ملخص
يرى وزير الخاريجة البريطاني الأسبق ويليام هيغ أن بوتين يترأس قيادة عسكرية منقسمة ومختلة، لافتاً إلى أن رغبته في السيطرة على كل ما يحيط به جعلته ضعيفاً للغاية تجاه مفاجأة قد لا يتوقعها
يقول وزير الخارجية البريطاني الأسبق ويليام هيغ في مقالة له بصحيفة "تايمز" البريطانية إن بوتين يبدو محاصراً بشكل متزايد بين مجموعات قومية متطرفة تدعي معرفة طريق النصر في الحرب مع أوكرانيا من جهة، وعدم رغبة معظم الروس في التجنيد والمشاركة في أعمال القتال من الجهة الأخرى.
إنه غير حاسم للغاية في الفوز بالحرب حتى لو كان ذلك ممكناً، ولا يمتلك الغطاء السياسي لإنهائها حتى لو رغب في ذلك.
ويشير هذا المزيج إلى أننا أمام حرب طويلة مع عدم قدرة بوتين على الانتصار أو الموافقة على أي شروط سلام واقعية، بغض النظر عن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الصين، لكن هذا يعني أيضاً أن الروس أصبحوا الآن عرضة بشكل خاص لهجوم أوكراني مضاد يتخذ شكلاً لم يتوقعوه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى هيغ أن ما يزيد الوضع السيئ للروس هو أن قيادتهم العليا منقسمة وتفتقر إلى السلطة، وقادتهم الميدانيون غير مخولين للرد بمرونة على الوضع الجديد وقيادتهم السياسية في موسكو تكره الاعتراف بالأخطاء، وبالتالي فإن الهجوم المضاد ذي التوقيت أو الطبيعة أو الموقع غير المتوقع له القدرة على أن يكون مدمراً عسكرياً وسياسياً للجانب الروسي، وربما يكون الأمل الوحيد الضئيل في إنهاء الحرب في المستقبل المنظور من خلال تشويه سمعة قيادة بوتين الخاصة.
ويشير هيغ إلى أسلوب بوتين المعتاد في مداورة المساعدين حتى لا يكتسبوا كثيراً من النفوذ، وخفض رتبتهم من دون استبعادهم لكي يبقي لهم طريق العودة.
ويلفت إلى توصيف "معهد دراسة الحرب" Institute for the Study of War للأمر بأنه "أسلوب قيادة غير مناسب تماماً لقيادة جيش يخوض حرباً مكلفة".
ربما يكون الارتباك والتنافس الناتج من ذلك هو السبيل الوحيد لشرح السلوك غير العقلاني للروس خلال فصل الشتاء، وبدلاً من اغتنام الفرصة لبناء جيش جديد مدرب بعد خسائرهم وانتكاساتهم الفادحة في العام الماضي، قاموا بدفع مجندين غير مدربين لمحاولة الاستيلاء على مدينة باخموت، وهي بلدة ذات قيمة إستراتيجية ضئيلة.
من الصعب أن نتخيل أن قائداً واحداً قوياً كان سيشرع في مثل هذا المسار، لكن بوتين بدأ الحرب من دون مثل هذا القائد، ثم عين قائداً لفترة وجيزة، ثم حول القيادة إلى فصيل أكثر قومية وتطرفاً قبل أن يحول القيادة إلى فاليري غيراسيموف، رئيس الأركان العامة، ثم تنافس الأخير مع مجموعة "فاغنر" المرتزقة بقيادة أمير الحرب المتشدد يفغيني بريغوجين لإظهار ما يمكنهم فعله في باخموت، بينما يقوضون بعضهم بعضاً.
وفي الجهة الأخرى يمدح هاغ محافظة أوكرانيا على "قيادة عسكرية قوية وموحدة تحت قيادة الجنرال زالوجني وقائد الجيش الجنرال سيرسكي"، لافتاً إلى أن المعنويات العالية والتكنولوجيا الغربية وفعالية جنرالاتهم كانت حاسمة في الدفاع الناجح عن كييف واستعادة خيرسون وخاركيف.
ويدعو الحكومات الغربية إلى عدم التسرع في الهجوم المضاد قبل تحقيق كييف الجهوزية الكاملة، مؤكداً أن "هدية بريطانية من صواريخ "ستورم شادو" Storm Shadow القادرة على ضرب أهداف في المناطق المحتلة أبعد مما كان متاحاً حتى الآن، هي بالضبط الخطوة الصحيحة".
وانتقد تقاعس واشنطن عن خطوة مماثلة، لافتاً إلى أنه "خطأ جسيم من قبل إدارة بايدن".
ورفض هيغ مقولة أن الهجوم الأوكراني المضاد سيقتصر على مكاسب ضئيلة، موضحاً أن "السياسيين غالباً ما يقللون من أهمية القيادة العسكرية، وهي ليست سلعة بل موهبة نادرة، وفي هذه الحال فإن الجنرالات المبتكرين وذوي الحيلة العالية ووحدة القيادة يقدمون فرصة غير عادية لضرب عدو هش ومنقسم على ذاته".
ودعا الغرب إلى تبني إستراتيجية سياسية أوسع لما لا يزال يمثل حرباً محتملة طويلة، متسائلاً "هل نفعل كل ما في وسعنا لوقف توريد الأسلحة وغيرها من المساعدات إلى موسكو من قبل دول مثل جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، أو لإخبار الشتات الروسي الضخم في جميع أنحاء العالم بالحقيقة في شأن جرائم الحرب؟".
ومع ذلك يؤكد أن الفرصة المباشرة عسكرية، لافتاً "بغض النظر عن التاريخ فبوتين يترأس قيادة عسكرية منقسمة ومختلة، وبوتين المهووس بالسيطرة والذي تقوم سلطته على الإلمام بكل شيء جعلته ضعيفاً للغاية تجاه مفاجأة قد لا يتوقعها".