ملخص
أظهرت بيانات جديدة أن أعداداً متزايدة جداً منا تنفق ما يصل إلى ألف جنيه استرليني في كل مرة تدعى إلى حفلة زفاف أحد الأحبة
يبدو أن تلقي دعوة لحضور حفلة زفاف في هذه الأيام يصيب المرء بالغثيان ويصيب حسابه المصرفي بالجفاف. ليس هناك لف ودوران، ستضطر إلى دفع مبالغ طائلة من المال للحصول على امتياز مشاهدة تعهدات شخص آخر بالحب الأبدي على المذبح. قد تصل فاتورتك إلى حوالى ألف جنيه استرليني في كل حفلة زفاف تحضرها، مما يجعل الدعوات أشبه بنذور بهلاك مالي مطبوعة على بطاقات مزهرة جميلة. وفقاً لبيانات جديدة صادرة عن شركة أمريكان إكسبريس لبطاقات الائتمان، هذا هو المبلغ على الأقل، إذ صنفت هدايا الزفاف، ونفقات السفر، والإقامة، وتكاليف رعاية الأطفال والملابس على أنها أكثر الأشياء التي تترك ثقوباً في جيوب المدعوين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا أعتقد أنني أتحدث بمنطق البخل ببساطة، فمجرد التفكير في صرف ما يقرب من ألف جنيه لحضور حفلة زفاف - وعدم دفع ذلك المبلغ للمساهمة حتى في تكاليف الحفلة - يبدو وكأنه جنون مطلق بالنسبة إلي. إذا كان هذا هو متوسط كلفة الذهاب إلى حفلة زفاف واحدة، فماذا لو دعيت لحضور حفلتين أو ثلاث أو ربما أربع هذا العام؟ ترتعد بطاقتي الائتمانية من الفكرة فقط. تشير ريما بركة، خبيرة حفلات الزفاف في شركة Hitched.co.uk، إلى بيانات تظهر أن حوالى نصف (40 في المئة) من الضيوف يعترفون بأنهم سيواصلون حضور حفلات الزفاف على رغم عدم قدرتهم على تحمل تكاليفها، لكنها تضيف: "إذا كان حضور حفلة زفاف يكلف المرء ما يزيد على ألف جنيه استرليني، فلن يتمكن معظم الأشخاص من تحمل أكثر من عرس أو اثنين في السنة، إذا كان ذلك ممكناً أساساً".
لدى أسرتي راتبان ولا يوجد أطفال، مما يعني أنني أستطيع تقاسم بعض تكاليف حضور حفلة زفاف مع شريكي. لكن الأمور أسوأ بكثير بالنسبة إلى غيرنا كيفما التفتنا: على اليسار، يضطر الأهالي إلى إنفاق مبالغ باهظة بشكل مؤلم على رعاية الأطفال، وعلى اليمين يدفع الأشخاص العازبون التكاليف بأكملها وحدهم. على كل حال، وحتى بعد تقسيم تكاليف الإقامة وأية هدايا، ما زلت أخسر ما لا يقل عن 600 جنيه استرليني في كل مرة أحضر فيها حفلة زفاف أحدهم.
وهذا لا يشمل حتى كلفة حفلات توديع العزوبية للعرائس والعرسان. وجدت أبحاث أجراها موقع Hotels.com أنه في عام 2022، ارتفع متوسط كلفة حفلات توديع العرائس للعزوبية في المملكة المتحدة بنسبة 60 في المئة من 150 جنيهاً استرلينياً إلى 242 جنيهاً. لكن هذا المبلغ يعد مقتصداً نسبياً مقارنة بالحفلات التي تقام في الخارج، التي يقال إنها تكلف بالمتوسط 998 جنيهاً للفرد. تنص القواعد الحديثة على ألا يدفع العروس ولا العريس فلساً واحداً في حفلاتهما، حتى لو كان ما طلباه تحديداً هو أفراح تستمر لثلاثة أيام ملاح على ساحل بينيدورم في إسبانيا. لكنني سأكون صريحة للحظة: إذا طلب مني دفع مئات الجنيهات في مقابل إجازة يقضيها شخص آخر، فسيتعين علي أن أرفض. أنا ببساطة لا أستطيع تحمل هذا.
تجعل أزمة كلفة المعيشة المستمرة تقبل هذه الأرقام أكثر صعوبة. أصبحت إيجارات السكن والفواتير تخرج عن نطاق السيطرة، بينما أصبح شراء البقالة تمريناً أسبوعياً في البحث عن العروض التوفيرية. علينا كذلك نسيان الذهاب إلى الحانة بشكل منتظم أيضاً: لقد رأيت كؤوساً من الجعة تباع في مقابل سبعة جنيهات استرلينية أخيراً. ولجعل الأمور أسوأ، قالت مؤسسة "ريزولوشن فاونديشن"، وهي مؤسسة بحثية تركز على الفئات ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط، في مارس (آذار) إن الضعف الذي أصاب العمال في المملكة المتحدة يقدر بـ11 ألف جنيه استرليني سنوياً بسبب ركود الأجور على مدار الأعوام الـ15 الماضية. فوق كل هذا، ويتوقع مني بطريقة ما تأمين ألف جنيه من جنيهاتي الثمينة للذهاب إلى حفلة زفاف؟ إنه أمر لا يصدق.
دعونا أيضاً نفكر في أولئك الذين هم سيئو الحظ لدرجة دعوتهم إلى حفلات زفاف المؤثرين الناشئين على وسائل التواصل الاجتماعي. في البحث الذي لا ينتهي عن محتوى يمكنه الانتشار بسرعة على الإنترنت، ازداد هوس العرائس والعرسان كثيراً بإقامة حفلات، الواحدة تلو الأخرى، في الفترة التي تسبق يوم الزفاف الفعلي. مناسبات الخطوبة وحفلات العرائس وبروفات اليوم الكبير وولائم فطور ووغداء وداعية، حتى أن بعض من سيصبحن عرائس قريباً يستضفن فعاليات "اقتراح الإشبينات"، إذ يتم تبادل الهدايا على أمل الانضمام إلى حفلة الزفاف. لم تعد الدعوة عبر الهاتف كافية بعد الآن. هذا يعني دفع مزيد في مقابل رعاية الأطفال، ومزيد من الملابس، ومزيد من السفر، وفي النهاية، مزيد من المال - يتم ضخه كله بلا هوادة في آلة رأسمالية الزفاف.
لقد فقدنا البوصلة في ما يتعلق بحفلات الزفاف بالفعل وصارت النتائج قاسية على نحو متزايد.
ينبه ماثيو شو، المؤسس والمدير الإبداعي لشركة "سيفيور" لتنظيم الفعاليات، إلى أن حفلات الزفاف التي تقام في وجهات سياحية هي الأكثر كلفة. يقول: "إذا تم التخطيط لها مسبقاً بوقت كاف، فسيكون كثير من الضيوف سعداء بالتعامل معها على أنها إجازتهم يجرى احتفال خاص كجزء منها... تتطلب بعض الوجهات رحلة جوية قصيرة وإقامة لليلة واحدة - التي غالباً ما تكون مشابهة لإقامة حفلة زفاف في الريف في المملكة المتحدة - لكنني شهدت أيضاً حفلات زفاف يطلب فيها من الضيوف القيام برحلة طويلة، ثم ركوب عبارة، ثم سيارة. يمكن أن يكون هذا مطلباً باهظاً بالنسبة إلى ضيوفك حتى في أفضل الأوقات، ناهيك عن الوقت الحالي".
مما يبعث على الإحباط، أننا فقدنا فهمنا على ما يبدو لحقيقة حفلات الزفاف، والنتائج قاسية بشكل متزايد. لن يتذكر أحد مكاناً فخماً أو فستاناً فاخراً إذا لم يستطع أحد تحمل ما يتطلبه حضور الحفلة من تكاليف الرحلة والفندق. من سيذرف دمعة عندما تسير العروس نحو المذبح؟ من سيرقص على أنغام أغنية "برايتسايد" التي يشغلها الدي جيه؟ من الذي سيظهر في مكان التصوير مع فريق العريس وفريق العروس بأزيائهما رديئة الذوق؟ هذه ذكريات ثمينة يخاطر الأزواج بضياعها.
أنا من أشد المدافعين عن حضور حفلات زفاف الأشخاص الذين أهتم لشأنهم حقاً، أنا أضمن أن هذه هي الاحتفالات التي ستتذكرها من صميم قلبك ولن تمانع في إنفاق قليل من المال عليها. وغالباً ما تقام هذه من أشخاص سيحاولون إشراكك سواء كنت تستطيع الحضور أم لا - مثل تجهيز بث مباشر لحفلة الزفاف أو مكالمة فيديو أثناء الاستقبال. يمكننا أن نكون انتقائيين أكثر عندما يتعلق الأمر بالدعوات التي نقبلها. لكن عندما يكون البديل هو إنفاق مال كثير، فالخيار ليس بيدنا حقاً.
© The Independent