ملخص
يعد ميناء اللاذقية أقدم موانئ البلاد الثمانية وأكثرها أهمية وإسرائيل استهدفته مرتين في 2012 و2022 لهذا السبب
يعود تاريخ ميناء اللاذقية إلى مملكة أوغاريت والحقبة الفينيقية، لكن حتى اليوم يحتفظ الميناء الواقع غرب سوريا المطل على البحر الأبيض المتوسط بأهمية استثنائية عن نظائره من حيث موقعه الاستراتيجي ومكانته الاقتصادية كواجهة بحرية للبلاد.
وبالنظر إلى الموانئ المنتشرة على طول الشواطئ السورية، والبالغ عددها ثمانية موانئ هي اللاذقية وطرطوس والطاحونة والمصب النفطي وبانياس وجبلة وأرواد والمينا البيضا، يعد اللاذقية أقدمها، إذ عرفه السوريون وحرصت كل الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلاد منذ نشأته على تطويره والحفاظ عليه، كونه همزة الوصل إلى العالم عبر البحار.
ويعد الميناء إحدى البوابات الرئيسة للاستثمار والعمل البحري، وتأسس عام 1950 كقطاع مشترك تابع لوزارة الاقتصاد، وفي عام 1974 تحول المرفأ إلى قطاع عام تابع لوزارة النقل، ويشرف على عمله وتسيير أموره الشركة العامة لمرفأ اللاذقية، وهي مؤسسة ذات طابع اقتصادي تسهم في خدمة الاقتصاد والتجارة الخارجية لسوريا وخدمة الترانزيت الدولي.
المكانة والحصار
لا يمكن الجزم تحديداً بتاريخ نشوء الميناء الذي يعود إلى الحقبة الفينيقية، لكن لا ينكر عليه أهميته الاقتصادية على مدار الأزمنة لموقعه الجغرافي والاستراتيجي الذي أعطاه دوراً رئيساً متميزاً كجسر عبور بين أوروبا والشرق، وجعله منفذاً حدودياً لنقل البضائع من وإلى سوريا والعابرة إلى بعض الدول المجاورة.
ويرى رئيس غرفة الملاحة البحرية في سوريا سلمان ريا أن الواقع الحالي لمرفأ اللاذقية من الناحية الاستثمارية لا يتناسب مع التطلعات الاقتصادية والاستثمارية، بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا لمدة طويلة، وتجديده في هذه السنة لعام آخر، وكذلك بسبب قلة السفن الواردة إلى المرفأ التي تخشى العقوبات نتيجة دخولها المياه الإقليمية السورية وقلة التبادل التجاري للبضائع من وإلى سوريا.
ويعتقد سلمان ريا في حديث لـ"اندبندنت عربية" أنه وبهذه الأسباب مجتمعة مع زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول والتطور الحاصل في عمل المرافئ وازدياد حركة المنافسة فيما بينها دفع إلى البحث عن السبل الكفيلة لتحديث وتطوير وسائل تناول البضائع من السفن وإليها لرفع مستوى الخدمات التي تقدمها بما يضمن المحافظة على أمنها وسلامتها وسرعة تفريغها والتعامل معها.
أهمية المرفأ
في غضون ذلك يجزم ريا بأنه من أهم السبل والطرق لتحديث وتطوير المرافئ تحديث الهيكلة العامة لها من معدات وآليات وبنى تحتية وطاقة بشرية قادرة على مواكبة التطورات والتحديثات العالمية في المناولة وإدارة العمليات الخاصة بتحميل وتفريغ السفن.
وعن آلية التطوير يوضح أن هذا يأتي مع تسريع المعاملات الورقية والجمركية الخاصة بالبضائع، وكذلك تحديث الأنظمة والقوانين الخاصة بالنقل والمناولة البحرية للبضائع عن طريق التعاون والتكامل بين المشترك بين كل الإدارات الخاصة بالعمل البحري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير رئيس غرفة الملاحة إلى أنه من الضروري إلزام المرفأ، خلال عمليات الاستثمار الخاصة، لإدارة الشركة التي يناط بمفردها، أو عن طريق أخرى بعقود خطية تحدد آلية العمل والحقوق والالتزامات المتعاقد عليها.
ويتابع "نتيجة للموقع الاستراتيجي العام لمرفأ اللاذقية شرق البحر المتوسط فمن المتوقع أن يلبي الاحتياجات المحلية المتعلقة بأعمال التصدير والاستيراد، إضافة إلى قيامه بخدمات نقل البضائع بالترانزيت، كونه يمثل بوابة العبور للبضائع القادمة والخارجة من وإلى أوروبا والأميركيتين باتجاه الشرق ممثلة في العراق وإيران والخليج العربي وشرق ووسط آسيا".
حركة الميناء
يمتلك مرفأ اللاذقية 15 رصيفاً بطول 3200 وغاطس من 8 إلى 13.3 متر لاستقبال سفن الحاويات، والبضائع العامة والدكمة والبضائع السائلة وسفن الركاب، بالمقابل تبلغ مساحة الحوض المائي 135 هكتاراً محمياً بكاسر أمواج طوله 3166 متراً، ومساحة برية تقدر بـ12.5 هكتار تحوي صوامع للحبوب ومستودعات مغلقة فيها مختلف أنواع البضائع مع خدمات أخرى تتعلق بمستودع تبريد، وموازين لتقبين السيارات والبضائع.
وثمة مساحة برية في حدود 66 هكتاراً، وهي تدار من قبل شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية بناءً على العقد الذي تم توقيعه مع ائتلاف شركات سوريا القابضة لإدارة وتشغيل محطة حاويات اللاذقية الدولية لمدة 10 سنوات من تاريخ 2009 قابلة للتمديد خمس سنوات إضافية لورش عمل لإصلاح بعض الأعطال الخاصة بالسفن والمعدات والقواطر والروافع والآليات، لدى المرفأ أيضاً شبكة سكك حديدية بطول 34 كلم وآليات بحرية من قواطر، ورافعات عائمة وزوارق غطس وإرشاد مع صالة ركاب لخدمة المسافرين.
إزاء ذلك يحاول المرفأ على رغم الحصار العمل ما استطاع، لكن تعرضه لقصف إسرائيلي في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2021 ولهجوم آخر في 19 يناير (كانون الثاني) 2022 بذريعة وجود شحنات إيرانية مخزنة في ساحة الحاويات أحاله عن تفعيل دوره بالمنطقة. ويعد الاستهداف الأولى من نوعه من قبل تل أبيب لهذا المرفق الحيوي بعدما كانت كل الهجمات تصب جنوب البلاد أو شرقها، ونتيجة لذلك اشتعلت ساحة حاويات المرفأ.
ونظراً إلى موقع ميناء اللاذقية وإطلالته بحوض المتوسط تتطلع طهران عبر مفاوضات مع الجانب السوري في مجال النقل إلى إعادة تفعيل خط سكك حديدية بين كل من إيران والعراق وسوريا عبر السكك الحديد (شلمجة ـ البصرة) العراقية - الإيرانية، وصولاً إلى ميناء اللاذقية، ويأمل وزير النقل الإيراني مهرداد بذرباش تفعيل الخط لاستقبال الميناء سفن حاويات ضخمة وزيادة الطاقة الاستيعابية والشحن المنتظم عبره، وكذلك استكمال مشروع ربط السكك الحديدية بنقل البضائع من باكستان أو ميناء تشابهار الإيراني جنوب شرقي طهران، علاوة عن تسيير البضائع التي يمكن أن تصل من الصين وآسيا الوسطى، ومن ثم إلى الميناء السوري.