ملخص
السلطات الإثيوبية تحدثت عن مغادرتهم مخيمات اللجوء أو الانخراط في سوق العمل
أفادت مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية (EHRC) بأن مئات اللاجئين وطالبي اللجوء، ومعظمهم من الإريتريين، سجنوا في مدن إثيوبية عدة من بينها العاصمة أديس أبابا، وأكدت أنها وثقت اعتقالات عدة بعد تلقيها مجموعة من الشكاوى من طالبي اللجوء الإريتريين في أديس أبابا.
وقالت المفوضية في بيان أصدرته يوم السبت "إن اللاجئين وطالبي اللجوء اعتقلوا تعسفياً ومن دون أمر قضائي"، مؤكدة "أن مئات الآن يقبعون وراء القضبان من دون توجيه تهم إليهم، فيما أفرج عن بعضهم بعد مدد مختلفة".
وكشفت عن أن موظفيها لاحظوا "أثناء زيارتهم للاجئين وطالبي اللجوء المحتجزين في مراكز الشرطة في مدينة عكاكي، وجود أفراد مسجونين لمدة 10 أيام من دون المثول أمام المحكمة".
وأضافت "أن السجناء أبلغوا ممثليها أن السلطات بررت سجنهم، نظراً إلى مغادرتهم مخيمات اللجوء والوصول إلى المدينة أو الانخراط في سوق العمل".
وقالت المفوضية إنها أدركت "أن هناك لاجئين يحملون بطاقات هوية غير مجددة لإظهار وضعهم كمهاجرين بين السجناء"، مضيفة "أن بعضهم لديه حواجز لغوية لشرح قضاياهم بشكل صحيح، لكنها أشارت إلى أنه أفرج عن أولئك الذين لديهم وثائق أثناء التحقيق في قضاياهم".
وسجلت المفوضية ملاحظتها أن "الاحتجاز غير القانوني للاجئين وطالبي اللجوء لا يقيد حقهم في حرية التنقل فحسب، بل يعرض حماية اللاجئين للخطر"، منوهة "لضرورة مضاعفة الجهد لتقديم حلول دائمة للمشكلات التي يواجهونها".
علاوة على ذلك قالت المفوضية عند مناقشة الأمر مع كبار المسؤولين في دائرة الهجرة والعائدين والقضاء الاتحادي الإثيوبي، "علمت أن التحقق من الوثائق والتشاور يجري بين الشرطة الاتحادية ذات الصلة ودائرة اللاجئين والعائدين، وإن ثمة إجراءات وضعت لإطلاق سراح اللاجئين المسجونين بوثائق غير مجددة".
وفي ما يتعلق بتجديد أو إصدار بطاقة هوية جديدة للاجئين وطالبي اللجوء، التي علقت خلال العامين الماضيين، صرحت أنها تواصلت مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، إذ أكدت أنه سيوضع نظام تسجيل جديد قريباً.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ذكرت في مايو (أيار) من العام الماضي "أن عدد المهاجرين إلى المدن ارتفع نتيجة الحرب في شمال إثيوبيا"، وأن عدد اللاجئين في العاصمة أديس أبابا ارتفع من 30 إلى نحو 80 ألفاً بعد اندلاع الحرب في تيغراي.
فتور العلاقات واستهداف الرعايا
ويشير بعض النشطاء الإريتريين إلى "أن اللاجئيين الإريتريين في إثيوبيا دفعوا تكاليف باهظة نتيجة عودة العلاقات السياسية بين نظامي أسمرا وأديس أبابا، لا سيما في فترة تحالفهما في حرب التيغراي، إذ تواترت معلومات عن ترحيل بعض اللاجئين من داخل الإقليم نحو إريتريا". ويرجح هؤلاء "أن يكون فتور العلاقات بين العاصمتين خلف الاستهداف الحالي للرعايا الإريتريين في إثيوبيا"، لا سيما وأن هناك تجارب سابقة استخدم فيها الرعايا كجزء من وسائل المواجهة، إذ استبعد آلاف الإريتريين من إثيوبيا إلى بلادهم، والعكس في الحرب الحدودية التي جرت في الفترة بين 1998-2000، ويخشى النشطاء "أن يدفع اللاجئون فاتورة تأرجح العلاقات مرتين".
بدوره يرى الصحافي الإريتري جمال همد "أن الاعتقالات الجارية في أديس أبابا لم تكن مفاجأة بالنسبة إلى المتابعين، بل هي امتداد للسياسات الإثيوبية تجاه الإريتريين، لا سيما بعد مجيء رئيس الوزراء آبي أحمد لسدة السلطة في أديس أبابا، والعلاقة ذات الطبيعة الأمنية التي ربطته بالنظام الإريتري".
ويزعم "أن العاصمة الإثيوبية أضحت محطة مهمة لأجهزة الأمن الإريترية، إذ استغلت الأخيرة مشاركتها في حرب التيغراي، لتصفية معسكرات اللجوء الإريتري ورحلت عدداً من النشطاء إلى أسمرا".
ويضيف "أن السلطات الإثيوبية لم تبد أي اعتراض على هذه الإجراءات المخالفة لالتزاماتها الدولية، تجاه طالبي اللجوء في أراضيها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير همد إلى تقارير حقوقية دولية وأخرى إعلامية، "وثقت التجاوزات التي استهدفت اللاجئيين الإريتريين من الأطراف المتحاربة كافة بما فيها القوات الإريترية والإثيوبية، فضلاً عن مجموعاات التيغراي والأمهرا"، مؤكداً "أن اللاجئين كانوا ضحايا كل الأطراف حينها".
وحذر الصحافي الإريتري من "استمرار النهج الحالي الذي وثقته المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان، وأن ثمة إمكانية لترحيلهم إلى إريتريا".
هرب متكرر
ويستبعد همد أن يكون الفتور الذي تشهده العلاقات الإريترية - الإثيوبية في الآونة الأخيرة سبباً مباشراً لهذه الاعتقالات، قائلاً "لا أعتقد ثمة علاقة مباشرة بين تراجع العلاقات وهذه الاعتقالات التي تتم خارج الأجهزة العدلية الإثيوبية"، مضيفاً "بل هي امتداد للعلاقات الأمنية لكون معظم المستهدفين بالأساس معارضين للنظام الإريتري، ويحملون بطاقات اللجوء الصادرة من المفوضية السامية الأممية".
وحول الأسباب التي تحدثت عنها السلطات الإثيوبية كمبررات للاعتقال والمتعلقة بمغادرة المخيمات والانتقال للمدن، قال "معظم المناطق التي كانت تستضيف اللاجئين تقع في إقليم تيغراي، وتعرضت لغارات مزدوجة من طرفي النزاع، بالتالي من الطبيعي أن يفروا نحو مناطق أكثر أمناً كالعاصمة أو المدن الكبرى، وليس من الجائز معاقبتهم بالحبس لمجرد محاولتهم الإفلات من الخطر"، منوهاً إلى "أن السلطات الإثيوبية ملزمة قانوناً بتوفير الحماية لهولاء اللاجئين"، داعياً المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق اللاجئيين، إلى "تسليط الضوء على وضعية اللاجئيين الإريتريين في إثيوبيا، وضرورة توفير الحماية لهم داخل إثيوبيا أو في بلد ثالث".
فواتير الساسة
من جهته يقول المتحدث باسم "التنسيقية الإريترية لحقوق الإنسان" إسماعيل عبدالله، إنهم كجهة حقوقية على "اتصال بالمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات المعنية، إذ تبذل جهود على أكثر من مستوى من أجل إطلاق سراح هؤلاء اللاجئين الموقوفين بشكل تعسفي".
وأشار موسى في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "إثيوبيا ملزمة بمقررات اتفاق جنيف 1951 الخاصة بتوفير الحماية للاجئين المقيمين في أراضيها".
ويرجح "أن تكون ثمة أهداف سياسية خلف هذه الاعتقالات"، لا سيما وأن العلاقات بين أسمرا وأديس أبابا تشهد نوعاً من التوتر، مشيراً "إلى أن حملة الاعتقالات تزامنت مع أعياد الاستقلال، إذ احتفل الإريتريون بشكل ملفت في إحدى أكبر المسارح في أديس أبابا، مما قد يدفع السلطات الإثيوبية إلى الاعتقاد أن الحضور الكبير يمثل تأييداً لنظيرتها الإريترية".
مضيفاً "كل الاحتمالات واردة لفهم دوافع هذه الاعتقالات التي تتم خارج الأطر القانونية"، وأوضح "ما نسعى إليه الآن بشكل حثيث هو إطلاق سراح كل المعتقلين، أو تقديمهم إلى الجهات العدلية الإثيوبية في حال وجود أية تهم".
ويلاحظ موسى أن الحملة التي تستهدف الإريتريين بشكل خاص، تترافق مع مجموعة من التطورات السياسية بين أديس وأسمرا، معبراً عن خشيته "من جعل اللاجئين ضحية فشل مشاريع الساسة"، لا سيما وأن ثمة مؤشرات تؤكد افتراق كل من آبي أحمد وأفورقي في توجهاتهما بعد اتفاق بريتوريا.
ويشير إلى الزيارات الأخيرة لأفورقي إلى كل من الصين وروسيا، بينما توجهت إثيوبيا أكثر نحو الولايات المتحدة الأميركية، كما أن قبول آبي أحمد بعودة جبهة التيغراي للساحة السياسية الإثيوبية تحت ضغوط دولية، أسهم في تباعد المواقف بين الحليفين السابقين، وبالتالي فإن مخاوف كبيرة تراود النشطاء من أن تؤثر هذه التطورات في ملفات اللاجئين الذين طالما سددوا فواتير اختلاف الساسة.