ملخص
التقارير تفيد بأن طهران أنفقت 140 مليار دولار من أصل 150 مليار دولار من إجمالي صندوقها لاحتياطي النقد الأجنبي
أفاد مركز الإحصاء الحكومي الإيراني في تقرير له خلال الأسبوع الماضي بأن معدل التضخم للعام الماضي، الذي يبدأ مارس (آذار) 2022 وينتهي في الشهر ذاته 2023، وصل إلى 45.8 في المئة، محذراً من خطورة هذا الارتفاع.
وضعت المشكلات الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد في سبتمبر (أيلول) 2022، حكومة الملالي في وضع أكثر خطورة من ذي قبل، ويظهر قرار طهران بمنع نشر تفاصيل بيانات التضخم أن الحكومة قلقة من المعدلات الخطرة، إذ أظهرت الأرقام التي كشف عنها المركز أن معدل التضخم استمر في الارتفاع بنسبة 3.7 في المئة خلال أبريل (نيسان).
وكشفت البيانات الإحصائية عن أن المعاملات غير النفطية الإيرانية أيضاً تدهورت، بحيث تظهر هذه الأرقام أن حجم المعاملات انخفض بمقدار ستة مليارات و500 مليون دولار. وأن الصادرات النفطية هي من تعوض هذا الانخفاض في المعاملات غير النفطية، إلا أن هذه البيانات أظهرت أن أسعار الواردات قد ارتفعت أكثر فأكثر، وهذا ما يزيد من الضغط الناجم عن ارتفاع معدل التضخم على البلاد.
انفاق مخيف
في هذا الخصوص، فإن التقارير تفيد بأن طهران أنفقت 140 مليار دولار من أصل 150 مليار دولار من إجمالي صندوق احتياطي النقد الأجنبي لديها، وهذا الوضع من شأنه أن يزيد المخاوف وأن الحكومة قد لا تصل إلى العملات الأجنبية عالية التداول في السوق.
ويؤدي ارتفاع أسعار صرف الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي، الذي يتأرجح ما بين 50 و56 ألف تومان للدولار الواحد، إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، إضافة إلى زيادة في أسعار الوقود.
وتعتبر قضية الوقود من بين القضايا الرئيسة والمثيرة للقلق في إيران، لأن معدل الزيادة في الاستهلاك قد يتجاوز الإنتاج، وبحسب بعض التقديرات، أنه قد يكون ازداد بالفعل، وعليه قد تزداد الفجوة خلال أشهر الصيف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت نفسه هناك عوامل عديدة جعلت من الممكن أن يستفيد المهربون من اختلاف أسعار الوقود بالأسواق المحلية والأجنبية لشراء الوقود من إيران وبيعه في الدول المجاورة، ومن هذه العوامل ارتفاع سعر صرف الدولار الذي أدى إلى انخفاض سعر الوقود بالدولار في إيران، وكذلك الدعم الذي تقدمه إيران للوقود بينما لا تفعله عديد من الدول المجاورة.
عجز مزمن
في الواقع، إن طهران ترفع سعر الوقود بالريال كل بضع سنوات، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة الريال وزيادة في أسعار الإعانات التي تقدمها الحكومة.
إضافة إلى ذلك، وبما أن الحكومة تواجه عجزاً متزايداً في الميزانية، فإن زيادة أسعار الوقود تصبح خياراً جذاباً لتحقيق التوازن، لكن هذا القرار قد يؤدي إلى استمرار الاحتجاجات على غرار التظاهرات التي حدثت في سبتمبر 2022 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وديسمبر (كانون الأول) 2017.
في الواقع، إن أزمة إيران الاقتصادية مشكلة متعددة الأوجه، وأن سوء الإدارة والعقوبات والمشاعر الثورية جميعها تلعب دوراً في تأجيج عدم الاستقرار، وفي مثل هذا التعقيد من الضروري أن تدرك القيادة في طهران هذا التداخل المتأصل بين هذه القضايا وأن تتصرف وفقاً لما هو مطلوب، وهذا يستلزم معالجة الأسباب الجذرية للتضخم الذي يتطلب جزء منه اجتهاداً في الساحة السياسية، وإيجاد حلول مستدامة لا تضع الضغط على أكتاف المواطنين الإيرانيين فقط، وهذا يعني أنه ينبغي اتخاذ سياسات أمنية نقدية ومالية وداخلية وخارجية لتوفير بيئة مستقرة للنمو الاقتصادي.
بالتالي فإن تاريخ الجمهورية الإسلامية الممتد لأربعة عقود يظهر أن طهران ليس لديها الرغبة والقدرة على تنفيذ إصلاحات ذات مغزى، وقد نشاهد مواجهات احتجاجية بين الحكومة والمواطنين، الذين سيسعون إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية عاجلاً أم آجلاً.
نفلا عن اندبندنت فارسي