ملخص
لا تدعم الأرقام الواقعية تقديرات وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب على النفط
تجاهلت أسواق الطاقة تقديرات وكالة الطاقة الدولية التي توقعت ارتفاع الطلب العالمي على النفط بأكثر من مليوني برميل يومياً هذا العام ليتجاوز إجمالي الطلب المتوقع 102 مليون برميل يومياً في 2023.
وانخفضت أسعار النفط بمقدار واحد في المئة متأثرة بأرقام الاستهلاك الحقيقية التي لا تشير إلى تلك الزيادة الكبيرة في الطلب تزامناً مع صدور تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي أشار إلى الزيادة.
ودار سعر خام برنت القياسي حول 76 دولاراً للبرميل، بينما سجل الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) 72 دولاراً للبرميل.
في غضون ذلك أظهرت أرقام المخزونات الأميركية الصادرة عن هيئة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء الماضي، ارتفاع المخزونات بنحو خمسة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي 12 مايو (أيار) الجاري.
وعلى الرغم من تراجع مخزونات المشتقات، خصوصاً البنزين، التي دفعت أسعار النفط للارتفاع قليلاً بشكل موقت، فإن الأسعار عاودت النزول، أمس الخميس، مع استيعاب المستثمرين لبيانات المخزونات إلى جانب عوامل عدة جاءت متناقضة مع تقرير وكالة الطاقة الدولية.
توقعات وتناقضات
إلى ذلك أبقت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها الشهري الصادر، الأسبوع الماضي، على تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط من دون تغيير عن تقريرها السابق في أبريل (نيسان) الماضي، وإن رفعت توقعاتها للطلب الصيني على النفط بشكل طفيف.
في المقابل زادت وكالة الطاقة الدولية من توقعاتها حول نمو الطلب العالمي في تقريرها الأخير مقارنة بتقرير أبريل الماضي، إذ توقعت نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً العام الحالي، معتمدة على تقديرات هائلة لزيادة واردات النفط إلى الصين استناداً إلى توسع ثاني أكبر اقتصاد في العالم بمعدل أعلى من الواقع الفعلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان تقرير "أوبك"، الأسبوع الماضي، توقع أيضاً زيادة الطلب الصيني على النفط لكن بقدر معأبقت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها الشهري الصادر، الأسبوع الماضي، على تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط من دون تغييرقول، فزادت "أوبك" من توقعاتها لنمو الطلب الصيني من 760 ألف برميل يومياً الشهر الماضي إلى 800 ألف برميل يومياً.
في تلك الأثناء أشار موقع "أويل برايس دوت كوم" المتخصص في أخبار أسواق الطاقة، إلى أن الأرقام الصادرة عن الاقتصاد الصيني تتناقض مع التوقعات المتفائلة المبالغ فيها الواردة في تقرير وكالة الطاقة الدولية، إذ إن الأرقام والبيانات الواردة من بكين تشير إلى أن نمو الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين كان ضعيفاً في أبريل الماضي، بينما بنت الوكالة الدولية تقديراتها المتفائلة على النمو في الصين من الأساس، إذ قالت الوكالة في التقرير، إن "الطلب الصيني المنتعش تجاوز التوقعات، بعد أن وصلت واردات النفط الصينية إلى أعلى مستوياتها في مارس (آذار) عن 16 مليون برميل يومياً".
بيانات مضللة
لكن تقرير الوكالة الدولية تجاهل تراجع الطلب على النفط في الولايات المتحدة ودول أوروبا، خصوصاً أن الأخيرة زادت من اعتمادها على الغاز واستيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر وغيرهما.
في الوقت نفسه لا تدعم الأرقام الواقعية تقديرات الوكالة لنمو الطلب على النفط، فحسب مسح أجرته وكالة "رويترز" مطلع هذا الأسبوع كانت توقعات الأسواق تشير إلى نمو النشاط الصناعي في الصين لأبريل الماضي بنسبة 10.9 في المئة، إلا أن الأرقام الرسمية الصينية أظهرت نمو النشاط الصناعي بنسبة أقل لم تزد على 5.6 في المئة فحسب.
وعلى الرغم من أن تلك النسبة، وإن جاءت تقريباً أقل بمقدار النصف عن توقعات المحللين والاقتصاديين، فإنها أعلى من معدلات نمو النشاط الصناعي الصيني في مارس الماضي التي لم تتجاوز 3.9 في المئة، لذا كتب رئيس أبحاث السلع في "سيتي غروب" إدوارد مورس في مذكرة له يقول "تبدو البيانات عن الطلب الصيني مضللة جداً، فبالنسبة لاستهلاك الوقود هناك توقع بالرغبة في السفر أكثر في عطلة عيد العمال، لكن مع ذلك هناك ضعفاً في التصنيع والنشاط الصناعي وتراجعاً في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي كل ربع عام على الرغم من الانطلاقة القوية بعد فتح الاقتصاد كلياً".
وهكذا لا يبدو أن التوقعات المتفائلة بانتعاش صيني قوي مستدام متطابق مع الأرقام الحقيقية الصادرة رسمياً عن أداء الاقتصاد الصيني.
لذا قد يكون من المغالاة توقع زيادة واردات الصين من النفط بهذا القدر الذي ذكرته وكالة الطاقة الدولية، إذ إن الأخيرة لا تمثل المستهلكين في سوق الطاقة وتصدر تقاريرها في الأغلب متوائمة مع موقف الدول المستهلكة التي تريد زيادة كبيرة في العرض لخفض الأسعار أكثر.
وكلما قررت "أوبك" تغيير سقف الإنتاج للحفاظ على توازن معادلة العرض والطلب في السوق، تجد تقديرات وكالة الطاقة الدولية تناقضاً في ذلك، ثم تثبت التطورات الواقعية الحقيقية للسوق أن تقديرات "أوبك" كانت صحيحة.
في وقت سابق اعتمد المحللون على توقعات وكالة الطاقة الدولية في تقدير مستوى ارتفاع أسعار النفط لتتجاوز 100 دولار للبرميل، بينما حدث العكس عندما انخفضت الأسعار من فوق 80 دولاراً للبرميل متجهة نحو سقف 70 دولاراً للبرميل على الرغم من خفض تحالف "أوبك+" الإنتاج بنحو مليوني برميل نهاية العام الماضي، فمع وفرة المعروض أكثر من نمو الطلب، خفضت بعض الدول الأعضاء إنتاجها طواعية بإجمالي نحو مليون برميل يومياً إضافية.
ومن غير المرجح أن تعتمد "أوبك" في اجتماعها الشهر المقبل على توقعات وكالة الطاقة الدولية عند تحديد سقف الإنتاج للدول الأعضاء، فعلى مدى السنوات الأخيرة كانت تقديرات الوكالة مضرة باستقرار أسواق الطاقة، خصوصاً بسوق النفط.
إلى ذلك وعلى عكس توقعات الوكالة، يرى كثير من المحللين أن استمرار معدلات التضخم العالية وضعف النمو الاقتصادي في الدول الغربية كفيل بالضغط نزولاً على الطلب على النفط، فإذا كانت أرقام "أوبك"، من مركز أبحاثها ومحلليها، تشير إلى استمرار ضعف الطلب فيمكن أن تقرر مجدداً خفض الإنتاج لتفادي تخمة معروض تهز استقرار السوق.