Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رياضة كمال الأجسام في سوريا ليست على ما يرام

يعتبر اللاعبون القدامى أن هذه اللعبة أصبحت باباً للاسترزاق من بعض المدربين الجدد

تتحضر سوريا لاستقبال بطولة العالم لكمال الأجسام في الشهر الثامن من هذا العام (pxhere)

ملخص

بينما تتحضر سوريا لاستقبال بطولة العالم ماستر لكمال الأجسام على أرضها في الشهر الثامن من هذا العام، لا بد من معرفة أين رياضة كمال الأجسام اليوم في سوريا؟

ظهرت رياضة كمال الأجسام في سوريا منذ بداية القرن الـ20، وذلك بفضل النتائج التي سجلها أبطالها في البطولات العالمية، إذ تأسس أول اتحاد سوري لكمال الأجسام عام 1991 برئاسة قاسم يزبك، وهو بطل عالمي ورمز رياضة بناء الأجسام في سوريا. كما حقق الأبطال السوريون عدداً من المراكز المتقدمة في بطولة العالم، أبرزهم محمد الزول الذي أحرز بطولة العالم مستر يونفرسال (Mr. Universal) عام 1961، وحصد قاسم يزبك بطولتي العالم للمحترفين عام 1969 والهواة عام 1966، وحسان السقا بطولة العالم للمحترفين عام 2004، إضافة إلى إحراز كمال بوظان وعبدالمجيد المواز وزهير حداد وأسامة الجهني مراكز متقدمة في بطولات العالم المختلفة بين الثاني والثالث، وليس أخيراً حصول ميشيل دعبول على بطولتين في أميركا، وهما بيتسبرغ للمحترفين وبطولة نيويورك للمحترفين 2023.

وبينما تتحضر سوريا لاستقبال بطولة العالم ماستر لكمال الأجسام على أرضها في الشهر الثامن من هذا العام، لا بد من معرفة أين رياضة كمال الأجسام اليوم؟ ما معيقاتها؟ وهل ما زال هناك من يمارسها بهدف تحقيق إنجازات؟ أم تحولت لشكل من دون مضمون؟ وكيف أثرت سنوات الحرب في هذه الرياضة؟ ومن أبطالها الحقيقيون؟ وهل ما زالوا يرون الواقع مبشراً أم لا؟

الغذاء رهينة الاقتصاد

وتعتبر رياضة كمال الأجسام من أكثر الرياضات المكلفة مادياً في العالم بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، إذ لا يستطيع اللاعب في سوريا فصل نفسه عن الوضع الاقتصادي الذي يرخي بظلاله الثقيل على الجميع، ودفع هذا الواقع بعدد من اللاعبين للتوقف عن ممارسة هذه الرياضة أو التحضير لبطولة ما.

فكل لاعب يريد المشاركة في بطولة محلية عليه أن يقتطع تقريباً مبلغاً قدره 15 مليون ليرة سورية (ما يعادل 1800 دولار أميركي)، وهذا الرقم قابل للازدياد في ظل استمرار انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار، أما في البطولات العالمية فهو يحتاج إلى مبلغ أكبر.

ويأتي الطعام على رأس هذه القائمة وهو الأكثر كلفة للحاجة اليومية إلى أصناف محددة هي أساساً مرتفعة السعر مثل اللحوم كمصدر للبروتين الحيواني، إضافة إلى حاجة اللاعب للطعام الذي يحوي على البروتين النباتي والكاربوهيدرات والألياف والدهون في وجبته، وهذا يعني أنه يحتاج إلى موازنة يومية لوجباته فقط.

وعن هذا يتحدث بطل العالم مركز ثالث في دبي 2000 وبطل العرب مركز ثاني 2002 وبطل سوريا مرات عدة أسامة الجهني لـ"اندبندنت عربية" فيقول، "لم نعد نستطيع اليوم أن نفكر جدياً بالراتب الغذائي الذي نحتاج إليه وبخاصة أن لدينا أسراً نعيلها، فإذا تناولت وجبة معينة لي فماذا سأطعم عائلتي؟ لذلك أصبحنا نعتمد على ما نجده متوفراً ويمدنا ولو جزئياً بما يحتاج إليه جسمنا من غذاء".

وعليه يفسر الجهني اتجاه الشباب اليوم إلى ما يعرف ضمن رياضة كمال الأجسام بالفيزيك، وهو بناء الجسد فقط من الأعلى إذ يعد أقل كلفة.

المكملات الغذائية والسبونسر

ومن التفاصيل الأكثر كلفة كذلك في رياضة بناء الأجسام الفيتامينات والمكملات الغذائية وغيرها من المواد التي يجب على لاعب كمال الأجسام تناولها، إذ تعتبر المكملات الغذائية المصنعة في سوريا والقادمة موادها من الهند أقل فعالية من نظيرتها الأجنبية خارج البلاد.

ولكن كلفة شرائها من الخارج تعتبر كبيرة جداً ولا يستطيع أي لاعب الحصول عليها، لارتفاع سعرها أولاً وبخاصة بسبب الفرق بين قيمة الدولار والليرة السورية، والثاني لصعوبة وصولها إلى اللاعب بشكل منتظم.

فعلى سبيل المثال يحتاج اللاعب إضافة إلى مجموعة كاملة من الفيتامينات والعناصر الغذائية، إلى البروتين البودرة الذي يؤخذ مع طعامه، ووصل سعر علبة البروتين إلى حدود 800 ألف ليرة سورية ما يعادل 100 دولار، وهذا مبلغ كبير بالنسبة إلى عنصر غذائي واحد يكفي لشهر واحد فقط.

لذلك لجأ بعض اللاعبين إلى استبدال هذه المواد بغيرها من المتوفر، فقد استبدل بعض اللاعبين الأمينو باللبن وآخرون يتناولون فول الصويا لاحتوائه على البروتين، إضافة إلى الفول والحمص والعدس وغيرها، ولكنه لا يستطيع الاستمرار بهذه الطريقة.

ومن هنا كانت الحاجة الملحة في هذه الرياضة لوجود ما يعرف بالسبونسر، أو شركة داعمة للاعب تؤمن له مستلزماته كافة لتحضير جسده لأية بطولة، ولكن هذه الخطوة ما زالت خجولة جداً في سوريا.

إذ تلجأ عموم الشركات الداعمة إلى المساهمة في رياضة أو مجال يحقق لها انتشاراً والوصول إلى جمهور أوسع مثل كرة القدم والسلة، إذ تعتبر الشركات نفسها رابحة في هذا الاستثمار، لأن المساحة المفتوحة للإعلان لنفسها أكبر وأكثر مشاهدة ورؤية من نظيراتها من الألعاب البدنية كرياضة كمال الأجسام. كما أن هذه الشركات بدعمها لناد ما، تتجنب الدفع لإعلان خاص على شاشة التلفزيون بمبلغ كبير، على عكس الرياضات الفردية.

ولكن الملاحظ أن هناك شركة منتجة للهرمونات في سوريا مستعدة لدعم اللاعب شرط أن يلعب باسم الشركة، وهذا ما تفعله شركة عالمية لها وكيل موجود في الشرق الأوسط، إذ تدعم بعضها بالمجان وتتيح لبعضهم إمكان التقسيط، ولكن بالشرط نفسه "اللعب باسمها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المدرب الحقيقي... كيماوي

ويعتبر اللاعبون القدامى أن هذه اللعبة أصبحت باباً للاسترزاق من بعض المدربين الجدد، بخاصة أولئك الذين خضعوا لدورة معينة وأصبحوا يطلقون على أنفسهم اسم مدرب. وعلى مدرب كمال الأجسام أن يكون ملماً بمعلومات رياضية وغذائية عميقة، فهو كما قال الجهني يعتبر كيماوياً في الدرجة الأولى، فهو مسؤول عن كل ما يدخل جسم اللاعب من غذاء وهرمونات التي لا بد من إعطائها بحذر ولمدة معينة وبحسب جسد كل لاعب.

ونوه الجهني إلى النشرات العلمية الأميركية التي كان يصدرها الاتحاد الدولي، والكتب التي كانت تصدر عنه حول نسب الهرمونات وكيفية أخذها بدقة، وأن هذه التفاصيل اليوم مفقودة وتعتمد فقط على القيل والقال من هنا وهناك. فبرأيه هناك مدة لأخذ الهرمونات، وهو من شهرين لثلاثة أشهر، وأكثر من ذلك يعطي رد فعل عكسي في الجسم.

ولكن التجارة دخلت بقوة في هذا المجال واتجه كثير من الشباب بهدف الحصول على شكل لأجسادهم إلى ترك مدرب صارم يتبع الطريقة العلمية المجربة، والتحقوا بمدرب جديد ليعطيهم فقط مادة هرمونية ولمدة غير محدودة. فالنتيجة التي شاهدوها على غيرهم بفترة قصيرة يريدون الحصول عليها بأية طريقة بعيداً من الضرر الذي يمكن أن تسببه، وبخاصة غددهم الصماء التي قد تتعطل نتيجة هذه الطريقة التجارية.

فالشاب الذي لم يتخط سنه الـ25 لا يجوز إعطاؤه الهرمونات لأن نسبة إفراز الغدد لديه 100 في الـ100، وعليه فقط أن يتمرن ويتبع حمية معينة، بينما يبدأ إعطاؤها للشباب الذين تجاوزوا 27 سنة وأولئك الذين يريدون المشاركة في بطولة ما.

إضافة إلى أن بعض اللاعبين الذين يريدون المشاركة في إحدى البطولات يقصدون بعض المدربين لمرافقتهم مدة ثلاثة أشهر فقط قبل البطولة، وهذا يعتبر مرفوضاً لدى المدرب الحقيقي، إذ يقول أسامة الجهني، "لقد رفضت العمل مع عدد من الشباب الذين يريدون التحضير لبطولة قبل ثلاثة أشهر، فأنا لا أضع نفسي في هذا المكان لضرورة متابعة اللاعب مدة سنة كاملة لمعرفة تفاصيل جسمه وماذا يدخل إليه وأراقب تغييراته، لذلك أعتذر منهم أو أطلب تأجيل مشاركته سنة كاملة والعمل تحت إشرافي خلالها هذه الفترة".

المزيد من رياضة