ملخص
يبدأ موسم "الجلامة" في ليبيا أول أبريل وينتهي في مايو، ويعتبر عرساً شعبياً لقص صوف الأغنام وتحويله لمنتجات وطنية، ويشمل تجمعات الفلاحين والرعاة وسط ترديد أهازيج غنائية وتناول أطباق الطعام التراثية
موسم قص صوف الأغنام أو ما يعرف محلياً في ليبيا بـ"الجلامة"، هو عبارة عن كرنفال يتم التجهيز له لمدة شهرين على الأقل قبل انطلاقته التي تبدأ في أبريل (نيسان) وتتواصل حتى نهاية مايو (أيار)، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، وانتهاء الفلاحين من موسم الحصاد، لتكون المراعي جاهزة لاستقبال الأغنام بحلتها الجديدة.
ويصف مربي الأغنام، عبدالله العبيدي أصيل، مدينة سلوق ببنغازي (شرق ليبيا)، في حديثه مع "اندبندنت عربية" موسم الجلامة بـ"العرس الشعبي" لمربي الأغنام، فعلاوة على أنه يفتح المجال للتعاون بين الفلاحين على قص صوف الأغنام إلا أنه أيضاً يشكل جزءاً من التراث الليبي الذي يحضر فيه الشعر والأهازيج وأطباق الطعام التقليدية التي تختلف بحسب المناطق الليبية.
ويقول العبيدي إن أولى مراحل الجلامة تتمثل في جمع الأغنام وفصل الذكور عن الإناث، كل في مكان خاص به يسمى "زريبة"، والتي تكون مكشوفة في الهواء الطلق، ثم تنصب الخيام، التي يكون عدد منها مخصص لقص صوف الأغنام، وأخرى مخصصة لتجهيز الشاي والقهوة والأكل.
تفاصيل الموسم
ويتابع العبيدي أن موسم "الجلامة" يفتتح بذبح خروف أو أكثر على حسب عدد رؤوس الأغنام، فكلما زاد عددها زاد معه عدد الجلامة (الجلام هو الشخص المختص بقص صوف الأغنام)، وتعرف محلياً بـ"الكرامة"، ثم يتم مباشرة تجهيز طبق "القلاية" المكونة من كبد الخروف لتقدم لـ"الجلام" وبقية الحضور، وتكون إيذاناً بانطلاق مرحلة قص الصوف التي لا تخلو من أولويات، فالبداية تكون بالذكور لأنها المهمة الأصعب في الموسم، حيث يقوم بها جلام مختص يتمتع بالقوة البدنية، باعتبار أن الخروف عادة ما يتم تقييد أرجله الأربعة لضمان سير عملية "جز" الصوف من دون أضرار، ثم تنصب خيمة أخرى مجاورة لجز صوف النعاج على يد عدد من الجلامة ويكونون عادة من عائلة مربي الأغنام، بينما تحظي الخراف الصغيرة بيوم خاص بها بعيداً من أعين أمهاتها.
ويتكون المجلم (مكان الجلامة) من "الجلام" وهو المختص بقص صوف الأغنام بمقابل، و"الرغاطة" وهم المتطوعون للجلامة من دون أي مقابل مادي، ويكونوا في الأغلب من أقارب وأصدقاء مربي الأغنام، وكذلك "الصراع" وهو عادة شخص قوي البنية الجسدية لأنه هو من يتولي مهمة حمل الأغنام وتكتيفها، و"الرحام" وهو من يتولي فك قيد الأغنام بعد الانتهاء من "الجلامة"، إضافة إلى "الضمام" الذي يقوم بجمع الصوف بعد قصه، و"الهجاي" وهو الشخص الذي يردد الأغاني خلال الموسم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتخلل أجواء موسم الجلامة الذي يمكن أن يمتد لأيام طويلة (بحسب عدد الرؤوس)، وجبات تقليدية جميع مكوناتها من منتجات الأغنام، حيث لا يغيب طبق "المثرودة" المكون من الخبز والسمن واللبن، وطبق الرز بلحم الخروف، عن الموسم في منطقة الشرق الليبي، في حين تحضر أكلة "البازين" وهي عبارة عن وجبة من دقيق الشعير مع مرق لحم الخروف بمنطقة الغرب.
أهازيج شعبية
ولا يخلو موسم "الجلامة" من الأهازيج والأبيات الشعرية التي تتغني بالأغنام وخيراتها وأصحابها مثلما شرح لنا العبيدي، مؤكداً أنه "حتى لو كان مالك الأغنام متوفياً أو مفقوداً يتم التغني به في الموسم، إذ لا يمكن أن يمر من دون ترديد هذه الأهازيج التي تختلف من منطقة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال إذا جاع الجلام يقول يا "رحام نريد طعام"، وإذا حضر أحد الجلامة متأخراً عن موعده يجب أن يردد "النور النور يا جلامة"، ليردوا عليه "النور خير من ظلمة القبور".
ويشير العبيدي، إلى أنه من الضروري مرور جميع الأغنام بمرحلة "التغطيس" إثر الفراغ من قص صوفها، والتي تتم داخل "مغطس" مكون من الماء ودواء مضاد للباعوض والحشرات التي تفضل العيش داخل صوف الأغنام.
وتأتي أهمية "الجلامة" لما لها من فوائد على الأغنام، حيث يسهم قص صوفها في التخفيف عنها من درجات الحرارة، وحمايتها من الحشرات، وكذلك زيادة وزنها، والرفع من كفاءة تكاثرها.
ويذهب صوف الأغنام بعد انتهاء موسم "الجلامة" إلى مجمع الصناعات الصوفية بمدينة بني الوليد جنوب شرقي العاصمة طرابلس، حيث يتم فرزه ليتحول بعدها إلى منتجات متنوعة من أجودها السجاد المطلوب محلياً وخارجياً.