أصدر المكتب الإعلامي الخاص بحكومة حركة "حماس" بياناً جاء فيه أنه "بعد جلسة المداولات الحكومية الدورية بمقر الأمانة العامة لمجلس الوزراء في قطاع غزّة، فإنّه تمّ الاطلاع على التقرير المقدم من اللجنة الحكومية المكلفة بإتمام عملية دمج الوزارات الرسمية". اكتفى الخبر بذلك من دون إصدار أيّ توضيحٍ حول ماهية عملية الدمج المقرر تنفيذها.
لكن هذا البيان يعني أنّ "حماس"، التي تخلّت عن الحكومة في قطاع غزّة، وتركت مسؤولية الإدارة فيه إلى السلطة الفلسطينية وفقاً لاتفاقية المصالحة الوطنية، الموقعة عام 2017 في العاصمة المصرية القاهرة، تراجعت عن قرارها، وأعادت النظر في إعادة تشكيل لجنة إدارية لتسيير أعمال الوزارات في غزّة.
"حماس": لا علاقة لنا
تنفي "حماس" ذلك، وتقول على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم إنّه من الضروري التفريق بين الحركة كحزب سياسي وحكومة فلسطينية، موضحاً أنّ الحركة لم تعد تتدخل في الوزارات بعد تشكيل حكومة الوفاق، التي من المفترض أنّ تدير شؤون القطاع كما الضفة الغربية، وإذا كان هناك لجنة لإدارة غزّة، فإنّ "حماس" لا علاقة لها بها.
وبما أنّ "حماس"، الحزب السياسي، لا علاقة لها بما جاء في البيان، سألت "اندبندنت عربية" الإعلام الحكومي عن تشكيل لجنة إدارية في غزّة، فأجاب سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، بالنفي قائلاً "لم يتمّ تشكيل اللجنة الإدارية أو أيّ أجسام لإدارة قطاع غزّة، ولا تزال الوزارات تدار من قبل الوكلاء منعاً لحدوث فراغٍ إداري".
على أن "حماس" تحاول من خلال الحديث المتناقض إظهار نفسها غير مكترثة لاستمرار حكمها لقطاع غزّة.
وتواصلت "اندبندنت عربية" مع عضو سابق في مجلس شورى "حماس" (أعلى سلطة وصاحب القرار)، فأوضح أنّ هذه اللجنة تتكوّن من قيادات في الحركة، وتتابع شؤون الحكومة وتقر الموازنات الخاصة بها، وأنّها مخوّلة اتخاذ قرارات، وهي عبارة عن ترتيبات إدارية، ويبدأ عملها في حالات الفراغ الحكومي.
لجنة حمساوية
حديث العضو السابق في مجلس شورى "حماس" هو الأقرب للواقع. إذ بدأت هذه اللجنة الحكومية عملها في أبريل (نيسان) الماضي، عندما وضعت حكومة الوفاق نفسها بيد الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، الذي أعلن حلّها وتشكيل حكومة فصائلية جديدة، تعمل في الضفة الغربية فحسب.
وبالعودة إلى ذلك التاريخ، فإنّ اللجنة تشكلت من وزراء سابقين في حكومة "حماس"، وقيادات بارزة في الحركة، ومن بينهم الوزير السابق محمد عوض، الذي عين أميناً عاماً لمجلس الوزراء. واتخذت هذه اللجنة سلسلة قرارات كان أبرزها إلغاء سلطة البيئة والمياه، ووزارتي الثقافة والسياحة.
لكن قيادات في "حماس" ترفض اعتبار هذه التعيينات وعمليات الإلغاء والدمج رداً على الخطوات الأحادية التي قامت بها حركة "فتح"، عند تشكيلها حكومة محمد أشتية في الضفة الغربية، مشددة على أنّ هدفها تحسين الواقع الحكومي.
إلغاء وزارات ودمج موظفين
وبغض النظر، إذا كانت هذه اللجنة إدارية أو حكومية، وإذا كانت تعمل على إدارة غزّة أو تسيير عمل الوزارات، فإن الأهم يبقى في القرارات الصادرة عنها. ويتبيّن أنّ اللجنة اتخذت قراراً يقضي بإلغاء وزارات الخارجية والسياحة والآثار والثقافة والمرأة والشباب والرياضة.
لكن العضو السابق لمجلس شورى "حماس" يوضح أنّ دمج وزارات ببعضها يهدف إلى ترشيد النفقات بسبب الوضع الاقتصادي، خصوصاً أنّ السلطة الفلسطينية لم تدفع مخصصات للوزارات منذ تولي "حماس" الحكم، بينما تمر الأخيرة في أزمة مالية غير مسبوقة، لا تمكنها من دفع ميزانيات الوزارات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معلومات المصدر الحمساوي تتطابق مع معلومات أخرى وصلت إلى "اندبندنت عربية"، بأنّه تمّ دمج وزارة الثقافة مع التربية والتعليم، وكذلك وزارة شؤون المرأة مع التنمية الاجتماعية. وبعد البحث عن السبب، يبرر المصدر "هذه الوزارات لا دور عملياً لها، وهي تكدس الموظفين وتستنزف الميزانيات، وتأتي هذه الخطوة لمعالجة مشكلات سببتها السلطة". يضيف "ففي وزارة التنمية الاجتماعية، سحبت السلطة مؤخراً نحو 90 كادراً، الأمر الذي أدى إلى فراغ وظيفي. لكن بعد عملية الإلغاء والدمج، تمّ تعويض الشواغر".
وحول إلغاء وزارة الخارجية، يقول المصدر إن ذلك يرجع إلى عدم وجود أيّ ممثل لها في قنصليات وسفارات الخارج.
تغيير في الأجهزة العسكرية
وفق المعلومات التي حصلت عليها "اندبندنت عربية"، فإنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء اتخذت قراراً بأنّ تشمل عمليات الدمج الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية. إذ سيدمج جهاز الشرطة العسكرية والاستخبارات العامة والأمن الوطني والأمن والحماية في جهاز عسكري واحد.
ولا يقتصر الأمر على الدمج، بل سيكون هناك تغيير لرؤساء الدوائر المهمة في الأجهزة العسكرية، بما في ذلك رئيس الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى حصول تغييرات في المناصب الإدارية.
ويبرر هذا الدمج بضم هذه الأجهزة عناصر كثيرة، ومعظمهم بلا عمل، الأمر الذي يؤشر إلى أنّ "حماس" كانت تفتح أبواب التوظيف من دون أيّ حاجة ملحة.
وحول قانونية هذه الخطوات ورأي المجلس التشريعي، يقول المصدر الحمساوي إن السلطة ألغت كل التزاماتها مع غزّة، ما يعني أنه من الضروري إيجاد حسم لمسألة إدارة القطاع. وبالمثل، فإن إجراءات عباس تأتي في سياق غير قانوني.