Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أثارت زيارة إيلون ماسك للصين مخاوف الحكومات الغربية؟

تبدو بكين كأنها تبعث برسالة مفادها: في حين أن العلاقات الدبلوماسية قد تكون متوترة، تظل البلاد منفتحة على المشاركة مع مجتمع الأعمال

تربط إيلون ماسك بالصين مصالح قيمة تتطلب رعاية لها وحماية (أسوشيتد برس)

ملخص

الكثير من الدبلوماسيين الغربيين تمنوا لو أن ماسك لم يقم أساساً بزيارة الصين.

ينطوي التعقب المستمر للطائرة الخاصة بإيلون ماسك، على كثير من الدلالات التي تعكس المكانة المميزة التي يتمتع بها رجل الأعمال الأبرز في العالم. فعندما غادر آلاسكا في الولايات المتحدة على متنها أخيراً متوجهاً إلى الصين، اندلعت موجة كبيرة من التكهنات حول حقيقة نواياه.

واتضح أن مالك شركة "تسلا" للسيارات الكهربائية ومنصة "تويتر" للتواصل الاجتماعي، قد غادر فعلاً إلى بكين - بل زارها بالفعل - في أول زيارة له للقوة العظمى، منذ نحو ثلاثة أعوام. ومرة أخرى، تتم تغطية رحلته بالأهمية نفسها التي تعطى عادة لبعثة دبلوماسية رفيعة المستوى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، ليس من المبالغة القول إن ظهور إيلون ماسك في الصين يكتسب أهمية من الناحية الدبلوماسية. ربما لم يعد هو الرجل الأكثر ثراءً في العالم - لأن اللقب يحظى به الآن الفرنسي برنارد أرنو، بفضل ثروته المرتبطة بصناعة السلع الفاخرة - إلا أن ماسك لا يزال شخصية بارزة ومرموقة في المشهد العالمي، ويمكنه بلا شك الادعاء بأنه أحد أبرز رواد الأعمال على وجه الأرض في الوقت الراهن، إضافة إلى ذلك، يجب ألا ننسى أنه أميركي، وفي ضوء العلاقات الراهنة بين الولايات المتحدة والصين التي تشهد توتراً ملحوظاً في هذه المرحلة، فإن زيارته تعتبر ذات أهمية بالغة.

شمل جدول أعمال زيارة إيلون ماسك لبكين سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين، ومن بينهم رئيس الوزراء لي كيانغ، في وقت تتصاعد فيه التوترات في شأن طموحات الصين المتعلقة بجارتها تايوان. وتأتي تحركاته أيضاً بعد اختتام قمة "مجموعة الدول السبع" G7 الاقتصادية الكبرى، بقيادة الولايات المتحدة، في اليابان، حيث شكلت تصرفات بكين العدائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية - وليس فقط في ما يتعلق بجارتها الصغيرة القريبة تايوان - محوراً رئيساً في النقاشات.

وتتخذ الدول الكبرى هذه موقفاً عدائياً من بكين بشكل متزايد، لكن ماسك ليس في هذا الوارد. لا بل ما هو أكثر من ذلك، أنه يتم الترحيب به بحرارة. ومن الناحية الرمزية، أتت زيارته بعد ساعات من رفض الحكومة الصينية عرضاً لعقد لقاء مع لويد أوستن وزير الدفاع الأميركي، في سنغافورة.

فمن خلال الردود المتناقضة، تبدو بكين كأنها تبعث برسالة مفادها: في حين أن العلاقات الدبلوماسية قد تكون متوترة، تظل البلاد منفتحة على المشاركة مع مجتمع الأعمال. وقد يشير ذلك أيضاً إلى مخاوف الصين من العواقب المترتبة عن تراجع التجارة الغربية في حال تصاعد التوترات السياسية.

أما ماسك فيجد نفسه مرتاحاً وفي وضع يختلف تماماً عن الأجواء العامة القائمة في العواصم الغربية. وقد سلط البيان الصادر عن وزارة الخارجية الصينية الضوء على الترحيب الحار الذي يلقاه ماسك وقادة الأعمال الغربيون الآخرون، من دون حكوماتهم، عندما ذكر أن "الصين ترحب بالسيد ماسك وبالقادة الآخرين من مجتمع الأعمال، بهدف تعزيز فهم أفضل لديهم للصين، وتمتين أواصر التعاون المتبادل. ونود أن نرى المستثمرين الأجانب يعملون في بلادنا، ويستكشفون السوق الصينية، ويشاركون في الأرباح والنجاحات التي تحققها تنمية الصين".

تربط إيلون ماسك، البالغ من العمر 51 سنة، بالصين مصالح قيمة تتطلب رعاية وحماية. فشركته "تسلا" تمتلك مصنعاً عملاقاً في مدينة شنغهاي، أنتج أكثر من نصف إجمالي السيارات الكهربائية التي صنعتها الشركة في العام الماضي عبر العالم، وكانت في حدود مليون و400 ألف سيارة. وبما أنه لا يسعى أبداً إلى تقليص الانتاج، يتطلع ماسك إلى التوسع أكثر في الصين، فهو يخطط لزيادة الإنتاج في مصنع "غيغا فاكتوري" Gigafactory (وهو أحد أكبر مصانع العالم للمحركات الكهربائية ومنتجات تخزين الطاقة والبطاريات). وهذا المعمل أثبت قدرته حتى الآن على إنتاج مليون و100 ألف سيارة سنوياً، ويطمح رجل الأعمال إلى زيادة العدد.

وإضافة إلى طموحات ماسك التوسعية لمنشآته الراهنة في شنغهاي، يسعى إلى تطوير موقع جديد قريب لتصنيع أنظمة "ميغا باكس" Megapacks، وهي أنظمة تخزين شبكات الطاقة التي طورتها شركة "تسلا" (تم تصميمها خصيصاً لمشاريع على مستوى المرافق، كشبكات الطاقة ومنشآت الطاقة المتجددة والتطبيقات ذات النطاق التجاري).

وتشكل "تسلا" عاملاً حيوياً لازدهار شنغهاي في الصين. فالشركة الأميركية لتصنيع السيارات تنتج ربع إجمالي السيارات المصنعة في المنطقة. مع ذلك، لم تسر الأمور بسلاسة بالنسبة إلى أعمال ماسك. ففي أبريل (نيسان) الماضي، تراجعت شحنات سيارات "تسلا" من شنغهاي على نحو غير متوقع، مما يشير إلى أن المستهلكين يبحثون عن سيارات كهربائية بكلفة أدنى.

من ناحية أخرى، تواجه "تسلا" منافسة متزايدة من مؤسسات مصنعة أخرى في الصين. وتقوم الشركة الأميركية بتطوير طراز سيارتها "موديل 3" سيدان Model 3  (وهي أصغر الطرز حجماً التي تنتجها) لجهة زيادة طولها، كي تتمكن من مواجهة منافسيها الصينيين بشكل أكثر فاعلية. ومن المرجح أن تبدأ قريباً إنتاجها التجريبي في شنغهاي للشكل الجديد من "موديل 3".

ولعل هذا ما يفسر توقيت رحلة ماسك إلى الصين، حيث ومن المتوقع أن يزور مدينة شنغهاي ليوجه رسالة إيجابية تتعلق بتعزيز الاستثمار والتعاون الوثيق بين الجانبين. وإضافة إلى ذلك، يهدف ماسك إلى استكشاف السوق الصينية كمنصة اختبار لتقنيته الجديدة في مجال السيارات ذاتية القيادة.

وكان أحد أول لقاءاته مع وزير الخارجية الصيني تشين غانغ الذي أبلغ ماسك بأن بلاده "ملتزمة إرساء بيئة أعمال أفضل موجهة نحو السوق، وقائمة على سيادة القانون، إضافة إلى تسهيل اندماج الشركات الدولية في السوق العالمية".

لكن مناقشة المشاريع الأخرى لماسك قد تؤدي إلى رد فعل أقل حماسة من جانب الصينيين. فعلى غرار سائر الشبكات الاجتماعية الغربية الرئيسة، فإن منصة "تويتر" محظورة في الصين، كما أن بكين لم تستسغ كثيراً نشر إيلون ماسك تغريدات أشارت إلى أن فيروس "كوفيد-19" نشأ في مختبر أبحاث في مدينة ووهان. ولا يزال هذا الموضوع شديد الحساسية بالنسبة إلى السلطات الصينية.

كما أنه يبدو أن الصينيين ليسوا سعداء كثيراً بطموحات ماسك لشركة "ستارلينك" Starlink التي تتولى تقديم خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، وتديرها "سبايس إكس" SpaceX (شركة تكنولوجيا الفضاء التي يملكها). وقد تحدث مقربون من الجيش الصيني عن أن في إمكانهم القيام بحجب إشارة الخدمة بسهولة.

يشار هنا إلى أن الملياردير الأميركي كان قد غرد عبر حسابه على "تويتر"، وهو في طريقه إلى بكين قائلاً إن "برنامج الفضاء الصيني هو أكثر تقدماً بكثير مما يعرفه معظم الناس".

واستناداً إلى بيان وزارة الخارجية الصينية، فقد قال الوزير تشين لماسك خلال اجتماعهما: "نحن بحاجة إلى إبقاء عجلة القيادة في المسار الصحيح من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المثمر بين الجانبين". ولفت تشين إلى أهمية "تجنب" الطرفين أي أعمال يمكن اعتبارها "قيادة خطرة"، ومن شأنها أن تعرقل وتيرة التقدم بينهما.

يبقى القول أخيراً إن الكثير من الدبلوماسيين الغربيين تمنوا - لدى قراءة تصريحات وزير الخارجية الصيني ورؤية إيلون ماسك مبتسماً - لو أنه لم يقم أساساً بزيارة الصين.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير