ملخص
الحكومة الشرعية دانت حملة الميليشيات واعتبرتها إرهاباً ممنهجاً ضد الأقليات الدينية في البلاد
تتوالى الإدانات المحلية والدولية إزاء معاودة ميليشيات الحوثي ملاحقتها الطائفة البهائية في اليمن، عبر اقتحام مسلحين يتبعونها اجتماعاً لأفرادها في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم، واعتقال 17 شخصاً بينهم خمس نساء وإخفائهم قسراً، كما داهموا عدداً من منازلهم، معتبرة أن هذا الإجراء اعتداء جديد ضد الأقليات وحرية المعتقد.
وقال مسؤول مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن نادر السقاف إن مجموعة كبيرة من مسلحي الحوثي المقنعين شنوا حملة مداهمة عنيفة على تجمع سلمي للبهائيين في صنعاء قبل يومين، واعتقلوا وأخفوا قسراً ما لا يقل عن 17 شخصاً بينهم خمس نساء، واستجوبوا الحاضرين وصادروا الكتب وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وممتلكاتهم الأخرى، موضحاً أن الهجوم جاء فيما كانوا يجتمعون لاختيار من يرعى شؤونهم الإنسانية والمجتمعية.
وتعرض أتباع الطائفة البهائية، بحسب حقوقيين، لسلسلة من الانتهاكات منذ بدء الانقلاب الحوثي، تنوعت بين دهم المنازل وترويع الأسر والخطف والاعتقال التعسفي والتعذيب النفسي والجسدي والنفي القسري، وإخضاعهم لمحاكمات خارج إطار القانون بتهم ملفقة، ومصادرة ونهب ممتلكاتهم واقتحام ومصادرة مقارهم، والتحريض العلني وبث خطاب الكراهية ضدهم.
انتهاك صارخ
واعتبر أن الهجوم "انتهاك صارخ لحرية الدين أو المعتقد وحقوق الإنسان بموجب المواثيق الدولية التي تمنحهم الحق في التجمع وإدارة شؤونهم الدينية والمجتمعية، ولا يوجد رجال دين في الدين البهائي، والاجتماع الذي كان من المقرر تشكيله هدفه الوحيد اختيار من يرعى الشؤون الإنسانية والمجتمعية للبهائيين في اليمن، وهذه العملية تحدث في المجتمعات البهائية كافة حول العالم."
ولا يزال عدد من أبناء الطائفة يواجهون صعوبات في نيل حقوقهم المدنية والسفر خارج البلاد، فضلاً عن تجدد الملاحقات والاعتقالات، فيما يخشى مراقبون أن يكون مقدماً لاستئناف الحملات الحوثية بحقهم.
قمع مظاهر التنوع
وتعاني الطائفة البهائية التضييق والتمييز والاضطهاد من قبل ميليشيات الحوثي التي تتهم من قبل مؤسسات حقوقية بقمع كل مظاهر التنوع الديني والحرية في المجتمع اليمني، والتي تنوعت بين دهم المنازل وترويع الأسر والخطف والإخفاء القسري والإجبار على التخلص من الوثائق الشخصية وإثبات الهوية أو جوازات السفر وغيرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي إشارة إلى ما تواجهه الطائفة خلال الفترات السابقة، كشف السقاف عما تتعرض له هذه الأقلية الدينية من الاعتقال والسجن والاستجواب والتعذيب والتحريض العلني على العنف ضدها، وطاولها التهجير القسري ونفي كثير منهم خارج البلاد، إضافة إلى استمرار الحوثيين في محاكمة 24 بهائياً منذ عام 2018.
وبحسب السقاف فقد شكلت هذه التطورات "تصعيداً حاداً للنمط المنهجي للممارسات الذي تقوم به السلطات في صنعاء لقمع البهائيين اليمنيين، وهو نمط شمل الاعتقال الجماعي في أغسطس (آب) 2016 لأكثر من 60 شخصاً من النساء والرجال والأطفال المشاركين في تجمع تربوي وتعليمي نظمه البهائيون،
إضافة إلى اعتقال 20 عضواً بارزاً في المجتمع البهائي اليمني عام 2017 وما تلاه من اعتقالات لآخرين بمن فيهم أعضاء في المؤسسات البهائية، وإعلان المحكمة في يناير (كانون الثاني) 2018 إعدام السيد حامد بن حيدرة علناً وتعزيراً".
مراقبة دولية
وعن الإجراءات المتوقعة إزاء هذه الحادثة وفي ظل ما يتعرض له البهائيون، أكد السقاف أن "الجامعة البهائية العالمية تراقب عن كثب تطورات الأحداث التي تشير إلى أن هذه المداهمات قد تكون الأولى ضمن سلسلة من الإجراءات التعسفية التي تحاول الأجهزة الأمنية الحوثية من خلالها استهداف البهائيين في المناطق التي يسيطرون عليها، وتحتفظ الجامعة البهائية العالمية بهذه التفاصيل لدواع أمنية"، وطالب السقاف "المجتمع الدولي باستخدام نفوذه وإلزام الحوثيين باحترام حقوق الإنسان لجميع المواطنين اليمنيين، بدءاً بإطلاق سراح المعتقلين الـ 17 خلال هذه المداهمة العنيفة وغير المبررة"، مشيراً إلى سعي "البهائيين اليمنيين نحو خدمة وطنهم ومساعدته في التغلب على تحدياته الحالية والعمل من أجل سلام وازدهار اليمن"، مؤكداً أنه من المؤسف قيام الحوثيين بهذا العمل المخجل".
وإزاء الممارسات الحوثية بحق الأقليات الدينية قال السقاف إنه "يجب على المجتمع اليمني والدولي أن يكون على دراية بأن احترام مبادئ حقوق الإنسان ومساندتها في وجه الاضطهاد المنهجي الذي يمارسه الحوثيين في وجه البهائيين في اليمن واجب ويستلزم وقفة جادة لرفع معيار حقوق الإنسان تجاه جميع مكونات المجتمع هناك".
تصعيد حوثي
ولم يصدر عن الحوثيين أي تعليق إزاء الواقعة، فيما قالت الحكومة اليمنية على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني "ندين ونستنكر بأشد العبارات إقدام ميليشيات الحوثي الإرهابية على اقتحام الاجتماع السنوي السلمي لطائفة البهائيين في العاصمة"، واصفاً الحادثة بـ "الجريمة النكراء التي تؤكد مضي ميليشيات الحوثي بتوجيه وإيعاز إيراني في نهج التصعيد والاستهداف والإرهاب الممنهج للأقليات الدينية، وعلى رأسها الطائفة البهائية، واضطهاد أتباعها على خلفية معتقداتهم".
واعتبر الإرياني أن الممارسات الحوثية "انتهاك صارخ لحرية الدين والمعتقد والحق في التنظيم والتجمع، وممارسة الشعائر الدينية التي تقرها القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وفي مقدمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
نفوذ العالم
وفي إطار الإدانات المحلية والدولية استنكرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات ما وصفته "بالعمل الإرهابي الذي تمارسه ميليشيات الحوثي الإرهابية بحق الطائفة البهائية في اليمن، وآخرها اقتحامها منازل منتسبي الطائفة".
وعبرت الشبكة في بيان صحافي عن إدانتها "هذه الجريمة الشنعاء التي تتنافى كلياً مع القوانين والقيم والأخلاق وعادات وتقاليد الشعب اليمني المؤمن بثقافة التسامح والتعايش مع الجميع، واحترام حرية الدين والمعتقد".
وحملت الشبكة التي ينضوي في إطارها عدد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، "ميليشيات الحوثي المسؤولية كافة عن سلامة وصحة المختطفين وسرعة إطلاقهم، ورد الاعتبار لمن لحق بهم الضرر المادي والنفسي".
وفي السياق نفسه دعت الجامعة البهائية العالمية المجتمع الدولي إلى استخدام نفوذه من أجل إلزام ميليشيات الحوثي بإطلاق 17 شخصاً من البهائيين الذين اعتقلوا الخميس الماضي إثر اقتحام مسلحين تابعين للميليشيات تجمعاً سلمياً لأفراد الطائفة الدينية في صنعاء.
وقالت الممثلة الرئيسة للجامعة البهائية لدى الأمم المتحدة باني دوجال، "يجب على المجتمع الدولي الآن استخدام نفوذه لإلزام الحوثيين باحترام حقوق الإنسان لجميع المواطنين اليمنيين، وإطلاق سراح 17 بهائياً تم اعتقالهم".
وأضافت، "تأتي هذه الحملة في ظل استمرار معاناة البهائيين من الاضطهاد العنيف الذي عانوه منذ فترة طويلة في ذلك البلد"، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
ونشأت الطائفة البهائية في القرن الـ 19 الميلادي، ويتبع المنتمون إليها تعاليم بهاء الله المولود في إيران عام 1817، ويعتبرونه أحد الرسل، ويقدر عدد أتباعها وفقاً لتقديرات دولية بنحو 2000 شخص.