Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منارة "رأس سبارطيل" في طنجة... أمواج الماضي المضيئة

أنشئت قبل 159 عاماً لمواجهة القراصنة وتسمح برؤية التقاء البحر المتوسط مع المحيط الأطلسي

لمنارة "كاب سبارطيل" المغربية تاريخ قديم جداً إذ يعود إنشاؤها أول مرة إلى عام 1864 (اندبندنت عربية)

ملخص

بفضل ما تزخر به من تاريخ وأيضاً بفضل مكانتها التراثية والثقافية، فقد توجت منارة "رأس سبارطيل" المغربية بلقب "المنارة التراثية" لعام 2023 قبل أسابيع قليلة بالبرازيل، لتكون بذلك المنارة العربية والأفريقية الأولى والوحيدة الحائزة للقب، فماذا تعرف عنها؟

ليس هناك أجمل ولا أكثر إثارة لمشاعر الانبهار من أن يجمع مكان واحد بين الخضرة والماء، وبين الغابة والبحر، بل أن يشكل هذا المكان نقطة التقاء فريدة بين أمواج البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.

هذا المكان هو منارة "رأس سبارطيل" التاريخية، أو "كاب سبارطيل"، التي تقع في أقصى شمال المغرب، وتحديداً في تراب مدينة طنجة، وتعد أقدم منارة في المغرب ومن بين الأقدم في أفريقيا والعالم.

نبذة تاريخية

لمنارة "كاب سبارطيل" المغربية تاريخ قديم جداً، حيث يعود إنشاؤها أول مرة إلى عام 1864 ميلادية في عهد السلطان محمد بن عبدالرحمن، أي منذ قرن و59 عاماً تقريباً، قبل أن تعرف في مراحل تاريخية لاحقة تحولات وتعديلات عديدة.

وتورد وزارة النقل والتجهيز المغربية معطيات تاريخية عن هذه المنارة التاريخية، مشيرة إلى أنه "حتى ظهور السفن البخارية، كان القراصنة يمثلون الخطر الرئيس الذي يحدق بالمنطقة، بمن في ذلك القراصنة القادمون من ميناء مدينة سلا (المجاورة للعاصمة الرباط)، إذ طالما كانوا يترددون منذ القرن الـ16 على مياه هذا الجزء من المحيط الأطلسي الممتد من جزر الكناري إلى الضفاف الشمالية لإسبانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق المصدر الحكومي عينه، فإنه "حتى بعد أن أصبحوا شخصيات أسطورية شبه منسية، بات خطر غرق السفن، منذ ذلك الحين، يعتبر بمثابة التهديد الأول والأكثر خطورة بهذه الواجهة الساحلية لمدينة طنجة، وكانت أشهر حادثة غرق تلك التي عرفتها الفرقاطة التعليمية البرازيلية، والتي أودت بـ250 من الطلبة الضباط عام 1860.

هذه الحادثة دفعت السلطان المغربي محمد بن عبدالرحمن إلى إصدار أوامره عام 1961 بتشييد منارة "رأس سبارطيل"، والتي دام بناؤها من طرف مهندس فرنسي ويد عاملة مغربية أكثر من سنتين، غير أن افتتاحها الرسمي كان في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 1864.

ذات المعطيات تشير إلى أنه في السنة الموالية (1865) وقع المغرب اتفاقية مع 53 بلداً في العالم بخصوص نفقات تشغيل وصيانة المنارة، ثم مرت السنوات ليتم اعتماد قرار فتحها في وجه عموم الزوار عام 2020، حيث أضحت مزاراً سياحياً يجذب آلاف الزوار والسياح كل عام.

لقب عالمي

وبفضل ما تزخر به من تاريخ، وأيضاً بفضل مكانتها التراثية والثقافية، فقد توجت منارة "رأس سبارطيل" المغربية بلقب "المنارة التراثية" لعام 2023 من قبل مجلس الجمعية الدولية للتشوير البحري المنعقد قبل أسابيع قليلة بالبرازيل، لتكون بذلك المنارة العربية والأفريقية الأولى والوحيدة الحائزة لهذا اللقب.

وسبق منارة "رأس سبارطيل" للفوز باللقب العالمي، كل من منارة "هوميكوت" الكورية عام 2022، ومنارة "كاب بايرون" الأسترالية 2021، ومنارة "سانتا أنطونيو دي بارا" 2020، ثم منارة "كوردون" الفرنسية في 2019.

 

 

وحصول منارة "رأس سبارطيل" على هذا اللقب الذي لم تسبقه إليها من قبل أي منارة في أفريقيا والوطن العربي، تحقق بفضل استجابة المنارة المغربية لثلاثة شروط رئيسة مطلوبة في ملفات تشريح المنارات التاريخية بالعالم.

أول الشروط التي توفرت، وفق مسؤولين في وزارة التجهيز الوصية على المنارة، هو معمارها الفريد، بالنظر إلى كونها تشبه الصومعة المغربية، ويبلغ علوها 31 متراً، وتملك سلماً دائرياً ملتفاً يتشكل من 101 درجة، حيث يمكن للزائر أن يصعد عبر هذا السلم إلى أعلى المنارة لمشاهدة معانقة الماء للخضرة.

ثاني الشروط التي أتاحت للمنارة المغربية حيازة لقب "المنارة التراثية لعام 2023"، يتمثل في كونها تتميز بصيانة جيدة داخل وفي محيط المنارة من طرف القائمين عليها.

وأما الشرط الثالث، فهو انفتاح المنارة على عموم الناس من زوار وسائحين، وهو ما تم بالفعل منذ عام 2020.

مرج البحرين

قبل ولوج منارة "رأس سبارطيل" بأمتار عدة تستوقف الزائر إشارة خشبية في نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وهي النقطة التي تحظى كثيراً بالزيارة حيث يلتقط السياح المحليون والأجانب صوراً إلى جانب هذه الإشارة التي تدل على "مرج البحرين".

عند مدخل منارة رأس سبارطيل يكثر الباعة، سواء الذين يبيعون تذكارات سياحية، أو الذي يضع صقراً على ذراعه لالتقاط الصور برفقته مقابل مبلغ مالي، بينما يصطف الزائرون في طوابير طويلة لأداء سعر الزيارة.

 

 

بولوج ساحة المنارة المغربية العتيقة تنتصب أمام الزائر مساحات خضراء وأكشاك ومطاعم تقدم خدمات للزائرين والسياح، غير أن الوجهة الرئيسة تتمثل في دخول المنارة نفسها، التي لا يلجها إلا من سدد ثمناً لا يتجاوز 50 درهماً (0.50 دولار).

في بهو المنارة العملاقة يدخل الزائر إلى متحف تاريخي يتيح معرفة نتف من تاريخ "رأس سبارطيل" وقصة هذه المنارة ودورها في الملاحة البحرية ومحاربة "قراصنة البحر"، وذلك من خلال وثائق وصور ومجسمات تمثل بعض أجهزة وعتاد المنارة.

وفي إحدى الغرف الخاصة داخل المتحف، يمكن للزائر أن يتعرف على صور حراس المنارة منذ أول يوم لإنشائها إلى آخر حارس، كما يمكنه أن يطلع على مختلف تجهيزات ومعدات المنارة من قبيل المصباح والنظام الضوئي، فضلاً عن الأجهزة الصوتية التي كانت تساعد السفن على تدبير تموقعها.

وللوصول إلى قمة المنارة الشاهقة يتعين على الزائر أن يصعد سلماً حديدياً حلزونياً طويلاً وضيقاً يتطلب شيئاً من الصبر وطول النفس، لكن جمال المشهد الطبيعي الذي ينتظر الزائر في الأعلى ينسيه كل تعب ونصب.

وأول ما تقع عليه عينا الزائر من فوق المنارة المغربية الشهيرة هو عناق الماء مع الخضرة في مشهد طبيعي وإيكولوجي خلاب، حيث يجاور ماء البحر الأزرق أشجار الصنوبر المبثوثة والغطاء الغابوي المجاور، وحيث يرى جبل طارق عن قرب.

وفي الوقت الذي يفد لزيارة المنارة ملايين السياح والزوار كل سنة بمدينة طنجة، أضحى المكان يحتاج إلى صيانة أكبر وتأهيل أكثر لمواكبة الأعداد الكبيرة للزوار، على رغم المجهودات الحكومية المبذولة في هذا الصدد.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات