ملخص
ارتفعت الأجور بمعدل سنوي بين 7.2 و7.9 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.
ارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية قصيرة الأجل بشكل غير مسبوق منذ يوليو (تموز) عام 2008، لتزيد نسبته على الارتفاع الذي شهده العائد على السندات بعد كارثة الميزانية التكميلية لحكومة ليز تراس العام الماضي.
ووصلت نسبة العائد على سندات الخزانة لمدة عامين إلى نسبة تزيد على 4.89 في المئة بحسب بيانات شركة "ريفينيتيف" لتحليل معلومات الأسواق، وكان أعلى مستوى وصل إليه في ذروة أزمة حكومة تراس عند 4.75 في المئة يوم 28 سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويعني ارتفاع العائد على سندات الدين العام، بالتالي تدهور سعرها، عدم إقبال المستثمرين على الشراء ومطالبة الحكومة بكلفة أعلى لإقراضها عن طريق السندات.
وجاء الارتفاع الهائل في العائد عقب إعلان مكتب الإحصاء الوطني، الثلاثاء الماضي، عن أرقام سوق العمل التي أظهرت ارتفاع الأجور.
وارتفعت الأجور بمعدل سنوي بما بين 7.2 و7.9 في المئة في الأشهر الثلاثة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) الماضيين، بعد أن كان معدل نمو الأجور عند 6.7 في المئة.
وجاءت الزيادة في نمو الأجور أعلى من توقعات السوق، إذ كان مسح لوكالة "رويترز" توقع نمو الأجور بنسبة 6.9 في المئة في المتوسط.
استمرار التضخم
مع أن القيمة الحقيقية للأجور، إذا تم حساب معدلات التضخم الحالية، تعتبر منخفضة بمعدل تراجع سنوي بنسبة اثنين في المئة، إلا أن ارتفاع الأجور يزيد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد ويضطر بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة.
ومع صدور الأرقام، توقع المحللون على الفور الزيادة في العائد على سندات الدين الحكومي، إذ قال الاقتصادي في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" صامويل تومس في مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي"، إن "الانطباع السائد أن بريطانيا لديها مشكلة متفردة مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل دائم"، مضيفاً "يعني ذلك في النهاية أن بنك إنجلترا سيرفع سعر الفائدة مجدداً في اجتماعه القادم ربما بشكل مختلف عن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي والبنك المركزي الأوروبي".
وتعليقاً على أرقام سوق العمل الرسمية من مكتب الإحصاء الوطني، قال محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي إن "التضخم في بريطانيا سيأخذ وقتاً أطول مما كان متوقعاً قبل أن ينخفض"، مضيفاً "أخشى أن ما تدل عليه هذه الأرقام (ارتفاع الأجور) هو أن سوق العمل لدينا في وضع قوي"، مستدركاً "ما زلنا نعتقد أن معدلات التضخم ستنخفض، لكن ذلك سيأخذ وقتاً طويلاً أكثر مما توقعنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في غضون ذلك يواصل الجنيه الاسترليني الارتفاع ليصل سعر صرفه أمام الدولار إلى 1.26 للجنيه الواحد بزيادة تقارب النقطة المئوية (0.8 في المئة) بعد صدور أرقام سوق العمل.
وما يعزز وجهة نظر محافظ بنك إنجلترا أن الأرقام الرسمية أظهرت نمو التوظيف بنسبة 0.2 في المئة في الفترة المنتهية بأبريل الماضي، لكن معدلات البطالة ارتفعت أيضاً في تلك الفترة بنسبة 0.1 في المئة، وذلك مع الأخذ في الاعتبار عدد الأشخاص في سن العمل الذين يعتبرون "غير فاعلين اقتصادياً"، أي من ليست لديهم وظيفة أو يبحثون عن عمل.
في شهادتها أمام لجنة الخزانة في البرلمان البريطاني، الثلاثاء الماضي، قالت ميغان غرين التي ستنضم إلى لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا الشهر المقبل، إنها تعتقد أن التضخم حالياً هو ما يدفع نحو زيادة الأجور. أضافت أمام النواب أن "هناك تأثير موجة ارتدادية حالياً".
احتمالات الركود
إلى ذلك تظل المشكلة أمام بنك إنجلترا هي أن مزيداً من رفع أسعار الفائدة يمكن أن يضر بالنمو الاقتصادي الهش بل ويدفع نحو الركود، وعلى رغم إعلان مكتب الإحصاء الوطني أن الاقتصاد البريطاني حقق نمواً بنسبة 0.2 في المئة في أبريل الماضي، بعد انكماشه بنسبة 0.3- في المئة في مارس (آذار) الماضي، إلا أن مخاطر الركود تظل قائمة، وبحسب أرقام الناتج المحلي الصادرة، أمس الأربعاء، فإن الاقتصاد البريطاني يكون تفادي الركود في ربع العام الأخير محققاً في المتوسط نمواً بنسبة واحد في المئة.
وفي تفاصيل بيانات مكتب الإحصاء الوطني يبدو نمو الناتج المحلي الطفيف هذا ناتجاً في قدر كبير منه عن إنفاق المستهلكين.
أما بقية قطاعات الاقتصادات فلم تحقق نمواً يذكر أو شهدت تراجعاً، وذلك ما يجعل الاعتقاد السائد بين قطاع كبير من الاقتصاديين والمحللين أن خطر الركود لم يختف بعد.
وفي تغريدات له على موقع "تويتر" قال الوزير السابق في الخزانة في الفترة من 2005 إلى 2016 اللورد نك ماكفرسون إن "رئيس الوزراء ريشي سوناك ربما يواجه احتمال دخول الانتخابات العامة في 2024 والبلاد في ركود اقتصادي، لكنه أضاف في تغريداته: "هناك احتمال أن تكون الحكومة محظوظة وينخفض معدل التضخم الأساسي بسرعة"، لكني لن أراهن على ذلك الاحتمال. فالأرجح أن بنك إنجلترا سيرفع أسعار الفائدة إلى نسبة عالية تجعل الركود محتوماً العام المقبل"