Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعويضات أدلاء السياحة الإسرائيليين تحرق جيوب الفلسطينيين

خزانة رام الله تعاني عجزاً يقدر بـ609 ملايين دولار بنهاية العام الحالي

أدلاء سياحيون إسرائيليون ادعوا أن الانتفاضة الثانية عام 2000 أضرت بعملهم وألحقت بهم خسائر (اندبندنت عربية)

ملخص

مرشدون سياحيون إسرائيليون ادعوا أن الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت سبتمبر 2000 واستمرت سنوات عدة أضرت بعملهم وألحقت بهم خسائر وأضراراً اقتصادية متهمين السلطة الفلسطينية بالمشاركة في تمويلها والتحريض عليها ما دفع محكمة إسرائيلية لفرض تعويضات.

بسوط أموال المقاصة الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل منذ عام 2019، وتبلغ حالياً 800 مليون دولار، تواصل المحاكم الإسرائيلية توجيه ضربات موجعة ومتتالية للسلطة في رام الله، فبعد شهر واحد من دفع الكنيست مشروعاً يسمح لعائلات القتلى جراء العمليات الفلسطينية، رفع دعاوى لتعويضهم من أموال "المقاصة"، قضت المحكمة المركزية في القدس بإلزام السلطة دفع خمسة ملايين شيكل (1.5 مليون دولار) تعويضاً لأدلاء سياحيين.

هؤلاء الأدلاء (المرشدون السياحيون) ادعوا أن الانتفاضة الثانية التي اندلعت سبتمبر (أيلول) من عام 2000 واستمرت سنوات عدة "أضرت بعملهم وألحقت بهم خسائر وأضراراً اقتصادية، وأن السلطة الفلسطينية شاركت في تمويل الانتفاضة والتحريض عليها".

والمقاصة هي عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل على البضائع الواردة إلى الأراضي الفلسطينية من خلال المنافذ التي تسيطر عليها بالكامل، التي تقدر شهرياً بنحو 700 مليون شيكل (202 مليون دولار).

قرار ملزم

هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، قالت إن قرار المحكمة جاء بعد 20 عاماً على رفع القضية من قبل منظمة شورات هدين (منظمة حقوقية إسرائيلية يمينية)، التي مثلت 59 مرشداً سياحياً إسرائيلياً، وتتولى أيضاً قضايا الدفاع عن المستوطنين والجنود، الذين يرتكبون جرائم عنصرية واعتداءات وقتلاً لفلسطينيين في الضفة الغربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حديثهم إلى صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قال المدعون، "إن الهجمات الفلسطينية والتهديدات بالعنف تسببت في ضربة قاسية لصناعة السياحة في ذلك الوقت". لكن السلطة الفلسطينية جادلت بقوة بأن الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين "هم المسؤولون عن الصراع، وأن السياحة تراجعت في ذلك الوقت لعدد من الأسباب، بما في ذلك الانكماش الاقتصادي العالمي وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة، وفشل استعداد إسرائيل لاستيعاب السياحة، وأزمة الروبل في روسيا".

إلا أن القاضي الإسرائيلي موشيه دروري حمل السلطة الفلسطينية مسؤولية تلك العمليات والأضرار الاقتصادية التي لحقت بصناعة السياحة الإسرائيلية وتقدر بـ95.4 في المئة، قائلاً "كان للسلطة الفلسطينية عدة أهداف، من بينها الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك السياحة، للضغط على الحكومة للخضوع لمطالبها".

القرار الملزم للسلطة بدفع التعويضات إلى الأدلاء المتضررين، لم يمنعها من نفي مسؤوليتها عن الأضرار بالسياحة الإسرائيلية كتابياً، بدعوى أن "سلوك الجيش الإسرائيلي وقتها تسبب في أضرار اقتصادية جسيمة للاقتصاد والسلطة الفلسطينية".

من جهتها، اعتبرت محافظة القدس أن قرار المحكمة الإسرائيلية بمثابة "قرصنة وسرقة جديدة واعتداء صارخ على أموال الشعب الفلسطيني"، متسائلة في بيان "من سيعوض ما دمرته إسرائيل خلال الانتفاضة الأولى من قتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف من أبناء شعبنا، وتدمير البنى التحتية على مدى سبع سنوات، شهد العالم كله خلالها بطش وإجرام وتكسير عظام أبناء شعبنا بتعليمات مباشرة من قادة الاحتلال؟"

مواقف معادية

وفي الوقت الذي يعوض فيه أدلاء السياحة الإسرائيليون بملايين الدولارات جراء إغلاق شبه كامل لمصادر رزقهم، بحسب ادعائهم، يواجه نظراؤهم الفلسطينيون عديداً من الصعوبات والمعوقات أثناء مزاولتهم مهنتهم، على رغم أن بروتوكول باريس الاقتصادي الملحق لاتفاقية أوسلو 1993 ينص على السماح للعاملين في قطاع السياحة التنقل بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وفي حين أن السلطة الفلسطينية تلتزم بهذا الاتفاق، تمنع السلطات الإسرائيلية أغلب المرشدين الفلسطينيين من دخول إسرائيل والقدس بزعم أن مرشدي السياحة العرب قد يطرحون أمام السياح الأجانب مواقف معادية لها في ما يخص المواقع الأثرية. وقالت وزارة السياحة الفلسطينية، إن إسرائيل ترفض منح مرشديها تصاريح عمل على أراضيها، موضحة أن عددهم يقارب 350 مرشداً، وتكتفي بمنح 50 منهم فقط تصاريح عمل، رغم أنهم مصنفون وفق تصنيفات وزارة السياحة الفلسطينية أدلاء، أي يمكن لهم العمل داخل الخط الأخضر.

ويرى متخصصون اقتصاديون أن السلطات الإسرائيلية تتحكم في المرشدين الفلسطينيين وتصاريح عملهم بالقدس الشرقية وداخل إسرائيل، إضافة إلى الرقابة والمسح الأمني، حيث أصبح المرشد السياحي الفلسطيني يعيش منافسة غير متكافئة مع نظيره الإسرائيلي.

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت بدورها في وقت سابق، إن وزارة السياحة الإسرائيلية أعدت إلى السياح الأجانب نشرة إرشاد مرفقة بخريطة خاصة بمدينة القدس، تحمل فقط موقعاً إسلامياً واحداً، وخمسة مواقع مسيحية فقط من أصل 57، وأطلقت تسميات عبرية على باقي المعالم والأحياء والمواقع الجغرافية العربية في القدس".

وأشارت الصحيفة إلى أن "معدي الخريطة بذلوا جهوداً من أجل طمس المعالم العربية في القدس، فبدل كتابة التسمية العربية للحرم القدسي الشريف أو المسجد الأقصى تم استخدام التسمية العبرية (جبل الهيكل)، وبدل تسمية المصلى المرواني، استخدم في الخريطة اسم إسطبلات سليمان، في حين تجاهلت الخريطة كلياً مواقع تاريخية أخرى ذات أهمية كبيرة مرتبطة بالحضارة الإسلامية والمسيحية".

مدير المواقع الأثرية في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام الفارس علق على ذلك بقوله "يعاني المرشدون السياحيون الفلسطينيون بمختلف تصنيفاتهم من ظروف اقتصادية صعبة وذلك بسبب إخلال إسرائيل بالاتفاقات وتحكمها في التصاريح وفق إجراءات عنصرية، نتج عن ذلك منافسة داخلية وبطالة بين مرشدينا ومنافسة أخرى غير متكافئة مع نظرائهم الإسرائيليين، الذين يستطيعون التجوال بحرية في جميع أراضي فلسطين التاريخية من دون الحاجة إلى تصريح تنقل".

اقتطاعات متتالية

ويعيد القرار الإسرائيلي الجديد باقتطاع 1.5 مليون دولار من أموال "المقاصة" الفلسطينية إلى الأذهان، اقتطاعات سابقة تقدر بملايين الدولارات، فخلال مايو (أيار) الماضي أمر وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموترتش، باقتطاع 3.2 مليون شيكل (مليون دولار)، من أموال الضرائب الفلسطينية، لتضاف إلى 138.8 مليون شيكل (40 مليون دولار) التي اقتطعت في يناير (كانون الثاني) الماضي لصالح عائلات قتلى إسرائيليين.

وخلال فبراير (شباط) الماضي، قضت المحكمة اللوائية في القدس، بإلزام السلطة الفلسطينية بدفع 10 ملايين شيكل (ثلاثة ملايين دولار) تعويضات إلى شخصين بحجة أن الأمن الفلسطيني اعتقلهما وأخضعهما للتعذيب بعد اتهامهم بالتجسس لصالح إسرائيل، كما ألزمت المحكمة في مارس (آذار) الماضي السلطة بدفع 15 مليون شيكل (أربعة ملايين دولار) لأبناء عائلة إسرائيلية قتل اثنان من أفرادها قبل 22 سنة.

واعتبر موقع القناة "السابعة" الإسرائيلية أن التعليمات الجديدة الصادرة عن سلطة تطبيق قانون الجباية الإسرائيلية ضربة اقتصادية إضافية توجه للسلطة الفلسطينية.

ومن الخصومات أيضاً، 150 مليون شيكل (43 مليون دولار) نتيجة التسرب الضريبي لصالح الخزانة الإسرائيلية، و52 مليون شيكل (15 مليون دولار) تخصم شهرياً بدل مخصصات الأسرى والشهداء، وغيرها من الاقتطاعات التي تضاف إلى ثلاثة في المئة بدل تحصيل الضرائب.

ووفق تقارير حكومية ودولية، فإن اقتطاعات تل أبيب السنوية من أموال الفلسطينيين تتجاوز مليار دولار سنوياً، وهي كفيلة بسد كل عجز السلطة الفلسطينية المقدر بمليار دولار سنوياً، بخاصة أنها تعاني للعام الثاني على التوالي من أزمة مالية مستمرة أجبرتها على دفع رواتب منقوصة إلى موظفيها. وبحسب أرقام فلسطينية رسمية، تعاني الخزانة الفلسطينية عجزاً قد يصل مع نهاية هذا العام إلى 609 ملايين دولار.

وقد حذرت وزارة المالية الفلسطينية، الشهر الماضي، من أن عجز الموازنة يشكل خطراً على الاقتصاد، ويطال الاستقرار الاجتماعي، لانعدام وجود عملة وطنية وبنك مركزي لإعادة تمويل الدين وتغطية جميع الالتزامات المترتبة على الحكومة، علاوة على أن القطاع المصرفي معرض لمخاطر عدم توفر السيولة النقدية والتقلبات السياسية الكامنة في النظام الفلسطيني بسبب العقوبات الإسرائيلية.

بدوره، أشار الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة (مستقل)، إلى أن حكومة السلطة الفلسطينية باتت غارقة في الديون الداخلية والخارجية التي بلغت نهاية العام الماضي 12.5 مليار شيكل أي (3.4 مليار دولار)، وهو رقم غير مسبوق منذ تأسيس السلطة الفلسطينية.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يخشى أن تؤدي مثل هذه الخطوات إلى انهيار السلطة الفلسطينية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، قال وزير المالية الإسرائيلية في وقت سابق خلال مؤتمر صحافي مطلع العام الحالي "بقدر ما تشجع السلطة الفلسطينية الإرهاب وهي عدو، فليس لدي مصلحة في استمرار وجودها".

المزيد من تقارير