ملخص
التقاليد والأعراف الشعبية المصرية لم تستقر في تاريخها على مواقف بعينها تجاه أبناء الحكام، لكن الملاحظ في تاريخ مصر الحديث، أن المواقف الشعبية تتأرجح تأرجحاً شديداً بحسب درجة شعبية "الزعيم" وظهور "ابن الزعيم" ودور الأخير في الحياة العامة.
"تكررت حوادث هجوم سمك القرش في مياه البحر الأحمر على مدار السنوات السابقة، وآخرها حادثة اليوم المؤسف في الغردقة، إذ هاجمت سمكة قرش سائحاً روسياً، مما أدى إلى وفاته على الفور. أمارس رياضة الغوص منذ عام 1987، وشاهدت أسماك القرش مرات عدة، وهي قليلاً ما تهاجم الغطّاسين، لكن الخطورة تأتي عندما تسبح على سطح الماء. ومن أسباب هذه الهجمات، وتحدثنا فيها كثيراً من زمان، أن البعض يطعم الأسماك، يلقون الطعام في الماء لجذب الأسماك، وهذا يغير من سلوك سمك القرش. أيضاً ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي له تأثير في سلوك سمك القرش. وأعتقد أن أهم الأسباب التي أدت إلى ما جرى هو عمليات صيد السمك المفتوحة والمتروكة من دون أية قيود، وهذا يقلل من المخزون السمكي فيتجه سمك القرش نحو الشاطئ إلى البحث عن طعام بديل. وبالمناسبة الحل ليس في أننا نفرح ونهلل بقتل سمكة القرش المتسببة في الحادثة، لأن البحر مليء بالقروش. النصيحة العامة للسباحة في البحر الأحمر أن تسبح حيث يكون لديك طول لتتمكن الخروج بسرعة لو تعرضت لخطر، لا قدر الله. وربنا يسترها على الجميع".
"تصريح القرش"
لم يكن هذا تصريحاً صادراً من مسؤول في وزارة البيئة المصرية في أعقاب حادثة مقتل سائح روسي في الغردقة بعد أن هاجمته سمكة قرش من نوع "النمر". وهو ليس تقييم خبير غوص أو عالم بحار ومحيطات، أو حتى بياناً صادراً من جهة رسمية أو محطة مراقبة بحار إقليمية. هذا ما كتبه علاء مبارك نجل الرئيس المصري الأسبق الراحل محمد حسني مبارك على صفحته بـ"تويتر" بعد دقائق من وقوع حادثة الغردقة. وعلى رغم أن آلاف المصريين وغير المصريين غردوا ودونوا وفكروا واجتهدوا وأعادوا تدوير الآراء باعتبارها معلومات وشاركت تحليلات بعضها علمي، وبعضها الآخر من وحي الخيال البشري، وعلى رغم أن وزارة البيئة المصرية أصدرت بيانين متتاليين في شأن الحادثة في التوقيت نفسه، فإن تغريدة علاء مبارك حظيت بمليون مشاهدة وآلاف الـ"لايك" ومئات الـ"شير"، في حين حظي كل من بياني وزارة البيئة بأقل من 200 "شير"، ومثلها مشاهدة، وإن كانت الأخيرة قد احتفظت لنفسها بنصيب الأسد في تغطيات وسائل الإعلام التقليدي.
تكررت حوادث هجوم سمك القرش فى مياه البحر الاحمر على مدار السنوات السابقة اخرها حادث اليوم المؤسف فى الغردقة حيث هاجم سمك القرش سائح روسي ما أدى لوفاته على الفور ، كنت امارس رياضة الغوص منذ عام ١٩٨٧ وشاهدت أسماك القرش عدة مرات اثناء الغوص والتى قليلاً ما تهاجم الغطاسين لكن…
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) June 8, 2023
أبناء الرؤساء والأعراف المصرية
التقاليد والأعراف الشعبية المصرية لم تستقر في تاريخها على مواقف بعينها تجاه أبناء الحكام، لكن الملاحظ في تاريخ مصر الحديث، منذ عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مروراً بالرؤساء الراحلين والسابقين محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك ومحمد مرسي وعدلي منصور أن المواقف الشعبية تتأرجح تأرجحاً شديداً بحسب درجة شعبية "الزعيم" وظهور "ابن الزعيم" ودور الأخير في الحياة العامة ونوع الأنشطة التي يقوم بها وما يستشفه الحس الشعبي من طموح ابن الزعيم فيما يتعلق بالسياسة من جهة، والمال والأعمال من جهة أخرى، وأحياناً يختلط الطموح السياسي بالمال والأعمال فتتخذ القاعدة الشعبية العريضة موقفاً جديداً في ضوء المعطيات.
ومن بين أبناء رؤساء مصر السابقين والراحلين أسماء كثيرة فرضت نفسها على الساحة الشعبية لأسباب مختلفة. خالد وعبدالحكيم وعبدالحميد جمال عبدالناصر انخرطوا في عالم المال والأعمال بشكل واضح حتى بات البعض يصفهم بـ"رأسماليين من ظهر اشتراكي (في إشارة إلى سياسات وأيديولوجيا جمال عبدالناصر)، وهو ما أدهش بعضاً من المصريين، نظراً إلى التضاد شبه الكامل بين ما عمل عليه ودعا إليه جمال عبدالناصر من فكر اشتراكي وما اتجه إليه الأبناء من انخراط كامل في عوالم البيزنيس الرأسمالية. والبعض الآخر خالجته مشاعر غاضبة وصفها البعض بأن "باب النجار مخلع"، وفي أقوال أخرى "باب الاشتراكية يؤدي إلى الرأسمالية".
أما جمال محمد أنور السادات فلم يُدهِش المصريين لانخراطه في عديد من أعمال المال والأعمال، إذ رأى الحس الشعبي أن ذلك يتواءم تماماً وسياسة والده التي مالت إلى الرأسمالية، وهو من سجل التاريخ اسمه مرتبطاً بـ"عصر الانفتاح الاقتصادي".
الأيديولوجيا تصنع الفرق
اهتمام من نوع آخر حظي به أبناء الرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي، لكنه كان اهتماماً غارقاً في الأيديولوجيا السياسية الدينية مفعماً بمحبة الأبناء كجزء من محبة جماعة "الإخوان المسلمين" أو مناصبتهم العداء لكراهية الجماعة.
وفي حين أدى قصر المدة التي حمل فيها كل من الراحل محمد نجيب والسابق عدلي منصور لقب "رئيس جمهورية مصر العربية" إلى عدم إتاحة الفرصة الكافية لموجات البحث والتنقيب الشعبي عنهم، إضافة لعدم ظهور الأبناء علناً، فإن ابني الرئيس السابق الراحل محمد حسني مبارك كانا – وما زالا إلى حد كبير - ملء السمع والبصر والاهتمام والمتابعة. الغريب أن الابن الأصغر جمال محمد حسني مبارك احتفظ لنفسه، أو ربما وقع الاختيار عليه دون الابن الأكبر علاء، ليكون في دائرة الضوء السياسية، ومنها إلى الشعبية لما يزيد على 10 سنوات. وطيلة هذا العقد، والذي انتهى بأحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011 وجمال مبارك حديث الجميع، سواء علناً عبر وسائل الإعلام من خلال منصبه "الرسمي" كأمين لجنة السياسات" في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، أو في الشارع وخلف الأبواب المغلقة كالوريث المحتمل أو شبه المؤكد للرئيس الأسبق الراحل مبارك.
جمال وحكومة الظل
سنوات طويلة والمصريون يعرفون أن جمال مبارك لا يتقلد منصباً وزارياً في الحكومة المصرية في العقد الأخير من الألفية الثانية، والأول من الألفية الثالثة، إلا أن الجميع كان يعرف في قرارة نفسه أن "جمال" أشبه برئيس وزراء حكومة الظل (في تعريف المثقفين والمطلعين) و"أقوى رجل في مصر" (في تعريف البسطاء).
البسطاء من المصريين لم يشغلوا أنفسهم كثيراً بالبحث في "لجنة السياسات" ومهامها ودورها وخطورتها، فقط كانوا يعرفون أنها "حاجة مهمة جداً" وأشبه بـ"لجنة حكم مصر". غير البسطاء كانوا يعرفون أن "لجنة السياسات" وبزوغ نجم أمينها العام نجل الرئيس (جمال) تهيمن على كثير من القرارات السياسية والاقتصادية المصيرية في البلاد، وهو ما لم ينفه أمين الحزب الحاكم آنذاك صفوت الشريف، وقت أن كان وزيراً للإعلام. وله تصريح قال فيه إن اللجنة هي القلب النابض للحزب وأداة الفكر الجديد، وهو الفكر الذي أدمج اقتصاديين ورجال أعمال يسميهم البعض "تجاراً" وشباباً بتركيبات تعليمية وثقافية محددة اعتبرها المصريون "دماءً جديدة" سيكون لها اليد العليا في البلاد "بعد عمر طويل"، أو ربما قصير، في إشارة إلى رحيل الرئيس الأسبق الراحل مبارك.
علاء في قلب الضوء
الغريب أن نجل الرئيس الأكبر علاء مبارك ظل بعيداً من الأضواء إلى حد ما، هذا الحد تأرجح بين أحداث وحوادث كان علاء في القلب منها فاهتم به المصريون اهتماماً كبيراً، وبين مجريات الأيام العادية التي لم يكن يذكر فيها علاء سوى في نكات أو تلميحات أو إسقاطات عن حجم ثروته ونوع ممتلكاته. سنوات طويلة والمصريون يروحون عن أنفسهم بنكات عن ثروة مبارك وابنيه، لا سيما علاء، إذ إن جمال احتفظ لنفسه في القيل والقال الشعبي بالشق السياسي.
وعلى رغم أنه حتى اللحظة لا تعلم الغالبية المطلقة من المصريين معلومة موثقة عن حجم الثروة أو نوعية الأعمال والاستثمارات الخاصة بأسرة مبارك، فإن غالبية النكات التي كان يجري تداولها على سبيل التنفيس دارت حول مال وأعمال وبيزنيس علاء. المثير أن الغالبية المطلقة تلك كانت على يقين أيضاً أن ما تتداوله من نكات وتتبادله من "معلومات" عن نشاط علاء مبارك في عالم البيزنس كان مزيجاً من الإشاعات والأساطير والقيل والقال التي ظلت تنمو وتكبر حتى أصبحت "حقيقة".
متابعة هائلة
الحقيقة الحالية هي أن علاء مبارك يحظى بمتابعة هائلة بين المصريين لأسباب متنوعة تبدأ بميل فطري لمتابعة المشاهير، لا سيما ممن أثاروا القيل السياسي والاقتصادي والقال الاجتماعي الإعلامي لسنوات، وتمر بمراجعات يخوضها البعض، حيث مقارنة بين أوضاع مصر الاقتصادية والمعيشية إبان حكم مبارك وأوضاعها الحالية، وتنتهي (وفي أقوال أخرى تبدأ) بإصرار ورغبة من علاء مبارك في البقاء في بؤرة الضوء والاهتمام.
بؤرة الضوء والاهتمام في الـ"سوشيال ميديا" تجعل الجذب أسهل والإثارة أكثر والإغراء أوفر. يكتب أحدهم تغريدة أو تدوينة، أو ينشر صورة أو فيديو تتعلق بحدث جلل أو قضية مهمة أو جدل مستعر، فيمضي المحتوى في مساره المحبك مسبقاً والمنصوص عليه في قواعد وأسس عمل منصات التواصل الاجتماعي، فينتشر ويتوغل ويعاد تدويره ونشره بعد إضافة مزيد من توابل الرأي والرأي الآخر، ومحسنات طعم ومكسبات رائحة معروفة على الأثير من يرد أحدهم بمحتوى سابق للمستخدم نفسه قال فيه بالأمس عكس ما يقوله اليوم، أو بتخليق إسقاطات واستنتاجات تربط بين المحتوى ومجريات العصر، وحبذا لو كان الإسقاط الغرض منه النيل من حكام حاليين والاستنتاج يتعلق بالمقارنة بين أساليب إدارة حالية وسابقة. الوصفة السحرية لنيل بؤرة الضوء في عصر الـ"سوشيال ميديا" شبه مضمونة للمستخدمين العاديين، فما بالك بالمشاهير وأبناء الرؤساء المثيرين للجدل بين معارض لحكمهم ومندد بعصرهم، ومؤيد لهم ومترحم على إنجازاتهم؟!
إنجازات علاء وسمكة القرش
إنجازات ومشاركات علاء مبارك على أثير التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة كثيرة، وحضوره وشقيقه الأصغر بين الحين والآخر عزاء أحدهم هنا أو مباراة كرة قدم هناك يشعل الأثير مشاركة وتكهناً، كما أن ما يكتبه وينشره ويشاركه، لا سيما حول قضايا مشتعلة أو ملفات ملتهبة أو حوادث مأسوية، وما ينتج منها من اهتمام شعبي جارف يفتح باب السؤال حول إذا كان الشعب يصر على إبقائه في دائرة الضوء، أم أنه هو منبع الإصرار.
إصرار علاء نجل الرئيس الأسبق الراحل مبارك على البقاء في دائرة الضوء، يقابله بالقوة نفسها، وربما أكثر إصراراً شعبية على بقائه، لكن هذا الإصرار الشعبي لا ينبع بالضرورة من محبة ومودة وعشق واحترام، بل ربما ينبع من رفض لعصر أبيه أو معارضة لسياسات أخيه، أو تعليقاً وتصحيحاً لما يقول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الطريف أن تغريدة علاء مبارك عن سمكة القرش التي قتلت السائح الروسي وتطرقه إلى خبرته في الغطس دفع أحدهم ويعمل في قطاع رياضة الغطس والغوص في شرم الشيخ إلى الرد على التغريدة بقوله "مع كامل احترامي لحضرتك، لما كنت تغطس، هل كان هناك من يغطس غيرك غير الغطّاس المصاحب لحضرتك؟ أعمل في شرم الشيخ مدرب غوص منذ عام 2006، وحين كنت حضرتك تقرر تغطس لم يكن أحد يسمح له بنزول الماء أو المشي في الشارع إلى أن تقرر حضرتك أن تغادر شرم الشيخ وتعود إلى القاهرة". فرد عليه نجل الرئيس: "مع كامل احترامي لحضرتك، تصحيح بسيط لمعلوماتك فقط، مش لما أقرر أغادر شرم، لا بعد وصولي بالسلامة إلى القاهرة"، وذلك على سبيل السخرية التي يراها البعض ضاربة في العجرفة. ويعلق آخر: "حضرتك تود أن تقول إن أسماك القرش تغيرت أمزجتها وصارت عدوانية لأن المصريين تمردوا على والدك؟". ويرد آخر: "أكيد السمك كان على علم بأنك علاء مبارك ابن الرئيس، فكان يخشى مهاجمتك"، فيرد علاء: "أكيد. وهل هذه معلومة محتاجة شرح؟!". ويعلق ثالث: "اسمح لي أقول لك يا عم علاء ما لم أكن أقدر أن أقوله وقت أن كان والدك -رحمه الله- في السلطة: أنا أحبك وأحب الرئيس مبارك وأيامه". وتتوالى الردود حالياً على التغريدة الأحدث لعلاء مبارك بين ساخر منه ومن أيام حكم مبارك، ومعتبر إياها فرصة للتواصل معه، وهو ما لم يكن ممكناً، أو حتى متخيلاً من قبل أو للتعبير عن المودة والمحبة أو الاشتياق لعصر مبارك والحنين إليه.
حس الشارع ومحبة الرئيس
المؤكد أن حس الشارع تجاه أبناء الرؤساء السابقين وتفاعله معهم، سلباً وإيجاباً، محبةً وعداءً، احتراماً وسخريةً، تحدده عوامل عديدة أبرزها نوع العلاقة التي كانت تربط بين الشعب ورئيسه السابق وقت أن كان في السلطة، كما تلعب الأيديولوجيا السياسية، لا سيما لو كانت مخلوطة بالدين في خلطة الإسلام السياسي الأشهر، دوراً في تفاعل الشارع مع أبناء الرؤساء السابقين المنتمين إلى هذا التيار (في هذه الحالة محمد مرسي)، حيث الجانب من الشارع الرافض للإسلام السياسي يرفض الرئيس الأسبق وأبناءه وكل ما يتعلق بهم، في حين الجانب المفعم بهذه التركيبة يدافع عنهم أحياءً وأمواتاً، لكن يظل علاء مبارك هو ابن الرئيس الأسبق الأكثر وقوعاً في دائرة الضوء، سواء كان "الوقوع" بقرار من الشعب أو باختيار من ابن الرئيس. الرد الأحدث على تغريدة علاء مبارك الخاصة بسمكة القرش جاء كالتالي: "أستاذ علاء، حضرتك توجد فقط في المصائب؟"، لكن الحقيقة أن علاء مبارك موجود في أحوال كثيرة. في حادثة الجندي المصري على الحدود بين مصر وإسرائيل وجود بكثافة، وتكفل بالرد على الصحافي الإسرائيلي أيدي كوهين، ثم تبع ذلك بكتابة: "سلام الشهيد للجندي المصري محمد صلاح" (وهو ما أثار ردوداً مهللة وأخرى متسائلة إن كان سيعتبر الجندي شهيداً في حال وقعت الحادثة أثناء رئاسة والده لمصر)، كما يوجد بكثافة في الفعاليات الكروية المصرية، لا سيما الكبرى، وتعليقاً على الملابس "الغريبة" التي يرتديها فنانون مصريون، ناهيك بصور لوالده الراحل في فعاليات مختلفة مذيلة بتعليقات مثل "مصر عندما تتحدث، الجميع يستمع، الله يرحمك يا ريس"، وهو ما يراه البعض إصراراً منه على عمل إسقاطات سياسية. وفي المناسبات الوطنية ذات الطابع العسكري يمعن في نشر صور وفيديوهات لكل من والده الرئيس مبارك والرئيس الراحل محمد أنور السادات.
الفول واللحمة والوجود بكثافة
ويستمر علاء مبارك في الوجود بكثافة والبوح بما يفكر فيه ويجول في خاطره، ولكن دون كلمة واحدة يمكن أن "تدينه" بشكل مباشر أو عبارة يمكن إدراجها تحت بند المعارضة أو الانتقاد، وكلاهما مسألة بالغة الحساسية، لا سيما حين تصدر من ابن رئيس سابق خرج قطاع من المصريين يطالبون بإسقاطه في عام 2011. فقبل أسابيع نشر تسجيلاً لـ"موال الفول واللحمة" الذي ألفه أحمد فؤاد نجم وغناه الشيخ إمام الراحلين في عام 1984، وتقول كلماته في إشارة واضحة إلى ما يعانيه المصريون حالياً بسبب الأزمة الاقتصادية وبعض التصريحات الرسمية الداعية إلى إحلال المأكولات غالية الثمن بأخرى رخيصة: "عن موضوع الفول واللحمة، صرح مصدر بيه مسؤول، إن الطب أتقدم جداً والدكتور محسن بيقول، إن الشعب المصري خصوصاً من مصلحته يقرقش فول، والبروتين الكامن طيه نادر زيه في أيها فول، تاكل فخدة ربع زكيبة والدكتور محسن مسؤول تديك طاقة وقوة غريبة، تسمن جداً، تبقى مهول". الغريب أن هذه الأغنية ألفت في عهد الوالد مبارك في عام 1984، ليس هذا فقط، بل إن كثيراً من مؤلفات أحمد فؤاد نجم الشعرية الحادة اللاذعة المعارضة كانت موجهة ضد مبارك وابنيه، لا سيما ما عرف بـ"خطة التوريث". وضمن قصائد نجم التي كتبها معارضاً حكم مبارك: "في عيد ميلادك الكام وسبعين" (2009) و"أنت في وطن ديمقراطي" (2006)، وغيرها من القصائد الممنوعة، كما كان نجم نفسه ممنوعاً من الظهور الإعلامي إبان عصر مبارك.
ويواصل علاء مبارك في الإبقاء على نفسه في دائرة الضوء، وهو ما يقابل برد فعل شعبي يمنحه مزيداً من القدرة للبقاء في هذه الدائرة، وإن كان الكل يفعل ذلك لأسباب مختلفة بعضها متناقض. ويشار إلى أن إحدى أكثر حلقات البقاء في دائرة الضوء دارت رحاها الشهر الماضي حين سرت تكهنات حول احتمالات ترشح جمال مبارك في الانتخابات الرئاسية المصرية المزمع عقدها العام المقبل، فقد كتب أحدهم أن جمال مبارك لن يسمح له بالترشح حتى عام 2030، وذلك بقوة القانون. واستخدم المغرد ألفاظاً مثل "الأغبياء" و"البهائم"، وعلى غير العادة رد علاء مبارك مؤكداً عدم صحة منع جمال مبارك من الترشح بقوة القانون، مستخدماً الألفاظ نفسها، لكن التغريدة تم حذفها.
وتبقى عناصر بقاء أو الإبقاء على علاء مبارك في دائرة الضوء متوافرة من طرفي الضوء، ألا وهما الشعب وعلاء، وإن بقيت الأغراض والأهداف مختلفة، وأحياناً متضاربة.