ملخص
تنعقد قمة السبع الكبار في هيروشيما اليابانية لمناقشة الهجوم الأوكراني المرتقب فيما يهدد السلاح النووي مصير العالم
تنعقد قمة مجموعة السبع الكبار في مدينة هيروشيما اليابانية، ويبدو أن الدول السبع، وهي: الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، يجمعها الإيمان العميق بالديمقراطية والليبرالية، وهو ما ترسخ بعد عام 2014.
كانت المجموعة تضم روسيا، ويطلق عليها مجموعة الثمانية، غير أنه تم طرد روسيا عام 2014 بعدما ضمت شبه جزيرة القرم إيماناً منها بأن الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها البعض، ولا تعتدي على جيرانها.
يجتمع أعضاء مجموعة السبع كل عام في قمة لمناقشة القضايا الملحة وبهدف تنسيق السياسات، وغالباً ما يكون الأمن الدولي والاقتصاد العالمي في مقدمة موضوعات النقاش العالمي.
مجموعة السبع عرفت في بداية الأمر باسم "مجموعة المكتبة"، ويعود ذلك إلى أنها كانت تعقد في مكتبة البيت الأبيض، وقد أسسها في السبعينيات وزير الخزانة الأميركي آنذاك جورج شولتز. المراقبون للمشهد الدولي بدورهم يتساءلون، ما الذي يخطط له قادة مجموعة السبع في قمتهم هذه، وأي دلالات يحملها اختيار هيروشيما لتكون موقعاً وموضعاً لها؟
هجوم الصيف الأوكراني ومعاقبة روسيا
يبدو واضحاً أن المواجهة مع روسيا في الصراع الدائر تجاه أوكرانيا أمر له الأولوية القصوى في هذه القمة. هنا يأتي اختيار اليابان حاملاً دلالة رمزية من حيث القرب الجغرافي، ولم يتم اختيار أي دولة أوروبية، أو واقعة في قارة أميركا الشمالية.
للقمة تجاه أوكرانيا هدفان، الأول علني وهو على صلة بالتخطيط لمزيد من العقوبات على روسيا، والأخير يكاد يكون سرياً، ويستهدف متابعة التخطيط الجاري على قدم وساق للمعركة التي حملت اسم "معركة الربيع"، وتكاد تضحي اليوم "معركة الصيف" التي تخطط لها أوكرانيا بدعم غربي واضح في محاولة لإنهاء المغامرة الروسية البوتينية.
في بدايات أعمال القمة التي جرى التحضير لها في أبريل (نيسان) المنصرم، خلال لقاء وزراء خارجية المجموعة في اليابان، قرر قادة دول مجموعة السبع، فرض عقوبات جديدة على روسيا بهدف حرمانها من التكنولوجيات والمعدات الصناعية وخدمات مجموعة السبع التي تساند حملتها الحربية في أوكرانيا.
وجاء في بيان أن العقوبات تشمل قيوداً على صادرات منتجات "أساسية لروسيا في ساحة المعركة"، كما تستهدف كيانات متهمة بنقل معدات إلى الجبهة لحساب موسكو.
والثابت أنه إذا كان حديث العقوبات غير جديد، فإن الجديد هو تأكيد زعماء دول مجموعة السبع حصول أوكرانيا على الدعم الذي تحتاجه في موازنة العام الجاري وأوائل 2024، مع تجديد التزامها بتزويدها بالدعم المالي والعسكري في حربها مع روسيا.
يكاد يكون الجزء العسكري في دعم السبع الكبار، مبهماً وغير واضح، إذ جاء في البيان، "نتخذ اليوم خطوات جديدة لضمان فشل العدوان الروسي غير الشرعي على دولة أوكرانيا ذات السيادة ودعم الشعب الأوكراني في سعيه لتحقيق سلام عادل قائم على احترام القانون الدولي".
هل هناك تعمية مقصودة على عسكرة المشهد، لا سيما في ضوء الاستعدادات الواسعة لشن هجوم كبير تستعيد فيه أوكرانيا أراضيها التي قضمتها منها روسيا منذ فبراير (شباط) عام 2021؟
قد يكون ذلك وارداً بالفعل، خصوصاً أن بيان وزراء خارجية المجموعة في 18 أبريل ينص على التزام دول المجموعة دعم أوكرانيا ما دام يتطلب الأمر ذلك، وهي عبارة مفتوحة ومطاطة تحمل في طياتها كثيراً من المعاني.
غير أن التضاد الحاصل في حوارات القمة، يشتبك عند منطقة احتمالات تحول المشهد من مواجهة سلاح تقليدي إلى مجابهة أسلحة نووية.
هيروشيما والخوف من هواجس النووي
تحت أمطار غزيرة زار قادة دول مجموعة السبع مدينة هيروشيما، صباح الجمعة، أماكن تخلد ذكرى أهوال الدمار الذي ألحقته قنبلة ذرية بهذه المدينة اليابانية عام 1945. والسؤال هل يمكن لهذه الخطوة أن تؤدي إلى تقدم كبير على صعيد السعي لنزع السلاح النووي حول العالم؟
ليس سراً أن الخطوات العسكرية الواسعة التي تأخذها دول المجموعة لدعم أوكرانيا في معركتها المقبلة، لا سيما تزويد أوكرانيا باليورانيوم، وصواريخ "ستورم شادو"، عطفاً على دبابات "تشالنغر" و"ليوبارد"، ثم الحديث الأميركي عن إرسال طائرات مقاتلة متقدمة، جميعها قد وجدت رداً واحداً عبر عنه نائب مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف أكثر من مرة، بقوله، إن الصاعقة الروسية ستكون الحل، أي استخدام أسلحة الدمار الشامل، بدءاً من النووي التكتيكي وصولاً إلى النووي الإستراتيجي.
يرى القائمون على مجموعة السبع، أن كلام روسيا النووي الذي يتصف بعدم المسؤولية وتهديدها بنشر أسلحة نووية في بيلاروس أمر غير مقبول، ويقطعون بأن أي استخدام روسي للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو النووية سيواجه عواقب وخيمة.
هنا يبدو التضاد قائماً، والخوف من أن يضحى قادماً بين دعم أوكرانيا عسكرياً، وبما يهدد بقلب الموازين العسكرية لصالح كييف، وتحذير بوتين من الرد بما يمتلكه من أدوات الدفاع عن بلاده، وهي معادلة تبدو حائرة حتى الساعة، وقد تشبه عند لحظة بعينها سيناريو كرة الثلج، فيما تخشى نسبة وافرة من المراقبين أن يكون الأمر أقرب إلى سيناريو انهيار جبل الجليد.
نحو عالم خال من الأسلحة النووية
يركز قادة مجموعة السبع على الأهمية التي مثلها خلو السجل التاريخي من استخدام أي أسلحة نووية على مدى 77 عاماً منذ عام 1945.
غير أن هناك على ما يبدو مشاعر من الخوف ألا يستمر هذا الهدوء الذري إلى أجل بعيد، سيما في ضوء سهولة ويسر انتشار النموذج النووي، وقد بات الوصول علمياً إلى التركيبة القاتلة أمراً ممكناً حتى للدول المتوسطة الحجم وليست القطبية أو العملاقة.
هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها قادة دول مجموعة السبع بياناً يركز على نزع السلاح النووي، فقد دعا بيانهم، الجمعة الماضي، إلى "عالم خالٍ من السلاح النووي، وحثوا روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية على وقف التصعيد النووي والالتزام عدم انتشار الأسلحة النووية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما يشير البيان عينه إلى المخاوف الخاصة بدول المجموعة من محاول موسكو السيطرة على المنشآت النووية لأوكرانيا، يطالب إيران لوقف التصعيد النووي، ويدعوها للوفاء بالتزاماتها بخصوص عدم الانتشار النووي من دون إبطاء، ويؤكد أن "الحل الدبلوماسي يبقى أفضل طريقة لحل المخاوف الدولية في شأن برنامج إيران النووي".
لا تتوقف المخاوف عند إيران فحسب بل تصل إلى الصين، التي يعلم الجميع أنها ماضية قدماً في بناء ترسانة نووية، تكفل لها التصدي والتحدي للولايات المتحدة الأميركية في الحال، وتحميها حتى من الجار الروسي، الذي يبدو اليوم وتحت ظروف قاهرة صديقاً في الاستقبال.
يشدد البيان على أن "تسريع الصين لبناء ترسانتها النووية من دون شفافية أو حوار هادف يشكل مصدر قلق للاستقرار العالمي والإقليمي".
هل هناك تناقض في بيان مجموعة السبع بين الرؤى المثالية التي يطالبون بها، وحقيقة قواهم النووية والواقعية؟
قادة الدول السبع الكبرى يؤكدون التزامهم بلوغ عالم خال من السلاح النووي، معتبرين أن تحقيق ذلك "يتطلب جهداً دولياً ينقلنا من الواقع القاسي إلى المثالي، بصرف النظر عن ضيق المسار المؤدي إلى ذلك، من دون أن يقدموا التزامات واضحة في شأن خططهم لتنفيذ ذلك".
ولعل القارئ يستنتج بداهة تساؤل بقية دول العالم، "كيف لقادة السبع الكبار أن يجدوا الأسباب والذرائع التي تمكنها من حيازة ترسانات نووية، وفي حين يسعون إلى تطويرها وإحلال الجديد من الصواريخ الإستراتيجية والقاذفات بعيدة المدى محل القديم منها، يطالبون الدول الأخرى بوقف برامجها النووية؟
الجواب هو أن قادة مجموعة السبع، يقفون في واقع الأمر عاجزين أمام الانتشار النووي، ولا يملكون جواباً وافياً عن سؤال ماذا سيحدث إذا تم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى كما كانت في هيروشيما قبل 77 عاماً؟
السبعة الكبار ومخاوف الصين
يبدو من البديهي أن قمة السبع المنعقدة في اليابان تضع في أولوياتها المخاوف الحاضرة والمستقبلة من الصين، ليس بسبب قطبيتها المتنامية فحسب، ولا جراء ترسانتها النووية المتنامية يوماً تلو الآخر، بل أكثر من ذلك خوفاً من الحلف المتصاعد بينها وبين روسيا، الذي يبدو اليوم براغماتياً إلى أبعد حد درءاً لمخاطر الوجود الأميركي في آسيا.
ومن جهة ثانية، لا تبدو النظرة اليابانية للصين تحمل دلالات الطمأنينة، بل المخاوف من انفلات المشهد عسكرياً، لا سيما في ظل التنازع على عديد من الملفات الجغرافية والسياسية والاقتصادية دفعة واحدة.
يبدو بيان وزراء خارجية مجموعة السبع تجاه الصين، وكأنه يمسك بالعصا من منتصفها بين الترغيب والترهيب، إذ يدعونها للشراكة في طريق بناء أممي عالمي جديد، وفي الوقت ذاته يحذرونها من تبعات المضي قدماً منفردة في تشكيل سياساتها وتحالفاتها الدولية.
على سبيل المثال يقول البيان "نكرر دعوتنا للصين كي تعمل كعضو مسؤول في المجتمع الدولي. نحن على استعداد للعمل معاً نحو علاقات بناءة ومستقرة من خلال الحوار وتعزيز الانتعاش الاقتصادي والعالمي وعمليات التبادل بين الشعوب بطريقة تعود بالنفع على الجانبين".
لكن وفي صيغة أقرب إلى التهديد يذكر البيان الصين بـ"ضرورة الالتزام بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والكف عن التهديد أو الإكراه أو التخويف أو استخدام القوة".
ولعل عدم الطمأنينة للصين من قبل دول مجموعة السبع يتجلى في ما طرحه المستشار الألماني أولاف شولتز خلال مناقشات اليوم الأول من "إنشاء ناد للمواد الأولية" لتقليل الاعتماد على الصين.
هذا النادي الذي قد يجمع أعضاء مجموعة السبع والدول الغنية بالمواد الخام، سيمنع على وجه الخصوص إرسال كل هذه المواد إلى الصين بحيث تتم معالجتها في البلدان الأصلية لإيجاد قيمة مضافة.
وبشكل عام فإن ألمانيا تعمل من خلال هذه القمة على الحد من المخاطر بدلاً من فصل العلاقات مع الصين، وتؤكد أن هناك "تقارباً كبيراً" حول هذه النقطة مع الدول الأخرى في المجموعة منها الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أنه لا يتوقع أن تتبنى القمة إعلاناً خاصاً في شأن الصين، فإنه يفترض أن يخصص للقضية حيز مهم في سياق ما يعرف بـ"المرونة الاقتصادية والأمن".
من واشنطن إلى طوكيو... اتفاقات واختلافات
تطرح قمة مجموعة السبع في هيروشيما قضية العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان، وتتضمن أحاديث دبلوماسية رسمية، وأخرى بينية سرية.
باختصار غير مخل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بدت واشنطن ذات يد فوقية على طوكيو سواء من خلال الدستور الذي يمنع اليابان من تكوين جيش أو حيازة أسلحة نووية، عطفاً على وجود القواعد العسكرية الأميركية على أراضيها.
ظلت هذه النظرة العليا قائمة من قبل الولايات المتحدة لليابان مع استسلام كامل من اليابانيين للموروث التاريخي لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.
غير أن هذه الرؤية أخذت في التغير منذ سنوات رئيس الوزراء المغدور شينزو آبي الذي ساندته القوى اليمينية اليابانية الصاعدة، التي تقطع بأنه حان الوقت للتخلص من هذا "الإرث سيئ السمعة".
لا تغيب هذه التطورات عن أعين وأذهان الأميركيين، ولهذا رأينا في هذه القمة محاولة أميركية لتأكيد قوة ومتانة العلاقات بين الجانبين.
في طريقه من واشنطن إلى هيروشيما كان الرئيس الأميركي جو بايدن يؤكد أن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان حجر الأساس والازدهار الإقليمي، مشدداً على التزام أميركا بالردع الموسع باستخدام النطاق الكامل للقدرات الأميركية. ما الذي تعنيه تلك العبارة الغامضة؟
مؤكد أنها تحمل إفادة حول حديث جرت به المقادير، أخيراً، يخص نشر أسلحة نووية على الأراضي اليابانية لتحقيق أكثر من هدف، بينها القدرة على مواجهة صواريخ كوريا الشمالية، الساعية يوماً تلو الآخر في طريق امتلاك صواريخ باليستية نووية.
ومن جهة أخرى التحسب للخلافات اليابانية مع روسيا والصين، لا سيما بسبب الجزر المتنازع عليها، وكتموضع مهم في منطقة المحيط الهادئ حيث الصراع الدولي المحتدم بالقرب من أستراليا، وجميعها ملفات معقدة ومتشابكة معاً.
وبحسب بيان نشره البيت الأبيض عقب لقاء بايدن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا فقد ناقش الزعيمان سبل زيادة التعزيز الدفاعي، والبناء على وثائق الإستراتيجية اليابانية المعدلة، وزيادة الاستثمارات الدفاعية.
الجانب المهم من البيان، الذي يأتي في سويداء قلب الهدف من قمة هيروشيما، هو تأكيد الزعيمين عزمهما على مواصلة دعم أوكرانيا ضد العملية العسكرية الروسية، والتزامهما العمل معاً بشكل وثيق لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية، بما في ذلك البرامج النووية والصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية والسلوك القسري من جانب الصين بما يتعارض مع القانون الدولي.
السبع الكبار وتعهدات لم يتم الوفاء بها
يتساءل القارئ، وأين بقية الاهتمامات العالمية، لا سيما الاقتصادية بنوع خاص، وهل يهتم العظماء السبع بأحوال الدول النامية والفقيرة، أم أنه ناد للأثرياء، وبعيداً من الشعارات والبيانات المخملية التقليدية؟
تزامناً مع قمة هيروشيما قامت منظمة أوكسفام (اتحاد دولي للمنظمات الخيرية يسعى لمواجهة الفقر حول العالم) بعملية جرد للديون العالمية.
لكن الجرد هنا مثير للانتباه، ذلك أن المعروف هو مديونية الفقراء للأغنياء.
تقرير أوكسفام يقول العكس، إذ يبين أن الدول الغنية هي المدينة للدول النامية والفقيرة بما يبلغ نحو 13 تريليون دولار، كيف يستقيم هذا الحديث؟
العملية الحسابية الفريدة من نوعها أخذت بعين الاعتبار، قالت أوكسفام، إنه تراكم للتعهدات التي لم يتم الوفاء بها لتعويض الخسائر التي تسببت فيها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بلدان الجنوب.
وفي تفاصيل الجرد لديون الدول الغنية توضح أوكسفام أن دول مجموعة السبع فشلت في الوفاء بتعهدها تقديم 100 مليار دولار سنوياً حتى عام 2025 لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع تغير المناخ.
كما أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بها كانت تتسبب في خسائر بقيمة 8.7 مليار دولار في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ودعت منظمة أوكسفام حكومات مجموعة السبع إلى إلغاء ديون البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ثم العودة إلى نسبة سبعة في المئة من مساعدات الدخل القومي الإجمالي وكذلك الوفاء بالتزاماتها لمكافحة التغير المناخي. هل قادة السبعة العظماء تتوافر لديهم النوايا بالفعل للمضي في هذا الطريق الإنساني والوجداني؟
أغلب الظن أن هذا لن يحدث، سيما في ضوء أمرين:
الأول: هو الإشكاليات الاقتصادية التي تمر بها، بعد ثلاثة أعوام من تفشي جائحة "كوفيد -19"، والحرب الروسية الأوكرانية، التي كبدت أوروبا وأميركا وكندا، الكثير من التكاليف بعد المساهمات المليارية لزخم نظام زيلينسكي ومواجهة القيصر بوتين.
والأخير: تعاظم الفجوة المالية بين الأغنياء والفقراء حول العالم، سيما أن أوكسفام تقدر أن هناك حاجة إلى 27.4 تريليون دولار إضافية مطلوبة حتى عام 2030 لسد فجوات التمويل.
المفارقة المثيرة للحزن وربما الأسى وذرف الدموع، أن تقرير أوكسفام يأتي في وقت تطالب فيه دول مجموعة السبع ومصرفيوها الأثرياء بأن تدفع دول الجنوب 232 مليون دولار يومياً لسداد ديونها حتى عام 2028.
الذين قدر لهم مطالعة بيان وزراء خارجية المجموعة، يدركون عمق الازدواج الأخلاقي لعظماء القرن، إذ يرون "أنه مع وصول أهداف التنمية المستدامة إلى منتصف الطريق في عام 2023، فإن هناك حاجة لتعزيز الجهود لإحياء التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بطريقة شاملة".
أما الدراما الفعلية في البيان فهو النص على أن العظماء السبع "قلقون في شأن ازدياد أعباء الديون في عديد من الدول النامية ومزاحمة الاستثمارات في التحول إلى اقتصادات أكثر خضرة ومرونة وشمولية، مما يبرز أهمية ممارسات الإقراض العادلة والمفتوحة".
هل من خلاصة؟
تبدو قمة هيروشيما وكأنها منصة انطلاق جديدة للسبعة الكبار في طريق العالم المتغير الذي يقطع المسيرة التقليدية لسيطرة الغرب الأرسطي على الشرق الكونفوشيوسي.
تأتي هذه القمة قبل حدث مهم وفاعل في التاريخ المعاصر، ونعني به قمة دول البريكس بجنوب أفريقيا، في أغسطس (آب) المقبل التي ينتظر أن تتحول فيها المجموعة، إلى "بريكس بلس" حيث عديد من الدول الواسعة النمو، ومنها في الشرق الأوسط والخليج العربي، من يتطلع للانضمام، وكذا عدد وافر من دول أميركا اللاتينية، الأمر الذي قد يفرز تجمعاً أممياً كبيراً حال تضافر جهوده مع منظمة شنغهاي، سيتغير وجه العالم وخرائطه الجيوسياسية دفعة واحدة ومن غير أدنى شك.
الذين اجتمعوا في هيروشيما، خيم عليهم أمران لا ثالث لهما، وقف التقدم الروسي في أوكرانيا، وفك الارتباط الصيني- الروسي، ومن غير أن يكون هناك اهتمام حقيقي بترقي الأمم أو دعم الشعوب. إنها فلسفة الأقوياء التقليدية عبر التاريخ، إلى حين إشعار آخر.