Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرة تجتاز الشاطئ سريعا... بيروت بعيون 4 نساء ثائرات

بموضوعية الباحثة وشاعرية الفنانة توثق المخرجة مي المصري أوجاع المدينة وانقساماتها وإحباطات أهلها وأحلامهم

شاءت المصري في هذا الفيلم أن تركز على العنصر النسائي الذي كان حاضراً بكثافة في حركة الاحتجاجات (مواقع التواصل)

ملخص

بين مشاهد المحتجين يضربون على الحديد والطناجر تعبيراً عن غضبهم، وهتافات "ثورة ثورة" و"حرامية"، وتوقف الكاميرا عند لافتة "الثورة يصنعها الشرفاء ويستغلها الأوغاد"، تتحدث شخصيات الفيلم.

يسترجع فيلم "بيروت في عين العاصفة" للمخرجة الفلسطينية اللبنانية مي المصري، مشاهد من الاحتجاجات التي شهدها لبنان طوال أشهر اعتباراً من 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ويتوقف عند مرحلة الجائحة وانفجار مرفأ بيروت من خلال شهادات أربع نساء متمردات ومن خلفيات مختلفة.

بين مشاهد المحتجين يضربون على الحديد والطناجر تعبيراً عن غضبهم، وهتافات "ثورة ثورة" و"حرامية"، وتوقف الكاميرا عند لافتة "الثورة يصنعها الشرفاء ويستغلها الأوغاد"، تتحدث شخصيات الفيلم الذي عرض، مساء الجمعة الماضي، في متحف سرسق بالعاصمة اللبنانية عن حركة الاحتجاجات وظروف اندلاعها ونتائجها والحوافز التي دفعت الناس للنزول إلى الشارع.

ضد الخطابات الجاهزة

في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بدأت في لبنان احتجاجات كبرى تخطت الطوائف والمناطق وحتى الانتماءات السياسية، ودفعت مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشارع مطالبين بتنحي سلطة سياسية اتهموها بالفساد والفشل.

وقالت مي المصري لوكالة الصحافة الفرنسية، إنها سعت إلى إيجاد شخصيات "بيروت في عين العاصفة" بسرعة، "إذ كانت الانتفاضة لا تزال في بدايتها"، وكان لديها "دافع قوي لتصوير فيلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشاءت المصري في هذا الفيلم، وهو الثالث لها عن العاصمة اللبنانية بعد "بيروت جيل الحرب" (1988)، و"يوميات بيروت" (2005)، أن تركز على العنصر النسائي الذي كان حاضراً بكثافة في حركة الاحتجاجات، وعلى الإبداع والفن، وبحثت عمن يعكس هذين المحورين، وفق ما تشرح.

ووقع اختيارها على الشقيقتين ميشيل ونويل كسرواني، اللتين تنتقدان الوضع الاجتماعي والسياسي من خلال أغنيات مصورة ساخرة، والمصورة العراقية لجين التي خالفت إرادة عائلتها واستقرت في لبنان، والناشطة المحجبة حنين التي تدرس الإعلام وتصور أفلاماً وثائقية.

ترى المخرجة الستينية التي يضم رصيدها منذ ثمانينيات القرن العشرين 16 فيلماً بينها ثمانية مع زوجها السينمائي اللبناني الراحل جان شمعون، أن "الاختلاف بين الشخصيات مهم لإعطاء صورة أوسع".

وتقول "بعد أعوام من العمل تكونت لدي قدرة على التمييز تتيح لي اختيار صاحب الحضور السينمائي والعفوي البعيد من الخطابات الجاهزة، والمستعد للتحدث عن همومه الشخصية، إذ إن الصدق والإحساس مهمان في السينما".

القفر الذي لا يشبهنا

وتعتبر ميشيل كسرواني في الفيلم أن ما حصل في 17 أكتوبر 2019 نزع الغطاء عن وسط المدينة "المقفر الذي لم يكن يشبهنا"، على حد قولها.

وتصف نويل الاحتجاجات بأنها "ثورة عن كل الإهانة والإذلال التي عاشها أهلنا ونعيشها". مضيفة "لم يعد بإمكاننا أن نسكت على هذا الكم من الفساد" في ظل انتشار البطالة والهجرة لدى الشباب.

وتفتخر حنين بأنها كانت في طليعة من نزلوا إلى الشارع، ودفعتها إلى ذلك الأزمات المعيشية، قائلة إنه "أهم يوم سياسي لإعادة صوغ هويتنا".

أما لجين التي تعيش في لبنان منذ سبعة أعوام وأصيبت خلال الاحتجاجات، فوثقت مشاهد جريئة من التحركات الشعبية بكاميرتها، واستخدمتها المخرجة في الفيلم.

ولاحظت لجين أن المرحلة الأجمل من الاحتجاجات كانت في يوميها الأولين، وتطرقت إلى الشباب الذين خسروا عيونهم وأرجلهم وأيديهم بفعل المواجهات مع القوى الأمنية.

روح الاندفاع الجميلة

وحرصت المصري على أن تعبر في فيلمها عن روح الاندفاع الجميلة لدى الشباب والنساء خلال الاحتجاجات. وقالت صاحبة الفيلم الروائي "3000 ليلة" الذي حصد جوائز عدة "كان حضور المرأة ظاهرة لافتة خلال الانتفاضة، وكذلك العدد الكبير من الفنانين والمبدعين الذين نزلوا إلى الشارع. أردت أن أصور هذه اللحظة، فالسينما تخلد التجربة".

في فترة جائحة كورونا يظهر الفيلم تواصل النساء الأربع مع بعضهن من وراء الشاشة في منازلهن بسبب إجراءات الحجر، واسترجاعهن مشاهد من الثورة.

وتقول نويل "كانت أشبه بحلم طويل يكاد ينتهي على مهل ككل شيء في التاريخ. ستأخذ الثورة أشكالاً عدة ولن تتوقف".

وتعلق حنين قائلة "عندما بدأنا ندين نظامنا السياسي ونطالب بنظام مختلف، لم نعد روحاً واحدة، فالسلطة فرقت وتسللت إلى الحراك".

لم تفاجأ المصري بأن هذه الانتفاضة "أجهضت". وتقول "في فيلمي السابقين عن بيروت، نرى حماسة في بداية الاحتجاجات وإحباطاً في نهايتها. دائماً ثمة استغلال من الطبقة السياسية للشباب والفئات التي تريد التغيير. وتفشل كل شيء يمكن أن يؤدي إليه".

تلاحظ المصري أن "لبنان يشهد هزة كل 10 أعوام، وتكمن المشكلة في الطائفية والفساد والتبعية للزعيم".

دموع وموسيقى ومرفأ

وتنتقل إلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، وتدير الكاميرا بشاعرية حول حنين، وفي مشهد آخر حول نويل بين أشلاء أبنية وسيارات محطمة، وتتوقف عند دموع لجين على أنغام موسيقى جنائزية.

أدى هذا الانفجار الناجم عن تخزين كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت من دون أي إجراءات احترازية إلى مصرع 215 شخصاً وتدمير أحياء العاصمة المجاورة للمرفأ.

وإذا كانت بداية الفيلم صاخبة فنهايته هادئة: نظرة نحو البحر والأفق "المفتوح للأمل والتفاؤل"، وحصان يجتاز الشاطئ سريعاً كأنه يعلن نهاية مرحلة وبداية أخرى.

بموضوعية الباحثة ممزوجة بشاعرية الفنانة، تصور المصري أوجاع المدينة وانقساماتها وإحباطات أهلها وأحلامهم، إذ إن لبنان وفلسطين وحوادثهما المفصلية يستـأثران دائماً باهتمامها.

وهي في صدد تحضير فيلم روائي تاريخي يستعيد حقبة أربعينيات القرن الـ20 في فلسطين خلال الاستعمار البريطاني وبداية النكبة.

وتقول المصري، وهي من أم أميركية وأب فلسطيني "أشعر بأن علي أن أصور أفلاماً روائية في هذه المرحلة لأنني عايشت أموراً كثيرة، وثمة قصص جميلة سمعتها وأثرت بي حان الوقت لأن أرويها".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما