ملخص
كيف كان الرد على إهانة الناجين من زلزال تركيا؟
مع توجه ملايين الأتراك إلى صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية والبرلمانية الثامنة والعشرين، كان الأمر مسرحاً للكثير من الإثارة، بخاصة مع عدم القدرة على انتخاب رئيس للبلاد من الجولة الأولى، والذهاب إلى جولة إعادة في 28 مايو (أيار) لاختيار المرشح الذي سيحكم البلاد لخمس سنوات مقبلة.
من ناحية أخرى، سيفتتح البرلمان التركي أبوابه في العام التشريعي المقبل أمام وجوه وأحزاب جديدة، وكان الجانب الأكثر لفتاً للانتباه في نتائج الانتخابات هو منطقة الزلزال، حيث من بين 11 ولاية حصل كليتشدار أوغلو على المركز الأول في ولاية ديار بكر بنسبة 71 في المئة، وولاية هاتاي بنسبة 48 في المئة، فيما حصل أردوغان على 67 في المئة بألازيغ، و69 في المئة في ملاطيا، و71 في المئة بكهرمان مرعش، و62 في المئة بعثمانية، و65 في المئة بكلس، و59 في المئة بغازي عينتاب، و61 في المئة بشانلي أورفا.
أثارت حقيقة أن أردوغان، الذي تعرض لانتقادات بسبب عدم كفاءته في التصرف خلال كارثة الزلزال، نال المركز الأول في نتائج التصويت بالمنطقة ردود فعل كثيرة، حيث ظهر من يمنع إرسال المساعدات لهم، وظهر من أهان الناجين من الزلزال بطريقة لا يمكن أن تنسب إلى كرامة الإنسان.
ورداً على الإهانات الموجهة لضحايا الزلزال بسبب نتائج الانتخابات قال النائب عن حزب العدالة والتنمية في هاتاي حسين يايمان "هذه التعليقات قبيحة للغاية وغير إنسانية، لا توجد سياسة على الألم والحداد"، مؤكداً أن "هذا الشعب البالغ عدده 85 مليون ساعد أهالي المنطقة التي ضربها الزلزال بقلب رجل واحد، ولا نقبل أن يطغى على تضحيات شعبنا 3 أو 5 من المتصيدين الأنانيين، هؤلاء لا يمكنهم تمثيل شعبنا، فنحن لا نعالج هذه القضية من خلال سلوك التصويت، كارثة الزلزال فوق السياسة، وهذه الإهانات يتحمل مسؤوليتها الشخص المسيء، لأن شعبنا يتعامل مع هذه الإهانات على أنها باطلة، ولا تؤخذ في الاعتبار، ولقد شكرنا جميع المتعاونين في المنطقة بقلبهم وضميرهم وروحهم ومساعدتهم منذ اللحظة الأولى لزلزال 6 فبراير (شباط).
وختم يايمان بالقول "هؤلاء الناس لن يقبلوا أبداً أولئك الذين يقولون هذه الكلمات الواعية والهادئة، ونحن لا نعممهم أبداً على شعبنا".
مشاركة الألم
نائب حزب اليسار الأخضر في ديار بكر سيرهات إرين قال إن الحزب ومنظمات المجتمع المدني حاولت تقديم المساعدة منذ يوم وقوع الزلزال، "لقد شاركنا الألم وسنواصل القيام بذلك، وخلال عملنا هذا لم نقم مطلقاً بدراسة تستند إلى حقيقة أن هؤلاء الأشخاص المتضررين صوتوا لحزبنا أو أحزاب أخرى في الانتخابات، وإذا حدث مثل هذا اليوم فلن يختلف موقفنا عن 6 فبراير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف إرين أن "تصويت أهالي المنطقة لحزب العدالة والتنمية لا يغير من نهجنا شيئاً تجاه الناس هناك، المشكلة الأساسية أن الأشخاص الذين أطلقوا هذه الإهانات لم يتصلوا بأهالي المنطقة التي أصابها الزلزال حتى اليوم".
وأشار إلى أن "إدانة أهالي المنطقة للسياسات القذرة لحزب العدالة والتنمية يعني مغادرة ذلك المكان، وإذا تمكنا من الاتصال بالأشخاص هناك فقد تكون الصورة مختلفة، وعلى رغم ذلك فإن مجرد انتظار رد الفعل على الضرر الذي تسبب به الزلزال لا يعفي أولئك الذين وجهوا الإهانات على وسائل التواصل الاجتماعي من المسؤولية، وليس لديهم مبرر، فمن المهم استمرار تقديم المساعدات الإنسانية بغض النظر عن التوجهات السياسية".
وختم إرين كلماته قائلاً "حزب العدالة والتنمية الذي ترك شعبنا تحت الأنقاض بقي هو الآخر تحت الأنقاض، وعلى رغم ذلك فمن المهم الوجود مع شعبنا هناك وتقديم المساعدة لهم، فإذا تخلينا عنهم وقطعنا المساعدة فسنصل إلى الخط الذي يريده حزب العدالة والتنمية".
العقلية الفاشية
ورد ريسول كورت، الذي انتخب نائباً لأديمان عن حزب العدالة والتنمية، رد على الإهانات الموجهة لضحايا الزلزال عبر منشور على حسابه الرسمي بـ"تويتر" قال فيه إن "أولئك الذين ينتقدون بشدة مدينتي أديمان على وسائل التواصل الاجتماعي لتصويتهم ودعمهم لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات، أديمان هي مركز الحكمة والبصيرة الأناضولية، وهي مضيافة وأنا أدين عقليتك الفاشية، أتمنى أن تكون قد حصلت على نصيبك من الإنسانية".
لم يقتصر رد فعل السياسيين فقط على الإهانات الموجهة لضحايا الزلزال، وإنما من غالبية الشعب، حيث قال الممثل سنان تيمين البيرق على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، إنه حرص على عدم مشاركة أي شيء عن الانتخابات "لا أريد أن أكون في مثل هذه البيئة"، ورداً على الإهانات التي وجهت بسبب التصويت في منطقة الزلزال "هذه التعليقات أغضبتني حقاً، أقول لأولئك الذين يهينون الناس في منطقة الزلزال أتمنى أن تموتوا جميعاً هناك، فأنتم في حالة حب مع محبيكم القتلة، أنتم مخلوقات غريبة لا ينبغي أن توجد، وأنت حريص على تفريق الناس، أنتم تهينون كل شخص تعتقدون أنه لا يتناسب مع ديمقراطيتكم، أنتم أناس يستطيعون أن يلعنوا أبناءهم وأحفادهم، من فضلكم، من أجل الله، دعوا العقل والمنطق والقلب تلعب دوراً مهما كانت آراؤك السياسية، انظر لمن تريد أن تراه في السلطة، لكن إذا قلت (لن نساعد الناس في منطقة الزلزال بعد الآن، فسوف نمنع أولئك الذين يفعلون ذلك)، فأنتم هدفي لأنكم مخلوقات مثيرة للاشمئزاز".
أما الناشطة في مجال حقوق الإنسان نوركان بايسال، فقالت إنها تتابع بأسف الكلمات التي تحدثت عن أهالي منطقة الزلزال على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن هناك أشخاصاً من جميع الفئات بين ضحايا الزلزال، مضيفة أن "النظرة الشاملة لضحايا الزلزال أمر خطير، هناك الآلاف من الأشخاص الذين صوتوا لحزب الشعب الجمهوري، أو لحزب العمل، يا أخي ربما ذهبت مساعدتك إليهم".
وأشارت إلى أن القضية الأساسية هي نوع تقديم المساعدة، "لا يوجد شيء اسمه التضامن المشروط، لا توجد هندسة اجتماعية إذا قدمت لك المساعدة فستفعلها على هذا النحو، على كل حال عليك أولاً أن تفهم موقف الشخص الآخر، وعليك تغيير موقفك بالمنطق وليس بالغضب، حيث أنك عندما تهين الناجي من الزلزال لأنه من حزب العدالة والتنمية أو تقول إنهم جاهلون، فإنك عندما تفعل ذلك تكون أولاً قد طردت الناجي من الزلزال الذي صوت لحزب الشعب الجمهوري".
نقلا عن "اندبندنت تركية"