ملخص
مسؤولو النظام الإيراني كشفوا في مناسبات متعددة عن نية بلادهم العمل لإنتاج أسلحة نووية فهل يتحقق هدفهم؟
أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الجديد حول أنشطة إيران النووية والذي من المقرر أن يناقشه مجلس المحافظين للوكالة في يونيو (حزيران) الجاري، أن طهران تستمر بمنع مفتشي الوكالة من مراقبة أجزاء من أنشطتها النووية، في الوقت الذي تسارعت فيه الإجراءات الإيرانية لإنتاج القنبلة النووية.
أي أن إيران تقترب من أن تكون ضمن نادي الدول الصغيرة التي تملك قنابل نووية وإذا ما اتخذ البلد قراراً سياسياً في شأن إنتاج قنبلة نووية فإنه يستطيع إجراء أول تجربة نووية مستخدماً مخزون اليورانيوم المخصب الأمر الذي يؤهله لصنع أربعة قنابل بعد أربعة أشهر من اتخاذ القرار.
طبقاً لما أوردته وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء حول التقرير الفصلي والسري للوكالة الدولية للطاقة الذرية كان مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 13 مايو (أيار) أربعة آلاف و744 كيلوغراماً وبإمكان البلد أن ينتج قنبلة نووية باستخدام 114.1 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة 60 في المئة من خلال رفع نسبته إلى 90 في المئة وتبديل غاز "أتش أي يو" (HEU)إلى "دابليو جي يو" (WGU).
وبحسب التقرير الفصلي للعام الماضي الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن ذخائر اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة بإيران وصلت إلى 43.1 كيلوغرام ويظهر في الوقت الحالي أن إيران عملت من خلال رفع تعداد أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم على مضاعفة أنشطتها النووية.
على رغم أن هذه الأرقام تبدو قليلة مقارنة بالوقود المستعمل في محطة بوشهر النووية لكنها في غاية الأهمية إذا ما عاد الأمر إلى إنتاج قنبلة نووية، ما يكشف بأن هدف النظام الإيراني ليس اختباراً نووياً أو إنتاج قنبلة أو قنبلتين نوويتين، بل إنها تنوي رفع مخزونها النووي لإنتاج العشرات من القنابل النووية إذا ما تمكنت من الانضمام إلى نادي البلدان النووية.
هنالك تطور كبير في ما يتعلق بالتقرير الجديد للوكالة الدولية والتقرير الصادر العام الماضي وهو منع عمل كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية من العمل في عدد من منشآت إيران النووية.
بعد الهجوم الذي نفذته ثلاث طائرات مسيرة صباح يوم 23 يونيو 2021 ضد منشأة تطوير أجهزة الطرد المركزي في مدينة كرج قرب طهران فإن النظام الإيراني أزال الكاميرات من المنشأة المذكورة إضافة إلى 30 كاميرا كانت تعمل في عدد آخر من المنشآت النووية الإيرانية.
وأقدم النظام بعد الهجوم على نقل أنشطة المنشأة التي تعرضت إلى الهجوم من كرج إلى نطنز في مكان تحت الأرض، والتزمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصمت حيال ذلك ولا يعرف عدد أجهزة الطرد المركزي التي نقلت إلى نطنز وبقية المنشآت النووية الإيرانية.
وسلط التقرير الجديد الضوء على نقطتين مهمتين، هما العثور على مواد مشعة من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7 في المئة، وعلى رغم أن حجمه قليل لكنه من بقايا المحاولات لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة. والأمر الآخر وجود ثلاثة إلى أربعة منشآت نووية تثير الشكوك، منها منشأة مريفان التي يستخدمها النظام لتمارين الانفجار بقوة عالية والتمهيد لتأسيس منصة للقنابل النووية، ولا يمكن لإيران التخلص من التلوث الحاصل في تلك الأراضي.
تسامح ومصالحة
يبدو أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعول على المصالحة مع طهران من خلال إغلاق هذا الملف، حيث يبدو أن رئيس الوكالة رافايل غروسي يسير على خطى سلفة آمانو الذي زار إيران بتشجيع من إدارة أوباما قبل إنهاء الاتفاق النووي وإعلان إغلاق الملف النووي الإيراني. وكان قبلها أعلن نيته تفتيش منشأة عسكرية عثر فيها على بقايا محاولات لانفجار كبير جنوب طهران، وأخذ عينات منها ونقلها إلى الوكالة.
وعلى هذا الأساس ومن خلال مبادرة الإدارة الأميركية السابقة أعلن إغلاق موضوع الوثائق التي عرفت بـملف "بي أم دي" المتعلق بالأنشطة العسكرية المشكوك فيها. ونشهد حالياً تكرار تلك التجربة، إذ تنوي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إغلاق ملف أربعة منشآت نووية لم تكشف عنها طهران في بارتشين وشيان ولافيزان ومريفان وتورقوز أباد، من أجل تشجيع إيران على وقف أنشطتها الرامية إلى إنتاج أسلحة النووية لفترة محدودة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا التسامح من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحدث في وقت انتشرت وثائق متعددة عن إنتاج أسطوانة للانفجار في مجمع أراك الصناعي على يد أخصائيين من أوكرانيا هما فيسلاو دانيلكو وفلاديمير بدالكو ونقلها إلى بارتشين في مدينة ورامين من أجل التمهيد لإنتاج منصة لإطلاق القنابل النووية.
طبقاً لتقرير 23 فبراير (شباط) 2021 للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران عملت في منشأة مريفان على اختبار انفجارات في فضاء مكشوف من أجل التمهيد لإنشاء منصة لإطلاق القنابل النووية وأصرت الوكالة وقتها على ضرورة تفتيش هذه المنشأة وثلاث منشآت أخرى.
وعلى رغم ذلك، فإن خلاصة التقرير الفصلي للوكالة الدولية يؤكد أن هذه المؤسسة أغلقت ملف متابعة كشف آثار اليورانيوم في مريفان بعد تلقيها رداً من إيران يؤكد أن مصدر هذا التلوث النووي يعود إلى تجهيزات مختبر وأعمال منجمية لأخصائيين من الاتحاد السوفياتي السابق نهاية عقد الـ60 وأوائل عقد الـ70 من القرن الماضي.
موقف إسرائيل
لا تقبل إسرائيل حتماً مثل هذا الرد وهي التي أعلنت عام 2015 معارضتها الاتفاق النووي مع إيران ولم تخف موقفها هذا وعملت على تعطيل أجزاء من محاولات النظام الإيراني صنع أسلحة نووية.
وكان اغتيال محسن فخري زاد رئيس مؤسسة الإبداع التابعة لوزارة الدفاع في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 في منطقة آب سرد في دمافند، أحد الإجراءات الردعية لإسرائيل لوقف محاولات إيران صنع قنبلة نووية.
ويمكن اعتبار اغتيال فخري زادة تحذيراً إسرائيلياً جاداً للنظام الإيراني في إطار خطوة نوعية حيث كان الملف النووي يسلك مساراً آخر حينها.
وكان فخري زادة من قادة الحرس الثوري وزميلاً لـحسن طهراني مقدم، المعروف بـ"أب البرنامج الصاروخي لإيران" وكان المسؤولان زارا كوريا الشمالية وعملا على برنامجين صاروخيين موازيين.
وكان حسن طهراني قتل في انفجار غامض في إحدى المنشآت العائدة للحرس الثوري في منطقة فرديس في كرج. وبعد اغتياله ومحسن فخري زادة في ما بعد، فإن إسرائيل أبدت موقفاً للوقوف أمام محاولات إيران الوصول إلى أسلحة نووية.
وكان اسم فخري زادة قد ورد ضمن القائمة السنوية لأقوى 500 شخصية في العالم بحسب مجلة "فورين بوليسي". كما ورد اسمه في القرار رقم 1747 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وكان ضمن المسؤولين الذين شملتهم العقوبات الدولية.
إضافة إلى الوثائق والمستندات التي تكشف بأن إيران عملت خلال الـ25 عاماً الماضية على إنتاج قنبلة نووية فإن مسؤولي النظام كشفوا في مناسبات متعددة عن نية بلادهم العمل لإنتاج أسلحة نووية منهم فريدون عباسي النائب المحافظ في مجلس الشورى والرئيس السابق لمؤسسة الطاقة النووية الإيرانية، إذ قال في نوفمبر 2021، إن محسن فخري زادة كان مشرفاً على برنامج وصول إيران إلى الأسلحة النووية.
وكان محمود علوي وزير الاستخبارات في حكومة حسن روحاني قد أكد أن محاولة إنتاج أسلحة نووية "حرام" طبقاً لفتوى خامنئي لكن إذا ما اضطرت إيران فإنها تعمل لإنتاج قنبلة نووية.
النظام الإيراني حمل اقتصاد البلاد تكاليف باهظة وضحى بالموارد في أسوق النفط والغاز وحول ملايين الإيرانيين إلى فقراء، ويقترب حالياً من إنتاج قنبلة نووية في إطار هدف استراتيجي عمل عليه خلال السنوات الماضية، وربما يقترب من لحظة وقوع الهجوم العسكري ضد منشآته لمنعه من إنتاج أسلحة نووية، لكن هل يؤدي غض الطرف من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاهتمام بالأهداف قصيرة المدى إلى منع طهران من الوصول إلى أهدافها النهائية.
نقلا عن اندبندنت فارسية