة من الذعر والتصعيد العدواني في أروقة السلطة العليا، وجعل الجميع يتساءل عن تداعيات هذا الاعتراف على المشهد السياسي والانتخابات المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نعم، نحن على بعد ساعات فقط من الانتخابات. ومع ذلك، كان أسلوب الرئيس أردوغان بعد أيام الزلزال يعطي إشارة بأننا سنخوض الانتخابات في جو مشحون بالتوتر، فقد كانت تعبيراته التي استخدمها تجاه العائلات المتضررة التي كانت تشكو من تأخر الحكومة في التدخل في منطقة الزلزال: "أيها اللاأخلاقي، أيها الفاجر، أيها الرخيص". مما يشير إلى أنه لم يعد يتحمل أي نقد يؤثر على سمعة الحكومة.
هذا بالفعل أعطانا إشارة بأننا سنذهب إلى الانتخابات مع أردوغان الذي نعرفه من قبل، بالتالي سيحاول أولئك الذين يستمرون في هذا الأسلوب والخطاب -حتى مع المنكوبين- أن يثيروا الفوضى في ليلة الانتخابات.
لكن إذا كان أردوغان يريد أن يلجأ إلى القوة في حالة خسارته، فإنه يتعين عليه أن يأخذ القوات المسلحة التركية إلى جانبه لتنفيذ خطته المتعلقة بإثارة الفوضى.
لا أعتقد أن الجيش التركي سينزل إلى الشوارع على الفور ويقدم الدعم لأردوغان حتى ولو تعين عليه إطلاق النار على المواطنين. فعلى رغم تضرر سمعته في السنوات الأخيرة، لا يزال الجيش التركي يعتبر الأكثر موثوقية في نظر المواطنين، ولن يستنفد سمعته بالكلية من خلال تقديم دعم مجاني لخطة الفوضى التي سيدعو إليها أردوغان.
القوات المسلحة التركية إذا انحازت لمصلحة أردوغان الخاسر، فإنها ستفقد هويتها بصفتها "جيش الشعب" وستخسر وزنها في قلوب المواطنين.
تعالوا بنا نفهم حوافز الجيش التركي بطريقة منطقية.
لنفرض أن الجنرالات تلقوا أمراً من هذا القبيل. فماذا يفكر الجنرال؟
فلعله يقول في ما بينه وبين نفسه: "إذا قدمت الدعم لأردوغان، فسأترقى في الرتبة، إذا استمر في السلطة، وربما يتم توظيفي بعد التقاعد في وظيفة ذات رواتب متعددة".
ولكن هذا ليس مضموناً، لأن أردوغان كان منذ البداية عدواً للجيش.
وماذا يفكر صناع القرار في الأركان العامة؟
"ليس لدينا كقوات مسلحة تركية أي مصلحة مادية أو معنوية في استمرار أردوغان في السلطة".
لذلك، ستحاول الحكومة الخاسرة إثارة صراع واضطرابات داخلية ليلة الانتخابات عن طريق بقايا الشرطة والاستخبارات والعناصر الميليشياوية المرتبطة بها.
وإذا لم يقع الجيش في هذا الفخ ولم يقدم الدعم لهؤلاء القتلة، فأتمنى أن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد فترة قصيرة من الفوضى التي قد تستغرق يومين أو ثلاثة.
وإلا فإنها ستكون كارثة لبلدي... لا سمح الله.
وأخيراً، ستجرى هذه الانتخابات بين الكتلة الحاكمة المتشكلة من الإسلامويين والقوميين والموالين لحزب الله (ذوي الميول الإيرانية)، وبين الكتلة المعارضة المتشكلة من المحافظين والقوميين المعتدلين والمتدينين المتسامحين واليساريين والعلويين والأكراد الذين يؤمنون بحل المشكلات عبر السياسة وليس العنف.