Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهجرة بالأرقام: ما الذي يدفع حقاً إلى تزايد أعداد الوافدين إلى بريطانيا؟

على رغم تركيز الحكومة البريطانية على ضبط هجرة الطلاب ولاجئي القوارب، فإن هاتين الفئتين تمثلان نسبة محدودة من صافي الهجرة. "اندبندنت" تبحث في الأسباب التي تقف خلف هذا الارتفاع في أعداد المهاجرين

سجل صافي الهجرة إلى المملكة المتحدة مستوى قياسياً جديداً (رويترز)

ملخص

رغم تركيز الحكومة البريطانية على ضبط هجرة الطلاب ولاجئي القوارب، فإن هاتين الفئتين تمثلان نسبة محدودة من صافي الهجرة. "اندبندنت" تبحث في الأسباب التي تقف خلف هذا الارتفاع في أعداد المهاجرين

أظهرت أرقامٌ جديدة في المملكة المتّحدة أن صافي الهجرة قد وصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق، ساهم فيه انتقال عمّالٍ من خارج دول الاتّحاد الأوروبي إلى بريطانيا.

ويُعزى الارتفاع الملحوظ في أعداد الوافدين إلى نحو 606 آلاف شخص في عام 2022 جزئياً إلى التأثير المباشر للخطط الإنسانية التي وضعتها الحكومة لاستقبال الأشخاص الفارّين من أوكرانيا وأفغانستان وهونغ كونغ، في حين أن عمليّات عبور القوارب الصغيرة لـ "القنال الإنجليزي" قد واصلت ارتفاعها.

معلومٌ أن وزيرة الداخلية سويلا برافرمان استهدفت الطلاب الدوليّين في بريطانيا بحملة قمع مثيرة للجدل، من خلال تقييد حقّهم في جلب أفراد أسرهم إلى المملكة المتّحدة، أثناء فترة دراستهم، لكن "المكتب الوطني للإحصاء"  Office for National Statistics (ONS) أكّد أن معظم هؤلاء الطلاب يغادرون عند انتهاء دوراتهم الدراسية.

في غضون ذلك، تعرّضت الحكومة لضغطٍ من مجموعاتٍ صناعية طالبتها بتخفيف متطلّبات الهجرة، من أجل سدّ النقص في العمالة لديها، الذي انعكس سلباً على قطاعاتٍ كالزراعة والخدمات اللوجستية والضيافة وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.

إذاً ما هي الأرقام التي تقف وراء هذا الارتفاع القياسي الجديد؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صافي الهجرة

يقول جاي ليندوب مدير "مركز الهجرة الدولية" Centre for International Migration التابع لـ "المكتب الوطني للإحصاء" إن "سلسلةً من الأحداث العالمية غير المسبوقة التي طبعت عام 2022، إضافةً إلى رفع قيود الإغلاق في أعقاب جائحة فيروس كورونا، هي وراء هذه المستويات القياسية للهجرة الدولية إلى المملكة المتّحدة".

ويضيف أن "العوامل الرئيسية للزيادة تعود إلى الأفراد الوافدين إلى المملكة المتّحدة من دولٍ خارج كتلة الاتّحاد الأوروبي، بهدف العمل والدراسة والأسباب الإنسانية، بمَن فيهم الأشخاص الذين أتوا من أوكرانيا وهونغ كونغ".

ووفقاً لتقديرات "المكتب الوطني للإحصاء"، ففي عام 2022، وصل قرابة مليون و200 ألف شخص للعيش في المملكة المتّحدة لفترةٍ طويلة - بمَن فيهم 925 ألف وافدٍ من دول خارج الاتّحاد الأوروبي، و151 ألفاً من مواطني الكتلة الأوروبية، و88 ألف بريطاني - فيما خرج من البلاد 557 ألف شخص.

ويضيف مكتب الإحصاء (الذي يقدّم تقاريره للبرلمان البريطاني)، أن عدد الأشخاص الوافدين إلى المملكة المتّحدة من دولٍ هي خارج المنظومة الأوروبية، بقصد العمل والدراسة والأغراض الإنسانية، قد أدّى إلى ارتفاع معدّلات الهجرة على مدى الأشهر الثمانية عشر الأخيرة، لافتاً إلى أن هذا التزايد آخذٌ في التباطؤ، وأن الاتّجاهات تبدو "موقّتة".

الطلاب

يؤكّد "المكتب الوطني للإحصاء" أن عدد التأشيرات الممنوحة لطلابٍ أجانب قد ارتفع في عام 2022، ويعود السبب جزئياً إلى التسهيلات التي تمنحها التأشيرة الجديدة للمتخرّجين، التي تتيح للطلاب العمل في المملكة المتّحدة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، بعد الانتهاء من دراستهم.

لكن بعد أيامٍ من إعلان وزيرة الداخلية البريطانية عن وضع قيودٍ مثيرةٍ للجدل على الطلاب الدوليّين الراغبين في إحضار أطفالهم وأحبّائهم للعيش معهم في المملكة المتّحدة خلال فترة دراستهم، أكّد "المكتب الوطني للأحصاء" أن غالبية الطلاب ما زالوا "يغادرون في نهاية" فترة دراستهم.

وأضاف أن "الطلاب الذين وصلوا إلى البلاد في عام 2021 لأسبابٍ تتعلّق بالدراسة، بدأوا الآن في المغادرة، ما أدّى إلى زيادة إجمالي الهجرة من 454 ألفاً في عام 2021 إلى 557 ألفاً في عام 2022".

وعزا الارتفاع الكبير في عدد الطلاب الوافدين في عام 2021 إلى رفع قيود السفر السابقة عن الذين كانوا يدرسون من بُعد خلال جائحة فيروس ’كوفيد‘". وأضاف أن "الأدلّة تشير إلى أن الطلاب يمكثون عادةً لفتراتٍ أقصر من غيرهم من المهاجرين، وأن الغالبية منهم تغادر البلاد في نهاية الدراسة".

وبناءً على البيانات المقدّمة من وزارة الداخلية البريطانية، يتم - وفق اللوائح الراهنة المتعلّقة بإحضار الطلاب الدوليّين شركاءهم وأطفالهم إلى المملكة المتّحدة - منح خُمس التأشيرات للأفراد الذين يعيلهم الطلاب، بدلاً من الطلاب أنفسهم.

وتبيّن أن العدد الأكبر من الأشخاص الذين يعيلهم طلاب، يأتون من نيجيريا والهند وباكستان وبنغلاديش وسريلانكا.

الوافدون إلى المملكة المتحدة من أجل العمل

أنهى اتفاق "بريكست" المتعلّق بخروج المملكة المتّحدة من الاتّحاد الأوروبي، الذي دخل حيّز التنفيذ في الحادي والثلاثين من يناير (كانون الثاني) 2020، حرية الانتقال الحرّ للأفراد ما بين بريطانيا ودول الاتّحاد الأوروبي، ما يعني أن مواطني الكتلة الأوروبية، لم يعد في إمكانهم العمل في المملكة المتّحدة من دون الحصول على تأشيرة إقامة.

وقد تسبّب ذلك في حدوث نقصٍ في عدد العاملين في بعض القطاعات، بما فيها الزراعة ومعالجة الأغذية والخدمات اللوجيستية، إضافةً إلى بروز فجواتٍ في التوظيف عبر مرافق "خدمات الصحة الوطنية" (أن أتش أس)  NHS.

ويوضح "المكتب الوطني للإحصاء" أن التأشيرات المتعلّقة بالعمل، شكّلت ربع أرقام الهجرة طويلة الأمد من خارج دول الاتّحاد الأوروبي في عام 2022، وكانت العامل الأساسي في لجوء ما يُقدَّر بنحو 235 ألف وافد إلى بريطانيا، مقارنةً بـ 137 ألفاً في عام 2021.

وقد سُجّل نموٌّ خاص في التأشيرات الجديدة الممنوحة للعمّال من ذوي المهارات ولموظّفي "الصحّة والرعاية"، ويعود ذلك جزئياً إلى التوسّع في المخطّطات التي استهدفت زيادة عدد الممرّضات ومقدّمي الرعاية الصحّية.

واستناداً إلى إحصاءات وزارة الداخلية البريطانية، تمّ منح أكثر من 70 ألف تأشيرة عمل موقّتة في عام 2022، كان أكثر من نصف عددها لعاملين موسميّين، بمَن فيهم الأفراد الذين يتولّون وظائف في مجالي الزراعة وتربية الدواجن.

في عام 2019 منحت 2493 تأشيرةً من هذا النوع، قبل دخول اتفاق الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي حيّز التنفيذ، وارتفع هذا الرقم إلى نحو 35 ألفاً في عام 2022.

وأوضح تقريرٌ صادر عن وزارة الداخلية البريطانية أن منح تأشيرات عمل موقّتة قد ارتفع بنسبة 72 في المئة في تلك الفترة، لافتاً إلى أن "الزيادة في منح التأشيرات لفترة عملٍ محدّدة، كانت مدفوعةً إلى حدٍّ كبير بتأشيرة ’العامل الموسمي‘، التي تسمح لحاملها بالقيام بأعمالٍ موسمية في مجال البستنة أو إنتاج دواجن".

وأضاف أن "التأشيرات الممنوحة لعمّال موسميّين زادت من 2493 في عام 2019، إلى 34532، ما يعكس زيادة حصّة هذا المسار من 2500 تأشيرة في عام 2019 إلى 40 ألف تأشيرة في عام 2022".

وعلى رغم هذه الزيادة في الهجرة، لا تزال قطاعات عدّة تواجه نقصاً في القوى العاملة. وقد أدّى هذا النقص إلى تضخّم الأجور - نتيجة محاولة الشركات اجتذاب موظفين والاحتفاظ بهم - وبالتالي إلى زيادة هذه التكاليف على المستهلكين.

وترى وزيرة الداخلية السيّدة برافرمان أن من الضروري أن يأخذ البريطانيّون زمام المبادرة لتحقيق "من خلال الاعتماد على أنفسهم"، مشيرةً إلى أنه "لا يوجد سببٌ وجيه لعدم تمكّننا من تدريب عددٍ كافٍ من سائقي الشاحنات والجزّارين وقاطفي  الفاكهة والبنّائين ولحّامي المعادن".

لكن المجموعات الصناعية ردّت عليها بأن الجهود المبذولة على مدى أعوامٍ طويلة لجذب مزيدٍ من المتقدّمين البريطانيين لهذه الوظائف - بما فيها حملات التوظيف المدعومة من الحكومة - قد أثبتت أن العمّال المهاجرين ما زالوا ضروريّين ولا يمكن الاستغناء عنهم.

اللجوء والقوارب الصغيرة

تبيّن الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية البريطانية أن رقماً قياسياً جديداً بلغ قرابة 45 ألف شخص، تمّ تسجيله للمهاجرين الذين عبروا "القنال الإنجليزي" على متن قوارب صغيرة إلى بريطانيا في السنة المنتهية بشهر مارس (آذار) 2023، مع تصدّر اللاجئين الأفغان لقائمة الجنسيّات.

مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الوافدين يمثّلون أقلّ من نصف العدد الإجمالي (44 في المئة) للأشخاص الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتّحدة.

وقد بلغ عدد طلبات اللجوء المتراكمة مستوى قياسياً جديداً، بعدما كان قد بلغ ذروته في عام 1999، بحيث ينتظر نحو 173 ألف شخص قراراً أوّلياً من المفترض أن يصدر في مارس (آذار).

وذكر تقريرٌ صادر عن وزارة الداخلية أن واحداً في المئة فقط من مهاجري القوارب الصغيرة الذين تقدّموا بطلبات لجوء في العام الماضي قد تلقوا قراراً أوّلياً في شأن طلبهم.

وبما أن وزارة الداخلية ملزمةٌ بموجب القانون بتقديم الدعم لطالبي اللجوء المعوزين، أثناء نظرها في طلباتهم، فإن تراكم الملفّات العالقة، يشكّل عبئاً إضافياً مع ارتفاع تكاليف الإقامة في الفنادق التي يتعيّن عليها تحمّلها، كما أدّى إلى خطط مثيرةٍ للجدل في شأن إسكان آلاف الأشخاص داخل قواعد ومنشآتٍ  عسكرية سابقة.

إلى ذلك، اتّخذت الحكومة البريطانية تدابير لمنع الأفراد من التأهّل للحصول على اللجوء إذا ما سافروا عبر دولٍ آمنة مثل فرنسا قبل الوصول إلى المملكة المتّحدة. ومع ذلك، فشلت في استبدال اتّفاقاتٍ سابقة مع الاتّحاد الأوروبي تقضي بإعادة اللاجئين إليها - بعد خروجها من الكتلة - ما أدّى إلى تقلّص الخيارات في شأن الوجهات التي يمكن ترحيل اللاجئين إليها.

وتبيّن أرقام وزارة الداخلية أنه في الفترة الممتدّة ما بين يناير (كانون الثاني) عام 2021 ونهاية مارس (آذار) من السنة الجارية، جرى تصنيف55500  طالب لجوء على أنهم أفرادٌ غير مؤهّلين للبقاء في البلاد، فيما تمّ إرسال نحو 24 ألف "إشعار نوايا"، بما في ذلك تهديدات بالترحيل إلى رواندا. ومع ذلك، لم يُرحّل سوى 23 شخصاً فقط لأنهم اعتُبروا غير مؤهّلين، فيما "تمّ قبول27644  فرداً في فترةٍ لاحقة، للنظر بشكلٍ موضوعي في طلبات اللجوء التي تقدّموا بها، وذلك ضمن إطار نظام اللجوء المعتمد في المملكة المتّحدة".

تيم نور هيلتون الرئيس التنفيذي لـ "ريفوجي أكشن" Refugee Action (مؤسّسة خيرية تقدّم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتّحدة) قال "إن فشل الحكومة في معالجة طلبات اللجوء، يشكل كلفة بشرية مثيرةً للصدمة. فالكثير من الناس يتعيّن عليهم الانتظار لسنوات حتى يتم البتّ بطلباتهم. وفي تلك الأثناء، يُضطرون إلى العيش في ظروف فقر مدقعة، ويتعذّر عليهم العمل، ويُعزلون عن المجتمعات المحلية، ويُحتجزون في فنادق غير ملائمة ومتهالكة".

وأضاف: "إن مشروع قانون الهجرة غير الشرعية الذي وضعته الحكومة سيؤدّي إلى تفاقم الأمور بشكلٍ كبير. وسيجد الناس أنفسهم مضطرين إلى المخاطرة بعبور هذا ’القنال‘ المميت، لأن مشروع القانون هذا لا يسمح بوجود مساراتٍ جديدة لهم للوصول بأمان إلى المملكة المتّحدة، في حين أن مخطّطاتنا لإعادة توطين اللاجئين لا تزال متعثّرة وتعاني من الفشل".

الطرق الإنسانية للأفغان والأوكرانيين

وصل خلال عام 2021 إلى المملكة المتّحدة قرابة 172 ألف شخص، عبر مساراتٍ إنسانية - كالمخطّطات التي وُضعت للأفراد الذين يغادرون هونغ كونغ وأوكرانيا وأفغانستان. وشهد هذا الرقم ارتفاعاً مقارنةً بعدد الوافدين البالغ عددهم نحو 57 ألفاً في عام 2021.

وأفاد "المكتب الوطني للإحصاء" بأن 114 ألف أوكراني قد وصلوا إلى المملكة المتّحدة العام الماضي، وأن 52 ألفاً جاؤوا بموجب برنامج تأشيرة "المواطن البريطاني (ما وراء البحار)" British National (Overseas) ، المخصصة أساساً لسكّان هونغ كونغ. ولا ينطوي هذا المخطط على تقديم طلب لجوء، أو منح الأفراد وضع لاجئ.

وأجرى "المكتب الوطني للإحصاء" مراجعةً لأعداد الأوكرانيّين الذين يعتقد أنهم ينوون الاستقرار في المملكة المتحدة على الأمد البعيد. وكشف "تحليل داخلي لوزارة الداخلية" لم يُنشر بعد، أن البعض كانوا يغادرون البلاد في غضون عام.

يُشار إلى أن نحو 6 آلاف شخص دخلوا إلى المملكة المتّحدة عبر برامج إعادة توطين أخرى في عام 2022، مقارنةً بـ 18 ألفاً في عام 2021. ووصل هؤلاء بشكلٍ رئيسي عن طريق "مخطط إعادة توطين المواطنين الأفغان" Afghan Citizens Resettlement Scheme (ACRS)  و"سياسة نقل ومساعدة الأفغان" (أراب) Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap).

ومنذ سقوط العاصمة الأفغانية كابول، وصل ما مجموعه 40 شخصاً إلى المملكة المتّحدة بموجب المخطط العام للأفغان المعرّضين للخطر - أو ما يُعرف بـ "المسار الثاني لمخطّط إعادة توطين المواطنين الأفغان" ACRS Pathway 2  - وتمّت إعادة توطين 14 شخصاً فقط من خلال خطة مخصّصة للمتعاقدين مع شركة "غاردا وورلد"  GardaWorld الأمنية، والعاملين مع "المجلس الثقافي البريطاني" British Council، وحائزي "منح تشيفنينغ" Chevening Scholarship لمتابعة دراستهم في المملكة المتّحدة.

بموجب مخطط "أراب" التابع لوزارة الدفاع، نُقل 4161 شخصاً إلى المملكة المتّحدة في عام 2022، كما نُقل 55 شخصاً إلى برّ الأمان في الربع الأول من السنة 2023.

© The Independent

المزيد من متابعات