ملخص
أطلق على ورززات المغربية لقب "هوليوود أفريقيا" لاحتضانها أكبر أستوديو طبيعي في العالم
مدينة ورززات جنوب المغرب الملقبة بـ "هوليوود أفريقيا" لضمها أكبر أستوديو طبيعي في العالم احتضن أفلاماً سينمائية ضخمة وشهيرة، تضع آخر الترتيبات واللمسات لتصوير الجزء الثاني من فيلم "غلادياتور" Gladiator الذي من المقرر أن يطرح في القاعات السينمائية العالمية في الـ 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وتراهن مدينة ورززات المغربية على مثل هذه الأفلام السينمائية العالمية من أجل تحريك بعض المهن المرتبطة بالسينما مثل المهن التقنية واللوجستية، وإنعاش الاقتصاد المحلي فضلاً عن توظيف كثير من الشباب و"الكومبارس".
تشويق "غلادياتور"
وبعد تصوير المخرج والمنتج البريطاني ريدلي سكوت مشاهد رئيسة من الجزء الأول من فيلم "غلادياتور" (المقاتل) في أستوديوهات "أطلس" ناحية ورززات عام 2000، ها هو يعود بعد أكثر من عقدين من الزمن إلى المدينة ذاتها ليجهز تصوير الجزء الثاني من فيلمه الشهير.
ويجري حالياً التحضير لتصوير مشاهد الجزء الثاني من الفيلم داخل أستوديوهات "أطلس" بورززات وخارجها، إذ شيد مدرج خشبي دائري ضخم وسط كثبان الرمال يكاد يشبه المدرج الذي تم تصويره في الجزء الأول من الفيلم.
وتفيد مصادر مطلعة بأن تصوير مشاهد من فيلم "غلادياتور 2" سيبدأ فعلياً في فترة الصيف بعد تحديد أسماء الممثلين المشاركين فيه، فضلاً عن ترتيب مواعيد التصوير التي تناسب كل ممثل.
وعلى رغم عدم الكشف النهائي عن قائمة طاقم الفيلم غير أن الصحف والمواقع المهتمة بأخبار السينما أوردت بعض الأسماء من قبيل الممثلة المصرية الفلسطينية مي قلماوي ومات لوكاس وبيتر منساه وفريد هيكينجر، بينما غادر الميدان الممثل باري كيوغان لأن الأجندة الزمنية للفيلم لا تناسب أوقاته.
ويراهن ريدلي سكوت على تحقيق نجاح كاسح للجزء الثاني من فيلمه الملحمي التاريخي، مثل الجزء الأول الذي حقق مداخيل مالية هائلة ولا يزال يحصد الإعجاب والمشاهدة، وكان حينها من بطولة راسل كرو الذي أبدع في دور الجنرال الروماني ماكسيموس ديسيموس ميريديوس ونال عنه جائزة الأوسكار عام 2001، إلى جانب ممثلين مشهورين آخرين من قبيل خواكين فينيكس ووكوني نيلسن وورالف مولر وأوليفر ريد.
ورززات بين الإشعاع والتراجع
ويقول في هذا الصدد الناقد السينمائي والفني مصطفى الطالب إن "مدينة ورززات وأستديوهاتها السينمائية كانت دائماً محط اهتمام المنتجين العالميين نظراً إلى المؤهلات الطبيعية والبشرية التي تتوفر عليها المدينة"، مبرزاً أن "لائحة الأفلام العالمية التي صورت فيها طويلة ومنها فيلم "كوندون" لمارتن سكورسيزي و"غلادياتور" لريدلي سكوت و"حريم" لأرثر جوفي و"الإسكندر" لأوليفر ستون و"قناص أميركي" لكلينت إيستوود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الطالب أن ورززات لطالما كانت في مستوى تحدي المنافسة من قبل دول كثيرة، لكن هذا البريق خفت شيئاً ما قبيل جائحة كورونا بفعل المنافسة، فتراجع عدد الإنتاجات العالمية كما جاء في تقارير المركز السينمائي المغربي.
وأثرت جائحة كورونا بشكل كبير في الحركة السينمائية بورززات، إذ توقفت الإنتاجات السينمائية العالمية التي تدر دخلاً مالياً مهماً على خزانة الدولة وفاق الـ 75 مليون دولار عام 2019، ولذلك قام المركز السينمائي المغربي بإصدار قانون دعم إنتاج الأعمال السينمائية والسمعية البصرية الأجنبية في المغرب لاستعادة النشاط السينمائي بورززات، وكإجراء استباقي لرفع تحدي المنافسة وتجاوز الركود السينمائي.
عودة الروح
ويتابع الطالب أن "تصوير الجزء الثاني من الفيلم العالمي ’غلادياتور‘ وأفلام أجنبية أخرى يأتي في هذا السياق، ويعد مؤشراً على عودة الروح إلى أستوديوهات ورززات"، مبرزاً أن "المدينة لا يمكن أن تكون بالفعل هوليوود أفريقيا إلا باستقطاب كبرى شركات الإنتاج العالمية، ومعها الفنانون العالميون سواء من أميركا أو أوروبا أو آسيا، ورفع تحدي المنافسة العالمية."
واستطرد الناقد عينه بأن "رصيد وتاريخ ورززات السينمائي يجب توظيفهما من أجل جعل هذه المدينة أستوديو سينمائياً عالمياً، إضافة إلى ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفعالة من أجل استهداف المنتجين العالميين بمن فيهم المنتجون العرب".
ولفت المتحدث إلى أنه "إذا استطعنا تحقيق صناعة سينمائية داخلية بكل المقومات الفنية والتقنية فإن ذلك سيسهم في تحقيق ديناميكية سينمائية في ورززات توازي عالمية مهرجان مراكش الدولي للفيلم"، مردفاً أن "هذا مشروع وطني يجب أن تنخرط فيه كل الجهات الحكومية وغير الحكومية والعمومية والخاصة، باعتبار الأدوار الفنية والثقافية والاقتصادية والدبلوماسية التي تلعبها السينما".
رواج ومهن سينمائية
عودة الروح إلى أستوديوهات ورززات التي تحدث عنها الناقد مصطفى الطالب لا تشمل فقط تصوير الأفلام السينمائية الضخمة فيها وحضور كبار النجوم العالميين من مخرجين وممثلين ومنتجين، بل أيضاً إنعاش عدد من المهن وتشغيل الشباب ورواج الحركة الاقتصادية في المنطقة.
وفي هذا السياق يقول أحمد نقور، أحد التقنيين المشتغلين في الأفلام السينمائية التي تصور في ورززات، إن تصوير "غلادياتور" على سبيل المثال والأمر نفسه بالنسبة إلى لأفلام الأجنبية الكبيرة، يقدم إضافات قوية على صعيد مهن السينما أو على صعيد الرواج التجاري والاقتصادي.
ويشرح المتحدث ذاته بأن تصوير فيلم "غلادياتور" مثلاً في الفضاءات الطبيعية للمدينة، سواء في قصباتها أو داخل قصورها التاريخية، سيجلب معه وظائف عدة للشباب سواء المشتغلين في المجال التقني أو الممثلين الشباب الذين يؤدون أدوار الكومبارس.
وأكمل قائلاً إن فيلماً ضخماً مثل "غلادياتور" أو قبله أفلام ضخمة أخرى مثل فيلم "كليوباترا" أو "صراع العروش" تحتاج في الغالب إلى شباب تقنيين يساعدون العاملين الرئيسين في الفيلم الذي يأتي أصلاً مع طاقم العمل.
وتابع أن هناك أيضاً رواجاً تجارياً واقتصادياً في المنطقة بالنظر إلى إقامة أفراد طاقم الفيلم في فنادق المدينة، وما ينتج منه من حركية سياحية أيضاً بالنظر إلى حضور نجوم السينما العالمية، علاوة على انتعاش كثير من الوظائف والمهن السياحية بفضل تصوير هذه الأفلام التاريخية والضخمة في ورززات.