ملخص
يعزز فرص أردوغان في الفوز الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزب "العدالة والتنمية" ذو الجذور الإسلامية، وحلفاؤه في انتخابات 14 مايو، فما الذي سيحدث؟
يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تمديد حكمه إلى عقد ثالث من خلال جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي تجري، اليوم الأحد، في ظل زخم يبدو أنه يسير لصالحه بعد أن انتهت الجولة الأولى بتقدمه على منافسه كمال كليتشدار أوغلو.
ويعزز فرص أردوغان في الفوز الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزب "العدالة والتنمية" ذو الجذور الإسلامية، وحلفاؤه في انتخابات 14 مايو (أيار). كما حصل أردوغان على دعم آخر، الإثنين الماضي، بعد إعلان السياسي القومي سنان أوغان الذي حل ثالثاً في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، تأييد الرئيس التركي في جولة الإعادة.
ولن تحدد انتخابات اليوم فقط من سيقود البلاد بل وطريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية.
أما كليتشدار أوغلو الذي حصل هو الآخر على دعم جديد من زعيم يميني متشدد، فمدعوم من تحالف من ستة أحزاب معارضة منها حزب "الشعب" الجمهوري الذي يتزعمه.
ودافع أردوغان، الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة وتقليص صلات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.
وتجري الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من وقوع زلازل مدمرة في جنوب شرقي تركيا أودت بأكثر من 50 ألفاً.
ماذا ينتظر تركيا؟
أردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة قبل قرن من الزمان. وأبعد أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" البلاد عن نهج أتاتورك العلماني.
كما ركز أردوغان الصلاحيات في رئاسة تنفيذية مقرها قصر يضم ألف غرفة على مشارف أنقرة، وترسم من خلاله السياسات في ما يخص الشؤون الاقتصادية والأمنية والمحلية والدولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول منتقدوه، إن حكومته كممت أفواه المعارضة وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الذين يقولون إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية من بينها محاولة انقلاب عام 2016.
ويقول خبراء اقتصاد، إن دعوات أردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاماً عند 85 في المئة العام الماضي، كما أدت لهبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.
وماذا عن بقية العالم؟
تحت حكم أردوغان، استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فقد شنت أربع عمليات توغل في سوريا، وحملة على مسلحين أكراد داخل العراق، وأرسلت دعماً عسكرياً إلى ليبيا وأذربيجان.
خاضت تركيا أيضاً سلسلة من المواجهات الدبلوماسية مع القوى الإقليمية السعودية ومصر والإمارات إلى جانب إسرائيل، إضافة إلى مواجهة مع اليونان وقبرص في شأن الحدود البحرية بشرق البحر المتوسط، حتى غيرت مواقفها قبل عامين وسعت إلى التقارب مع بعض خصومها.
وأدى شراء أردوغان لأنظمة دفاع جوي روسية إلى فرض عقوبات أميركية على أنقرة استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيكاً من منتقدين بخصوص التزام أنقرة إزاء حلف شمال الأطلسي. كما أثارت اعتراضات أنقرة على طلبي السويد وفنلندا الانضمام للحلف العسكري توترات.
مع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مما يشير إلى دور ربما يلعبه أردوغان ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ولم يتضح إلى الآن ما إذا كان هناك خليفة محتمل له قادر على أن يحظى بالمكانة نفسها التي اكتسبها أردوغان على الساحة الدولية، وهي نقطة آثارها في حملته الانتخابية.
ما وعود المعارضة؟
تحالف حزبا المعارضة الرئيسان، "الشعب" الجمهوري العلماني والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع أربعة أحزاب أصغر على أساس برنامج من شأنه إلغاء كثير من السياسات التي اتسم بها حكم أردوغان.
فقد تعهدت هذه الأحزاب بإعادة استقلال البنك المركزي والتخلص من سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية. كما أن المعارضة تعتزم إلغاء رئاسته التنفيذية والعودة للنظام البرلماني السابق، فضلاً عن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
كما تهدف الأحزاب إلى تحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات "أف-35" المقاتلة الذي استبعدت منه بعد شراء الدفاعات الصاروخية الروسية.
ويعتقد محللون أن السياسات التي تعهدت بها المعارضة قد تحفز الاستثمار الأجنبي.
ودعم أردوغان الجهود التي باءت بالفشل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بينما استضاف ما لا يقل عن 3.6 مليون لاجئ سوري يتزايد عدم الترحيب بهم وسط المتاعب الاقتصادية في تركيا.
وسعياً وراء الدعم من الناخبين القوميين في جولة الإعادة، زاد كليتشدار أوغلو من حدة نبرته المناهضة للمهاجرين في الأسبوعين الماضيين، وتعهد بإعادتهم إلى بلادهم.
إلى أي مدى يحتدم السباق؟
حصل كليتشدار أوغلو على 44.9 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى مقابل 49.5 في المئة لأردوغان، مما يعكس الدعم القوي الذي يتمتع به الرئيس على رغم تفاقم أزمة غلاء المعيشة واستطلاعات الرأي التي أظهرت قبل الانتخابات تقدم كليتشدار أوغلو.
وعزت مراكز الاستطلاعات في وقت لاحق تلك النتيجة إلى زيادة غير متوقعة في دعم القوميين وقت التصويت.
ويقول أردوغان، إن التصويت لصالحه سيضمن الاستقرار بعد أن حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.
وكان الصراع التركي المستمر منذ أربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني عاملاً مهماً في الحملة الانتخابية، إلى جانب دور الأحزاب السياسية الكردية الرئيسة.
وعلى رغم أن حزب "الشعوب" الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءاً من تحالف المعارضة، فإنه يعارض بشدة أردوغان بعد حملة استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية مما دفعه إلى إعلان تأييده كليتشدار أوغلو.
وشملت انتقادات أردوغان لمنافسه اتهامات، من دون دليل، بتلقيه دعماً من حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً منذ الثمانينيات قتل فيه أكثر من 40 ألفاً. وينفي كليتشدار أوغلو هذه الاتهامات.