Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسجد "الظاهر بيبرس" في مصر يعود إلى "الملحمة"

حوله العثمانيون إلى مخزن حربي ووضع الفرنسيون مدافعهم فوق أسواره وتقام فيه الشعائر الآن للمرة الأولى منذ قرنين

يستعيد مكانته كواحد من أهم مساجد القاهرة الأثرية ويحتضن أفواج المصلين من جديد (مواقع التواصل)

ملخص

الظاهر بيبرس هو الحاكم المملوكي الرابع الذي حكم مصر وتعتبره بعض المراجع الحاكم الخامس إذا تم احتساب شجرة الدر كأول سلطانة لدولة المماليك.

يعد مسجد "الظاهر بيبرس" ثالث أكبر المساجد الأثرية في مصر من حيث المساحة بعد مسجدي "الحاكم بأمر الله" و"ابن طولون"، وهو أحد درر العمارة المملوكية التي تزخر بها القاهرة القديمة.

المسجد الواقع في حي "الظاهر" الذي تمت تسميته على اسم المسجد، أو كما يطلق المصريون عليه بلهجتهم العامية "الضاهر" لم تقم فيه صلاة على مدى أكثر من قرنين وتتابعت عليه أزمنة وحوادث أدت إلى تدهور حاله، حتى تم أخيراً ترميمه وإعادته إلى الحياة، ومن ثم سيستعيد مكانته كواحد من أهم مساجد القاهرة الأثرية ويحتضن أفواج المصلين من جديد.

بطل الملحمة

والظاهر بيبرس هو الحاكم المملوكي الرابع الذي حكم مصر وتعتبره بعض المراجع الحاكم الخامس إذا تم احتساب شجرة الدر كأول سلطانة لدولة المماليك خلال الفترة التي حكمت بها بعد مقتل الصالح نجم الدين أيوب.

وحكم الظاهر بيبرس 17 عاماً وكان لقبه الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجمي، وتوفي عام 1277 ميلادية ودفن في المكتبة الظاهرية بدمشق بعيداً من مسجده المهيب الذي بناه في القاهرة. وقد تحول في الوجدان الشعبي المصري إلى رمز من رموز البطولة، ووضعت باسمه أكبر ملحمة شعبية لحاكم عبر العصور.

 

 

عن مسجد الظاهر بيبرس يقول الباحث في الآثار الإسلامية يوسف أسامة لـ"اندبندنت عربية"، "بدأ بناء الجامع عام 1267 ميلادية في بداية عصر دولة المماليك البحرية، وبناه السلطان الظاهر بيبرس، وهو رابع سلاطين المماليك، لكن يمكن القول إنه المؤسس الحقيقي للدولة، فهو من وطد دعائم حكم المماليك في مصر بعد الانتصار في معركة عين جالوت وقتل السلطان قطز، إذ اجتمع أمراء المماليك ورأوا أن يعطوه السلطنة وهو ما حدث بالفعل وبدأ السلطان ركن الدين بيبرس حينها العمل على ترسيخ حكم دولة المماليك".

ويضيف "أراد بيبرس بعد جلوسه على كرسي السلطنة أن يمنح دولة المماليك بعض الزعامة والنفوذ في الدول الإسلامية، فعمد إلى إحياء الخلافة العباسية في القاهرة بعد الانتكاسة التي أصابتها في بغداد على يد المغول، لذا أرسل في طلب أحد أبناء البيت العباسي الذي وصل إلى القاهرة وبايعه كخليفة، وأطلق بيبرس على نفسه من ضمن ألقابه ’قسيم أمير المؤمنين‘وكانت له إنجازات تاريخية مهمة جداً، من بينها استرداد إمارة أنطاكية عام 1268 ميلادية وجهاده ضد الصليبيين والمغول لفترة طويلة".

موقع غير مألوف

معظم التراث المعماري الذي تركه سلاطين المماليك ومن سبقهم من حكام العصر الإسلامي تركز في منطقة القاهرة القديمة التي كانت تعتبر قلب المدينة في هذا العصر، لكن الظاهر بيبرس اختار لمسجده موقعاً جديداً بمقاييس هذه الفترة، وعن ذلك يقول أسامة "الموقع الذي بني فيه المسجد يعتبر غير مألوف بالنسبة إلى هذه الفترة، فمعظم إنشاءات المماليك تقع في منطقة شارع المعز لدين الله وما حوله، أما هذا المسجد، فبُني في منطقة خارجها بمساحة ثلاثة أفدنة على شكل مستطيل غير منتظم الأضلاع، وهي مساحة كبيرة يصعب إيجادها في القاهرة القديمة نظراً إلى ازدحامها بالمباني، ومن هنا قرر الظاهر بيبرس البحث عن مكان جديد خارجها لبناء مسجد بهذه المساحة الكبيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "كانت هذه المنطقة تستخدم كمناخ للجمال السلطانية قبل أن يتم بناء المسجد عليها، وهو يتميز بقبة ضخمة تعادل قبة مسجد الإمام الشافعي وكل الأخشاب والأبواب والنوافذ جلبت من قلعة يافا وبعض الأعمدة من سائر الولايات، وتتجلى عمارته الفريدة في المداخل المحورية البارزة وهي المرة الثانية التي تظهر فيها بالجوامع المصرية بعد جامع الحاكم بأمر الله، وبخلاف المسجد فالظاهر بيبرس له كثير من الإنجازات المعمارية، على رأسها المدرسة الظاهرية في شارع المعز لدين الله".

حوادث الزمن

بعد عصور كان فيها مسجد الظاهر بيبرس واحداً من أهم مساجد القاهرة، تناوبته الخطوب مع توالي الأحداث السياسية التي بدأت مع حكم العثمانيين، ثم الحملة الفرنسية، ومن بعدها الاحتلال الإنجليزي لمصر. من وقتها وعلى مدى أكثر من قرنين من الزمان لم تقم فيه صلاة، بل استخدم لأغراض أبعد ما تكون عن طبيعته كمسجد.

 

 

يقول أسامة "ظل الجامع من أهم جوامع مصر حتى عصر الدولة العثمانية، ففي منتصف القرن الـ16 الميلادي بدأ وضعه يسوء بسبب ضياع الأوقاف التي كانت تنفق عليه، فحوله العثمانيون إلى مخزن للمعدات الحربية، ومع مجيء الحملة الفرنسية على مصر وضعوا المدافع فوق أسواره وجعلوه معسكراً للجنود واستخدموا مئذنته كبرج لمراقبة القاهرة، وفي عهد محمد علي تحول المكان إلى مخبز ومصنع للصابون، ونقلت أعمدة من داخله وبني بها رواق الشراقوة داخل الجامع الأزهر".

ويضيف "لاحقاً مع الاحتلال الإنجليزي لمصر، حوّل الإنجليز المسجد إلى مذبح واستمر يعرف لفترة طويلة بمذبح الإنجليز، وعام 1915 استلمت المسجد لجنة الآثار العربية وحاولت إصلاح حاله المنهارة نسبياً بعد التدهور الذي عاناه على مدى سنوات وجرى افتتاح حديقة حوله أزيلت عام 1970 ليبقى على حاله حتى تمت عملية ترميمه وافتتاحه أخيراً".

كازاخستان في المشهد

عملية الترميم تمت بالتعاون بين مصر وكازاخستان التي تعود لها أصول الظاهر بيبرس، وهنا يقول أسامة "مثل كثير من المماليك تعود أصول الظاهر بيبرس لمنطقة وسط آسيا، تحديداً كازاخستان، حيث اشتراه، كما يذكر المؤرخون، نائب حماة واسمه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، وكان يعمل مع الصالح نجم الدين أيوب، وله خانقاه في القاهرة بمنطقة شارع السيوفية، ومنه أخذ بيبرس واحداً من ألقابه وهو البندقداري، بينما تعود بقية ألقابه مثل الصالحي النجمي للصالح نجم الدين أيوب، وحتى الآن أهل كازاخستان شديدو الفخر بالظاهر بيبرس ومسجده أول مكان يحرصون على زيارته لدى مجيئهم إلى مصر، ومن هنا يمكن استغلال هذا المسجد في جذب السياحة من وسط آسيا بحملات دعائية منظمة".

المزيد من منوعات