Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودانيون يحبسون أنفاسهم أمام اختبار هدنة الـ"24 ساعة"

يخوض الجيش وقوات الدعم السريع مواجهات مسلحة بالخرطوم ومدن أخرى منذ 15 أبريل

"لقد أرهقتنا الحرب من كل الجوانب بخاصة النفسية ولم نعد نتحمل دوي الانفجارات وصوت الرصاص" (أ ف ب)

ملخص

ماهر أبوالجوخ: من الواضح أن طرفي الصراع في السودان التقطا التوجهات الإقليمية والدولية المتجهة صوب الخيارات الخشنة لوقف الحرب

ما إن أعلنت دولتا الوساطة السعودية والولايات المتحدة عن توصل ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في أنحاء السودان كافة لمدة 24 ساعة يبدأ صباح اليوم السبت، إلا وبدأ كثير من السودانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي نقاشاً واسعاً حول مدى التزام الجانبين المتحاربين هذه الهدنة، التي تعتبر الفرصة الأخيرة لاختبار صدقية طرفي الصراع بإيقاف القتال والمضي قدماً في هذا المسار وصولاً إلى وقف دائم للنار، وإلا ستضطر الوساطة إلى تأجيل محادثات جدة، مما يعني تفضيل خيار الحرب واتساع رقعتها، بالتالي ضياع أحلام الشعب السوداني في استقرار بلادهم.

فكيف ينظر المراقبون والشارع السوداني إلى هذه الهدنة التي يعول عليها معظم السودانيين بخاصة سكان الخرطوم بأن تكون نقطة انطلاق لرفع معاناتهم بعد مرور 56 يوماً من اندلاع الحرب؟

إحباط ويأس

منتصر عز الدين يسكن منطقة الكلاكلة بالخرطوم يقول "لقد أرهقتنا الحرب من كل الجوانب بخاصة النفسية، فلم نعد نتحمل دوي الانفجارات وصوت الرصاص قرابة شهرين، إضافة إلى عدم تمكننا من مجاراة الوضع المعيشي لشح المال وارتفاع أسعار السلع وانعدام بعضها، ووصلنا إلى درجة من الإحباط واليأس بسبب فشل الهدن السابقة وتزايد وتيرة الاشتباكات بين الطرفين (الجيش والدعم السريع) في اليومين الماضيين بصورة لم يسبق لها مثيل، وبإعلان طرفي الوساطة (الرياض وواشنطن) هدنة جديدة لمدة 24 ساعة لتيسير حركة نقل المواد الإغاثية للمواطنين تجدد الأمل والتفاؤل بأن تكون هذه الهدنة بشارة خير تنهي معاناة المدنيين المحاصرين داخل أحياء العاصمة، ونتمنى ألا تحدث انتكاسة بخرق الهدنة من أي من الطرفين ويتبدد الحلم الذي ينتظره أكثر من 40 مليون سوداني ينشدون السلام".

أما سعد عبدالرحمن من سكان شرق النيل بالخرطوم بحري فقال "هذه الحرب جاءت وبالاً على الشعب السوداني، فدمرت كل شيء من بنى تحتية ومؤسسات عامة وخاصة حتى ممتلكات المواطنين ومحالهم التجارية تعرضت للنهب والسلب، فالوطن والمواطن دفعا الثمن غالياً، وعلى رغم ما حدث من خراب يقدر بمليارات الدولارات، فإنه لا حل غير التفاهم بالحوار، وقد كانت الهدن السابقة محبطة للغاية لعدم التزامها من الجانبين، والآن في ظل هذه الظروف الإنسانية الحرجة التي يمر بها مواطنو العاصمة يجب على طرفي القتال التزام وقف القتال بموجب اتفاق الهدنة قصيرة المدى والتي مدتها 24 ساعة، تقديراً لمعاناة هؤلاء المواطنين وحفاظاً على أرواحهم وكذلك كبادرة حسنة نحو وقف هذه الحرب نهائياً".

خيارات خشنة

من جانبه قال المحلل السياسي ماهر أبوالجوخ "تطورات مصاحبة لهذه الهدنة تجعل معطياتها مختلفة عن الهدن السابقة، أولها أنها تأتي على خلفية تعليق المفاوضات وطلب الطرفين استئنافها بعد بدء تنفيذ الإدارة الأميركية العقوبات على الطرفين، وثانيها الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية السعودي (الأمير فيصل بن فرحان) مع قائدي الجيش والدعم السريع والتي فهم منها التزام قيادة الطرفين وتعهدهما بالالتزام بها، وثالثها زيارة وزير الخارجية الأميركي (أنتوني بلينكن) السعودية ونقاش موضوع إنهاء حرب السودان وتلويحه بوجود بدائل أخرى يمكن استخدامها لإيقافها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف "من الواضح أن طرفي الصراع في السودان التقطا التوجهات الإقليمية والدولية صوب الخيارات الخشنة لوقف الحرب وعلى رأسها العقوبات الأميركية والتحركات الأفريقية الداعمة للمسار السعودي - الأميركي، ومن المهم الانتباه إلى أن بيان الهدنة ركز على عوامل الخروقات الأساسية ممثلة في الطيران والمدفعية والتحركات العسكرية على الأرض، بالتالي إذا تم التزام هذه الجوانب يمكن القول إن أكثر من 90 في المئة من مسببات المواجهات بين الطرفين تكون قد انتهت، مع التركيز هذه المرة على شمول الأمر كل البلاد وليس التركيز فقط على العاصمة".

خطوات أكبر

وتابع أبوالجوخ "هذه المؤشرات قد تعطي انطباعاً عاماً لإمكان التزام أكبر من الطرفين مما يسهم في تأسيس خطوات تقود فعلياً إلى وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى المفاوضات لحل الخلاف حول القضايا المرتبطة بالدمج والإصلاح الأمني والعسكري وتسليم السلطة للمدنيين". وقال أيضاً "بناء على تجارب عدم التزام الهدن السابقة فإن احتمال عدم الالتزام وارد، وفي حال قام طرف واحد بالخرق فربما يصنف باعتباره غير جاد، وقد يتلقى إجراءات سياسية أو حتى عسكرية لإرغامه على التزام وقف إطلاق النار، وهو إجراء قد يطبق على الطرفين في حال عدم التزامهما". أضاف المحلل السياسي "مفاوضات جدة هي الفرصة الأفضل بالنسبة إلى طرفي الصراع عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً للخروج من هذه الحرب العبثية".

المسار الصحيح

في الأثناء أشادت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بتوافق طرفي القتال في البلاد على هذه الهدنة باعتبارها تمثل تقدماً في مباحثات جدة، آملة في أن يلتزم الطرفان إنجاحها وأن يتم اغتنام هذه الفرصة لتطوير المباحثات والوصول بها إلى وقف دائم لإطلاق النار، وحذرت "الحرية والتغيير" من تكرار الخروقات، وحضت جميع الأطراف على العمل لإخراج البلاد من هذا المستنقع، ونوهت بجهود دولتي الوساطة (السعودية والولايات المتحدة)، وسعيهما الجاد إلى مساعدة السودان في هذا الوقت الحرج، ودعتهما إلى مواصلة العمل لوقف دائم وشامل لأصوات البنادق وفتح الباب للحل السياسي السلمي الشامل.

تأجيل المباحثات

وكانت الرياض وواشنطن أعلنتا في بيان مشترك عن توصل ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في أنحاء السودان كافة لمدة 24 ساعة اعتباراً من اليوم السبت. وأشار البيان إلى أنه بموجب هذا الاتفاق سيلتزم الطرفان وقف الهجمات والقصف المدفعي والجوي وعدم استخدام الطائرات المسيرة وتحريك القوات وإعادة تمركزها وإمدادها، وعدم السعي إلى الحصول على ميزة عسكرية أثناء فترة وقف إطلاق النار، وبحسب البيان أيضاً اتفق الطرفان على السماح بحرية الحركة للمساعدات الإنسانية ووصولها إلى جميع أنحاء البلاد، وسيكون لالتزام هذا الاتفاق دور في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، وأوضح البيان "أنه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين، مما يسمح باستئناف مباحثات جدة، وأنه في حال عدم التزام الطرفين هذه الهدنة فسيضطر الميسران إلى تأجيل محادثات جدة".

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل (نيسان) مواجهات مسلحة بالخرطوم ومدن أخرى، تخللها الإعلان عن فترات منفصلة للهدنة الإنسانية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات